أبو مازن يلاقي الاحتلال: تفاوض على المناطق «أ» ! / حلمي موسى
حلمي موسى ( فلسطين ) الخميس 7/4/2016 م …
كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، النقاب عن أنه خلافاً لما أشيع، فإن المفاوضات الأمنية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول تقليص تواجد قوات الاحتلال في المنطقة «أ» مستمرة ولم تتوقف، وتحقق تقدماً.
وبرغم أن المفاوضات هذه تجري على المستوى الأمني إلا أن دلالتها السياسية واضحة، وهي تتناقض مع ما سبق وأعلنته السلطة الفلسطينية من رفضها المفاوضات الجزئية وإصرارها على مفاوضات ضمن جدول زمني وخطة كاملة.
وأشار المراسل السياسي للصحيفة باراك رابيد إلى أن تقدماً طرأ على المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن تقليص فعاليات الجيش الإسرائيلي في مدن المنطقة «أ» في الضفة. وكتب أنه ينقل هذا الكلام عن مسؤولين إسرائيليين كبار وديبلوماسيين مطلعين على تفاصيل المحادثات الجارية بين الطرفين. وأشار إلى أنه من المقرر أن يكون المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية قد اجتمع أمس ليطلع، للمرة الأولى، على تقرير مرتب عن نتائج الاتصالات حتى الآن.
وكانت «هآرتس» كشفت قبل ثلاثة أسابيع عن أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية تجريان مفاوضات سرية من أجل الإعادة التدريجية للسيطرة الأمنية في مدن الضفة الغربية إلى أجهزة الأمن الفلسطينية. واقترحت تل أبيب أن يوقف الجيش الإسرائيلي فعالياته العملياتية المتكررة في المنطقة «أ»، إلا في حالات «القنبلة الموقوتة».
ومعروف أن المحادثات هذه تجري بين ممثلين عن الطرف الإسرائيلي برئاسة منسق الأعمال في المناطق الجنرال يوآف مردخاي وقائد المنطقة الوسطى الجنرال روني نوما. ومن الجانب الفلسطيني يدير المفاوضات وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، مدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج ورئيس الأمن الوقائي اللواء زياد هب الريح. وكانت إسرائيل اقترحت أثناء المفاوضات أن تكون رام الله وأريحا المدينتين الأوليين اللتين يخرج منهما الجيش الإسرائيلي، وإذا ما نجحت الخطوة، تتوسع لتشمل مدناً أخرى في الضفة.
ورفض الفلسطينيون هذا الاقتراح، وطالبوا بأن يتوقف الجيش الإسرائيلي عن الدخول إلى كل المدن الفلسطينية في مناطق «أ» حيث للسلطة المسؤولية الأمنية والمدنية الكاملة. واعتبر الفلسطينيون أن الموافقة على العرض الإسرائيلي سيعطي شرعية لتوغل قوات الاحتلال في معظم المدن والموافقة على الخرق الإسرائيلي من طرف واحد لاتفاقيات أوسلو.
وأوضحت «هآرتس» أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لم يطلع أعضاء المجلس الوزاري المصغر على مضمون الاتصالات، التي أدارها بشكل كامل ضباط الجيش الإسرائيلي بإذن منه ومن وزير الدفاع موشي يعلون. ولكن كشف النقاب عن المحادثات أثار اليمين الإسرائيلي، ما دفع الوزيرين زئيف ألكين ونفتالي بينت للحديث بحدة ضد الخطوة. وفي محاولة لتهدئة ألكين اتصل به نتنياهو، وأوضح بأن وزراء المجلس الوزاري المصغر لم يطلعوا على المحادثات، لأن الخطوة أصلاً لم تنضج.
غير أنه وخلافاً لما قاله نتنياهو لألكين، فإن المفاوضات بين الضباط الإسرائيليين والفلسطينيين لم تصل إلى مأزق. وقال مسؤولون إسرائيليون وديبلوماسيون غربيون إنه جرت في الأسابيع الأخيرة ثلاثة لقاءات بين الطرفين، جرت المفاوضات فيها من أجل تقليص نشاط الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية. وعلى حد قولهم، فقد أوضح المفاوضون من الجانبين قسماً من الخلافات وحققوا تقدماً، ولكن ليس بعد ما يمكنه أن يتيح الاتفاق.
في الطرف الإسرائيلي وفي الطرف الفلسطيني على حد سواء يحاولون عرض الاتصالات بأنها أمنية فقط، وبلا طابع سياسي. وأشار مسؤول فلسطيني إلى أن الموقف المبدئي من ناحيتهم هو تلقي المسؤولية الأمنية الكاملة عن كل المدن الفلسطينية الكبرى، ورفض التقسيم على نمط «أريحا ورام الله أولاً». وعلى حد قوله، فمقابل وقف توغلات الجيش الإسرائيلي في مدن الضفة، يتعهد الفلسطينيون بمواصلة التنسيق الأمني، ولكن ليس بأي خطوة سياسية، مثل وقف الخطوات في مؤسسات الأمم المتحدة أو التنازل عن المبادرة الفرنسية لانعقاد مؤتمر دولي.
ويحاول الجيش الإسرائيلي أن يدفع إلى الأمام بالاتصالات مع الفلسطينيين، وذلك أساساً عقب التخوف من أن يؤدي استمرار الوضع الحالي في الميدان إلى المس بالتنسيق الأمني مع الفلسطينيين، إلى تصعيد كبير آخر في الضفة، وسيناريو متطرف قد يصل إلى انهيار السلطة.
وكان رئيس الأركان الجنرال غادي آيزنكوت قال، في لقاء مع وفد برئاسة رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان هذا الأسبوع، إن هناك أهمية كبيرة للحفاظ على التنسيق الأمني مع الفلسطينيين. «نحن نعمل معهم كي نمنع عمليات الإرهاب»، قال آيزنكوت حسب مصدر مطلع على تفاصيل اللقاء، مضيفاً «هم يقومون بعمل جيد، ونحن جد راضون عن التنسيق الذي لنا معهم».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حذر، في مقابلة مع ايلانا دايان بثت في برنامج «عوفدا» على القناة الثانية الأسبوع الماضي، من أنه من دون تقليص كبير لتوغلات الجيش الإسرائيلي إلى المدن الفلسطينية، فإن من شأن السلطة أن تنهار. وأشار إلى أنه متمسك بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، لكنه طالب نتنياهو بأن يأمر بوقف أعمال الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية في الضفة».
وروى عباس، في المقابلة، بأنه عرض اللقاء مع نتنياهو للبحث في طلب السلطة وقف الجيش الإسرائيلي العمل في المناطق «أ»، لكن نتنياهو رفض. ونفى رئيس الحكومة الإسرائيلية الأمر واتهم عباس بعدم الاستعداد للقاء.
وأشار عباس إلى أن إسرائيل تخرق اتفاق أوسلو، إذ أن قوات الجيش الإسرائيلي تدخل المناطق «أ» كل يوم منذ نهاية العام 2000. وعلى حد قوله، برغم الطلبات المتكررة من الفلسطينيين وبرغم التنسيق الأمني الوثيق، لا يزال نتنياهو يصر على دخول قوات الجيش الإسرائيلي بلا قيود. «أعطني المسؤولية وأنا سأتحملها»، قال عباس في المقابلة متوجها لنتنياهو.
التعليقات مغلقة.