من جديد…يوم الأسرى الفلسطينيين / د. فايز رشيد

 

د. فايز رشيد ( الأردن ) الأربعاء 20/4/2016 م …

بتاريخ 17 ابريل/نيسان من كلّ عام، يحيي شعبنا الفلسطيني ومعه الأمة العربية مناسبة يوم الأسير الفلسطيني. الإحياء في هذه المناسبة يتجاوز اليوم الواحد ويمتدّ أياماً لإعلان التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني. عددهم يقارب السبعة آلاف معتقل فلسطيني من بينهم النساء والشيوخ والأطفال، يقاسون أمرّ العذابات في المعتقلات «الإسرائيلية»، كثيرون منهم محكومون بالسجن المؤبد مدى الحياة ، وبعضهم مسجونون منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً.

معركة الأسرى الفلسطينيين تنصبّ أساساً على تحسين ظروف اعتقالهم، وهي القاسية، والتي تهدف إلى قتل الأسرى بطريقة الموت البطيء، يعيشون الاكتظاظ والظروف الحياتية الصعبة في مجالات الحريات، والتغذية، وقلة العلاج ورداءته، ومنع إدخال الكتب ومنع سماع البرامج في الإذاعات، ورؤيتها في الفضائيات، وتجريب الأدوية عليهم، وإصابة بعضهم بالأمراض المزمنة الخطيرة والعاهات الدائمة، وصعوبة زياراتهم من قبل ذويهم، فسلطات السجون الصهيونية تضع حاجزين من الأسلاك المشبّكة، بينهما مسافة متر وما يزيد، الأمر الذي لا يسمح للطرفين بالتحقق السليم من وجه الآخر/الآخرين.

ولعلّ من أخطر الطرق التي تتبعها «إسرائيل» مع المعتقلين الفلسطينيين هي: محاربتهم نفسياً من خلال الاعتقال الإداري الذي يمتد سنوات طويلة في السجون «إسرائيل» تنكرت لتعهدها بوقف هذا الاعتقال في الاتفاقية التي عقدتها مع السجناء بوساطة مصرية واستمرت فيه ، ومنع الزيارات عنهم، واستعمال وسائل التعذيب النفسي بحقهم، الأمر الذي يؤدي إلى إصابتهم بأمراض نفسية مزمنة.

لقد أظهرت الإحصائيات المتعلقة بشؤون الأسرى، مؤخراً أنّ ما يزيد على مليون من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، تمّ اعتقالهم في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى هذه اللحظة، الأمر الذي يعني أنّ كلّ عائلة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، منها فرد أو أفراد، تمّ سجنه/سجنهم، ومرّ/مرّوا في تجربة الاعتقال.

منذ عام 1967 فإنّ ما يزيد عن 215 من المعتقلين استشهدوا في المعتقلات الصهيونية التي تذكّر بمعسكرات الاعتقال النازية والفاشية. من السجينات أيضاً من جرى اعتقالهنّ في فترات الحمل، ولادتهن تتمّ في ظروف قاسية في غرفة يطلق عليها زوراً اسم: مستشفى في السجن، يشرف عليها ممرّض، والمولود يبقى مع أمه في السجن.

هذه هي ظروف حياة أسرانا في المعتقلات «الإسرائيلية». «إسرائيل» تقترف وسائل العقاب الجماعي بحق المعتقلين، فكم من مرّة أحضرت سلطات السجون، قوات حرس الحدود، التي يهجم أفرادها على المعتقلين بالأسلحة الرشاشة والقنابل المسيلة للدموع، وغيرها من الوسائل، لا لشيء، فقط لأنّ المسجونين يطالبون بتحسين ظروف اعتقالهم.

الغريب أنّ إسرائيل تروّج بأنها «دولة ديمقراطية»، والأغرب أنّ العالم يصدّقها! وهو يُعمي عينيه عن قضية الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الصهيونية، وركّز كما شهدنا على أسر جندي «إسرائيلي» واحد جاء غازياً وهو جلعاد شاليط، فأسره الفلسطينيون. مسؤولون كثيرون على الصعيد العالمي طالبوا بإطلاق سراحه ليعيش مع عائلته المشتاقة إليه وعرّف كلّ العالم عن قضيته وتمّ إطلاق سراحه في اتفاقية تبادل الأسرى الأخيرة، بينما لا يتفوّه هذا العالم بكلمة واحدة عن الأسرى الفلسطينيين، وكأنهم ليسوا أبناء عائلات، وليس لهم أمهات يشتقن إلى أبنائهن!

رغماً عن العدو وقمعه ومخططاته وأساليبه الفاشية وهجوماته المتعددة عليهم، استطاع أسرانا تحويل معتقلاتهم مدارس نضالية تساهم في رفع وتيرة انتمائهم وإخلاصهم لشعبهم وقضيته الوطنية، فيزداد المعتقل إيماناً بعدالتها، وإصراراً على تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والكرامة والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة.

ورغم الانقسام الفلسطيني، فإنّ المعتقلين الفلسطينيين موحدون، إنْ في حرصهم على تحقيق الوحدة الوطنية بين المنتمين لكافة التنظيمات الفلسطينية أو في مجابهتهم مخططات العدو الصهيوني، الذي يستهدف كسر إرادتهم أولاً وأخيراً. لقد تمكّن المعتقلون من تحقيق ورقة أُطلق عليها اسم ورقة الأسرى لتحقيق المصالحة الفلسطينية، ورغم اتفاق كافة التنظيمات على الورقة في مباحثات القاهرة قبلاً، لم تتمّ المصالحة، وفي هذه القضية فإنّ خيانة من نوع ما تجري بحق معتقلينا المستائين من بقاء الانقسام! بين الفينة والأخرى يلجأ أسرانا إلى السلاح الوحيد بأيديهم وهو سلاح الإضراب عن الطعام من أجل تحقيق مطالبهم، وها هم أربعة من أسرانا مضربين عن الطعام، في سجن «النقب الصحراوي»، بسبب اعتقالهم الإداري، وفق ما قال مدير نادي الأسير الفلسطيني في محافظة الخليل أمجد النجار أقدمهم الأسير محمد الفسفوس المُضرِب عن الطعام منذ 20 شباط/ فبراير المنصرم. كذلك التحق بالإضراب الأسيران علاء يونس ريان، كرم محمود عمرو، وكلاهما من دورا في الخليل، بالإضافة إلى الأسير سامي الجنازرة من مخيم الفوار، علماً أنّ جميعهم كانوا أسرى سابقين في سجون الاحتلال، قضوا أحكاماً بالسجن الفعلي تراوحت بين 4 إلى 9 سنوات. وأفاد نادي الأسير بأنّ الوضع الصحي للأسير الجريح ممدوح عمرو المحتجز في مستشفى «شعاري تسيدك» يزداد خطورة، وذلك بسبب إصابته بتلوث بكتيري آخذ بالانتشار.

يتوجب أن تصبح قضية الأسرى الفلسطينيين قضية الشعب الفلسطيني والأمة العربية بأسرها، وأن تقوم المنظمات المعنية الفلسطينية والعربية، بطرح قضيتهم عالياً على الساحة الدولية، وهذه أبسط حقوقهم علينا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.