مرحبا بالرئيس المجنون / حسني عايش
حسني عايش * الجمعة 15/4/2016 م …
ولد دونالد ترامب في مدينة نيويورك العام 1946؛ أي أن عمره الآن سبعون سنة. وقد تخرج في كلية “وارتون” المشهورة للأعمال (البزنس)، وانضم مباشرة بعد التخرج إلى أسرته التي كانت تعمل في قطاع العقار. ومنذئذ وترامب يجذب انتباه الرأي العام بطريقته المتوهجة في التعامل مع الناس والزبائن. ومع هذا، فقد أفلس أربع مرات، لكنه كان ينهض في كل مرة ويبدأ من جديد. وها هو الآن أحد أكبر الأثرياء في أميركا.
وترامب مصارع، تغلب على مالك شركة المصارعة المشهورة (WWE)، وبطحه على الأرض وحلق رأسه على الصفر أمام الجمهور والعالم. وقد بدا للمشاهدين حينها أنه بلطجي أو أزعر.
يعمل ترامب في قطاعات العقارات والكازينوهات والرياضة والنقل. ومن أملاكه الكبرى ناطحة سحاب “برج ترامب” في نيويورك، و”قلعة ترامب”، و”ميدان ترامب”، و”كازينو تاج محل”.
ويصرف ترامب على حملته الرئاسية “من كيسه”، بعكس بقية المرشحين؛ فلا يخضع للوبيات الضغط. لكنه مع هذا قدم فروض الطاعة والولاء والانبطاح لإسرائيل، عبر مؤتمر منظمة “إيباك” الأخير في واشنطن، مع أن اليهود في أميركا وإسرائيل يكرهونه ولا يحبون التماثل معه، وإن كانت ابنته متزوجة من يهودي.
كما يدعي ترامب أن الشعب الأميركي فقير، وأنه سيخفض نفقات القواعد العسكرية في الخارج، وإسهام أميركا في حلف “الناتو” والأمم المتحدة، كما المعونات والتبرعات لأصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها، ولن يدافع عن بلدان يدفع الأميركيون تكاليف الدفاع عنها، ليوفر المال للشعب الأميركي الفقير. فيما يتجاهل أن أشكاله من الأثرياء، وتحيز نظام الضرائب الأميركي، بعض أهم أسباب الفقر.
إن ترامب رجل عنصري وطائفي. وقد عبر عن ذلك بكراهيته للسود والمكسيكيين، مما جعل المتظاهرين هناك يحرقون دمية له. كما عبر عن كراهيته للإسلام والمسلمين، وعزمه على إغلاق أبواب أميركا في وجوههم. كما أنه يُغضب جملة النساء في بلاده باحتقاره لهن ومطالبته بمعاقبة من تخضع منهن للإجهاض، وكذلك الأطباء الذين يقومون بالعمليات.
ترامب شخصية غريبة عجيبة، لم يظهر في ساحة الانتخابات الأميركية مثلها. وهو بهذه الشخصية الخارجة عن المألوف يجذب الطبقات الأقل تعليماً والأكثر تطرفاً إليه، ويفوز في معظم الانتخابات الحزبية في الولايات على منافسيه من مرشحي الحزب الجمهوري الذي يعترض على أسلوبه وشعاراته وتقلباته، ويفكر (الحزب) في عدم دعمه، مما يجعل ترامب يفكر بالترشح مستقلاً أو بإنشاء حزب ثالث يدعمه.
إذا فاز ترامب بالرئاسة، فإن العالم سيكون أمام رئيس مجنون أي بلا أقنعة ومجاملات. وسيترجم فلسفة كيسنجر في الرئيس المجنون أيما ترجمة؛ لأنه لا يستطيع أحد توقع ماذا سيفعل أو يقرر غداً. إذا فاز فإنه سيهز بسلوكه وسياسته المجنونة العالم وسيوقظه من سباته.
من جهتي، أتمنى نجاح بيرني ساندرز؛ اليهودي الديمقراطي الاشتراكي الشجاع، والأقل ضرراً للفلسطينيين والعرب والمسلمين من بقية المرشحين. إنه يعترف بمعاناة الشعب الفلسطيني، كما أنه أدخل -ولأول مرة- كلمة الاشتراكية الممقوته أميركياً في القاموس الأميركي الاجتماعي والسياسي. تلك الكلمة التي كانت كافية لإسقاط أي مرشح بمجرد نطقها، وحتى محاكمته بتهمة الشيوعية وسجنه لو كان مكارثي حياً. ولكنني لن أكتئب لو فاز ترامب، فالجنون فنون و”لا يخلو عبقري من بعض الجنون”، كما قال سنِكا قبل ألفي سنة.
* باحث تربوي وسياسي أردني
التعليقات مغلقة.