هية الكرك .. ثورة ضد ظلم المواطن الاردني
الأحد 17/4/2016 م …
الأردن العربي – (بترا) – ذاق ابناء الكرك ابان حكم الدولة العثمانية ويلات القتل والتشريد وابشع صنوف التفرقة والعبودية وتكريس النزعة الطوارانية التي نظرت الى الشعوب العربية باستخفاف على يد قادة الاتحاد والترقي العثماني، احد اذرع الدولة العثمانية في بلاد الشام، فتنادى وجهاء العشائر الكركية الى توحيد الصفوف للحد من هذه الممارسات المذلة والثورة ضد البطش العثماني، التي مهدت فيما بعد الى الاستجابة الفورية للمشاركة الفاعلة في الثورة العربية الكبرى التي فجرها الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه من بطاح مكة بقيادة قدر بن صالح المجالي ودعم من وجهاء وزعماء عشائر الكرك.
وقال الباحث والمؤرخ حامد حسين النوايسة لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان ثورة الكرك اختلف الناس بتسميتها، فمنهم من اطلق عليها (الهية او الهبة ومنهم من اسماها بالثورة) واسمتها الصحف الصادرة انذاك (بالتمرد)، وللانصاف، كما يقول النوايسة، انها ثورة بمعنى الثورة من حيث التخطيط والتصميم، لافتا الى ان الكرك لم تكن بمعزل عن المحيط بها وعما يدور في عاصمة الخلافة العثمانية من تحركات علمانية مع بداية ظهور التيار التركي القومي (تركيا الفتاة وحزب الاتحاد والترقي )، ولمكانة ولاية الكرك التي تشكل بوابة الحرمين الشريفين ومحطة الحج الشامي ومصدرا رئيسيا لتوريد القمح لكل الولايات العثمانية التي تحيط بها فكانت تشكل ملتقى للتجار من دمشق وبيروت والقدس وتبادل الافكار لتخليص الناس من القهر والعبودية التي كانت تمارسها الدولة العثمانية عليهم والتي دونها الشعراء والشعبيون في قصائدهم وحكاياتهم. واضاف ان صدور قرار باستبعاد الشيخ قدر المجالي شيخ مشايخ الكرك يعد الشرارة الاولى التي اجتمع عليها مشايخ الكرك في دار البلدية لبحث الابعاد والاحوال التي يعاني منها الناس واستغلال صدور امر سامي باشا الفاروقي الى متصرف الكرك لجمع السلاح واستيفاء الضرائب وتحديد مساحات الاراضي وتعداد النفوس واخذ الشباب الى الروملي أي (الولايات العثمانية في دول البلقان) واعدادهم للحرب التي اطلق عليها اسم (سفر برلك)، وطلبوا وجهاء العشائر من المتصرف تشكيل لجان لعملية التعداد التي سيشارك فيها عدد من الجنود لاعطاء الناس صورة بان الدولة جادة في الامر، وكان قصد الوجهاء من ذلك تفريغ المدينة وقلعة الكرك من اكبر عدد ممكن من العساكر لتشتيتهم بما لا يمكنهم من السيطرة عليهم حال اندلاع الثورة.
وبين النوايسة انه تم الاتفاق بين الثوار بقيادة الشيخ قدر صالح المجالي بان يكون يوم الثلاثاء هو يوم الثورة، ولكن الظروف تسارعت فبدأت اعمال الثوره قبل الموعد بيوم، واستطاع الجيش العثماني اخمادها وتدمير ما يزيد على 500 منزل في الكرك واحراق سقوفها والقبض على عدد كبير من الناس منهم من اعدم في الشام ومنهم من اعدم في الكرك بطريقة بشعة، حيث صدرت الاحكام على من اعدم في الكرك وهم مقيدون في ساحة المسجد الحميدي في وسط مدينة الكرك وكان ينادي الحاكم على المحكوم بالاعدام باسمه ويقول (درب القلعة)، فيأخذه الجنود الى الباب الشمالي الشرقي من القلعة الى ان يصل الى المشنقة الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية من قلعة الكرك الحالية ويربط بحجر في عنقه ويلقى به من فوق سور القلعة باتجاه وادٍ سحيق يطل على نبع عين الصفصاف الذي يقع في اسفل الوادي المقابل الى قرية الشهابية حاليا، بعد ان يطعنه الجنود بحرابهم واخرون يقطعونهم ويلقى بهم من فوق السور ويلفقون لهم القصص الوهمية بأنهم هربوا من الجنود وقفزوا من فوق سور القلعة بارادتهم والقسم الاخر كانوا يضربونهم حتى الموت امام الناس ويلقى بهم في بئر العلاوي انذاك.
