في مثل هذا اليوم…جلاء آخر جندي فرنسي عن سورية / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 17/4/2016 م …
ما أشبه اليوم بالبارحة، ونحن نحتفل اليوم بالإرادة الشعبية للشعب السوري الأصيل، ودحرها المستعمر ورحيل آخر جندي فرنسي وبريطاني عن أرض الوطن منذ 70 عاماً مضت نتيجة لمعارك خاضها أجدادنا وأبائنا ضد هذا الإستعمار، تلك الإرادة الشعبية التى أبهرت، بالبارحة المحتل، وهي نفسها الإرادة الشعبية التي أذهلت عالم اليوم أيضاً، حين أثبت السوريين للعالم أجمع بأنهم قادرين على هزيمة داعش ومن يقف وراءها، وبرهنوا إنهم حمّلة عقيدة ومقاتلين أقوياء لا يقف أمامهم شيء فهزموا الإرهاب ووجهوا ضربة قاسية للإستراتيجية الأمريكية، ليس في سورية فحسب، بل في المنطقة برمتها.
اليوم الأحد السابع عشر من نيسان يفتح التاريخ خزائن أسرارة من جديد، ونحن نحيي ونحتفل بالذكرى 70 لإنتصارات الإرادة السورية، حيث ضربت سورية بمؤازرة كل أبناء الشعب السوري وجيشه، مثالاً نادراً للإرادة القوية للشعب السوري فى التضحية والفداء من أجل تحقيق الحرية والإنتصار، إذ إستعادت سورية حريتها وكرامة أبنائها بعد أن أذلت المحتل وأرغمته على الخروج صاغراً يجر من ورائه أذيال الهزيمة بفضل زعماء الثورة السورية وأبطالها وفي طليعتهم يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش وحسن الخراط وصالح العلي وإبراهيم هنانو وأحمد مريود وغيرهم من الأبطال الذين أثبتوا أن الجلاء ليس هدية من المستعمر بل نصر صنعته تضحيات شعبنا العظيم.
تأتي ذكرى الجلاء هذا العام وسورية تعيش مرحلة صعبة من تاريخها، تتقاطع فيها عوامل خارجية لم يشهد التاريخ مثيلاُ لها، تسعى من خلالها قوى مختلفة إلى إزاحة سورية عن تراثها وتاريخها ودورها الحضاري، في ظل استمرار أمريكا وحلفاؤها في سياستها العدائية تجاه الشعب السوري، فواشنطن موغلة حتى النخاع في دعم الجماعات التكفيرية التي تقاتل الجيش السوري، وتنحاز إنحيازاً واضحاً لهذه الجماعات, في إطار ذلك لا يمكن لأي متابع ان ينكر حقيقة أن السوريين يواجهون مشروعآ غربيآ الهدف منه تقويض الجهود السورية في الوصول الى الأمن والإستقرار, مع محاولات غربية- أمريكية لتفجير الداخل السوري, وما يدلل على ذلك هو حجم الدعم الأمريكي- الغربي والعلني للمتطرفين والمليشيات المسلحة.
بالمقابل تأتي قضية الإصرار على طرد الدواعش وحلفاؤهم من الأراضي السورية مؤشراً واضحاً على تصميم السوريين بإعادة الأمور الى نصابها، من هنا تشير جميع المؤشرات الواقعية على الأرض أن السوريين يستعدون بقوة لمغادرة مرحلة الفوضى وورقة الطائفية والفتن التي باتت قديمة وأصبح الشعب السوري يستهجنها، وهو بذلك أصبح اكثر وعيا إذ بات الشعب يدرك إن أمريكا وحلفاؤها لا يدافعون عن سورية، بدليل إن الضربات الجوية المتواضعة للتحالف الدولي ليس للقضاء على داعش وإنما لتحجيمه فقط والسماح له بخلق دولة حدودها هلامية تتمدد وتتقلص حسب الظروف المحيطة بها، وهي ما تسعى له أمريكا وحلفائها في الوقت الحاضر تحت مشروع الشرق الأوسط الكبير.
مجملاً… إن الدم السوري الذي سفكه ويسفكه الأعداء غالٍ ولن يذهب هدراً ولن يترك شعبنا وقواته المسلحة من يقترف هذه الجرائم البشعة مهما كان الثمن وسوف يطاردونهم في كل مكان حتى تطهر الأرض السورية من أعمالهم الخبيثة، لن ننسى أبداً شهدائنا الأبرار، ولن نغفر للنازية الجديدة ما سفكته من دماء السوريين، وهنا فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع لما قد يحدث في الفترة المقبلة وتتأثر بها، وجميع الإحتمالات واردة والجيش السوري يواصل إنتصاراته، والذي قام بقلب الموازين, وأسقط حسابات أمريكا والغرب، لذلك نقول ونحن على يقين ثابت لا يمكن إركاع سورية من خلال تحالفات بين دول ورؤساء وأمراء لا يربط بينهم سوى الحقد على سورية ومواقفها القومية المشرّفة لإنهاء دورها ووجودها في المنطقة.
وأخيراُ أختم بالقول، في ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش العربي السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب بوصفه يمتلك تجربة تاريخية مميزة قادرة على التعامل مع هذا الخطر والقضاء عليه مهما بلغت قوته لكونه ينظر إلى الحرب معه منذ البداية على أنها حرب إرادة ووجود ومن يربح فيها هو المتجذر بالأرض والمدافع عنها حتى الرمق الأخير، ويبقى القول هنا أن تلك العمليات الإجرامية لا يمكن أن تحقق أهدافها، ولا يمكن أن تخيف أو ترهب دولة بقدرة وقوة سورية، فسورية دولة عصية على أي محاولات إجرامية لزعزعة إستقرارها أو إرهاب شعبها، ولن يزيدها ذلك إلا قوة وإصراراً على إستكمال مسيرتها فى إعادة الإعمار، والحفاظ على وحدتها واستقرارها.
التعليقات مغلقة.