ليبيا بعد خمسة أعوام من غزو الناتو …هل يستفيق الليبيين!؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الأحد 20/3/2016 م …
يبدو أن مايجري بطرابلس من اشتباكات بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة بين الميليشيات في شارع الجمهورية وباب العزيزية ،هو خير شاهد على نتائج عدوان الناتو الغربي والعربي على ليبيا قبل خمسة اعوام ،فها هي ليبيا اليوم غارقة بالفوضى ،والإرهاب “المصطنع “الهادف إلى اعادة تفتيت الفسيفساء الليبية خدمة لمطامع ومشاريع غربية – صهيونية في ليبيا .
فاليوم وبعد خمسة اعوام من غزو الناتو الغربي – العربي لليبيا ، يبدو واضحآ للجميع حجم الكارثة التي لحقت بالليبيين نتيجة هذا الغزو المحسوب الاهداف والنتائج ،فاليوم وللأسف تحولت ليبيا وبتأمر من بعض من يدعون أنهم من ابنائها لبؤرة تطرف جاذبة للإرهاب وللإرهابيين ، وهذا التوريد المستمر للارهاب لليبيا يتزامن مع استمرار فصول الصراع العسكري على الارض والذي ترك بدوره عشرات الآلاف من القتلى والجرحى ومئات الالاف من المشردين والمهجرين واللاجئين ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكافة البنى التحتية بالدولة الليبية.
فعلى مدار خمسة أعوام وأكثر وجدت ليبيا نفسها في خضم حرب عالمية في أشرس صورها، حرب معقدة مركبة للغاية أسقطت فيها كل المعايير الانسانية، آلاف من الارهابيين العابرين للقارات ، وملايين الأطنان من الأسلحة سلحوا بها ودمروا بها مدن ليبية بأكملها وقتلوا اهلها وضربوا بها مقومات حياة المواطن الليبي ، وحاربوه حتى في لقمة عيشه اليومية، حرب معقدة قوامها الكذب والنفاق والمصالح الصهيو –أمريكية وليس لها أي علاقة بكل الشعارات المخادعة التي تتستر بها، ففي ليبيا تفاصيل الحرب جهزت على مراحل وحلقات وبمشاركة دول عربية وإقليمية.
فغزو حلف الناتو الغربي – العربي لليبيا قبل خمسة اعوام عكس بالضرورة حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بكل ما جري في ليبيا ، وهي أهداف تتداخل فيها الحسابات الدولية مع الحسابات الإقليمية، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة العربية والثروات الطبيعية فيها وموقعها الجيو سياسي إلى أقصى الحدود ، فاليوم نسمع عن مؤتمرات دولية “لا تغني ولا تسمن من جوع الليبين التواقين للاستقرار”، ونسمع عن تشكيلات لحكومة وفاق ليبية ،وهذه المؤتمرات وتشكيل هذه الحكومات تتم في مناطق جغرافية خارج الوطن الليبي،وهذه يدلل على حجم الأزمة التي تعيشها الدولة الليبية المتمثلة بانعدام الامن والاستقرار وتمدد الارهاب .
ومن هنا يمكن القول إنه بات من الواضح أنه ومنذ مطلع عام 2011وتحديدآ منذ تاريخ 19-3-2011، قد تحولت ليبيا ونتيجة الغزو المتمثل بتحالف بعض العرب مع حلف الناتو ،إلى دولة معدومة الاستقرار وهذا الحال يبدو أنه سيستمر لاعوام قادمة على الاقل ،فقد عشنا منذ مطلع العام الحالي2016 تحديداً على تطورات دراماتيكية “دموية”، عاشتها الدولة الليبية من شمالها الى جنوبها، ومن غربها الى شرقها، والواضح أنها ستمتد على امتداد أيام هذا العام، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا الليبية، وفي شكل سريع ومفاجئ جداً، في ظل دخول متغيرات وعوامل جديدة وفرض واقع وايقاع جديد للخريطة العسكرية الليبية، وخصوصاً بعد تمدد القوى المتطرفة في شكل واسع بمناطق شرق وجنوب شرقي ليبيا.
فهذا الواقع الذي فرض نفسه بليبيا عسكريآ،وتحديدآ بالعاصمة الليبية طرابس ومدينة بنغازي،ومؤخرآ مدينة مصراته ،وبعض مدن الجنوب والشرق الليبي النفطية يدلل بشكل كارثي على الحالة الماسأوية للشعب الليبي وللدولة الليبية بكل أركانها ،فقد فرض الواقع العسكري نفسه وبقوة ،على كل التجليات المأساوية التي عاشتها الدولة الليبية مؤخرآ ، فقد شهدت البلاد خلال الاشهر الثلاث الماضية ،صراعآ دمويآ كبيرآ محليآ مدعوم بأجندات خارجية ،وقد كانت اطراف هذا الصراع متعددة الولاءات فمنها على سبيل المثال لا الحصر ،ميليشيات وكتائب عسكرية متعددة ومنها كتائب المدن والقبائل وما يسمى بأنصار الشريعة وكتائب فجر ليبيا ومجالس الثورة وميليشيات المدن الليبية وداعش ،وو…ألخ.
تعدد هذه المليشيات المسلحة على الاراضي الليبية افرز حالة صراع دائم فيما بينها ،فقد أرتبط هذا الصراع المحلي بصراع أقليمي -دولي ،مما ينذر بالمزيد من الفوضى داخل الدولة الليبية مستقبلآ ،وهذا بمجموعه كان مخططآ له من قبل حلف الناتو عندما قرر غزو ليبيا فهذا الحلف رسم مستقبلآ قاتم المعالم للدولة الليبية لابقائها بحالة اللاسلم واللاحرب ،في ظل غياب أي سلطة فعلية للدولة الليبية على الارض، والمتزامن مع ظهور جماعات متطرفة متواجدة بشرق وجنوب شرق ليبيا ،أعلنت ولائها ومبايعتها لتنظيم داعش ،وهذا ما سيزيد التعقيد المستقبلي للحالة الليبية المضطربة أصلآ ،وهذا الوضع كما تحدثنا قد يستمر لأعوام قادمة قبل الحديث عن جراحه دولية وعربية ، خاصه بالواقع الليبي، وأنشاء حلف دولي لمحاربة القوى المتطرفه في ليبيا، وهذا ما بدأت علامات ظهوره تتضح مؤخرآ ، والهدف هو اقتسام الكعكة الليبية بين القوى الكبرى .
ختامآ ،يمكن القول وبعد مرور خمسة أعوام من غزو حلف الناتو وبدعم عربي للاراضي الليبية ان المشهد الليبي يزداد تعقيدآ مع مرور الأيام ،وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الارض الليبية من قبل بعض القوى الليبية الوطنية ،لوضع حد للفوضى وتنسيق حلول مقبولة ،لأيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن الليبي ،والا ستبقى ليبيا الدولة بكل مكوناتها تدور بفلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على الارض الليبية،والخاسر الوحيد من هذه الفوضى هو الشعب الليبي الذي يدفع اليوم من دمه ومن مستقبله ومستقبل اجياله القادمة ضريبة خطأ تاريخي كبير ارتكبه بعض ابناء الشعب الليبي الذين شاركوا بوعي أوبلا وعي بمشروع تدمير ليبيا ؟؟…
*كاتب وناشط سياسي- الأردن.
التعليقات مغلقة.