سامي كليب في كتابه “الاسد بين الرحيل والتدمير الممنهج”

 

الجمعة 25/3/2016 م …

 

عن ” رأي اليوم ” – مها بربار

* الكاتب يؤكد ان الرئيس السوري لن يرحل ويكشف اسرار جديدة عن الحريري وخدام والشرع والابراهيمي والشهابي

العقبة الرئيسية التي تقف حجر عثرة في طريق المفاوضات الجارية حاليا في جنيف بين الوفد الرسمي السوري بقيادة الدبلوماسي المحنك بشار الجعفري، مندوب بلاده في الامم المتحدة، ووفود المعارضة السورية الاخرى هي مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد في المرحلة الانتقالية المقترحة، او بعد انتهائها في غضون عام ونصف العام، ولكن من يقرأ كتاب الزميل سامي كليب الذي يحمل عنوان “الاسد بين الرحيل والتدمير الممنهج.. الحرب السورية بالوثائق السرية” الذي يؤرخ لهذه المرحلة، يخرج بانطباع اكيد بأن الرجل لن يرحل عن الحكم وسيقاتل حتى النهاية.

يبدأ المؤلف كليب كتابه باهداء الى والده الذي استشهد اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان في حزيران (يونيو) عام 1982، والى والدته التي حملت جروح الاجتياح حتى توفت بعد بضعة اعوام حزنا عليه، مما يشي بمواقف الرجل المنحازة، وبشكل علمي موضوعي، الى معسكر المقاومة.

يتحدث الكتاب عن تاريخ سورية الحديث من خلال تقديم بحث معمق وعلمي عنه في عهد “الاسدين” الاب والابن، ويؤرخ على وجه التحديد لكيفية وصول الرئيس بشار الاسد الى قمة الحكم، والظروف السورية والاقليمية التي احاطت بها، وطبيعة مراكز القوى في حينها التي اقرت او عارضت هذه الخطوة، بتوثيق يتضمن حقائق واسرار على لسان اصحابها، ومن خلال رصد دقيق، ومقابلات شخصية.

الكتاب الذي يقع في 650 صفحة، وخمسة اقسام، وملحق خاص، لمحاضر اجتماعات رسمية، ودراسات، ومراسلات الرئاسة، يتناول بدايات الازمة السورية، ومن ادخل السلاح، والخطط الموضوعة للتدمير الممنهج، بغض النظر عن ردود فعل النظام، او المعارضة، يؤكد ومن خلال الوثائق ان جذور هذا المخطط عميقة، وهدفه كان اسقاط النظام وبأسرع وقت ممكن.

يقول المؤلف “صحيح ان الامن السوري ارتكب اخطاء في تعامله مع شبان درعا الذين كتبوا شعارات على الحوائط تطالب باسقاط النظام، لكن الصحيح ايضا ان لا احد حقق فعليا لماذا جرى التحرك ومن كان ينتظر الاشارة الاولى لتوظيف الامر في تجييش وتهييج الغرائز″.

الزميل كليب الذي التقى الرئيس الاسد عدة مرات في اطار ابحاثه لاعداد الكتاب قال انه، اي الرئيس الاسد، ابلغه في العام الثالث للازمة “انه مهما فعل، وقدم من اصلاحات، فان هناك مؤامرة دولية واقليمية كانت ستضرب سورية لدورها وموقعها ودعمها للمقاومة”.

الكتاب تضمن وثائق ومحاضر رسمية سرية، قد تضع المؤرخين ورجال السياسة اما حقائق اخرى غير التي سمعناها في بداية الحرب، مثل محضر لقاء الرئيس الاسد مع كولن باول وزير الخارجية الامريكي حول المقاومة في العراق بعد الاحتلال، او محضر آخر مكالمة هاتفية مطولة بين الرئيس الاسد ونظيره التركي رجب طيب اردوغان، او محضر آخر زيارة لاحمد داوود اوغلو، وزير الخارجية التركي في حينها، وما دار بينه وبين نظيره السوري وليد المعلم، كما يكشف المؤلف الخطأ الاكبر الذي ارتكبه السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي عندما اصر على الاتصال بالسيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية على عكس رغبة الرئيس السوري، وكان ذلك الاتصال هو القشة التي قصمت ظهر المبعوث الدولي.

يعترف الزميل كليب “ان القول بأن تدمير سورية هو مجرد فعل مؤامرة خارجية فيه ظلم للذين انتفضوا لتحسين احوالهم المعيشية والسياسية والحصول على حرياتهم ثم وجدوا انفسهم مطية لمصالح اكبر منهم، حيث ضاقت بهم بلدانهم، والقول بان تدمير سورية نتيجة تمسك الاسد بالحكم فيه قصر نظر حيال منطقة صارت ساحة لمعارك ومصالح اقليمية ودولية هائلة جعلت من رحيل الاسد او بقائه انتصارا او هزيمة لمحور الاسد الاب الذي اوقف الانقلابات على مدة 30 عاما في سورية، ووضع سورية في خريطة الدول ذات الدور المحوري في المنطقة والعالم رغم الدور المتشدد الذي حجب الحريات”.

فصول الكتاب كلها ممتعة للقاريء، لكن تلك المتعلقة لشخصية الرئيس بشار وصعوده الى الحكم وايامه الاولى فيه، والمرحلة الانتقالية التي جاءت بعد رحيل والده، ومعارضة الحرس القديم له، وخاصة السيد عبد الحليم خدام، نائب الرئيس الاسبق، والجنرال حكمت الشهابي، رئيس هيئة الاركان، هي الاكثر متعة وسلاسة وتوثيقا.

ومن ضمن ما كشفه الكتاب اتفاق سري، مثلما كشفت احد الوثائق، بين الرئيس الاسد والسيد علي خامنئي، المرشد الاعلى للثورة الايرانية، على مقاومة الاحتلال الامريكي للعراق، لان الرئيس الاسد كان واثقا بان نجاح هذا الاحتلال سينعكس سلبا على سورية، وسيكون نقطة انطلاق لاحتلالها.

ويؤكد المؤلف الزميل كليب ان الرئيس الاسد لم يثق مطلقا بالراحل رفيق الحريري حتى قبل ان يتولى الحكم، وكان ممسكا بالملف اللبناني، وكان يعتقد ان الثلاثي خدام الشهابي الحريري يشكلون محورا للتآمر على سورية واستقرارها.

ومن ضمن الوثائق، واحدة تتحدث عن الضغوط الامريكية والاسرائيلية التي مورست على الرئيس السوري لاغلاق مكاتب “حماس″ و”الجهاد الاسلامي” في سورية، ووقف كل تعاون مع حزب الله اللبناني.

الزميل كليب رفض الكشف عن مصدر الوثائق او كيفية حصوله عليها، وقال ان ابحاثه لاصدار هذا الكتاب استمرت ثلاث سنوات اجرى خلالها عشرات اللقاءات مع صناع القرار في سورية وخارجها وعلى رأسها الرئيس الاسد نفسه.

كتاب “الاسد بين الرحيل والتدمير الممنهج” من اهم الكتب في رأينا لكل من اراد ان يرى احد ابرز جوانب الازمة السورية، والرسمية خاصة، في سنواتها الثلاث الاولى على الاقل.

 klab-book.jpg7777

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.