البرازيل وأنياب المؤامرة / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الثلاثاء 19/4/2016 م

منذ أشهر ، نسمع ونتابع الاتهامات بالفساد الموجهه للرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا ، اتهامات يعوزها الدقة والإثبات ولم تثبت صحتها بأي حال من الأحوال  ، وكانت الردود تأتي من البرازيل واضحة وهي أن تلك التهم لا تعدو عن كونها جزءاً من مؤامرة تحيكها الامبريالية الامريكية وتابعيها في البرازيل الذين لم يرضوا بما حققه لولا في مكافحة الفقر والجوع ، ولم يرضوا بأن البرازيل أصبحت في عهده قوة اقتصادية كبيرة وأنموذجاً يحتذى من قبل العديد من الدول النامية بشكل عام ودول أمريكا اللاتينية بشكل خاص .

وبعد تقديم لائحة الاتهام بحق الرئيس لولا داسيلفا ، ولتلافي تقديمه للمحاكمة ، قامت الرئيسة ديلما روسيف رئيسة البرازيل الحالية بتعيينه فى منصب رئيس هيئة العاملين فى الرئاسة البرازيلية الأمر الذى من شأنه أن يحول فى المستقبل دون احتجازه فى إطار تحقيقات الفساد المتهم بها ومما يجعل من الصعوبة بمكان مثوله أمام فريق التحقيق فى قضية الفساد المذكورة طالما بقي في هذا الموقع ومنحه الوقت لبيان الحقيقة للشارع البرازيلي ، حيث يمنح القانون للمحكمة الدستورية العليا وحدها سلطة الموافقة على التحقيق ومحاكمة وسجن أعضاء الحكومة والبرلمان البرازيلي.

وبعد أن حال ذلك ومحاكمة لولا، بدأت سهام المؤامرة تتجه لخليفته الرئيسة ديلما روسيف من قبل ذات القوى ، قوى الرأسمالية واليمين المرتبطين بالاستثمارت ورؤوس الأموال الامريكية ، والذين كانوا ينهبون ثروات البرازيل ويعمقون من الفارق الاجتماعي الهائل بينهم وبين عامة ابناء الشعب من الجوعى والفقراء،  شأنهم في ذلك شأن الرأسمالية في كل مكان وفي أمريكا اللاتينية بالذات ، ونذكر في هذا المجال مؤامرات نظرائهم المفضوحة والمكشوفة على الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز وخليفته نيكولاس مادورو من بعده ، فمثل هؤلاء لا يهمهم إلا زيادة ثرواتهم ولا يهمهم محاربة الفقر أو الجوع فقاموا بمحاربة برنامج دا سيلفا القاضي بمحاربة الجوع ” صفر جوع ” واستمروا على ذلك مع خليفته من بعده .

ومن ينظر إلى أمريكا اللاتينية يرى أن الولايات المتحدة كانت وما زالت تعتبرها حديقة بيتها الخلفية ، والتي تكون دوماً مصدراً لقطف ثمارها واستغلال ثرواتها ، وبنظرة سريعة نلاحظ ما قامت بها أمريكا من مؤامرات في كافة دول أمريكا اللاتينية تقريباً من كوبا إلى كولومبيا وفنزويلا والبرازيل وبوليفيا …… فبعد أن كانت كوبا دولة معزولة محاصرة ، وذات تأثير بسيط في القارة الأمريكية اللاتينية ، خرجت من تحت مظلة الرأسمالية الأمريكية دول أخرى فكانت فنزويلا والبرازيل،  مما أحدث تغييراً كبيراً في تلك القارة حيت تبنت العديد من دول أمريكا اللاتينية النموذجين الفنزويلي والبرازيلي فرأينا بوليفيا والاكوادور وتشيلي وغيرها الأمر الذي هدد بشكل مباشر المصالح الأمريكية ، فبدأ مسلسل المؤامرات من فنزويلا وانتقلت الآن إلى البرازيل .. ووصل الأمر إلى تصويت مجلس النواب البرازيلي يوم أمس بالموافقة على تأييد مساءلة الرئيسة ديلما روسيف واتهامها بخرق قوانين الميزانية ووصل خصوم روسيف إلى الحد اللازم من الأصوات وهو 342 صوتا من أجل إحالة قضية مساءلتها إلى مجلس الشيوخ لمحاكمتها، وهي خطوة رئيسية نحو احتمال إقالتها وإنهاء ( 13 ) ثلاثة عشر عاما من حكم حزب العمال اليساري مما سيشكل نكسة للديمقراطية في البرازيل وفقاً لما صرح به السيد جاك واجنر مدير العاملين في الرئاسة البرازيلية ، علماً بأن معارضيها الذين لم يقبلوا قط إعادة انتخابها في 2014 هم نفسهم الذين نسقوا هذا الإجراء ، في الوقت الذي أكدت فيه الرئيسة البرازيلية روسيف أنها لن تستقيل تحت أي ظرف ، واصفة محاولة عزلها بالانقلاب على الحكم الديمقراطي لأنها لم ترتكب أي جريمة تحاسب عليها وتستدعي ذلك ، كما وحثت روسيف المحكمة العليا في البرازيل على أن تظل نزيهة في الأزمة السياسية التي تهدد بالإطاحة بحكومته حيث يسعى خصومها إلى عزلها في البرلمان .

          لقد أصبحت البرازيل في عهد لولا وعهد روسيف رمزاً لكل الدول التي تسعى إلى التقدم والحرية ومحاربة الفقر والجوع والظلم والتسلط في كافة أنحاء العالم ، فكان لروسيف مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية في كل المحافل ، ولعل آخرها رفضها تعيين أحد المستوطنين كسفير للكيان الصهيوني لدى البرازيل مما وجه صفعة قاسية لبنيامين نتنياهو وأثار حفيظة الكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث جاء موقف البرازيل هذا إضافة واضحة لكل مواقفها المؤيدة لوحدة سوريا وتأييدها للموقف الروسي حيال الأزمة السورية ورفضها لكل أنواع التدخل العسكري الأجنبي في سوريا .

          فهل سيرفض مجلس الشيوخ البرازيلي ما ذهب إليه مجلس النواب هناك ، وهل ستبقى ديلما روسيف رئيسة للبرازيل أم ستنجح الإمبريالية ومؤامراتها في إقالتها وعزلها بما يهدد المشروع النهضوي الامريكي اللاتيني كما نحجت في ضرب وتدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.