انفجار انتفاضة الأقصى / د.غازي حسين
د.غازي حسين ( فلسطين ) السبت 26/3/2016 م …
اعتقد الإسرائيليون أن العرب ضعفاء ويعيشون مرحلة خضوع الشعب العربي ونهاية الأمة العربية وسيطرة «شعب الله المختار» عليهم وإقامة «إسرائيل العظمى»، فازدادوا طمعاً وصلفاً وتصلباً واستهتاراً وعنصرية.
وخرجت بعض أطماعهم من السر إلى العلن، فأعلنوا عن رغبتهم في السيادة على المسجد الأقصى مقدمة لهدمه وبناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه.
جاءت الانتفاضة بعد تسع سنوات من المفاوضات العقيمة والمذلة وغير المتكافئة وبرعاية يهود أميركا، وبعد توقيع عدة اتفاقيات فرضتها «إسرائيل» والراعي الأميركي المنحاز وتنصلت من معظمها بحجة أن المواعيد غير مقدسة.
اندلعت الانتفاضة في ظل الضغوط الأميركية والإسرائيلية المذلة وتنازلات القيادة الفلسطينية المستمرة والتزامها باتفاقيات الإذعان في أوسلو وعدم التزام «إسرائيل» بها.
وانفجرت على التزام السلطة بالتخلي عن المقاومة ومواجهتها ونعتها بالإرهاب وعدم قناعة الشعب الفلسطيني بجدوى المفاوضات والرعاية الأميركية اليهودية لها.
وعبّرت عن حالة الاضطهاد والقهر والممارسات الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وعن الخديعة الكبرى لاتفاقات أوسلو وعن التراجع السياسي لقضية فلسطين في الساحتين الإقليمية والدولية.
وتستمد الانتفاضات استمراريتها من الشارعين الفلسطيني والعربي، ومن مواكب آلاف الشهداء الأبرار ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والتي تجعل من محاولة إجهاضها أمراً مستحيلاً. فالحديث عن إجهاضها في نظر المواطن العربي خيانة، لأنه لم ينس بعد الانتفاضة الأولى التي استمرت سبع سنوات وفشلت «إسرائيل» في اخمادها، فأجهضتها القيادة الفلسطينية في دهاليز أوسلو المظلمة والظالمة.
إن المقاومة أصبحت حتمية استراتيجية بعد فشل الحلول السياسية التي أملتها «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية.
إن المحادثات والاتصالات الأمنية والسياسية العلنية والسرية التي أجرتها بعض قيادات السلطة الفلسطينية مع العدو الإسرائيلي تعتبر بمثابة التفاف على نضالات الشعب الفلسطيني وتفريط بدماء شهدائه وتضحيات أبنائه. وإن عمليات المقاومة هي الوسيلة الأساسية لاقتلاع الاستعمار الاستيطاني اليهودي وكنس الاحتلال الإسرائيلي.
نبذ ياسر عرفات في بيانه بجنيف عام 1988 الكفاح المسلح ونعته بالإرهاب، ووثقت «إسرائيل» ذلك في اتفاق الإذعان في أوسلو بتاريخ 13/9/1993 وتوابعه.
وأدى موقف القيادة الفلسطينية إلى بروز التباين بين حركة فتح والفصائل الأخرى حول وسائل النضال الفلسطيني.
وأصبح الخلاف بين أنصار أوسلو ومعارضيه يتمحور حول الموقف من الكفاح المسلح، لا سيما وإن اتفاق أوسلو يلزم السلطة وأنصارها بملاحقة المعارضين للاتفاق، والمؤمنين بالكفاح المسلح.
ولم يقتصر الخلاف داخل الفصائل الفلسطينية حول الكفاح المسلح فقط وإنما تعداها إلى أهداف النضال الفلسطيني، وطبيعة النظام السياسي الفلسطيني وعلاقاته وتحالفاته الإقليمية والدولية وآفاق التسوية النهائية مع «إسرائيل».
إن الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووحدة الشعب الفلسطيني، والتوافق والإجماع الفلسطيني يتطلب من قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية إعادة النظر في نظرتها للحل النهائي والتحالفات التي أقامتها.
إن الجريمة الوطنية والقومية والدينية الكبرى التي ارتكبها نهج أوسلو تجسدت في اعترافه بالكيان الصهيوني وفي تخليه عن المقاومة والكفاح المسلح والغاء الميثاق وتأجيل قضية القدس والمستوطنات واللاجئين إلى مفاوضات الحل النهائي وقبل تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني خلافاً لما حصل مع حركات التحرير الوطني ضد القوى الاستعمارية.
التعليقات مغلقة.