معركتنا مع الثالوث! / مهدي أنيس جرادات

 

مهدي أنيس جرادات ( الأردن ) السبت 19/3/2016 م …

الملايين من الأردنيين شاهدوا بأمّ أعينهم وفي ذكرى تعريب الجيش العربي في بداية آذار الحالي،ممعركة في محافظة إربد دامت 12 ساعة بين نشامى قوات الأمن وثلة خارجية تكفيرية كادت أن تفعل المجازر من ضمن المخطط الإرهابي الذي كان يعد له ضد شعبنا،لولا أن العيون الساهرة أحبطته،وعلينا أن نعترف أنّها أول مواجهة مباشرة بين الطرفين حامية الوطيس منذ الإعلان عن إعدام الشهيد الطيار معاذ الكساسبة (حرقاً) العام الماضي،وبالرّغم من ذلك بعد إنتهاء المعركة سلّمت جثامين الخوارج السبعة إلى أهاليهم،ولكن جثمان الشهيد الكساسبة مازال مدفوناً في مكان مجهول لا أحد يعلم مكانه إلاّ خالقه عزّ وجل،وعندئذ خسر الوطن الشهيد الرائد راشد الزيود أحد نشامى بني حسن نفتخر ونعتز به،فكانت معركة خسرها المجرمون،وكانت فاتورة حساب ثقيلة تنتظرها الأجهزة الأمنية بعد شهور من الرّصد لتسدّد إلى المجرم الكبير ابوبكر البغدادي، فالإرهاب لا أهل ولاوطن ولا دين ولاشرف له.

وقبل شهر تقريباً خرج علينا مدير دائرة مكافحة المخدرات عطوفة العميد انور الطراونة ليعلن أن عام 2016 سيشهد عام المكافحة الحقيقية،ولتمتلأ وسائل الإعلام بشقيها العام والخاص بكلمة (ضبط) وتفكيك أوكار المتعاطين مع هذه السموم،وحتى اليوم لايوجد إستصال للمخدرات في بلادنا،ونحن نقترب من الشهر الرابع من العام الحالي سيبقى فقط من المهلة ثمانية شهور،فلننتظر عطوفتك مع الإحترام كيف سيتم إستئصال هذه المخدرات الخطيرة والتي تدخل بلادنا دون حسيب او رقيب.

نحترم كلّ الإنجازات وتسهرون الليل بالنّهار من أجل (ضبط) فشبعنا وإرتوينا منها،وفي المقابل محكمة أمن الدولة تنشر في الصحف الرسمية بشكل يومي أسماء تجار ومروجي المخدرات الصغار وتمهلهم لتسليم أنفسهم،ولكن أين هي القائمة الرسمية السوداء لهوامير المخدرات الحقيقيين والتي ارعبت الشعب بكل أصنافه؟ومتسائلاً من باب غيرتي على شباب هذا الوطن هل إمبراطورية الحشيشة في الشرق الأوسط (نوح زعيتر) لها وجود في بلادنا؟

وقبل أشهر قليلة ألم يقتل الإبن أبيه وهو أحد مسوؤلي الدّولة وحسب إعترافات المصادر الأمنية أنّ قاتله كان تحت تأثير أخطر أنواع المخدرات؟وقبل أسبوع أستشهد  رجل الأمن سامر أبوزيد برصاص أحد المطلوبين الخطيرين، وبعد هذه الأحداث المؤلمة نتسائل وهل ستفجّر لنا مفاجأة ثقيلة في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الّذي يصادف في السادس والعشرون من حزيران الحالي لترد على رسالتنا؟ سننتظر عطوفتك ونحن نعلم أنّ تعيينك في هذا المنصب لم يستغرق أكثر من ثلاثة شهور.

