هذا ما نقوله لـ”حزب الله” بكلّ أمانة

 

الثلاثاء 8/3/2016 م …

كتب رفعت البدوي …

منذ صدور البيان المُذِلّ الصادر عن إجتماع مجلس التعاون الخليجي، ومن بعده اجتماع وزراء الداخلية العرب الاخير في تونس، وما تضمّنه البيان الختامي من قرار جائر ظالم بحق “حزب الله” اللبناني المقاوم للعدو الاسرائيلي بوصفه كمنظمة إرهابية تنفيذاً لأوامر العدو الاسرائيلي وانصياعاً لرغية عدو الأمّة، وأنا لا زلت عاجزاً عن استيعاب هول مثل هذا الأمر خصوصاً بسكوت تنظيمات اسلامية تعتبر نفسها مقاومة للعدو الصهيوني مشبعة بغرائز وفكر “الاخوان المسلمين” مثل “حركة حماس”.

وأجد نفسي مذهولاً من موقف منظمة التحرير الفلسطينية وحركة “فتح” تحديداً بصمتها المدوي الذي كان له وقع الصدمة بالنسبة للكثيرين نظراً لانفلات وانقلاب المعايير والمفاهيم.

فكيف يمكن لحركة تحرر فلسطينية تتبنى شهداء على درب مقاومة العدو المحتل للارض والوطن والمنتهك للحرمات والمقدسات، كيف يمكن ان تقف هكذا حركة تحرر مكتوفة الايدي صامتةً صاغرة طائعة امام قرار أرعن اتخذته ثلة من المتخاذلين ممن يدّعون الحرص على العروبة بتصنيف حركة مقاومة لبنانية كـ”حزب الله” بالمنظمة الارهابية، في وقت يستمر فيه “حزب الله” المصنف ارهابيا بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني داعمًا للمقاومة الفلسطينية، ماداً يد العون في السراء والضراء، في السر وفي العلن لكل فصائل المقاومة الفلسطينية، مقدّمًا  دماء أبنائه شهداء كواكب ترقى الى بارئها بهدف مواجهة ظلم وصلف العدو الاسرائيلي ودفاعاً عن فلسطين؟!

لقد بات من حقنا ان نسأل حركتي “فتح” و”حماس” عن ثوابتهما ومبادئهما ومفهومهما لتحرير فلسطين.

هل اسقط الكفاح المسلح ضد العدو الاسرائيلي من منهجكم المقاوم كي لا تصبحوا ارهابيين؟

هل تخليتم عن هويتكم وتاريخكم ونضالكم ومطالبتكم بحق عودة الفلسطينيين الى ارض فلسطين؟

هل استبدلتم نضالكم بمبدأ التنازلات المتتالية المجانية لصالح العدو الاسرائيلي ليصبح نضالكم نضال الطلب والترجي والتذلف لاسرائيل؟

هل تخليتم عن البندقية التي بقيت رمزكم وهويتكم وعزتكم وكرامتكم لعقود مضت؟

هل تعتبرون شهداء فلسطين الابطال ارهابيين؟

ان ما آلت عليه حال امتنا العربية من ذل وخنوع وانكارٍ لمبادئ كانت وما زالت بالنسبة لنا عماد الامة وروح استمرارها حيّة فاعلة في لعبة اممٍ قاسية تهدد بازالة اوطان من الوجود لاستبدالها بكيانات مقسمة مفتتة، لهو امر يصيبنا ويؤلمنا بالصميم.

لقد بتنا شهودًا على جلد ذاتنا وعلى طمس هويتنا وقناعاتنا ومبادئنا وعزتنا وكرامتنا واوطاننا وعلى محاولات تشويه صورة مقاومتنا التي رفعت راسنا ورأس امتنا العربية لنجد انفسنا امام فراغ واه نتدحرج نحو قعر واد سحيق، لم نستطع ادراك  اسفل هذا القعر الذي يشهد على استمرارنا بالسقوط حتى يومنا هذا، ويبدو اننا سنبقى نحافظ على هذا الحال المرير في المستقبل المنظور الى حين استعادة الوعي الذي تاه عنا متخذًا اتجاهاً معاكساً لتاريخ ومفاهيم ومبادئ امتنا العربية القومية.

لقد ثبت لدينا بالوجه الشرعي بما لا يقبل الشك ان بعض الحركات الاسلامية التي تدّعي النضال ضد العدو الاسرائيلي هي محض هراء وفارغة المضمون الا من تطبيق مفاهيم اسلامية ضيّقة لا تخدم امة الاسلام ولا العروبة بقدر ما تهدف الى تطبيق مفاهيم تعليمية متزمتة ذات صناعة غربية متسترة، تهدف الى تشتيت امتنا العربية بمدارس دينية مختلفة فيما بينها بمسألة ايجاد الطرق الكفيلة بتطبيق الدين كل على هواه بينما الدين بحد ذاته منهم براء.

ان تجربة القومية العربية اثبتت نجاعتها وثباتها واخلاصها لمفهوم الامة المتمسكة بالمبادئ، مؤمنة بحركة التحرر والاستقلال، ناظرة نحو تحقيق الوطن المتكامل، متجاوزة لكل اشكال الحدود الجغرافية المصطنعة بين بلادنا العربية لاغية للهوية العنصرية، عابرة لمفهوم الاديان والمذاهب الضيق لتسبح في رحاب الوطن الكبير لامتنا العربية، وهذا ما اثبتته التجارب وتقبّله التاريخ.

 

بكل امانة، نقول لـ”حزب الله”…

لقد آن الاوان للبدء بعملية اعادة النظر والفرز بين حلفاء يتخذون من الشعارات الاسلامية غطاء للاختباء خلفها تنفيذا لمشاريع غربية وانصياعًا لرغبة صهيونية لا هدف لها الا الحاق الضرر بامتنا العربية والاسلامية، مختطفة مفهوم الاسلام كأمة او مذهب نحو الجهل والضلال.

وبين لكل من آمن ولم يزل بالكفاح والنضال ضد العدو الاسرائيلي، ولكل من حافظ على اتجاه البوصلة نحو فلسطين مؤمنًا بحق الفلسطينيين، مناصرًا لسوريا قلب العروبة النابض، داعيًا لرفع الظلم عن شعبنا في الوطن العربي.

نقول لـ”حزب الله” رافع راس العرب والمدافع عن العروبة المخلصة، آن الاوان لاعادة النظر نحو مزيد من  ابداء الايجابية بضرورة الانفتاح لحد التكامل مع كل مؤمن بالقومية العربية الجامعة حتى لا تنجح تلك الحركات المتلطية بالشعارلت الاسلامية  المتخاذلة الساعية الى ابرام اتفاق هدنة طويلة مع العدو تارة وساكتة عن اتهام “حزب الله” بالارهاب تارة اخرى باختطفاف ما تبقى لنا من عزة و كرامة عربية.

لقد اثبتت الاحداث منذ اندلاع ما سمي بالربيع العربي ان خيار التحالف مع بعض الحركات الاسلامية قد فشل لان هذا الخيار خذل “حزب الله” كما خذل كل قومي عربي في محطات كثيرة، في حين اثبتت القومية العربية صلابتها وتمسكها بالقضايا المركزية واولها فلسطين، كما اثبت مفهوم القومية العربية انه الضامن والمدافع والناصر الحقيقي والمتمسك بالمقاومة لمواجهة العدو الاسرائيلي والرجعية المتآمرة.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.