تحولات العربية المتحدة / د. يحيى محمد ركاج
د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الجمعة 15/4/2016 م …
* باحث في السياسة والاقتصاد …
ليس مصادفة أن تشهد الجمهورية العربية السورية وجمهورية مصر العربية أحداث متشابهة في وقت واحد، وليس من الجديد أن يترافق التحول السياسي في إحداها مع تحول للآخر، ولا جديد كذلك أن يتناغم الإيقاع في هذا البلدين مع إيقاع وطني في الجزائر، لكن الغريب في الأمر أن هذه المراحل مصيرية من عمر الأمة التي تم فيها تصحيح الفكر القومي وإعادة هندسته والتي يرافقها تشدد الأمم في بناء تكتلات وكارتلات بأسس وضوابط جديدة، يشهد فيها الإقليمين الجنوبي والشمالي من الجمهورية العربية المتحدة تحولات متعاكسة الاتجاهات على شكل قوسين متعاكسين لن يلتقيا إلا بعد إتمام مرحلة شاقة وتامة، ويتم فيها أيضاً محاولة تشويه الرؤية السياسية للجزائر العربية.
فعندما تم تصدير الأحداث المسماة بالربيع العربي إلى مصر قبل أوانها من النواحي الإيديولوجية، والتي كانت آنذاك خصبة ومهيأة للتبدلات النمطية والزمنية، من حيث شعب شامخ أرهقته سياسات الخذلان التي انتهجها رؤساؤه انطلاقاً من اتفاقية الاستسلام كامب ديفيد وصولاً إلى التحالف مع الكيان الصهيوني لوأد غير مباشر لقضية فلسطين، كانت الغاية من هذا التسارع استثمار قوة تأثير الدومينو بين العنصرين السوري والمصري مع الاستهداف اللاحق للجزائر، وقد نجح المخططون بهذه الخطوة نجاحاً ملفتاً في سورية ومصر وأفشل مخططاتهم الشعب والجيش العربي الجزائري.
ولكن مسيرة الأحداث التي شهدتها سورية ومصر خرجت عن سيطرة المخططين لها، رغم أنها توازت بالتتالي فيما بينها وفقاً للتقارب والتشابه الايديولوجي والبنيوي، حيث شهدت البلدين انتخابات رئاسية في فترة واحدة أطلقنا عليها هنا آنذاك الانتخابات العربية المتحدة، وأشرنا إليها كعرب سوريين في دورها بتوحيد الشريحة الكبرى من المصريين وتجميعهم في مواجهة التيارات المتحالفة مع الغرب بغض النظر عن شخصية الرئيس المصري السيسي آنذاك، على اعتبار رؤيتنا ورغبتنا في أن الشارع المصري هو الذي سوف يقود السياسة ويستلم إدارة البوصلة السياسية من جديد، فكنا ولا زلنا نعول على هذا الشارع في إعادة البريق لمصر العروبة وإلغاء تام ومرحلي لاتفاقية الاستسلام للعدو الصهيوني.
الآن يعود التوازي مجدداً بالأحداث بين البلدين، ففي الوقت الذي تشهد فيه سورية انتصارات سياسية كبيرة مترافقة مع محاولة انقلاب على الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري، ومشكّلة في آن واحد ورقة ضغط تفاوضية على المفاوض السوري في جنيف عبر ورقة الضغط المعيشية على المواطن الصامد الأبي في سورية، وتشتيت القوة السورية عبر الخاصرة اللبنانية التي تشهد فوضى يتم توجيهها حالياً عبر المحكمة الدولية، تشهد أيضاً الساحة المصرية تبدلات معاكسة للنصر السوري ترمي إلى إشغال الشارع القومي في مصر عن أحداث سورية و إلى إشعال الشارع المصري وتدمير مقومات حضارته البنيوية في مقابل دعم بناء كيان جغرافي مناهض للفكر القومي يقوم على الفكر الظلامي الرجعي، وعلى تدمير القوة العربية.
إننا الآن نقف على أعتاب مرحلة مواجهة جديدة، لا تقتصر ميادينها على المواجهة العسكرية في الميدان السوري واللبناني، بل تتعداه إلى تدمير مصر وإشغال الجزائر في خطوة مرحلية، يرتكز فيها مقومات الانتصار على استمرار التماسك السوري، وعلى صحوة الشعوب العربية عموماً، وشعبي مصر والجزائر على وجه الخصوص، وعلى الالتفاف حول الجيشين العربيين السوري والجزائري والمقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله على وجه التحديد، لأنهم في ميدان المواجهة المباشرة الآن وإن اختلفت مراحل المواجهة وفقاً لاختلاف مراحل العدوان عليهم.
عشتم وعاشت الجمهورية العربية السورية المقاومة والجمهورية الجزائرية وكل بلاد العرب
التعليقات مغلقة.