إدارة اوباما أمام اختبار أخير…! / د.هاني العقاد
د.هاني العقاد ( فلسطين ) الثلاثاء 12/4/2016 م …
تستعد القيادة الفلسطينية لطرح مشروع قرار على مجلس الامن يتعلق بوقف وادانة الاستيطان الإسرائيلي في اراضي عام 1967 بما فيها القدس الشرقية خلال نيسان الجاري , مسودة المشروع ستوزع الايام القادمة على الدول الاعضاء في مجلس الامن و يتضمن القرار إدانة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس ويطلب من اسرائيل وقف البناء في تلك المناطق فورا , وتطمح القيادة الفلسطينية ان يتم التصويت على هذا القرار ليكون المدخل الواقعي والعملي لبدء مرحلة جديدة من النضال تستطيع فيها منظمة التحرير ان تعلن حدود الدولة الفلسطينية بمساعدة المجتمع الدولي وبالتالي استكمال مشروع التحرر من الاحتلال الاسرائيلي وافشال كل محاولاته لاستخدام الاستيطان كأداة رئيسية للحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية وحتى دون تواصلها جغرافيا شرقا مع الاردن والبحر المتوسط جنوبا وغربا عبر قطاع غزة .
الرئيس ابو مازن يخطط لان يحضر التصويت لحظة اتخاذ قرار طالما ناضل الفلسطينيين من اجله لوقف نزف سرقة الارض الفلسطينية على مرأي ومسمع من العالم دون ان يحرك العالم أي ساكن ,وحضور الرئيس عملية التصويت دعم ايجابي للمطلب العربي الفلسطيني بوقف كلى للاستيطان , هناك من نصح الفلسطينيين بالتراجع عن هذه الخطوة لأنها قد تربك العلاقات مع واشنطن وبعضهم اعتقد ان هذه الخطوة لن تقدم ولن تؤخر لأنها ستحرج واشنطن وتسبب لها ارباك وحرج كبيرين وتضع ادارة اوباما امام ثلاث خيارات دقيقة, اما ان تسقط المشروع عبر علاقاتها بالدول الاعضاء بمجلس الامن وتمنع حصول القرار على موافقة اكثر من 9 اعضاء دائمين حتى لا يتم رفعه للتصويت وهذا مستحيل ,او استخدام حق النقد الفيتو وهذا الاقرب او السماح بتمرير المشروع دون استخدام حق النقد الفيتو ولا اعتقد ان هذا سيحدث وهنا سينكشف وجه واشنطن من جديد لكل من يعتقد ان الادارة الامريكية يمكن ان تتخلى يوما من الايام عن اسرائيل ولا تدعم سياستها , الواضح ان السلطة قد لا تنجح في انقاذ ما تبقي من الأرض الفلسطينية وتوقف تنفيذ مخطط تدمير أي حلول مستقبلية للصراع وتطبيق حل الدولتين دون قرارات تاريخية, فهل يستطيع المجتمع الدولي انقاذ حل الدولتين من الانهيار بإصدار قرار تاريخي يوقف الاستيطان..؟ هذا كله يعتمد على مدي تفهم واشنطن لأهمية انقاذ حل الدولتين و التصويت لصالح مشروع يعتبر البناء الاستيطاني غير شرعي و يطالب بوقفه فورا .
القيادة الفلسطينية تأمل في ان يمرر المشروع هذه المرة ولا يلاقي نفس ما لاقي مشروع عام2011 عندما حشدت السلطة الفلسطينية والمجموعة العربية للقرار وحصل المشروع آنذاك على تأييد 14 دولة من أصل 15 دولة عضو في مجلس الأمن من بينها بريطانيا، فرنسا وألمانيا. وعارضت الولايات المتحدة الخطوة وحاولت الضغط على الفلسطينيين من أجل منع رفع هذا المشروع لمجلس الامن، لكنها عندما فشلت في ذلك قامت باستخدام حق النقض (فيتو) على اقتراح القرار وأفشلته وكان هذا اول فيتو في عهد اوباما , اليوم يأتي المشروع لاختبار اخير للموقف الامريكي ,الحقيقة أن المشروع نفسه يعتبر اختبار اخير لإدارة اوباما لتثبت انها حققت توازن عادل في التعامل مع اهم قضايا الصراع , وخاصة ان الناطقة بلسان وزارة الخارجية الامريكية الاسبوع الماضي قدمت إيجاز للصحفيين اشارت فيه ان السياسة الاسرائيلية تسير باتجاه سلبي نحو هدم البيوت الفلسطينية الى جانب تزايد النشاط الاستيطاني الاسرائيلي في مناطق الضفة الغربية انما يضر بإمكانية انجاز حل الدولتين ,وخلال لقائه الملك عبدالله الثاني في الاردن الشهر الماضي قال كيري ان “البناء الاستيطاني لن يحسن الوضع بين “اسرائيل” والفلسطينيين” وكان الوزير كيري قد اكد للرئيس ابو مازن ان بلادة معنية بالحفاظ على حل الدولتين على اساس حدود العام 1967 , وكان كيري قد قال أمام اللجنة الفرعية للمخصصات بمجلس النواب الامريكي خلال جلسة بشأن طلب الميزانية السنوية لوزارة الخارجية “لا أعتقد أن زيادة الإنشاء والبناء الاستيطاني تساعد الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ,وخلال زياته الاخيرة لبيت لحم اكد كيري على رفض الولايات المتحدة للبناء الاستيطاني الاسرائيلي، الذي وصفه بأنه “غير شرعي”. وقال كيري في مؤتمر صحفي بعد لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في ذلك الوقت ، ” اننا نعتبر ولطالما اعتبرنا الاستيطان غير شرعي.
المجتمع الدولي اليوم ايضا في اختبار حقيقي فهل يثبت عدالته في التعامل مع قضايا الصراع و يستطيع اجبار واشنطن على احترام مبادئ القانون الدولي وتمتنع عن اسقاط المشروع , لهذا فان واشنطن باتت امام اختبار اخير نتائجه تحدد بقاء واشنطن راعيه اساسية لعملية السلام ام لا وترسم خارطة هامة لحل الصراع تضمنها اهم الاسس التي يرتكز عليها هذا الحل , فهل تكذب كل تصريحاتها السالفة التي جاءت على لسان وزير خارجيتها وتؤيد الاستيطان وتستخدم حق النقد الفيتو لإسقاط المشروع الجديد؟. او قد تسمح هذه المرة بتمرير مثل هذا المشروع ليقول اوباما للعالم انه استطاع اخيرا ان يفعل شيء لم يفعله أي رئيس امريكي سابق مع ان ادارة الاخير تعرف ان التصويت على مثل هذا المشروع يؤثر سلبا على الانتخابات الامريكية ويضعف تصويت اليهود الأمريكيين للحزب الديموقراطي .
التعليقات مغلقة.