وبعد أيام سيشرع مجلس النواب (نصره الله في كل موطن وأدام الله عزّ جنوده) قانون النّزاهة ومكافحة الفساد،ماذا يعني إقرار قانون كهذا؟

الفساد إنتشر كهشيم محتضر،فدمّر البلاد وأفقر العباد،وكلّ حكومة تأتي تتغنّى به كأشعار رومانسية،فلعنت كلّ حكومة أختها،ووزراء كلّ حكومة بارعون بتعطيل الضّابطة العدلية،فهرب الجاني وألقي القبض على المجني عليه،وكلّ حكومة تتغنّى بمسرحية سيمفونية إسمها العجز المالي،فيقوم الجناة بتنفيع صبيانهم برواتب وإمتيازات عالية بكلّ أنانية ووقاحة..

وحتى يطيل الوزير كرسيه عدة أمتار يخرج علينا بمؤتمر صحفي ليمسك العود الرنان ويمطرنا بمسرحية التخطيط الشمولي فتمتلأ الصحافة بكلّ حواسها بأرقام مخجلة سرقت من قبري الخوارزمي والبيروني، وأكاذيب شاملة على شاكلة حكايات ألف ليلة وليلة،والنتيجة أنّ الجميع يغادرون مراتبهم الوزارية وتنتهي الأدوار بعد ذلك لإستلام الغلّة ،والشعب أصابه بالقيء والأمراض بأنواعها فوصلتنا من كلّ أنحاء العالم إلاّ زيكا نسال الله العفو والعافية!

ولكن الأغرب من هذا تاتي الحكومة القادمة فكعادتها الفلسفية تعطي الضوء الأخضر لمحو آثار الحكومة التي سبقتها،ويأتي الوزير في تلك الحكومة يخرج منها ولا يسدّد مديونية وزارته التي لايتحمّل وزرها إلاّ راعي الهذلة! والشعب أخيراً يتحمّل عهر السياسات وفواتير الفساد الثقيلة وغباء المسوؤلين! فلايوجد مسائلة ولامحاسبة ولاشفافية..فألا يحق لنا أن نقول أنّ ذلك هو تغميس خارج الصحن!فالثالوث هنا قد إكتمل.

 ومن هذا المنطلق أصبحت المعادلة أنّ هوامير الفساد ألعن من داعش بمليون مرّة،فلايوجد فرق بين من وقف وراء تخدير إبن وطنه وغسله بفكر خارجي لعين،ولابين الحرامي المسوؤل الذي سرق خبز إبن جلدته وقامر بها،ولكن ما أدراكم بتاجر المخدرات ومهربها هو أسوأ من الفاسد والداعشي،فإذاً كلّهم عيال حرام مازالوا يقامرون بالوطن وفلذات أكباده،والكلّ يعلم بأنّ الإرهاب في العالم رضع من أموال المخدرات والسموم القاتلة.

حتى هنا أوضحنا ذلك الثالوث المحرّم يادولة الرئيس،فالمطلوب منك قبل مغادرتك الدوّار الرابع قريباً عمل مؤتمر صحفي(ذكي) يحدث ضجيجاً بحجم قانون الإنتخاب،فكما تباطحون قيادات الأحزاب،فعليك مباطحة أهل هذا الثالوث الإجرامي على حلبة المصارعة،فأشتهر الذّكاء في حكومتك فقمت بإكتشاف البطاقة الذكية وعدّدادات المياه الذّكية ..فنريد ذكائك لمكافحة ذلك الثّالوث على قاعدة (يارايح كثّر ملايح)،فدماء الشهيداء الّذين ذكرناهم هم ضحايا هذا الثّالوث،فهل نعقل أو نتدبّر؟ ونريد من وسائلنا الإعلامية أن تشاركك أفراحنا لمكافحته،فلن يستقيم الوطن ولن يتوازن ولن تخفّض مديونيته إلاّ بالقضاء على أنصار هذا الثّالوث!وقبل أن أستتودعك الله ،فرجائي الحار يادولة الرّئيس أن لا يكون عليك حجّة الآن في التغيّب عن المواجهة،فالوطن أكبر من الجميع!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.