القارة العجوز بين مطرقة اللاجئين وسندان الإرهاب ! / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الخميس 24/3/2016 م …
يبدو أن القارة الإوروبية العجوز قد دخلت نفقآ ومسارآ معقدآ مع الإرهاب ،فبعد “جمعة باريس″ الدامية ، هاهي عاصمة بلجيكا بروكسل تعيش هي الاخرى على وقع عمليات إرهابية كبرى وبمواقع إستراتيجية ،ويأتي كل هذا وذاك في الوقت الذي تقدمت فيه المنظومة الإوروبية بمشاريع قرارات داخل الاتحاد الاوروبي تهدف بشكل أو بأخر للحد من ظاهرة الإرهاب والهجرة واللاجئين داخل دول الاتحاد الأوروبي ،وفي زحمة كل هذه التطورات التي تعيشها القارة العجوزة تستمر الحملات الامنية بمناطق مختلفة من العواصم الاوروبية وخاصة بلندن وباريس وروما وبرلين ،و..الخ،للكشف عن الخلايا الإرهابية المرتبطة باحداث بروكسل وقبلها باريس وغيرها،وخصوصآ بعد القبض على الإرهابي صلاح عبد السلام ،الذي يعتقد البعض أن احداث باريس الاخيرة ترتبط بملف اعتقاله.
اليوم من الواضح أن الغرب وخاصة القارة الأوروبية العجوز ، أصبح بين مطرقة الإرهاب العائد اليه وسندان المهجرين من الشرق إلى الغرب،وهذا ما ظهر جليآ من خلال حديث المسؤولين الأوروبيين الذين يتحدثون اليوم ويرفعون اصواتهم للبحث عن مسار للحلول لأزمات منطقة الشرق الاوسط ،والتي يعتقد معظم المسؤولين الاوروبيين أن نتائج احداثها وتداعياتها سترتد اجلآ أم عاجلآ على أوروبا ، ومن هنا يبدو واضحاً أن نظرة المسؤوليين الأوروبيين بدأت تشهد تغيرآ ملحوظآ اتجاه ازمات منطقة الشرق الاوسط ،فاحداث بروكسل وقبلها باريس بدأت تفرض واقعاً جديداً على القارة العجوز، ومن ينظر لمجمل تصريحات المسؤوليين الأوروبيين وقرراتهم الإخيرة سيجد بشكل ملحوظ تغيرآ ملموسآ برؤية القارة العجوز لطبيعة الحل لأزمات الشرق الاوسط .
وبالعودة إلى قرأة اعمق لمجمل عمليات ماجرى ببروكسل مؤخرآ وقبلها بباريس فمن الواضح أن مايجري بسورية ميدانيآ اليوم بدأ يفرض نفسه وبقوة على ملف الإرهاب ،واليوم هناك تقارير دولية عدة إكدت عودة المئات من المقاتلين الاوروبيين والعرب والشيشان الفارين من زحمة هذه المعارك بالشمال السوري إلى بلدانهم الاوروبية وبعضهم توجه إلى ليبيا وافغانستان واليمن والسعودية وبعضهم استقر بتركيا ،هؤلاء المقاتلين الفارين من معارك الشمال السوري أكدت التقارير الدولية أنهم بصدد تنفيذ عمليات أرهابية بالدول التي عادوا اليها أو استقروا بها ، وهذا بدوره سيزيد بشكل واضح من تعقيد ملف محاربة الإرهاب بالقارة العجوز ،رغم حجم التدقيق الامني الكبير على اللاجئين القادمين للقارة العجوز.
فعودة هؤلاء الارهابيين إلى دولهم وتنفيذ عمليات إرهابية كالتي حصلت ببروكسل وبباريس ،شكلت حالة صدمة كبرى عند الدول الإوروبية الشريكة بالحرب على سورية ،فارهابهم الذي دعموه لإسقاط سورية يرتد عليهم اليوم ،ولذلك هم اليوم بصراع مع الوقت لإيجاد حل ما يضمن القضاء على هذه المجاميع الارهابية بسورية وعدم السماح بعودتها إلى بلدانها وداعميها .
كما أن خطورة تمدد تنظيم “داعش “في شمال أفريقيا في سيناء المصرية وفي اجزاء واسعة من شرق وجنوب شرق ليبيا ،وخصوصآ بعد حادثة تفجير الطائرة الروسية المنكوبة في مصر ،التي تبناها التنظيم المتطرف يضع الأوروبيين أمام ملفات أكثر تعقيدآ بملف محاربة الإرهاب،فتمدد التنظيم بمصر وليبيا بدأ يشكل عوامل ضغط أضافية على الإوروبيين ،فتمدد التنظيم بالشمال الافريقي بدأ يتزايد بشكل متسارع ويفرض وجوده وبقوة على الجميع وخصوصآ على الاوروبيين ،وخصوصآ بعد المعلومات التي رشحت من عناصر قيادية بالتنظيم أن التنظيم ينوي نقل مقر قيادته الرئيسية من العراق وسورية إلى ليبيا .
ختامآ ،أن معظم التطورات الخاصة بملف الإرهاب الذي بأت فعليآ يهدد المنظومة الأوروبية ،تؤكد أن الغرب بدأ يستشعر خطورة عودة هذا الإرهاب إلى اراضيه ،والمرحلة المقبلة ستشهد بشكل مؤكد تطورات مهمة ودراما تيكية بملف مكافحة الإرهاب غربيآ ،ولكن هذه المهمة ليست سهلة وستكون لها نتائج دموية وآثار سلبية كبرى على المجتمعات الغربية بعمومها ،فهذه المجتمعات للأسف تتحمل اليوم نتائج دعم ساستها وحكوماتها للإرهاب بالمنطقة العربية ،ومع كل هذه التطورات سننتظر المرحلة المقبلة لإنها ستحمل الكثير من المفاجآت الكبرى بملف مكافحة الإرهاب غربيآ .
*كاتب وناشط سياسي –الأردن .
التعليقات مغلقة.