هل يجرؤ “داعش” على عقد الصفقة؟ / فهد الخيطان
فهد الخيطان ( الأردن ) الإثنين 2/2/2015 م …
يصعب على المتابعين، وحتى المتخصصين بشؤون الجماعات المتطرفة، تفسير سلوكها دائما. هذا ما يحصل حاليا مع تنظيم ‘داعش’ الإرهابي. في رسالته الثانية بخصوص الطيار الأردني معاذ الكساسبة والرهينة الياباني، هدد التنظيم بقتل الطيار إذا لم يفرج الأردن عن المجرمة ساجدة الريشاوي، ولم يرد في الرسالة ما يشير إلى مصير الرهينة الياباني. في اليوم التالي، أقدم التنظيم على قتل الياباني بطريقته الوحشية المعهودة، ولم يأت على سيرة الطيار الأردني.
هل نحن أمام لعبة شد الأعصاب التي انتهجها التنظيم مع الأردن، أم أنه بصدد مراجعة خياراته بشأن الطيار البطل؟
منذ أن أعلن الأردن استعداده لمبادلة الريشاوي بالطيار، واشترط قبل ذلك على ‘داعش‘ تقديم دليل على أن الطيار الأردني ما يزال على قيد الحياة، انتهج التنظيم سلوكا مراوغا. في البداية، سعى إلى إحداث شرخ بين الموقفين الرسمي والشعبي، بالقول إن الحكومة الأردنية ترفض التفاوض لإطلاق سراح الطيار، وتمتنع عن الاستجابة لشروط الإبقاء على حياته. ولجأ إلى بث سمومه عبر اتصالات هاتفية من مجهولين خارج البلاد مع جهات عديدة في الأردن، وهو ما ساعد على كشف خططه.
قتل الرهينة الياباني عمل شنيع أدانه الأردنيون قبل اليابانيين. لكن الخطوة قد تشكل نقطة تحول في المفاوضات الجارية لتحرير الرهينة الأردني. فبعد مقتل الرهينتين اليابانيين، لم يعد أمام ‘داعش’ من أعذار لرفض صفقة ‘الريشاوي مقابل الكساسبة‘.
في المفاوضات التي بدأت عبر وسطاء قبل أسابيع، تقدم الأردن بمثل هذا العرض، ولم يتلق جوابا من ‘داعش’. ثم، وفي وقت لاحق، بادر ‘داعش’ إلى عرض بديل؛ لم يرفضه الأردن، إنما طالب بتوسيعه ليشمل الطيار الأردني، وإلا أصبح بلا معنى.
الآن، عدنا إلى نقطة البداية؛ فهل هذا ما يريده ‘داعش’؟
ليس واضحا بعد. لكن التفكير المنطقي -وهذا لا ينطبق بالضرورة على جماعة متوحشة كتنظيم ‘داعش’- يقودنا إلى الاعتقاد بأن لا سبيل أمام ‘داعش’، إذا كان يرغب حقا في إنقاذ الريشاوي من الإعدام، غير القبول بعرض التبادل.
لكن قبل ذلك، ينبغي التوقف عند مصير الطيار الأردني، وامتناع ‘داعش’ عن كشف ما إذا كان حيا، وهذا ما نتمناه، أم أن التنظيم ارتكب حماقة بحقه. الطيار الكساسبة هو الرهينة الوحيد عند ‘داعش’ الذي لم يظهر في فيديو؛ لا بالصوت ولا بالصورة. كل ما نقل على لسانه كان مجرد نص مكتوب نشرته مجلة ‘دابق’، يروي فيه تفاصيل تتعلق بعمله كطيار، وقبل ذلك صور للحظة أسره. أما الصورة التي ظهرت له بيد الرهينة الياباني، فتدور حول صحتها شكوك قوية.
الاحتمالات في هذا الصدد كثيرة. وربما يكون الأمر مقصودا من ‘داعش‘ للتلاعب بالأردن، أو هناك خلافات داخلية حول مصيره. فيما يبقى الاحتمال الأسوأ قائما بالطبع.
من المؤكد أن ‘داعش’ لا يتعامل مع قضية الطيار الأردني بنفس الطريقة التي تعامل بها مع رهائن دول أجنبية. الأردن دولة في جوار ‘داعش’، ومشتبكة معه ميدانيا، وثمة حسابات كثيرة لا بد وأن تؤخذ بالحسبان قبل اللجوء إلى الخيار الذي اعتاد التنظيم اتباعه مع الرهائن الآخرين.
الأردن تجاوز كل الاعتبارات الخارجية والتحفظات الدولية، من أجل شيء واحد، هو ضمان عودة الكساسبة سالما. وأعلن رسميا استعداده لعقد صفقة مع ‘داعش’. فهل يجرؤ تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ على فعل يغاير سلوكه السابق، ويقبل بصفقة عادلة عوضا عن نهج التوحش الذي جلب له عداء العالم كله؟
التعليقات مغلقة.