المناضلة الثورية الكوبيّة فيلما إسبين: من البرجوازية للعمل السري الثوري




كانت فيلما إسبين (Vilma Espín) واحدة من أكثر النساء رمزية للثورة الكوبية، والتي كان لها وزن سياسي كبير في الحكومة بعد انتصار الثورة، فهي كانت من مؤسسي اتحاد المرأة (FMC) وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي الكوبي، وواحدة من أبطال العمل السري قبل الثورة.

إن شجرة عائلة هذه المرأة لها خصوصية ربما تنبأت بالمستقبل فمن بين أسلافها هو صهر كارل ماركس ومؤسس الحزب الشيوعي الفرنسي بول لافارج. وُلدت فيلما في السابع من ابريل عام 1930 في سانتياغو دي كوبا لعائلة ثرية. أيضا، من بين معلميها في الصف السابع يبرز ابن أحد المامبيز1* (Mambises) الذي كان مساعدًا لأنطونيو ماسيو2*.

كانت واحدة من أولى النساء في الجزيرة التي تخرجت كمهندسة كيميائية صناعية في جامعة دي أوريتني (Universidad de Oriente)، تتلمذت على يد البروفيسور والعضو في الحزب الجمهوري الاسباني*3المنفي الى كوبا في حينها، خوليو لوبيز ريندويلز، والد رئيس الأركان الحالي للجيش الكوبي، ألفارو لوبيز مييرا. بعد الانقلاب الذي قام به فولجينسيو باتيستا، في عام 1952 أصبحت الجامعات الكوبية مراكز مقاومة، فكانت بدايات فيلما إسبين في الحركة الثورية الطلابية، خاصة بعد الهجوم على ثكنات المونكادا من قبل فيدل كاسترو، في 26 يوليو 1953، فقد نشطت فيلما في العمل الطلابي من خلال اتحاد الطلبة الجامعين في الشرق (FEUO)، فكانت ممن قادوا إضراب الجامعات في 17 اذار 1952 الذي أجبر الجامعات على الإغلاق واستمر 45 يوما.

بعد تخرجها، في عام 1954، ذهبت إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وبعدها، سافرت إلى المكسيك لتقابل فيديل ونقل أوامره ورسائله إلى كوبا، في الوقت الذي كان يتم فيه التحضير للعودة على متن قارب غرانما، بقيادة فرانك بايس(Frank País)، زعيم حركة السادس والعشرين من يوليو في المنطقة الشرقية، الذي كان على اتصال مع بطلة العمل السري سيليا سانشيز.

بعد استشهاد فرانك بايس، تم تعيين ديبورا ” الاسم الحركي لفيلما” كمنسقة للحركة في مقاطعة الشرق، وهي مهمة قامت بها حتى انضمت إلى حرب العصابات على الجبهة بقيادة راؤول كاسترو. بعد الانتصار العسكري، تحولت مهمة فيلما إسبين إلى محاولة استقطاب وإشراك النساء الكوبيات في المشروع الثوري، وفي 23 أغسطس 1960، أسست FMC، واحدة من أهم المنظمات الجماهيرية في البلاد، التي تنتمي إليها أكثر من أربعة ملايين امرأة، حوالي 90 ٪ من النساء فوق سن 14 سنة.

وكان دور اتحاد المرأة الكوبي، يقوم على إطلاق المبادرات المختلفة لتسهيل دمج المرأة في العمل والنضال من أجل تحريرها الكامل في مجتمع ذكوري مفتول العضلات. ولكن بخلاف عملها على رأس المنظمة النسائية، التي ترأستها حتى وفاتها، كانت فيلما إسبين ولسنوات طويلة على علاقة مباشرة مع فيدل وراؤول كاسترو، من خلال عملها وجهدها المتواصل لتبرز كسياسية صلبة ورائدة في هذا المجال وأصبحت نائبة وعضو في مجلس الدولة منذ إنشاء البرلمان الكوبي في عام 1975، فقد كانت فيلما إسبين أول امرأة تصل إلى أعلى مستوى في الحزب الكوبي.

فيلما حققت الكثير من أحلام النساء الكوبيات، نقلت صوتهن وأعطتهن المكانة التي يسحقن كنصف المجتمع وعماده، من أهم إنجازاتها هي إنشاء حلقات الأطفال، وهي دور لرعاية أطفال الإباء العاملين الذين هم دون السن المناسب لدخول رياض الأطفال حيث يتلقون فيها الرعاية من مهنيين مختصين براعية الطفل، وتم توضيح هذا كحق من حقوق المرأة والطفل وقد تم وضعها بالفعل في القانون التأسيسي لاتحاد المرأة الكوبي.

فيلما التي كانت ومازالت مثالا يُحتذى به للحركة النسوية ليس فقط في كوبا، بل وعلى الصعيد العالمي، على الرغم من افتقار العالم لوجود هذه الشخيصات باستثناءات ثورية نيّرة في بعض مناطق العالم، جمعت بين العمل الثوري مؤمنةً بأهميته للوصول الى تغيير حقيقي يُترجم على الواقع، وقد أصبح وجود نساء قادرات اليوم على التغيير الحقيقي هو ضرورة ثورية أكثر من أي وقت مضى.

  1. مامبيز: هي جمع كلمة مامبي، وهي كلمة ذات أصل افريقي، وقد أطلق هذا الاسم على الكوبين الذين شاركوا في حرب الاستقلال من الإسبان (حرب العشر سنوات 1868-1878) تحت إمرة ماكسيمو غوميز، كاليكستو غارسيا، خوسيه مارتيه وأنطونيو ماسيو.
  2. أنطونيو ماسيو: أحد المقاتلين العظماء من أجل حرية كوبا وشارك في الحربين العظيمتين اللتين خاضتهما البلاد في القرن التاسع عشر لتحرير نفسها من إسبانيا.
  3. الحزب الجمهوري الإسباني: حزب تأسس في عام 1909 في برشلونة كان يدعو للإطاحة بالحكم الملكي ويدعو لقيام الجمهورية، ويعود تاريخه للعصور الوسطى.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.