واشار النوايسة الى المذبحة التي تعرض لها ابناء عشيرة المواجدة في منطقة عراق الكرك، مبينا انهم تم قتلهم طعنا بخناجر البنادق وهم مقيدون كل اثنين ظهورهم الى بعض ويدفع بهم الى دار كبيرة ما زالت اثارها ماثلة للان وبداخل هذه الدار يقف جنديان متقابلان وعندما يدفع الرجلان الى داخل الدار يتم طعنهم من اعلى بطونهم حتى اسفلها، لافتا الى ان عدد الذين قتلوا في مذبحة المواجدة في منطقة العراق-الكرك بهذه الطريقة بلغ 66 رجلا وامرأة وبلغ مجموع من قتل في منطقة العراق 72 رجلا وامراة منهم 6 اعدموا في قلعة الكرك وعلى راسهم الشيخ مسلم المواجدة.
وقال الباحث النوايسة انه من خلال الابحاث والمقابلات الشخصية التي قام بها مع النسابة مطيع يوسف القطاونة، فان الدولة العثمانية القت القبض على العديد من زعماء ووجهاء عشائر الكرك الذين شاركوا في ثورتها وعاقبتهم بمختلف الصنوف التعذبية وشكلت لهم محكمة صورية في دار المحكمة في الكرك واعدمتهم من خلال المقصلة بالمنشار، حيث كان يضعوا المحكومين جماعات على برج الحمى الواقع في الجهة الجنوبية ونشر روؤسهم ووضع اجسادهم باكياس وقذفهم من فوق اسوار القلعة الغربية المطلة على قرية الفرنج انذاك والمعروفة اليوم بالشهابية الى جانب قذف العديد من المحكومين احياء، منهم من مات ومنهم من انجاه ثوبه الذي تحول الى برشوث لينجى ويهرب الى المنطقة الوعرة في الجهة الغربية من القلعة.
وبين ان عددا كبيرا من الذين شاركوا في الثورة لم يسلموا انفسهم وهربوا الى الجبال والمناطق الوعرة ونجوا من مشنقة واحكام العثمانين الجائرة، لافتا الى ان عدد الذين وجهت لهم التهم بلغ حولي 1047 شخصا، حكم غيابيا على 560 شخصا منهم، وقد تم تحويل عدد من المحكومين إلى سجن القلعة في دمشق، حيث اعدم 22 شخصا، منهم خمسة اشخاص اعدموا في ساحة الاتحاد بدمشق وهم علي سليمان اللوانسة ودرويش بن خليل الجعافرة وساهر بن محمد المعايطة ومنصور بن إبراهيم الذنيبات وخليل بن هلال الذنيبات.
اما الباقون فقد اعدموا في الكرك : محمد البحري البصراوي وذياب بن حمود الجلامدة وعاتق بن طاعة الطراونة وفجيج بن طاعة الطراونة ومنصور بن طريف وسليمان البطوش وعبد الغني البطوش وصحن بن فارس المجالي وعبد القادر المجالي ودرويش المجالي ومحمود بن طه الضمور ومحمد بن علي الطراونة وحسين بن اعوض الطراونة ومحمود بن إسماعيل القطاونة ومعمر المعايطة وسالم الصرايرة وحسين بن عليان العواسا النعيمات، وفلاح بن عوض الطراونة0
واشار النوايسة الى انه صدر بحق 85 شخصا احكام غيابية بالسجن، منهم الشيخ قدر صالح المجالي الذي ظل مختفيا إلى أن اعلنت الدولة العثمانية العفو عنه عام 1910 واعدم بالسم في عام 1917 في دمشق.
التعليقات مغلقة.