تونس … هجوم بن قردان: الدوافع والدلالات / حميدي العبدالله

 

حميدي العبدالله ( الأربعاء ) 9/3/2016 م …

لا يمكن وصف ما جرى في مدينة بن قردان بالحدث العابر أو الهجوم الإرهابي المماثل لسلسلة الهجمات الإرهابية التي تعرّضت لها تونس في السنوات القليلة الماضية.

الهجوم في توقيته له دوافع ودلالات ربما تتجاوز الدوافع التقليدية للهجمات الإرهابية التي يشنّها «داعش» بين فترة وأخرى، سواء في تونس أو في السعودية أو في فرنسا.

الهجوم على بن قردان جاء بعد ساعات قليلة على تبرّؤ تونس من قرار وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس والذي يصنّف حزب الله منظمة إرهابية. بكلّ تأكيد هذا الموقف، ومواقف تونس الأخرى منذ وصول حزب «نداء تونس» إلى الحكم، تتعارض مع سياسات دول كثيرة، غربية وعربية، وبين هذه الدول الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وقد عكست افتتاحية كتبها رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية ووجه فيها انتقادات حادّة إلى راشد الغنوشي على موقفه من حزب الله مدى غضب حكومة المملكة العربية السعودية من سياسة تونس، ولا سيما تنصّلها من موقف وزير داخليتها الذي وافق على تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، ومن غير المستبعد أن تكون جماعات داخل تنظيم «داعش» مرتبطة بالسعودية أو مرتبطة بالولايات المتحدة والحكومات الغربية، اختارت هذا التوقيت بالذات للردّ على مواقف الحكومة التونسية، سواء إزاء حزب الله، أو إزاء مجمل سياساتها العربية، وتحديداً موقفها من سورية ومن قضايا عربية أخرى.

ومعروف أنّ عدداً كبيراً من قادة «داعش» هم من الجنسية السعودية، ومن غير المستبعد أن يكون من بينهم عناصر في الاستخبارات السعودية.

كما أنّ توقيت الهجوم على بن قردان في الوقت الذي تتحضّر فيه الحكومات الغربية للقيام بغزو ليبيا بذريعة محاربة «داعش»، يأتي في سياق الضغط على الحكومة التونسية لحملها على الانضمام إلى أيّ حملة عسكرية وفتح أراضيها أمام القوات البرية التي سوف تشارك بالغزو، إذ من المعروف أنّ تونس مثلها مثل الجزائر لا تزال تعارض أيّ تدخل بري عسكري أجنبي في ليبيا.

لا شكّ أنّ الهجوم وضع الحكومة التونسية أمام ضغوط كبيرة، ولا سيما لجهة سحب اعتراضها على غزو عسكري خارجي لليبيا، وقد وضعت أحداث بن قردان الحكومة التونسية أمام خيارات صعبة، إما قبول خيار التعرّض لمزيد من الهجمات عبر الأراضي الليبية، مع ما يترتّب على ذلك من خسائر بشرية، وهزّ الثقة بالاستقرار وقدرة الدولة على توفير الأمن، وضرب الاقتصاد التونسي الذي يعتمد على السياحة بالدرجة الأولى، وإما قبول مبدأ المشاركة في غزو بري جديد لليبيا، وفتح أراضيها أمام القوات الغازية، التي لم تنجح في تحقيق أيّ تقدم داخل ليبيا دون فتح الحدود التونسية أمامها.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.