انتفاضة القدس الرمضانية دليل على عظمة شعب الجبارين وصفعة للقيادات الفلسطينية والعربية والإسلامية / د. كاظم ناصر
د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الجمعة 30/4/2021 م …
نجح شباب فلسطين العزل في إجبار شرطة الاحتلال الإسرائيلية على إزالة الحواجز التي وضعتها في ساحة باب العامود المؤدي إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى وقبة الصخرة. فعلى مدى 13 يوما احتج شباب القدس والضفة الغربية ومنطقة ال 48 المحتلة على منعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى ومن الجلوس في ساحة باب العامود للسمر خلال شهر رمضان المبارك، وأرغموا دولة الاحتلال على إزالة الحواجز، ولقنوا قطعان المستوطنين درسا لن ينسوه.
هذه الانتفاضة تؤكد أن الشعب الفلسطيني العظيم بأجياله المتعاقبة عصي على الكسر، ولن يستسلم أبدا، وسيظل يناضل ويضحي حتى يطهر وطنه من رجس الاحتلال؛ والدليل على ذلك هو أن معظم المتظاهرين الفلسطينيين في شوارع القدس هم من أبناء الجيل الجديد، أي أبناء الجيل الرابع الذين ولدوا بعد ما يزيد عن 55 عاما على احتلال بلدهم، وقسما كبيرا من الذين اعتقلوا منهم تتراوح أعمارهم بين 15- 22 عاما، وان هبتهم لم تكن فتحاوية أو حمساوية أو فصائلية، بل كانت شعبية بامتياز وبلا قيادة محددة.
إسرائيل دولة عنصرية محتلة لا جذور لها في المنطقة، وأقيمت وبقيت موجودة نتيجة .. للتآمر الغربي وخيانات وانقسامات وتقاعس القيادات الفلسطينية والعربية والإسلامية السابقة والحالية ..؛ فعلى الصعيد الفلسطيني فشلت القيادات الفلسطينية في الاتفاق على استراتيجية موحدة، وما زالت الخلافات الفلسطينية التي خفضت مستوى ثقة الشعب بالقيادات الفصائلية والحزبية مستمرة لكونها عجزت منذ عام 2007 عن تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام؛ ولأن بعضها ما زال يراهن على التوصل إلى حل سلمي من خلال المفاوضات!
وعلى الصعيد العربي ازدادت هرولة ” أسياد زمن الطوائف والمذاهب ” والقبائل العربية إلى تل أبيب، وأمعنوا في التطبيع معها والاستسلام لإرادتها؛ فلا غرابة في تآمر تلك الأنظمة على القدس وفلسطين وتخليها عنها، واصدارها بيانات باهتة .. كاذبة لا تنطلي على أحد.. تستنكر فيها ما تقوم به سلطات الاحتلال في القدس وغيرها من المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، والمضحك أن دولة الإمارات العربية أصدرت بيانا تستنكر في الممارسات القمعية الإسرائيلية في القدس! فمن يصدق هذا الغباء والاستهتار بعقول الشعوب العربية؟
وعلى الصعيد الإسلامي الرسمي لم يحدث شيء ذو قيمة؛ والشيء الوحيد الذي حدث هو أن علماء المسلمين عقدوا مؤتمرا صحفيا حول ” حراك بيت المقدس”، وأصدروا ما أسموه ب” رسالة علماء الأمة وخطبائها للمرابطين في بيت المقدس ” طالبو فيها حكام المسلمين أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه القضية الفلسطينية، ودعوا أحرار الأمة للتحرك واسناد المقدسيين في انتفاضتهم الجديدة، ووجهوا دعوة إلى خطباء المسلمين لتخصيص الجمعتين القادمتين لحشد الأمة في مواجهة هذه الهجمة! هذا المؤتمر وتصريحاته لا قيمة لها، وليست سوى محاولة لخداع وامتصاص نقمة الجماهير في العالمين العربي والإسلامي. إذا كان علماء الأمة صادقين في دعوتهم لدعم انتفاضة القدس فلماذا لا ينزلون إلى شوارع المدن الاسلامية ويقودون مظاهرات واحتجاجات عارمة تأييدا للمقدسيين؟ ولماذا لا يطالبون حكام بلادهم باتخاذ مواقف وإجراءات حقيقية ضد إسرائيل؟
إسرائيل استغلت الانقسامات الفلسطينية وتقاعس الأنظمة العربية والإسلامية لتعزيز احتلالها واستمرار ظلمها واضطهادها للشعب الفلسطيني، والقادة الفلسطينيون صامدون في خنادق فصائلهم، ويشاركون ” إخوانهم قادة العرب والمسلمين ” في إصدار بيانات الاستنكار والرفض الجوفاء التي لا قيمة لها ولا يصدقها أحد، متناسين أن القدس ليست ملكا للشعب الفلسطيني فقط، بل هي ملك ل 1700 مليون مسلم من بينهم 400 مليون عربي تحيط دولهم بفلسطين المحتلة، ويمنعون حتى من التظاهر والاحتجاج على ممارسات الصهاينة!
الحقيقة المرة هي أن القيادات الفلسطينية الحالية فاشلة ولا تمثل الشعب الفلسطيني الأبي؛ والأنظمة العربية تتآمر على القدس وفلسطين، لكن الشعوب العربية التي تزدري حكامها ترفض ذلك وتشعر بالخزي والعار، وتتوق للموت دفاعا عن فلسطين وقضايا أمتها العربية؛ أي إن تضحيات شباب وشابات فلسطين، وردود فعل الشعوب العربية الرافضة لخيانات وخذلان حكامها تثبت وبدون شك أن الوطن العربي بلا قيادات، وإنه يبحث عن منقذ يتصدى لأسياد الطوائف والمذاهب الانهزاميين، ويحيي الشعور القومي العربي، ويعمل على إعادة ثقة الأمة العربية بنفسها، وإعدادها للتصدي لجلاديها العرب ولأعدائها اللدودين، خاصة إسرائيل وأمريكا!
التعليقات مغلقة.