رسالة ستي بول جوبز (١٩٥٥-٢٠١١) إلى العالَم العربيّ / د.حسيب شحادة

 

د.حسيب شحادة ( فنلندا ) الثلاثاء 12/4/2016 م …

ستيف بول جوبز (Steve Paul Jobs، ٢٤ شباط ١٩٥٥ـــ ٥ تشرين أول ٢٠١١) شخصيّة عالميّة في مجال تكنولوجيا الحاسوب الحديثة، آيْ بود وآيْ فون وآي باد. إنّه أعظم رجل في تاريخ المعلوماتية الراهن. كان مثلاً المؤسّسَ الرئيسي والمدير التنفيذيّ لشركة أبِل. والداه البيولوجيان غير المتزوجين آنذاك، هما عبد الفتّاح الجندلي السوري وجوان كارول شيبل الألمانية، أما المتبنّيان له فهما بول وكلارا جوبز من أصل أرمني بولندي. سافر ستيف إلى الهند في مطلع شبابه واعتنق البوذية وعاش نباتياً طيلةَ حياته. عانى ستيف قبل وفاته ببضع سنوات من سرطان نادر في البنكرياس. أُجريت له عمليّة زراعة كَبد في عام ٢٠٠٩، إلا أنّ توقُّف التنفّس كان سبب مفارقة ستيف للحياة. كبرياء الجندلي منعته من مبادرة الاتّصال بابنه، وانتظر ذلك من ابنه، الذي قال إن والديه “كانا مخزنًا لنطفتي، لا أكثر”. ربطت ستيف علاقة متينة مع شقيقته، منى سيمبسون، الروائية الشهيرة بعد أن كان ابن سبعة وعشرين عامًا، وحرص على الاتصال بوالدته من حين لآخر. يُذكر أن جوبز اختار أخيرًا التفاحة المقضومة رمزًا لشركته لعمله في كرم تفّاح سابقًا، لأن رسم شجرة تفّاح يستظلّ تحتها إسحاق نيوتن كان سيحتلّ حيّزًا أكبر من المطلوب. تلك التفّاحة المقضومة ترمز إلى شجرة المعرفة التي “نتشها” آدم في الجنّة، وهي بألوان قوس قزح.

هذه خلاصة رسالة ستيف للعالَم العربي كما وردت في الصحف الإلكترونية. أُعذروني يا أصدقائي العرب على ما سأقول. إنّها الحقيقة والحقيقة صعبة ومرّة. أنا عربيّّ مثلكم فالعروبة عرقيّة، بالدم. الشام واليمن ومصر تنعكس على وجهي؛ بساطتكم ولُطفكم، أنا مثلكم ولكنّكم لستم مثلي. كلّ واحد منكم عبارة عن نسخة من أبيه وجدّه وعائلته وقبيلته، أمّا أنا فلست أعرف قبيلة أبي ولم أبحث عنها. لم أبحث قطّ عن الماضي. تركته لكم، فأنتم مُغْرمون به وتتوقون إلى الرجوع إليه. تركني أبي يتيمًا عند ولادتي، بكلّ قسوة ووحشية. رغم ذلك أشكره على ذلك، لأنه تركني يتيمًا، لقيطًا، مجهولاً بلا ماضٍ وتراث أعود إليه، ولكنّه في الواقع كان أبًا مثاليًا فقد تركني في بلاد الحرية والورود، ولم يتركني في الأقطار العربية الشقيقة التعيسة. لذلك كان لِزامًا عليّ أن أشقّ طريقي بنفسي. رفعت رأسي وصنعت المستقبل وتراثي الخاصّ وليس ذلك الخاصّ بأجدادي. ها أنتم وغيركم تتمتّعون بما اخترعت. إنّي أعيش للجديد والتجديد والتغيير والتطوير. يا أسلافي، لم أتعلّم منكم شيئًا، حاولوا يا عرب أن تتعلّموا منّي شيئًا واحدًا: التعلّق بالماضي لن يغيّر الحاضر، ناهيك عن المستقبل، أُتركوه. إنكم تنظرون نحو الاتّجاه الخاطىء يا آبائي وأجدادي. نعم، أنا عربيّ مثلكم ولكنّني لا أومن بالغيبيات والنفاق والتقديس. إنّي أومن بالعمل الجادّ والإنجاز والإتقان والتفكير الخلاق.

إني لا أومن بالماضي بل بالمستقبل. أجدادي العرب سامِحوني، قد لا أستطيع تغيير وضعكم إلا أنّني غيّرت مستقبل الإنسانية في التعامل مع التقنية على هذا الكوكب، وسأستمرّ في التغيير والتطوير، لأنّني أستثمر وقتي في السير قُدُمًا وليس في تقْبيل أيادي أو أرجل الحُكّام.

تمنياتي لكم بماضٍ سعيد!!

حفيدكُمُ المحبُّ

ستيف جوبز

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.