اليمن بعد عام من العدوان…ماذا تغير !؟ / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) السبت 2/4/2016 م …

 تزامنآ مع الوقت الذي يتحدث فيه معظم المتابعين وفق المؤشرات الحالية عن انخفاض مؤشرات أقتراب معركة صنعاء  رغم الاستعدادات “الإعلامية الكبرى” التي تجريها القوات الغازية لليمن “ناتو العرب ” تحضيرآ لمعركة صنعاء وخصوصآ بعد الخسائر الكبرى التي تكبدتها القوات الغازية لليمن بمحافظة تعز ومأرب شمال اليمن وتمدد تنظيمي داعش والقاعدة بجنوب اليمن،وهنا بالتحديد وتزامنآ مع كل هذه التحضيرات”الإعلامية ” يمكن لأي متابع ان يجزم إنه ومع انقضاء أيام العام الأول وبداية العام الثاني من الحرب العدوانية والمغامرة السعودية في اليمن “عاصفة الحزم – إعادة الأمل”، لا يمكن أن يتم الحديث عن أي نصر حققته هذه الحرب، وذلك لأسباب ومبرّرات عدة، سأقدمها في سياق حديثي هنا، لأننا بعد عملية التقييم الواقعي للأضرار والانتكاسات والخسائر التي لحقت بالجميع مشاركين أو مستهدفين من هذه الحرب، سنخلص إلى نتيجة مفادها أنّ الجميع قد خسر من نتائج وتداعيات هذه المغامرة.

هنا بالتحديد ،فقد تيقن النظام السعودي من عدم جدوى إعادة اليمن إلى النفوذ السعودي، تزامناً مع رفض معظم اليمنيين اليوم الرضوخ لإرادة النظام السعودي وهذا مابرز واضحآ من خلال مظاهرات “سبت صنعاء” الكبرى  ، وهذا ما أكد حقيقة أنّ اليمن قرّر الخروج من تحت العباءة السعودية، وهذا ما دفع النظام السعودي إلى البحث عن مخارج من المستنقع اليمني، في محاولة منه لاستعادة واستيعاب صدمة خروج اليمن من تحت العباءة السعودية، ومحاولة الحصول على بعض المكاسب السياسية كورقة قوة على طاولة المفاوضات والحلول السياسية المقبلة الخاصة باليمن.

على المحور الأخر ،إذا حللنا بوضوح طريقة تعاطي مجموع الأنظمة العربية الرسمية وبعض الأنظمة الإقليمية مع هذا الحدث وهذه الحرب العدوانية والمغامرة السعودية في اليمن، فإننا نلاحظ أنّ بعض هذه الأنظمة كان شريكاً في مراحل هذه المغامرة،وبعضها كان محايداً وبعضها اختار طريق مواجهة شبه مباشرة سياسية ومن خلف الكواليس مع أطراف العدوان على اليمن، فقد تحولت وما زالت الأرض اليمنية طيلة أكثر من 370 يوماً إلى ساحة صراع دولية ـ إقليمية ـ محلية، وعلى مستويات عدة، وكان الصراع الأكثر وضوحاً صراع محاور المنطقة والإقليم، وقد كانت المعركة على أشدها في اليمن وكانت جميع هذه المحاور تسعى ومن خلف الكواليس، إلى تصفية مشروع المحور الأخر وإجهاضه على أرض اليمن.

وهنا تحديدآ ،فلا يمكن للأنظمة العربية”ناتو العرب ” التي ساهمت، ولو بشكل معنوي، في توفير الغطاء وإعطاء الشرعية للنظام السعودي للقيام بهذه المقامرة والمغامرة في اليمن أن تستمر طويلاً بتوفير هذا الغطاء لأنها حينها ستكون أمام واقع جديد، فالسعودية قد تجرّهم إلى مغامرات جديدة في المنطقة، وسيكون ثمن هذه المغامرات كبيراً في المقامرات والمغامرات السعودية المقبلة.

في صعيد نتائج الحرب على اليمن ،فقد تأكد للجميع إنه لا يمكن أبداً فصل دور القوى الوطنية اليمنية أنصار الله والمؤتمر الشعبي وحلفاؤهم، أو استثناء دورهم، كشريك في الحلّ، وهناك إجماع شبه كامل في المنطقة على دور هذه القوى الوطنية ومجموعة الحركات التي تنتمي إليها تحت هذه المظلة، لتكون بمجموعها شريكاً وركناً أساسياً للحلّ ،وهذا مابدأ يقر به أيضآ النظام السعودي مؤخرآ.

ختاماً، لقد كانت الأيام الـ370من الحرب السعودية على اليمن كفيلة بتحويل اليمن إلى بلد منكوب، وهذا يطرح، بدوره، سؤالاً مشروعاً ويستحق أن يطرح في هذه المرحلة، والسؤال بمضمونه العام وفي سياقه الإنساني والأخلاقي هو: من سيهب اليمن الحياة من جديد؟ هنا لا يمكن أبداً التقليل من نتائج وآثار هذه الحرب العدوانية على اليمن، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، والأهم من ذلك هو الملف المجتمعي، الذي هو في حاجة الآن إلى عمل مضنٍ لإعادة بناء وترميم البيت الداخلي المجتمعي اليمني، وخصوصاً بعد سلسلة التباينات والشروخ التي خلفتها المغامرة السعودية بين أبناء الوطن الواحد في اليمن.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن .

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.