ماذا بقي من «جيش الفتح» بعد عام على تشكيله ؟

 

السبت 26/3/2016 م …

كثيرة هي التشكيلات التي ظهرت على الساحة السورية على مر سنين الأزمة، التي دخلت عامها السادس، ولا إطار واحداً يجمعها، فيما السمة الغالبة هي الخلافات والإقتتال الداخلي.

جيش الفتح هو أحد هذه التشكيلات، قال مؤسسه عنه إنه “غرفة عمليات” للقتال في ادلب وذلك في 24 آذار / مارس من العام الماضي، ليكون مظلة يجمع شتات الفصائل المتواجدة في تلك المحافظة.

عام على تشكيل جيش الفتح، من فصائل تنتمي بأغلبها إلى ما يسمى “التيار الجهادي”، وفق المسميات المتبعة إعلامياً، وهي “حركة أحرار الشام”، “جبهة النصرة”، “جند الأقصى”، “جيش السنة”، “فيلق الشام”، “لواء الحق” و”أجناد الشام”.

احداث عدة مرت خلال هذا العام، لم يحافظ فيها جيش الفتح على الشكل الأول، حيث انسحب منه “فيلق الشام”، وعلقت جبهة النصرة عملها فيه بعد انسحاب “جند الأقصى”، على خلفية موقف “الجيش” بقتال داعش ووصفهم بالخوارج، الأمر الذي رفضه “الجند”. وانضم جيش السنة الى احرار الشام، فيما لواء الحق أيضاً هو تحت حناج الحركة.

فعلياً يضم جيش الفتح فصيلين هما جبهة النصرة وأحرار الشام، وقام على مبدأ “تقاسم الغنائم بحسب مشاركة كل فصيل”، بحسب ما أعلن حينها القيادي البارز فيه الإرهابي السعودي عبد الله المحيسني.

وحاولت كل من جبهة النصرة واحرار الشام اخضاع الآخر، وتنافس الطرفان على المكاسب، وهذا ما ظهر جلياً في حديث أبو محمد الجولاني متزعم الجبهة، في مقابلته مع الجزيرة القطرية، حيث شدد على ان مسلحيه لهم الدور الاكبر في هذا الجيش، وتحدث في تلك المقابلة عن جماعات داخله تتلقى دعماً غربياً، وهذه التهمة التي قضت فيها جبهة النصرة على جبهة ثوار سوريا وحركة حزم وقبل أيام على الفرقة 13، وجميعها تابعة للجيش الحر، وتعمل في ريف ادلب.

كلام الجولاني حينها فسر على أنه موجه إلى حركة أحرار الشام ذات الهوى التركي، لتندلع عدة أحداث بعدها، كانت بمثابة إشارات صغيرة لخلافات كبيرة، هي نار تحت الرماد بين هاتين الجماعتين، وهما الفصيلان الأبرز في سوريا.

وكادت الأمور أن تفلت من عقالها، عندما دعا أحد مسؤولي النصرة في ريف ادلب المدعو “أبو سعد السوري”، حركة أحرار الشام للعودة إلى الضابط الذي تأسست عليه، ويقصد بذلك الولاء “للسلفية الجهادية”، وذلك بعد مقال أحد مسؤولي احرار الشام لبيب النحاس في احدى الصحف الغربية.

وتتخوف جبهة النصرة من اتفاق إقليمي دولي لتصفيتها نظراً لإرتباطها بالقاعدة، وبالتالي ترجيح كفة احرار الشام في إدارة المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، وهذا ما يفسر سلوكها الهجومي تجاه كل ما هم غربي وهي تعمل على ابتلاع الجماعات الصغيرة، في رسائل موجهة إلى حركة احرار الشام، التي تلتزم الصمت حيال هذه الأمور.

وكان لافتاً خلال معارك النصرة مع الفرقة 13، الأصوات التي حملت أحرار الشام مسؤولية الإقتتال، بسكوتها عما وصف “تجاوزات” النصرة، وحرضتها بشكل واضح لقتال النصرة.

لكن الضابط لمنع الإقتتال هو الراعي الإقليمي، خصوصاً التركي، المستفيد من جبهة النصرة في إضغاف الدولة السورية، لكن ماذا إن انتهت صلاحيتها، هل ستقوم احرار الشام بضرب جبهة النصرة، وما هي تداعيات ذلك. الجواب على هذا السؤال مرهون بالأيام، وبمخرجات جلسات التفاوض في جنيف.

وإنطلاقا مما سبق، يبدو أن الرهان على جيش الفتح سقط، خصوصاً وأن إدارته للمناطق التي يتواجد فيها في ادلب باتت محل شك لدى أتباعه كذلك أمام الغرب، وانهارت صورته أمام باقي الجماعات المسلحة، بعد حوادث إطلاق النار على المتظاهرين المعارضين.

ظاهرياً كان جيش الفتح تكتلاً عسكرياً، لكن في الباطن ما هو إلا نسخة منقحة عن “الجبهة الإسلامية” التي غابت عن الساحة بعد انسحاب “جيش الإسلام” منها، وانضمام صقور الشام إلى أحرار الشام، وأدارت هذه الجبهة فعلياً حركة احرار الشام، وكذلك تعمل مع جيش الفتح، رغم وجود العديد من الإختلافات بين “الجبهة” والجيش”، لكن التجربة ذاتها.

جيش الفتح كان بمثابة تجربة جديدة من احرار الشام على لقيادة الفصائل المسلحة في سوريا، من خلال تأطيرها في كيان موحد، عسى أن تعمم التجربة على كامل انحاء سوريا. ومع سقوط هذه التجربة في ادلب، نكون أمام فشل هذا المشروع، وهو السيطرة ما امكن على الأرض، وعلى الفصائل، من خلال الدمج بين “السلفية الجهادية” لإستمالة الآخرين في الداخل السوري، وبين التقرب من الغرب من خلال بيانات سياسية، كتبت بأيادي مسؤولين خارج سوريا.

وبعد مرور عام على تأسيسه، لم يبقى من جيش الفتح سوى هيكل، تتناحر فصائله على “إدارة المدن” كما قال أحد القياديين البارزين في جبهة النصرة المدعو أبو ماريا القحطاني، وتقود هذه “المهزلة” محاكم شرعية هي “دكاكين تابعة للفصائل”، على حد وصف القيادي في أحرار الشام المدعو “ابو عزام الأنصاري”، فيما الجميع يسعى إلى إمارات مستقلة ودول وهمية، على شاكلة داعش.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.