سلطة أوسلو تنقلب على الانتخابات قبل إجرائها / ابراهيم ابو عتيلة

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) – الجمعة 30/4/2021 م …

في أوسلوستان ، وكما كان متوقعاً، تم تأجيل / إلغاء الانتخابات التشريعية التي قررها محمود عباس لاكتساب الشرعية المطلقة له ولأوسلو وذلك قبيل إجراء تلك الإنتخابات بوقت قصير، نعم ، لقد تم اتخاذ قرار التأجيل ممن قرر إجرائها بحجج أوهى من حجج قرار إجراء الانتخابات ذاتها ، فتارة يقولون بأن عدم موافقة المحتل على إجراء الانتخابات في القدس أمر غير مقبول فالقدس ” عاصمة الدولة الموهومة ” فكيف تتم الانتخابات في دولة دون إجراء ذلك في عاصمتها !!!! فهم كمن يكذب الكذبة ويصدقها .. صدقوا بأنهم نواة دولة وروجوا لما يسمى ” حل الدولتين  على الرغم من موافقتهم في اوسلو على كيان مسخ بحكم ذاتي مقابل التنازل عن المقاومة المسلحة التي اعتبروها بموجب الاتفاقيات ” إرهاباً ” ، حكم ذاتي يجعلهم يحكمون الشعب ولا يحكمون الأرض ، ينفذون رغبة المحتل ولا يراعوا إرادة مصالح وحقوق الشعب … فالدولتين وهم ، لا ولم يصدقه الا عرفات وعباس ومن تحالف معهما وسار في دربهما ، فتنازل عرفات مقابل هذا الوهم عن أربعة أخماس فلسطين وارتضوا بما بقي لإقامة دولة مزعومة أسموها كذباً وتدليساً دولة فلسطين !!  وذلك من قبيل ذر الرماد في عيون أصحاب الحق في الأرض من اللاجئين وممن بقي تحت الاحتلال منذ عام 1948 كوسيلة وحيدة لتصفية القضية الفلسطينية وقضية حق الفلسطينيين بأرضهم وتاريخهم .. ولعل أفضل دليل على ذلك هو رفض الاحتلال القاطع لإقامة دولة فلسطينية ولو على شبر من فلسطين .




وعلى الرغم من كون تلك الانتخابات كانت ستمنح شرعية مطلقة لأوسلو وللاحتلال إلا أن المخزي هنا أن الفضائل التي اشبعتنا جعجعة برفضها لأوسلو وافقت على إجرائها وما زالت تتمسك بذلك وتعارض قرار ” السيد الرئيس ! “بالتأجيل .. فعشق السلطة لدى حماس تفوق على نهج المقاومة بعد أن تلذذت وتفردت بحكم قطاع غزة وحققت من خلاله مكاسب جمة للتنظيم ، ولعل التأجيل / الإلغاء ارتبط أيضاً بحالة التفسخ والتشرذم الذي حصل في دكاكين فتح حين بات كل دكان منها يروج لبضاعته مخفضاً الأسعار ومكثراً من التنازلات فمولات عباس والقدوة والبرغوثي ودحلان تتسابق على الناخبين لجذبهم مسجلين بذلك مصلحة حقيقية لحماس التي باتت كل التوقعات تشير بأن فوزها في هذه الانتخابات مسألة وقت يرتبط بإتمام العملية لتتسيد حماس على الضفة علاوة على تسيدها على قطاع غزة الأمر الذي قرأه عباس قراءة جيدة فقام بتاجيل / إلغاء تلك الانتخابات ليبقى في سدة الحكم إلى أجل غير معلوم ، ومن الغريب  بالأمر هنا أن تتمسك القوى المعارضة الأخرى لأوسلو بعملية الانتخاب ورفض التأجيل على الرغم من أن فرصة تلك القوى بالفوز لا تتعدى اكثر من مقعدين على الأكثر لأقواها لأن هذا سيكفل لقادة تلك الفصائل الحصول على مكاسب الدولار وبطاقات كبار الشخصيات فتلك بالنسبة لهم باتت أهم كثيراً من الوطن .

ولعله من المحزن أن كل ما جرى في القدس وفي الأرض المحتلة 1948 لم يغير شيئاً من مواقف السلطة وحماس والفصائل ولم يتعلموا من صدور المقدسيين العارية التي واجهت ببسالة جنود الاحتلال المدججين بالسلاح أمام كل كاميرات العالم فتلك المشاهد شاهدها العالم كافة إلا سلطة اوسلوستان المؤمنة بالتنسيق الأمني وبالمقاومة السلمية ولعل تصريحات قادة تلك السلطة عما يجري في القدس لأكبر دليل على ذلك .. انتفاضة رمضان في القدس أجبرت قوات الاحتلال على رفع الحواجز الحديدية من أمام باب العامود في تراجع غير مسبوق وفي نصر يسجل للمنتفضين من أبناء القدس ، فكيف يتم تأجيل الانتخابات بحجة انتخابات القدس في الوقت التي تركوها وحيدة في مواجهة الاحتلال وفي الوقت الذي صرح فيه عملاء التنسيق الأمني برفضهم الصريح للمقاومة إلا السلمية الناعمة منها ، وهنا ، لا بد أن نسجل التحية للمقدسيين المنتفضين وإخوانهم في الأرض المحتلة 1948 والذي قام الفلسطينيون فيها برفع أعلام فلسطين أمام جلادي الاحتلال رغم مرور 73 عاماً على الاحتلال والذين مازالوا يتعلقون بالأرض وبالرمز الوطني المتمثل بعلم فلسطين التاريخية التي تريد سلطة أوسلو تجيير اسم وعلم فلسطين لها على الرغم من تنازلها عن غالبية فلسطين .. ولعل عدم رؤية أزلام السلطة لما جرى في بلدات الجليل كأم الفحم والعلم الفلسطيني يرفرف فوق رؤوس المتظاهرين فيها لا يعني زُلم السلطة شيئاً فتلك مناطق تقع في الدولة المجاورة ” إسرائيل ” وهم لا يتدخلوا بشؤون الدول الأخرى وكأنه شأن داخلي ل” إسرائيل ” الجارة .

ومع الرفض التام لكل اوسلو وإفرازاتها بما فيها انتخابات عام 2006 حين حصلت حماس على 74 مقعداً مقابل 45 مقعداً حصلت عليه فتح من أصل 132 مقعد .. الأمر الذي دفع بعباس وزمرته حينذاك للإنقلاب على نتائج تلك الإنتخابات ، وهاهم الآن ينقلبون على الانتخابات قبل إجرائها بعد أن فشلوا بتشكيل قائمة موحدة مع حماس ليضمنوا فوزهم بالتزكية والمبايعة وليمضوا قدماً في مشروع التصفية بعد أن ضمنوا بأن شهوة السلطة والحكم عند حماس وفصائل الجعجعة من اليسار أكبر من روح المقاومة .

إن ما يجري في القدس متمثلاً بانتفاضة رمضان والمقدسيين وأعلام فلسطين التي رفعت في الجليل وأم الفحم تعتبر رسالة واضحة للعالم أجمع بأن شعب فلسطين يتمسك بقضيته ويؤمن بحريته وبإرادة التحرير لفلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر مهما طال الزمن ، ولعل كل ما ينقص الشعب الفلسطيني هو وجود قيادة وطنية غير مرتبطة بالاحتلال ولا بمشاريع المهادنة والتسوية في تنظيمات الدين السياسي .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.