ستة عشر عاماً من الردع التراكمي .. بقلم محمد شادي توتونجي
الخميس 24/3/2016 م …
بكل وضوحه وصراحته وصدقه ترك السيد نصر الله الأبواب مشرعة أمام الكثير الكثير من الأسئلة التي يعتريها الغموض ودهشة السائلين.
كما عادتهم إعلام ومحللين سياسيين وخبراء أمنيين وعسكريين وقارئي لغة الجسد وكبار المفكرين والمخططين الصهاينة ربصوا وتربصوا أمام الشاشات يترقبون ما سيقول السيد نصر الله لأن الصهاينة من مستوطنين وقيادات يعلمون أنه الوعد الصادق.
في حوار العام الذي أطل فيه سماحة الأمين العام السيد نصر الله على مدى ما يقارب الساعتين والنصف ، كان أقل ما تكلم به يخص الكيان الصهيوني ، ولكن ماذا حدث ؟؟
السيد وضع كل الخطوط الحمراء ، ورسم خطوطاً جديدةً لقواعد الاشتباك ، ودمر الجبهة الداخلية الصهيونية , وأسقط الجبهة الداخلية للأمن الصهيوني ، ورفع السقوف ، وأكد بأن وجود الكيان الصهيوني أصبح على المحك.
فالسيد في كلامه الأخير لم يقفز درجةً واحدةً في مستوى التهديد الأمني للكيان الصهيوني ، بل قفز سلماً كاملاً بمستوى التهديد من الأمن إلى الوجود ، وأرسل رسائله على أجنحة الصواريخ القاهرة للقبة الحديدية فجعلها من ورق ، كما فعل من قبل وجعل الكيان الصهيوني ” واهٍ كبيت العنكبوت ” ، فماذا تبقى للكيان الصهيوني بعد كلام السيد ؟؟؟!!!
السيد بحزبه وحلفائه الذي يراكم الردع منذ ستة عشر عاماً من الانتصارات لمحور المقاومة والهزائم المتلاحقة للكيان الصهيوني ، يثبت للعالم من جديد أن البوصلة واضحة ومعروفة ومحددة تماماً ، لا يشوش عليها لا جامعة أعرابية ولا جيوش عبرية مستعربة ، فالكيان الصهيوني اختبر كل خيارات السيد من بعد خروجه منسحباً ذليلاً مدحوراً صاغراً من الجنوب اللبناني عام 2000 تحت وطء عمليات المقاومة الأمنية والعسكرية ، وتلمس الكيان الصهيوني أن لدى السيد وحزبه ما يردع الكيان ولكن !!!
أراد جيل الأغبياء من الكيان الصهيوني اختبار السيد بحرب تموز 2006 فوجدوا أن ما كانوا يظنونه توازن رعب بعمليات موضعية أصبح قوة ردع لا يمكن تجاهلها ، و خرجوا من الحرب بكوارث نفسية وأمنية أصابت جيش الكيان وشعبه وأكدت لهم أن جبهة الأمن الداخلي ساقطة فعلاً ، وأن عقيدة الضاحية لا تردعها العقيدة النووية ، وأن سماحة الأمين العام في حرب تموز المباركة إن كان قد تجنب استهداف المنشآت النووية والتي تودي بوجود الكيان الصهيوني كما قال بالصوت العالي ” ما بعد بعد حيفا ” ، فإنها اليوم أصبحت مشروعة وواضحة فالسيد قال :
” في أي حرب قادمةً على لبنان لن يكون هناك سقوف للرد ، وكل الاحتمالات مفتوحة “.
