المعلم يطلق “رصاصة الرحمة” على مفاوضات جنيف قبل ان تبدأ
الأحد 13/3/2016 م …
عندما يعتبر الوزير المعلم الاسد خطا احمر دعوة للمعارضة بعدم الحضور.. وغياب اردوغان عن مناورة “رعد الشمال” قد تفسر هذا التصعيد في الموقف السوري
من يتابع التصريحات التي ادلى بها السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري في المؤتمر الصحافي الذي عقده صباح اليوم (السبت)، وحدد فيها شروط حكومته للمشاركة في المفاوضات التي ستستأنف الاثنين في جنيف، يخرج بانطباع اكيد بأن الوفد السوري الرسمي لا يذهب الى هناك للمشاركة وانما للانسحاب منها، لان القيادة السورية باتت تشعر بأن المفاوضات بلا قيمة، وتتعارض مع رؤيتها للحل السياسي.
اللهجة التي اتبعها السيد المعلم في هذا المؤتمر كانت هادئة في الظاهر، وهذا هو اسلوبه على العموم، لكنها كانت قوية عالية النبرة في مضامينها، ويمكن تلخيصها على الوجه التالي:
· اولا: قال السيد المعلم ان الوفد الرسمي لن ينتظر وفد المعارضة اكثر من 24 ساعة، وبعدها سيغادر جنيف، وهذا تهديد واضح لهذا الوفد لعدم تكرار “مراوغته” او “تردده”، وبالتالي تأخره في الحضور كما في الجولة السابقة الى جنيف، تحت ذريعة عدم الاستجابة لمطالبه في وقف اطلاق النار، والسماح لقوافل الاغاثة في الدخول الى المناطق المحاصرة، والافراج عن معتقلين.
· ثانيا: اكد السيد المعلم ان الرئيس بشار الاسد خط احمر، وهو “ملك الشعب السوري، ونحن لا نتحاور مع اي احد يتحدث عن مقام الرئيس، ومن يريد الحديث حول هذه المسألة عليه عدم القدوم الى جنيف”.
· ثالثا: اثارة السيد المعلم نقطة جديدة، وهي ضرورة التوافق على “تعريف” المرحلة الانتقالية، وقال في مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم الى دستور جديد، ومن حكومة قائمة الى اخرى يشارك فيها الطرف الآخر، وهذا الغرق في محيط من التعريفات، ومحاولة الوصول الى توافق على تعريفات جديدة، مما يعني تكريس اشهر، وربما اعوام من المفاوضات للوصول الى هذا التوافق.
ما يمكن استخلاصه من هذه النقاط الثلاث ان السيد المعلم، واختياره عقد هذا المؤتمر الصحافي قبل يومين من بدء المفاوضات، اراد ان يوصل رسالة مزدوجة الى معارضة الرياض اولا، طابعها “استفزازي”، يقول فيها من الافضل عدم القدوم الى جنيف لانه لن تتم مناقشة اي من مطالبكم، وعلى رأسها مستقبل الرئيس الاسد، والشق الثاني من الرسالة، الى ستيفان دي ميستورا المبعوث الدولي، تقول ان حديثه حول انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون 18 شهرا غير مقبول، لانه لا توجد اي وثائق “اممية” تتحدث عن مرحلة انتقالية تتعلق بـ مقام” الرئاسة، بمعنى آخر ان الرئيس خط “مضاعف الاحمرار” لا يجب تجاوزه على الاطلاق.
من الواضح ان الجانب الرسمي السوري يصعد من موقفه، ويفرض شروطا يعرف ان الطرف المعارض لن يقبل بها، لدفعه الى الانسحاب او عدم الحضور، وربما يعود هذا التصعيد الى المكاسب التي حققتها قوات الجيش العربي السوري الرسمي على الارض، وحدوث متغيرات اقليمية ابرزها التقارب التركي الايراني الاخير، وابتعاد تركيا عن السعودية الذي ظهر بوضوح في غياب الرئيس رجب طيب اردوغان، او رئيس وزرائه احمد داوود اوغلو في الحفل الختامي لمناورات “رعد الشمال” برعاية العاهل السعودي.
ولعل السيد المعلم ما كان يتحدث هذه اللهجة الصارمة ايضا لولا الاستناد الى موقف روسي داعم ومساند، وما يؤكد هذا الاستنتاج ما قاله اليوم السيد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، ان التقارير الاعلامية التي تتحدث عن مناقشات بين روسيا والغرب بشأن اقامة نظام اتحادي في سورية غير صحيحة على الاطلاق، والتأكيد ان روسيا ملتزمة بوحدة الاراضي السورية.
واذا وضعنا في عين الاعتبار “البرود” التركي تجاه الجولة الجديدة من المفاوضات، ومقاطعة الدكتور هيثم مناع، رئيس تيار “قمح”، لها احتجاجا على استبعاد الاكراد منها، وعدم تمثيل وفد الرياض لكل الوان المعارضة السورية، فان مفاوضات جنيف انتهت قبل ان تبدأ، ومعها العملية السياسية المنبثقة من صيغة فيينا.
وفد الرياض لا يمكن ان ينخرط في مفاوضات لا تنص صراحة على استبعاد اي دور للرئيس الاسد، ليس في مستقبل فسحب، وانما في المرحلة الانتقالية، التزاما بالموقف السعودي الذي يكرره السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي ليل نهار، الامر الذي يؤكد ما ذكرناه آنفا.
السيد المعلم في مؤتمره الصحافي اطلق “رصاصة الرحمة” على مفاوضات جنيف، لانها محكومة بالفشل في جميع الاحوال، وربما تقليص معاناة السوريين الذين يعول بعضهم كثيرا عليها ونجاحها، افضل بكثير من الانخداع في متابعة هذا التكاذب الاقليمي والدولي، ولعل “رصاصة” المعلم هذه جاءت بعد تطورات جديدة جرت خلف الكواليس لا نعرفها، وكل ما نستطيع قوله هو “فتش عن زيارة السيد اوغلو الى طهران قبل اسبوعين، وبيانها الختامي الذي يتحدث عن الحفاظ على وحدة الاراضي السورية، وزيادة التعاون الاقتصادي الايراني التركي ثلاثة اضعاف اي الى 30 مليار دولار سنويا، وانباء عن جهود ايرانية للمصالحة بين انقرة وموسكو”.
غياب الرئيس اردوغان عن مناورات “رعد الشمال” تشي بالكثير، والايام بيننا.
“راي اليوم”
التعليقات مغلقة.