داعش تحت النار… والأسد يقلب معادلات القوة / د. خيام الزعبي

 

د. خيام الزعبي ( سورية ) السبت 2/4/2016 م …

لقد أطلق تنظيم داعش النار على قدميه معاً حينما أعد مشروعاً غير مكتمل وغير محدد الملامح وغير حائز على الإجماع يهدف إلى غزو المنطقة والعالم، فكانت خياراته تدخل نفقاً طويلاً من الخيبات، بعد ان سد الجيش السوري بوجهه كل السبل والإمكانات، وعلى الرغم من انعدام ضميره في التعامل مع المواطنين، وخلق جو من الرعب والفزع في المناطق التي يسيطر عليها، إلا أنهم بدأ في السقوط والتراجع عما كان، حيث فقد في سورية أكثر من خمس المساحة التي استولى عليها، هزم في تدمر والقرى المحيطة بها، بالإضافة إلى استسلامه في مدن عديدة مثل حلب وحماه وريف دمشق واللاذقية ودرعا، وبذلك إعتبر خبراء دوليون أن مكانة الرئيس الأسد، الذي يواجه عاماً خامساً من الحرب، تحسنت على المستوى الدولي والإقليمي، وأنه يبقى لاعباً أساسياً ومؤثراً  في البلاد، لاسيما بعد تنامي نفوذ داعش في المنطقة.

اليوم يفقد تنظيم داعش معنوياته بعد خسارته معركة تدمر ويقوم بعمليات قتالية وهجمات معاكسة لإعادة السيطرة عليها او على القرى والمناطق المحاذية لها غير ان جميع محاولاته باءت بالفشل، فلم تعد معنويات داعش كالسابق فهو يتكبد الخسائر الفادحة بالأرواح والمعدات، فهناك خلافات حادة باتت تنشب في أوساط مسلحيه، وهذه الخلافات تحولت أحياناً إلى مواجهة عنيفة بينهم دفعت قيادة التنظيم لإرسال بعض عناصره إلى أماكن أخرى حيث توجد جماعات متطرفة وتنفيذ هجمات إرهابية فيها، وقد ظهرت هذه الخلافات بسبب تعرض داعش لهزائم ونكسات ميدانية في سورية، نتيجة كثافة القصف الجوي الروسي وتدميره حقول النفط لداعش، بالإضافة الى تزايد الضغوط المالية عليه مع تراجع موارده المالية، وتبادل الاتهامات بين عناصره المحليين والأجانب.

في هذا السياق يستعد الجيش السوري للهجوم على مدينة الرقة لتحريرها من عناصر داعش والقوى المتطرفة الأخرى، بعد أن حرر الجيش مدعوماً بحلفاؤه عدداً من المدن، ويأتي هذا الهجوم ضمن مرحلة أولى من العمليات التي شملت تحرير المناطق المحيطة بتدمر، تمهيداً لمعركة الرقة التي توقع المسؤولين السوريين حسمها هذا العام،، فهي تشكل نقطة ربط بين مدينة دير الزور شرقاً والرقة شمالاً وبعض المناطق جنوباً وتهيء الظروف المناسبة للسيطرة على الحدود العراقية، وبذلك يكون قد حقق الجيش مرحلة متقدمة بتقطيع أوصال الإرهاب في عمق البادية السورية، ومكنته من إحكام السيطرة على كافة الطرق والمحاور للمدينة وإضعاف التنظيمات التكفيرية، فكانت الصفعة مجلجلة بعثرت ساسة الغرب وسماسرة أمريكا لتتخبط الأخيرة بهذا الصمود.

ومع استعادة مدينة تدمر حقق الجيش السوري نجاحاً استراتيجياً مهماً لإعادة وصل المناطق الوسطى والشرقية إذ باتت عقدة الطرق بين دمشق ودير الزور والرقة حتى معبر التنف مع العراق تحت سيطرة الجيش السوري الذي أسقط الرهان الغربي وهيأ الأرضية لتعزيز صموده وتحقيق المزيد من الإنتصارات، في إطار ذلك إن تقدم الجيش السوري وحلفاؤه باتجاه الرقة، شكّل ضربة قوية للدور الغربي في سورية، كون هذه المعركة حاسمة بالنسبة للمنطقة بأسرها، بدليل توحّد محور المقاومة في جبهة واحدة، وإشتراك مقاتلين من مختلف دول هذا المحور في هذه الحرب.

لقد ظن الغرب وحلفاؤه من الدول العربية إن السوريين غير قادرين على طرد وسحق تنظيمهم الإرهابي الذي جاؤوا به، والكل يعلم ان سورية هي التحدي الأبرز في إستراتيجية أمريكا، وفي ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب، وإنطلاقاً من كل ذلك، إن الإنتصارات التي حققها الرئيس الأسد وجيشه، قلبت الطاولة على الغرب وحلفاؤه بما عليها من إستراتيجيات ومخططات، وإنطلاقاً من ذلك يجب عليهم إعادة النظر في الرهانات الخاطئة قبل فوات الأوان،  كون زمن الحديث عن إسقاط النظام في سورية قد إنتهى، وإنطلقت مرحلة التسويات، وباتت المنطقة تعيش مرحلة مفصلية وما سيحدد وجهتها هو صمود الرئيس الأسد وجيشه في وجه ما يتعرضون له، إضافة إلى قناعة أطراف دولية أخرى بخطورة الإرهاب على إستقرار المنطقة وصولاً إلى تعاون دولي صادق في وجه هذه الآفة الخطيرة.

وأختم مقالتي بالقول إن القتل والترويع لن يغير حلم السوريين وتطلعاتهم إلى وطن مستقر آمن خال من التطرف، فالشعب السوري قادر على مواجهة مخططات الإرهاب والمؤامرات المشبوهة وإفشالها بوحدته الداخلية وبإرادته وجيشه العربي التي لن تستطيع اي قوة أو إرهاب أن تكسرها.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.