رسالة مفتوحة إلى كافة أبناء الشعب اليمني / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الأربعاء 28/4/2021 م …
أما وقد توافق أركان العدوان الغاشم على الشعب اليمني القريبين والبعيدين ،وأذعنوا لضرورة وقف العدوان على اليمن ،لأسباب تعرفونها ونعرفها،فقد أصبحت الكرة الآن في ملعب أبناء اليمن،الذين عانوا كثيرا سواء من بقي صامدا في الداخل ،أو إضطر للجوء إلى الخارج،وكل عانى من الغربة الحارقة التي تبقي جذوى الحنين إلى الوطن مشتعلة،والتألم على وضعه بسبب العدوان،ومن بقي في الداخل عانى هو الآخر من الخوف والهلع والحرمان والجوع والعطش وكذلك عانى كثيرا من تبعات الموت المجاني الذي فرضه المعتدون ،الذين حاولوا وفشلوا في تدجين الشخصية اليمنية العصية تاريخيا على التدجين.
من هنا نبدأ ،فقد بزغ فجر السلام ،وعلى أبناء اليمن الإستعداد لهذا اليوم الذي كان ديدننا وهدفنا وشغلنا الشاغل جميعا،رغبة من الجميع في توفير غد أفضل لأطفال اليمن ،كي يعيشوا بأمن وأمان ويغادروا الخنادق وأصوات المدافع وأزيز طائرات الموت التابعة للعدون،وليرفلوا بأثواب الصحة والسعادة ويعيشوا مرحلة السلام،ويتفرغوا لبناء وطنهم العصي على التدجين ،ويسعدوا شعبهم الذي إتصف بالسعادة يوما،ولأن للحروب فواتير مكلفة ،فإن للسلام والوئام فواتيرا ربما تكون أكثر كلفة ،لأنه شتان بين من يهدم بسلاح وأدوات قتل الآخرين ،وبين من سيبني ويوفر كل أدوات الرفاه لأبناء شعبه،ويدخلهم تحت مظلة السلام ،بعد أن أمضوا سنوات طويلة في حالة الحرب والتدمير،ولا نبالغ إن قلنا أن لكل أمير في هاتين المرحلتين ميزة قوية،لذلك وجب التنبيه ،حتى لا يخلع المحارب ثوبه ويتربع في مقعده حول الطاولة المستديرة للمفاوضات.
صحيح أن أمير الحرب يتمتع بصفات متعددة منها القسوة والحسم في القرارات،وربما يقضي وقتا طويلا دوأن يمارس حياته الطبيعي ،بسب ظروف الحرب،فتزيده الظروف قسوة على قسوة ،خاصة وأن نقاشاته مع مساعديه تتركز فقط حول الحرب والمواجهة والقتل والأسر وما إلى ذلك،ولهذا وجب فصل أمير الحرب عن أمير السياسة،لأن لكل منهما مهمة خاصة ،وتتطلب مواصفات محددة.
ما نحتاجه في مرحلة ما بعد وقف العدون والبحث عن السلام،شخصيات معرفية بالدرجة الأولى،أسست معرفتها على الحكمة والأمل ونكران الذات والقبول بمبدا طنحن”بدلا من “أنا” ،وان تؤمن بمبدا التضحية ببعض المكتسبات من أجل إسعاد الجميع،وتتمتع بنفس طويل بعيدة عن الإنفعال،وجل همها إدارة الحوار الهادف إلى صنع السلام والوئام بطريقة عقلانية ،لأن إفتعال الخصومة سهل ،ويختلف عن الخوض في أمور السلام والبناء ،بمعنى أن فريق السلام والوئام يختلف عن فريق الحرب،وهذا لا يعني أن يكون فريق السلام بعيدا عن التمتع بقوة الشخصية وصدق الحدس وبعيد النظرة ويجيد لغة الجسد،وينطلق من حب اليمن والرغبة الصادقة في إعادة بنائه ،والنجاح في مسعى صنع السلام.
يحتاج اليمنيون بعد وقف العدوان إلى الإبتسامة الدافئة،وإلى التكاتف والتعاضد معا،تمهيدا لنقل اليمن من ساحة حرب ودمار،ينامون وينهضون على أصوات التفجيرات وأخبار فرق الحبة وخسارتهم ،إلى واقع جديد يتسم بالأمل ويشهد إجراءات لإعادة الإعمار والبناء وخلق نهضة يمنية موحدة،حتى يعود اليمن كما كان موحدا سعيدا تغمره الحكمة،شرط مغادرة الجميع عقلية الحرب والتدمير،لأن ما يجوز في ساحات الوغى ،لا يمكن قبوله في غرف السلام المقفلة المقبلة،فما أسهل ضغط الإصبع على الزناد ،وما أصعب مغادرة لغة القتل وإطلاق النار،وهذا بطبيعة الحال في عرف الآخرين ،لكن الآية يجب ان تكون معكوسة عند أهل اليمن المشهورين بحكمتهم.
مطلوب من أمراء السلام الإنطلاق من مقولة “اليمن أولا” ومخاطبة اليمني الآخر ب”عفى الله عما سلف” بسبب طبيعة العلاقة التاريخية بين أبناء الشعب الواحد،لكن يتوجب إظهار العين الحمراء عن التعامل من الخارج،بمعى تأمين إستقلال قراره السياسي حسب مصالحه ،وبعيدا عن مصالح الآخرين بغض النظر عن قرب أو بعد هؤلاء الآخرين ،فهم لن يقبلوا بدون إضطرار التنازل عن تحويل اليمن إلى حديقة خلفية لهم،وهذا يضطرنا لوضع هذا البند في مقدمة بنود المفاوضات،أن يبتعدوا عن اليمن ،ويحلوا مشاكلهم الإقليمية بعيدا عن الشعب اليمني،ولا شك أن مهمة أمراء السلام محفوفة بالمخاطر إن لم يقتنع الشعب اليمني نفسة بضرورة المصالحة والوئام،لأن ما عجز المعتدون عنه بواسطة العدوان ،سيعملون على تحقيقه من خلال المفاوضات في حال لم يجدوا من يصدهم.
ونختم بإقتراح تشكيل فريق كبير من أطفال اليمن ،ليكونوا مرافقين لفرق صنع السلام والوئام في غرف المفاوضات وحول الطاولات المستديرة ،ليذكروهم بالهدف الأسمى المطلوب منهم تحقيقه وهو السلام والوئام ،وأن يضع الجميع نصب أعينهم مستقبل هؤلاء الأطفال،كي نضمن سلاما حقيقيا ووئاما جادا ومصالحة نابعة من القلوب ،بهدف الوصول إلى مرحلة يمن واحد موحد…يمن السعادة والعقيق والعسل الأصلي والشعب الحر.
التعليقات مغلقة.