تصريحات عباس لـ “دير شبيجل”! / د. فايز رشيد
د. فايز رشيد ( الأردن ) الخميس 28/4/2016 م …
أدان محمود عباس رئيس السلطة -التي هي بلا سلطة- في مقابلة له مع مجلة “دير شبيجل” الألمانية، عمليات المقاومة المجيدة، التي ينفذها شبان شعبنا البطل ضد قوات الاحتلال الفاشي الصهيوني وضد القطعان السائبة من مستوطنيه الهمجيين المنفلتين من عقالهم. إذ قال في المقابلة التي نشرتها المجلة أخيرا -على هامش زيارته التي أجراها للعاصمة الألمانية “برلين” للقاء المستشارة الألمانية إنجلينا ميركل-: “إن التنسيق الأمني مع إسرائيل يسير على أحسن ما يرام، مضيفا بالحرف الواحد: يمكنني القول إن الأوضاع في المناطق الفلسطينية تحت سيطرة أجهزتنا الأمنية بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية! وأضاف أنه “قبل أيام قامت قواتنا باعتقال 3 من الشبان والتحقيق معهم ليتبين أنهم كانوا ينوون تنفيذ عملية ضد إسرائيل، ما يمكنني قوله إن قواتنا تعمل بكفاءة عالية لمنع “الإرهاب”. كما رفض عباس إطلاق اسم “انتفاضة” على ما يجري في المناطق الفلسطينية من عمليات مقاومة فدائية ينفذها شباننا الفلسطينيون، مستطردا: “نحن لا نشجع شبابنا على ارتكاب “العنف”. وختم بالقول: “نجدد تقديرنا لـدولة إسرائيل التي ستعيش جنبا إلى جنب مع دولة فلسطين في سلام وأمن، وأنا على استعداد تماما للجلوس مع نتنياهو.
سبق لرئيس سلطة أوسلو أن تباهى بإصداره الأوامر لمدير مخابراته بمنع عمليات المقاومة والطعن بالسكاكين لجنود الاحتلال ومستوطنيه، وأيضا تفاخر الأخير بمنع وإحباط ما ينوف عن 200 عملية ضد قوات الاحتلال الفاشي الصهيوني، تمامًا كما التصريح ولمن؟ للتلفزيون الصهيوني، بأنه أصدر الأوامر بتفتيش حقائب طلبة المدارس بحثا عن السكاكين المطبخية، كما التنسيق الأمني، الذي يعتبره مقدسًا، كما نهج المفاوضات كخيار إستراتيجي وحيد يتبناه! رغم عبثيته ولاجدواه وعقمه، ورغم أن الاستيطان الصهيوني تجاوز نطاق أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية! عباس، والحالة هذه، لا يرى أكثر من مسافة تمتد إلى أرنبة أنفه فقط لا غير. كما يتبع رئيس السلطة أسلوبًا بدائيًا قديمًا: الحصار المالي ضد كلّ من يطالب بمحاسبته على تصريحاته البعيدة عن الحقيقة، والتي تقع خارج إطار الزمن، والتاريخ والجغرافيا أيضًا.
وآخر تقليعات رئيس السلطة، مسألة رعناء مارسها للمرة الألف، وهي الأمر بتوقيف مخصصات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من الصندوق القومي الفلسطيني، المقرّة من المجلس المركزي الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يسمع أحد باسم الرئيس، إلا بعد اعترافه وتفاخره بأنه الذي هندس اتفاقيات أوسلو المشؤومة سيئة الصيت والسمعة، والتي لم تجلب سوى الكوارث حتى اللحظة لمشروعنا الوطني ولقضيتنا ولحقوق شعبنا الفلسطيني.
لقد عانت الساحة الفلسطينية تاريخيا من الاستئثار والهيمنة من قبل الفصيل الواحد، ومن قبل القائد الأوحد على منظمة التحرير الفلسطينية المهيمن والمتحكم في قرارات هيئاتها والمؤسسات التابعة لها. هذه المظاهر المغالية في سلبيتها، تركت آثارها وتداعياتها في مختلف المناحي، وبخاصة المتمثلة في قرارات سياسية أقل ما يمكن أن يقال فيها. إنها كانت كارثية على المشروع الوطني الفلسطيني، مثل اتفاقيات أوسلو الكارثية، والمباحثات التي امتدّت لعقدين مع العدو الإسرائيلي، وها هي النتائج تثبت بما لا يقبل مجالًا للشك، التداعيات التدميرية الكبيرة للاتفاقيات والمباحثات على القضية الفلسطينية.
المهيمنون على الساحة الفلسطينية وعلى رأسهم عباس. يريدون للوحدة الوطنية الفلسطينية أن تكون قميصًا يلبسونه عندما يريدون، ويخلعونه عندما لا يناسبهم، من المفترض أن ميزانية منظمة التحرير هي ملك لكل الفلسطينيين وفصائلهم حتى في حالة الاختلاف معهم. الخارجون عن ميثاق المنظمة ومن أبرزهم. السلطة ورئيسها وأركانه، هم الذين من لا يستحقون أخذ أموال من المنظمة. بالطبع لأنهم هم الخارجون عن ميثاقها وليس الملتزمين به. منذ تشكيل السلطة الفلسطينية وهي الواقعة فعليًا تحت الاحتلال، جرى إهمال متعمد لمنظمة التحرير ومؤسساتها كافة، وظلت العودة إليها شعارًا ليس إلاّ يرفعه المهيمنون عليها، عندما تقع السلطة في ورطة سياسية. تنظيمات فلسطينية عديدة رفعت لواء الإصلاح في المنظمة ومؤسساتها، وتم توقيع أوراق على هذا الصعيد، لكن لا تتوافر الإرادة السياسية للمهيمنين عليها، لاعتباراتهم الخاصة، لبدء هذا الإصلاح، وبالتالي ظلّ الإصلاح وإعادة الاعتبار للمنظمة ومؤسساتها شعارًا فقط، لم يبدأ تطبيقه. لا يقتصر التفرد والهيمنة والاستئثار على السياسات والأموال وحدها في المنظمة، بل يتجاوزها إلى الوظائف كلها بلا استثناء في مؤسسات المنظمة. عباس بتصريحاته وسلوكه هو الخارج عن الميثاق الوطني الفلسطيني وعن أسس وقواعد العلاقة في منظمة التحرير الفلسطينية وعن الشرعية الثورية المستمدة من الشعب الفلسطيني. الذي ينادي بالمقاومة ويمارسها نهجا يوميا. غضب عباس وزبانيته أم رضوا! يمارس مقاومته دون أخذ الإذن من واصفي المقاومة بـ”العنف والإرهاب”! السلطة بكل تشكيلاتها ستكون مرحلة عارضة في تاريخ شعبنا ومقاومته “فلن يبقى في الوطن غير حجارته” مثلما ذكر المبدع الطاهر وطار. مقاومة شعبنا عادلة. وحقوقنا هي كامل الأراضي الفلسطينية من النهر إلى البحر. ومن رأس الناقورة حتى رفح. فلسطين لا تقبل القسمة على اثنين. وهي تاريخيا لشعبها الأصيل. أما الطارئون من الغزاة. فسيضطرون إن عاجلا أو آجلا إلى حمل عصيّهم على كواهلهم ويرحلون مهزومين.
التعليقات مغلقة.