بعد قنبلة أوباما…أمريكا والسعودية إلى أين؟ / د. خيام الزعبي

 

د. خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 24/4/2016 م …

سيطرت حالة من التوتر الغير مسبوقة على العلاقات الأمريكية السعودية، التي شكلت حجر الزاوية في الإرتباط الوثيق بين واشنطن ومنطقة الشرق الأوسط مرتكزة على الإحتياطات النفطية لدى المملكة السعودية، والتعاون العسكري الوثيق بين الطرفين، واليوم يعلو التذمر من قبل السعوديين بعد أن فجر الرئيس الأمريكي أوباما قنبلة عبر تصريحات حول المملكة التي أعرب فيها عن إعتقاده بأنه ليس من مصلحة بلاده التقيد بتقديم الدعم التلقائي للسعودية ودول الخليج، وإتهامه للسعودية بخوض حروب بالوكالة في الإقليم وتأجيج الصراع الطائفي والرعب والفوضى في المنطقة، ولم يخف حدته بعد زيارة الرئيس أوباما الى السعودية الأسبوع الفائت، وقد ظهر ذلك بعدم استقبال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز شخصياً الرئيس أوباما، وهذا الإستقبال طرح العديد من التساؤلات حول حقيقة العلاقات الحالية بين السعودية وأمريكا.

بدأت العلاقات السعودیة الأمریکیة بالتوتر مع بدایة الربیع العربي، خاصة بعد تخلي واشنطن عن حلیف السعودیة الرئیس المصری الأسبق مبارک، وفي سوریة رأى السعودیون ضرورة الإطاحة بالرئیس الأسد، ولکن مع مرور الوقت وظهور تنظیم داعش الإرهابي، أصبح هدف أوباما محاربة داعش ولیس الإطاحة بالأسد محذراً من سيناريوهات أفغانستان والعراق وليبيا، مما أغضب الریاض، أما من حيث الهوّة المتزايدة بين البلدين هي نتيجة لتراكم أسباب عديدة منها إختلاف الرؤية منذ إبرام الإتفاق النووي مع إيران وما تمر به المنطقة من عدم إستقرار، وإنخفاض سعر النفط إضافة الى تهديد السعودية بسحب ودائعها من أمريكا والتي تبلغ حوالي 750 مليار دولار.

اليوم يزداد قلق السعوديين حول كيفية إدارة أوباما لهذه العلاقات وتهاونه في التعاون في ملفات متعددة فيما يخص الأزمة السورية، ومبادرتها للتقارب مع إيران، إذ لا يثق السعوديون بالتزام الرئيس أوباما، بأمن الخليج ويخافون تحويل إهتمام أمريكا لعدوتها إيران، والتي تخوض اليوم ما تعتبره معركة محورية لمصير الشرق الأوسط مع خصمها إيران وهي دولة تعتقد السعودية إنها تتدخل في شؤون حلفائها وتسعى لإمتلاك قنبلة نووية وهي إتهامات تنفيها طهران.

بالمقابل وتزامناً مع زيارة أوباما للرياض لعقد القمة الخليجية الأمريكية، إرتفعت الأصوات التي تنتقد السعودية والتي تتمثل عبر الجهود المبذولة للحد من مبيعات الأسلحة إلى الرياض، وكشف إنخراط السعودية المزعوم في هجمات 11 سبتمبر عبر محاولة تمرير مشرع قانون يسمح لأسر ضحايا الهجمات الإرهابية بمقاضاة الحكومات الأجنبية دون تحصنها بالسيادة السياسية في المحاكم الفيدرالية، كما رأى أوباما أن هناك دور سعودي – خليجي متصاعد، يعتمد على المبادأة بدل الرجوع لواشنطن، وهو ما عده خطوات متسرعة لن تحقق نجاحاً كبيراً في المنطقة، وأكد أن قيادة الملك سلمان مختلفة بشكل كبير لما اعتادت عليه واشنطن في السابق.

في سياق متصل أن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، هي ضمان أمن واستقرار إسرائيل، وضمان استمرار تدفق النفط، ومواجهة الدور الروسي في المنطقة بكافة الأدوات، وتقاسم النفوذ الإقليمي في المنطقة ما بين إيران من جهة والدول الخليجية والعربية من جهة دون السماح لأي طرف بأن يكون له اليد الطولي، وإستمرار إحتياج دول المنطقة لمبيعات السلاح الأمريكية بالحفاظ على التهديد ومستوى الصراع المقبول، والأهم من ذلك عملت واشنطن على إرضاء المملكة من ناحية الموضوع السوري حيث وافقت على قيام السعودية بتقديم مزيد من الأسلحة النوعية الأمريكية للمجموعات المسلحة لمحاربة النظام السوري، فالتساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو: هل تتطلق واشنطن والرياض في ظل الأوضاع الراهنة؟، في إطار ذلك يمكنني القول إن امريكا غير مستعدة لخسارة حليف بحجم السعودية بما له من وزن مالي وإقتصادي وسياسي، خصوصاً في ظل الوضع الداخلي المعقد الذي تواجهه إدارة أوباما، إن التحالف بين امريكا والسعودية هو بمثابة أحد عوامل الإرتكاز بالنسبة للشرق الأوسط ويقوم على المصالح المشتركة، ، وفي الوقت نفسه لا تستطيع دول الخليج الضغط بأقصى قوتها على الولايات المتحدة، خوفاً من تعرض العلاقات لضرر عميق، حيث إنها في حاجة إلى واشنطن لضمان حمايتها ومصدر الأسلحة والاستقرار العالمي، فالسعوديين يعرفون أنهم يحتاجون لأمريكا أكثر من العكس، وأن المظلة الأمنية الأمريكية هي الوحيدة التي تضمن الحماية لإحتياجات المملكة خاصة في زمن الانهيار الإقليمي.

 مجملاً…إن ما يحصل حالياً بين أمريكا والمملكة السعودية ليس إلا انعكاساً لرؤيتين متناقضتين للتحولات الكبيرة في المنطقة، وفي الوقت نفسه فأن التوقعات بحدوث شرخ عميق في هذه العلاقات مبالغ فيها لأن ذلك من شأنه أن يحدث إهتزازاً عنيفاً للاستقرار في أسعار النفط العالمية، بإختصار شديد إن هذا الحادث الخطير وغير المسبوق في العلاقات لا يمكن أن يصل إلى درجة تسميم العلاقات الثنائية بين واشنطن والرياض، وأن لغة المصالح هي التي ستحسم في النهاية الأزمة القائمة بينهما.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.