بعد فشلها مع الأسد: تركيا تستجدي الجزائر / د. خيام الزعبي

 

د. خيام الزعبي ( سورية ) السبت 9/4/2016 م …

في الأمس القريب أعلن الرئيس التركي أردوغان وحلفاؤه بأن كوباني ستسقط، وأعرب عن سعادته لأن داعش ستؤدب الكرد السوريين، لكن آماله خابت وتلاشت، كوباني ما زالت تقاوم، والكرد تحولوا إلى أيقونة المقاومة في كل العالم،  وقد تحولوا إلى الشريك السوري الوحيد في الحرب ضد الإرهاب الدولي، وهذا ما زاد من جنون الغرب وحلفاؤه، في إطار ذلك تخشى تركيا من إقامة منطقة للحكم الذاتي الكردي على طول حدودها الجنوبية مع سورية على غرار منطقة كردستان العراق شبه المستقلة، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على وحدتها الداخلية، ويشجع مطالبات للأكراد بالشيء نفسه في شرق تركيا، حيث يشكلون الأغلبية.

اليوم تملك الجزائر سجلاً وتاريخاً مكللاً بالنجاح فيما يتعلق بوساطتها الناجحة، فقد لعبت دورا أساسياً وناجحاً في تفادي تصعيد خطير بين تركيا وروسيا، بعد إسقاط الجيش التركي طائرة روسية في 24 تشرين الثاني 2015، كما نجحت في تحرير الرهائن الأمريكيين، ونجحت في تسوية الخلافات بين صدام والشاه سابقاً، ونجحت في ملف مالي، وهذه التجربة الطويلة الناجحة ستمكنها من دخول الوساطة بين أنقرة ودمشق، خاصة وأن هذين البلدين يعرفون جيدا تاريخ الوساطة الجزائرية، ومازالوا يثقون بها.

 

إن الوضع الراهن في سورية خاصة فيما يتعلق بالأكرد أجبر أنقرة على الحوار مع دمشق بوساطة جزائرية، فعلى الرغم من العلاقات المتأزمة بين سورية وتركيا، إلا أن الأتراك يريدون تبادل الرؤي مع السوريين حول رغبة أكراد سورية في إنشاء إقليم فيدرالي مستقل، حيث كشفت تقارير إعلامية إن الجزائر، تقود منذ عدة أسابيع وساطة سرية بين سورية وتركيا بطلب من أنقرة  بشأن سعي أكراد سورية إلى إقامة إقليم مستقل، في إطار ذلك بدأت الوساطة الجزائرية في إتصالات ومبادرات عبر سفاراتها في أنقرة ودمشق وفتحت قناة اتصال بين العاصمتين دمشق وانقرة، خاصة بعد زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم للجزائر في نهاية آذار المنصرم.

 

في الحقيقة بعد أن صنع الغرب وحلفاؤه داعش وقبلها القاعدة كل هذه المجموعات هدفها تدمير أوطاننا وتمزيق نسيجنا اﻹجتماعي وتحويل مستقبلنا الى ماض سحيق، لذلك وضع المقاتلين الأكراد أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما، المقاومة أو الموت دفاعاً عن الأرض والكرامة، لا سيما بعد أن شاهدوا مجازر داعش، فالكرد الآن هم بناة الوطنية السورية الحقيقية، كونهم لم يبيعوا دماء السوريين لأي محور طائفي في المنطقة، مقابل الأموال والسلاح، كما إنهم فتحوا بيوتهم لكل المهجرين السوريين، وقسموا خبز أولادهم معهم.


مجملاً… من المعروف عن الجزائر أنها ذات سياسة خارجية مستقلة، لا تتدخل في شؤون الغير، وتحترم السياسة الداخلية للدول، وبما أن سياستها مستقلة عن القرار التركي والقرار السوري، فإن هذه النقطة تساعدها على تعزيز الوساطة رغم صعوبتها، كما أنها على دراية كاملة بالملف السوري والتركي،  في إطار ذلك إن السؤال المهم الذي يستحق الطرح والإجابة عليه، ألا وهو.. هل دمشق على إستعداد بقبول الوساطة الجزائرية؟ هل هناك وسيط عربي أو أجنبي أفضل من الجزائر، في ما يخص الصراع التركي والسوري؟ فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن لا حل للأزمة السورية إلا من خلال منع التدخل التركي في الشؤون السورية والقضاء علي المنظمات الإرهابية والقوى المتطرفة التي تنطلق من تركيا، لذلك فإن معركتنا مع الإرهاب طويلة وسورية إختارت المواجهة، وكل هذه المعطيات تشير الى صمود النظام السوري وحسمه المعارك الميدانية والدبلوماسية والسياسية.

[email protected]

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.