تركيا وإسرائيل…وأوهام الحل السياسي في سورية / د.خيام الزعبي

 

د.خيام الزعبي ( سورية ) الأربعاء 20/4/2016 م …

يعاد لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل رسم الخريطة الجيوسياسية لها، وتتسابق إسرائيل وتركيا على من سيستفيد أكثر من الوضع الجديد، بعد مرور أكثر من خمس سنوات على بدء العدوان على سورية، فشل هذا العدوان في تحقيق إنتصار حاسم، وكل ما استطاع تحقيقه هو زيادة نفوذ تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، فإعلان الفصائل المسلحة التي تحصل على تمويل ودعم تسليحي مباشر من تركيا وإسرائيل نقض الهدنة، وبدء عمليات عسكرية ضد الجيش العربي السوري، أمر متوقع، في ظل نجاح الانتخابات البرلمانية في سورية وتقدم القوات السورية وحلفاؤها الذي يترافق مع السيطرة على مدن وبلدات كانت تحت سيطرة داعش وهو ما لا يريده أعداء سورية.

تبدو الجولة الحالية من المحادثات السورية- السورية في جنيف أنها لا تقل تعقيداً عن الجولات السابقة، ويظهر ذلك من خلال حدة وشدة التصريحات التي أطلقتها المعارضة وتحديدأ وفد الرياض الذي هدد بخرق الهدنة، إذ دعا رئيس الوفد محمد علوش المجموعات المسلحة التابعة له مباشرة من جنيف إلى الهجوم على الجيش العربي السوري، وهذا الموقف لا يساعد في دفع عملية المحادثات الى الأمام لإيجاد حل سياسي وإنهاء الصراع  في سورية، وبالمقابل نرى أن السلطات الإسرائيلية تتدخل في الوقت الذي تراه مناسباً لدعم المعارضة المسلحة وحلفاؤها، وذلك عن طريق الاستفزاز المباشر، من خلال تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن بلاده لن تتخلى عن مرتفعات الجولان، وهذا يمثل خطوة تصعيدية جديدة تمثل انتهاكاً صارخاً وسافراً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، إذ حذرت سورية من مغبة استغلال الأزمة الحالية من أجل تبرير استمرار إحتلالها للجولان.

في إطار ذلك وفي ضوء التدخلات الإسرائيلية الجديدة بشكل غير مباشر، وانطلاقاً من سلوكيات وفد الرياض الإستفزازية واللامسؤولة واستمراره في التعنت في تحقيق برنامج المرحلة القادمة على النحو الذي يراه مناسباً، ومتوافقاً حسب الخطة المرسومة له لا يمكن أن نصل الى معطيات ومخرجات مرضية لجميع الأطراف، لذلك فإن المعارضة ليست مستقلة في قرارها السياسي بمعنى ان لديها حلفاء وداعمين في الخارج، فهي لا تريد وقف حمام الدم في سورية ولا تريد حواراً سورياً- سورياً يساعد على الحل في سورية، وبالتالي فإن الهدف الأول والأساسي لرعاية الغرب وحلفاؤه  للمفاوضات بين الجانبين هو تمرير المطالب الاسرائيلية على طاولة التفاوض، وإرضاء اسرائيل على حساب المطالب والحقوق السورية.

من ينقل الأسلحة للمجموعات المسلحة، يشرك نفسه في جرائم الحرب، وشركات الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية مستمرة في تصدير منتجاتها القاتلة إلى القوى المتطرفة وحلفائها في سورية التي لم تستثني تدمير المستشفيات والمدارس والأسواق ومخيمات اللاجئين، لذلك نحن لا يمكن ان ننكر إننا أمام مؤامرة مكتملة الأركان محاولة إسقاط الدولة ومستخدمين نفس الأدوات التى إستخدموها لإشعال الأزمة ونشر الفوضى والخراب في سورية، فسورية تواجه الآن حرباً حقيقية فى الداخل، من قوى الشر التى تحالفت مرة اخرى لتصبح سورية مثل الدول المجاورة فى حرب ودمار ليعاد تقسيمها، وللأسف من يسعون لذلك يحملون جنسيتها، ولكن بوحدة الشعب الواعى ومؤسسات الدولة ستنهار تلك المخططات كما انهارت من قبل.

فالحقائق التي كشفها الميدان السوري تثبت أن من يخوض الحرب على سورية هو أمريكا  والكيان الصهيوني والآخرون، من بعض الدول العربية، إلى تركيا، إلى التنظيمات التكفيرية، ليست سوى أدوات، تأتمر بأمر سيدها في واشنطن أو تل أبيب، وهي ما عليها سوى أن تموّل هذه الحرب القذرة، وأن توفر الدعم بالعناصر التكفيرية الذين تستجلبهم من كل بقاع الأرض، و في هذا المشهد بات تقدم الجيش السوري من جديد هو المعادل الطبيعي لفكرة الأمان وإسترجاع الإستقرار الراسخ الذي كان ميزة يتباهى بها السوريون في كل مكان وإنتصار الدولة الوطنية على الحرب الكونية بات مرادفاً لخلاص سورية وشعبها من المعاناة ولتثبيت الوحدة الوطنية للشعب والأرض كما هو يعني صون السيادة والإستقلال وتثبيت خيار العروبة المقاومة الذي إستنتدت إليه قوة سورية الإقليمية وتبلور عبره ثقلها النوعي في المنطقة.

وأخيراً ربما أستطيع القول إن الحرب القادمة بين إسرائيل والجيش السوري ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل وتركيا، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى الدولية، فالجيش السوري لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجأها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على كافة المسويات.

 

[email protected]

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.