وألحق السيد بوضوح وبكلام صاعق ، ” لدينا قائمة كبيرة وواضحة ومحددة لكل الأهداف النووية والبيولوجية والكيميائية والمفاعلات النووية ومراكز الأبحاث داخل فلسطين المحتلة ” ، وكان ذلك نصراً ربما لم يفهم معناه الكثيرون ، فالسيد أكد أنه كما انتصر في الميدان في حرب تموز 2006 ، فإنه اليوم راكم انتصاره الميداني في ” حرب الأدمغة ” وحرب الاستخبارات ، وهذا ما أصاب عقول الصهاينة بالذهول ، فالمستوطنون يؤمنون بصدق السيد تماماً ، وقد أرسل لهم السيد رسالة واضحة بأن قياداتكم تعرض كل وجودكم البشري للخطر بزرعها تلك المراكز والمفاعلات قريبة من مدنكم ، وإن كنت في حرب 2006 قد تجنبتُ قصفها ففي أي حرب قادمة على لبنان ستكون على رأس الأهداف.
وراكم السيد انتصاراته وتفوقه بتحطيم كل التكنولوجيا العسكرية التي يمتلكها الكيان الصهيوني حيث كان واضحاً ومحدداً ومختصراً بكلامه مما زاد في غموض الأجوبة على ما يملكه السيد ، حيث قال :
” أنه يوجد لدينا من الصواريخ ما تستطيع إصابة تلك الأهداف وبدقة بالغة ولا يمكن ردها لا بقبة حديدية ولا بغيرها “.
لا بل أكثر من ذلك فالسيد الذي أرسل منذ مدة وعبر طائرة ” أيوب ” إمكانية اختراق أجواء الكيان الصهيوني ، وأثبت فشل كل منظومات الدفاع الجوي لجيش الاحتلال ، قفز إلى أعلى سلم التهديدات العسكرية والكاسرة لتفوق العدو الصهيوني الذي يعتمد في كل حروبه على الحروب الخاطفة عبر سلاح الجو لديه وألحق الضربة القاضية بجيش الكيان الصهيوني عندما تحدث بصراحة عن استباحة طيران العدو لسماء لبنان ، وأكد أن هذا الأمر لن يستمر بعد الآن ، وأنه قد ترك الفرصة الكافية للدولة والجيش اللبناني لتأمين الحماية للسماء اللبنانية والأمن القومي اللبناني المستباح من قبل طيران العدو الذي يسرح ويمرح هناك ، وبأن هذا الأمر أصبح خارج قواعد الاشتباك ، في رسالة واضحة بكل غموض عما يمتلكه السيد وحزبه من إمكانيات دفاع جوي تخرق التفوق الصهيوني.
ولعله بعد هذا الجزء من كلام السيد عن وضع العدو الصهيوني وبهذا التصعيد والثقة والقوة ، فإن أي حديث عن باقي الكيانات الأعرابية يعد تحصيل حاصل ، فعندما تصيب سيد هذه الكيانات المستعربة بمقتله وأمنه ووجوده ، فحتماً ويقيناً فإن العبيد لن يكون لهم وجود ، فتلك الأعراب المتهافتة على الانبطاح التطبيعي مع كيان العدو الصهيوني ، وصل بها العهر إلى أن تدعو علناً لإخراج العلاقات والتطبيع مع الكيان الصهيوني من تحت الطاولة لفوقها ، والتي وصل بعضها لدرجة طلب الاندماج الكامل بالكيان الصهيوني ، وعدم العمل على قيام الدولة العربية في فلسطين ، بل جعلها دولة يهودية يقطنها العرب لئلا تزيد الدول الفاشلة في جامعة الأعراب دولة فاشلة أخرى ، بل وزادوا في طلب إعلان ضم الكيان الصهيوني لجامعة الأعراب علناً.
وفي الحقيقة لم أجد خاتمة أنهي بها مقالي هذا إلا ما قاله الشاعر العراقي أحمد مطر واصفاً تلك الطغم الحاكمة لتلك الكيانات الأعرابية حيث قال:
سلوا بيوت الغواني عن مخازينا … واستشهدوا الغرب هل خاب الرجا فينا
سُــودٌ صنـائـعُنـا ، بيِـضٌ بيـارقــُنا … خُضـرٌ مــوائـدـُنـا حُـمــرٌ لـيـــالـينــــا
التعليقات مغلقة.