اليوم الذكرى الـ38 لاغتيال الشهيد وديع حداد

 

الإثنين 28/3/2016 م …

من زهير أندراوس…

 *استشهد بالسّم الذي دسّه الموساد بالشوكولاته وكاتب بريطانيّ يُشبّه “وفاته” باستشهاد الرئيس عرفات

تُصادف اليوم الـ28 من آذار (مارس) 2016، الذكرى الـ38 لاغتيال القياديّ في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، الدكتور وديع حداد، الذي كان معروفًا بكنيته (أبو هاني). وكان حداد قد توفيّ في ألمانيا الشرقيّة حيث اعتُقد آنذاك أنّ سبب الوفاة كان إصابته بمرض السرطان، ولكن في العام 2006، أيْ بعد 28 سنة من وفاته، اعترف الموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة) بالمسؤولية عن اغتياله، حيث كشف النقاب عن أنّ الموساد هو الذي قام باغتيال حداد بواسطة شوكولاته مسمومة، أوصلها إليه أحد العملاء العراقيين الذي كان يُعتبر على مستوى رفيع، بحسب الرواية الإسرائيليّة.

فقد ذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” نقلاً عن كتابٍ للصحافيّ الإسرائيلي اهارون كلاين أنّ الدولة العبريّة قررت تصفية حداد في إعقاب تدبيره اختطاف طائرة “اير فرانس″ إلى عنتيبي في أوغندا في عام 1976. وأضافت الصحيفة أنّ حداد كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الفدائية، مضيفة أنّه كان شغوفاً بالشوكولاتة البلجيكية التي كان يصعب الحصول عليها في بغداد مقر إقامته آنذاك، فقام خبراء الموساد بإدخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاتة البلجيكية وأرسلوها إلى حداد بواسطة عميل فلسطيني لدى عودة هذا العميل من أوروبا إلى العراق.

وبعد أنْ تناول حداد هذه الشوكولاتة تدهورت حالته الصحية ممّا أدى في نهاية المطاف إلى وفاته في مستشفى في ألمانيا الشرقية عام 1978. وبذلك يضاف حداد إلى قائمة التصفيات والاغتيالات التي قام بها الموساد الإسرائيلي ضدّ كوادر وقادة الثورة الفلسطينية في الخارج. وكان الشهيد وديع حداد قد ولد في مدينة صفد في العام 1927، وبعد نكبة عام 1948، اضطر للهجرة من وطنه ولجوئه مع عائلته ووالده إلى مدينة بيروت حيث استقر بهم الحال هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأمريكية ليدرس الطب.

وخلال دراسته انخرط حداد في العديد من النشاطات والجمعيات المدافعة عن الشعب الفلسطيني، من بينها جمعية “العروة الوثقي” التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها، وتولى الشهيد وديع موقعًا قياديًا في هذه الجمعية. وبعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله إلى ساحة الأردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور الدكتور الشهيد جورج حبش الذي كان قد سبقه إلى هناك، ليشكلا معًا العيادة المجانية إلى جانب عيادتيهما، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي، وقال حبش في هذا الإطار: توصّلنا إلى قناعةٍ بأنّه يتحتّم علينا تسييس اللاجئين الفلسطينيين.

ومكث وديع حداد ثلاث سنوات في معتقل الجفر الصحراوي، وبعد الإفراج عنه التحق حداد فورًا بمقر الحركة في دمشق، وعلى ضوء عملية الانفصال التي حصلت بين مصر وسوريّة، انتقل وديع إلى بيروت واستمر في تولي مسؤوليته القيادية للجانب الفلسطيني، وفي مرحلة لاحقة تولي مسؤولية العمل العسكري لكل فروع حركة القوميين العرب حيثما تواجدت، حيث أسندت له مهمة الإعداد للعمل الفدائي فلسطينيًا وعربيًا (اليمن – ليبيا – وأقطار أخرى) وعلى المستوى الفلسطيني كان الشهيد وديع من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح ضد إسرائيل.  وبعد تشكيل الجبهة الشعبية اثر نكسة العام 1967 تولى الدكتور حداد مهمات قيادية أساسية جدًا في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي، واستشهد في عام 1978 في ألمانيا الشرقية.

يُشار إلى أنّ صحيفة الدايلي تلغراف البريطانيّة نشرت مقالا عن الرئيس الراحل، ياسر عرفات، والتطورات الأخيرة بشأن التحقيق في أسباب وفاته. ووفقًا لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية عن الصحيفة، فقد  قال ديفيد بلير في مقاله إنّ عرفات تعرض خلال مسيرته النضالية، التي امتدت نصف قرن من الزمن، إلى محاولات اغتيال عديدة، كما نجا من تحطم طائرة، وكان له أعداء كثيرون. وأضاف بلير: لكنّ المسؤول عن وفاته بالنسبة للفلسطينيين هي إسرائيل دون شك، حيث دست له السم في رأيهم عام 2004، وهم يرتكزون في تصورهم على سجل إسرائيل الحافل باغتيال خصومها، عبر العالم.

وتابع قائلاً: لعل الحالة التي تشبه ما حدث لعرفات هي ما حصل للقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وديع حداد، الذي توفي في ألمانيا الشرقيّة عام 1978 في ظروف غامضة، وكان عمره 48 عامًا.

وقال بلير أيضًا إنّ إسرائيل تلتزم الصمت دائمًا إزاء هذه القضايا، ولكن اليوم تبين أنّ حداد توفي وفاة غير طبيعية، وأنّ سمًا دُسّ في طعامه، فقد أرسلت له قطعة شكولاتة بلجيكية الصنع مسمومة، وأكلها فمات موت بطيئا بعد شهور. أمّا الكاتب والأستاذ الجامعي أسعد أبو خليل فقال: تستطيع أنْ تكتب في الصداقة ورفقة العمر بين جورج حبش ووديع حدّاد. تخرّجا في كليّة الطب في الجامعة الأمريكيّة ولم يُمارسا العمل الخاص ليوم واحد. التحقا بالمخيّمات الفلسطينيّة في الأردن على عجل لأنّهما كانا في سباق مع الزمن طيلة عمريهما.

وأضاف: الثنائيّة بين حبش وحدّاد كانت مميّزة: أكمل أحدهما الآخر وعرفا باكرًا ضرورات تقسيم العمل. لم يسع حدّاد إلى الجماهيريّة لأنه علم بحدود قدراته، ولم يسع حبش، الذي كان متواضعًا ويعرف حدود مواهبه الجمّة، إلى التنطّح والتدخّل في تنظيم وتخطيط عمليّات عسكريّة ليست من اختصاصه.

وخلُص إلى القول: لم يسع حبش يومًا إلى التدخّل في شؤون العمل الأمنيّ والعسكريّ، لأنّه احترم آراء ذوي الكفاءة، وأفرد لهم مساحة قياديّة لم يستحقّها بعضهم، على حدّ تعبيره

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.