المفكر الإقتصادي العربي غازي ابو نحل يكتب : قمة المناخ… وخسائر صناعة التأمين

غازي أبو نحل* – الإثنين 10/5/2021 م …




* رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات Nest Investments (Holdings) L.T.D

* الرئيس الفخري لرابطة مراكز التجارة العالمية …

يعود المناخ ليفرض نفسه من جديد على الساحة العالمية، حيث إلتقى زعماء الدول لمناقشة القضايا المرتبطة به، فالمخاطر البيئية والمناخية هي قضايا دولية مشتركة تتجاوز الحدود الوطنية، والتعامل معها يتطلب حلولاً عالمية شاملة من أجل مستقبل الأجيال وحماية كوكب الأرض، وفي مقدمة تلك الحلول زيادة الوعي بالمخاطر البيئية والمناخية وأهمية خفض الإنبعاثات ومواجهة الإحتباس الحراري في الغلاف الجوي وسبل تنفيذ الدول لتعهداتها بهذا الشأن، وخاصة البلدان الصناعية الكبرى، إضافة إلى سبل تمويل برامج الطاقة النظيفة والإبتكارات والتحول وما يعرف  بالمشاريع الخضراء.

محاولة لإنقاذ العالم

بالتزامن مع اليوم العالمي للأرض في الثاني والعشرين من شهر نيسان/ابريل الماضي، وبناء على دعوة موجهة من الرئيس الأميركي جو بايدن، عُقدت قمة المناخ لمدة يومين، في محاولة ساعية إلى إنقاذ العالم من التغيّر المناخي وتبعاته الكارثية، بمشاركة 17 دولة مسؤولة عن ثمانين في المئة من الإنبعاثات العالمية المضرّة للبيئة، وزعماء معظم دول العالم، وعدد من رجال وقادة من المجتمع المدني.

في خلفية المشهد، إلى جانب جائحة كورونا التي تجتاح العالم وتخلّف آثارها السلبيّة، ثمّة “وباء عالمي” آخر يُعَدّ مدمّراً للحياة على الأرض إذ يهدّد مستقبلها، أقلّه وفق ما يذهب مهتمون ومتخصصون في علم المناخ. ومن بين ما يُقلق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بحسب تقارير حديثة لها، ارتفاع درجات الحرارة ومشاهد انحسار الجليد عن غرينلاند أكبر جزيرة جليدية، واشتعال حرائق نادرة في دائرة المنطقة القطبية، تحديداً في غابات سيبيريا الروسية في العام الماضي. ويردّ خبراء تلك الحرائق إلى ذوبان الجليد وارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي في سيبيريا.

ويبدو التغيّر المناخي موضوعاً يُصنّف كترفٍ بالنسبة إلى الشعوب المنشغلة بحروب ومجاعات وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية وغير ذلك، وهذا أمر مفهوم على الرغم من أنّ هذه المعضلة العالمية تؤثّر على مجمل حياة البشر على الأرض وعلى مستقبل الأحفاد في حال لم يتمّ التدخل سريعاً والالتزام بخطط لخفض انبعاثات الغازات المضرّة بالبيئة. في المقابل، تُقلق الأخبار السيئة بلدان أوروبية شمالية وغيرها التي تحدّها بحار ومحيطات، فذوبان الجليد وارتفاع حرارة المياه سوف يؤديان إلى ارتفاع مستويات المياه وإلى مزيد من الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة.

يُذكر أنّه منذ أكثر من 30 عاماً، كان خبراء المناخ في الدول الإسكندنافية، لا سيّما في الدنمارك، بالإضافة إلى هولندا والشمال الألماني، يحذّرون من تلك المستويات التي ستؤدّي إلى تآكل الرقعة الشاطئية واختفاء مدن قريبة من المستويات المرتفعة للمياه.

 

 

الأخطار الكارثية وصناعة التأمين

 

وسط الحديث عن قمة المناخ، لا بد من التطرق إلى تأثيرات الكوارث الطبيعية على صناعة التأمين.

الخطر الكارثي هو الخطر الذي يتعرض فيه عدد كبير من الأفراد  لخسارة ضخمة بسبب حدوث الخطر و يمكن أن يكون الخطر الكارثى في صورة كارثة طبيعية  ( زلازل أو فيضانات أو موجات تسونامي) أو هجوم إرهابي يؤدي إلى خسائر في الأرواح وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع.

ويشير مصطلح “كارثة” في صناعة تأمينات الممتلكات إلى الكوارث الطبيعية أو الكوارث التي هي من صنع الإنسان، والتي تكون شديدة بشكل غير عادي. ويصنّف الحدث من قبل صناعة التأمين  باعتباره  كارثة “إذا كان من المتوقع أن تبلغ المطالبات المتعلقة به  حداً معيناً من الدولارات ( والذي اتفق على تحديده حالياً عند 25 مليون دولار ) ويتأثر به عدد معين من حاملي الوثائق وشركات التأمين”.

تشير تقديرات معهد Swiss Re للخسائر الناجمة عن الكوارث العالمية خلال النصف الأول من عام 2020 إلى ما يلي:

بلغت خسائر الممتلكات المؤمّن عليها  نتيجة للكوارث 31 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من عام 2020، ارتفاعاً من 23 مليار دولار أمريكي في العام السابق.

شكلت الكوارث الطبيعية 28 مليار دولار أمريكي من الخسائر المؤمّن عليها، معظمها ناتج عن أحداث أخطار ثانوية، حيث تسببت العواصف الحرارية الشديدة في أمريكا الشمالية في خسائر مؤمّنة تزيد عن 21 مليار دولار أمريكي، وهي أعلى نسبة منذ النصف الأول من عام 2011 حيث حصدت أحداث الكارثة أرواح أكثر من 2000 ضحية .

بلغت الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان  خلال النصف الأول من عام 2020، 75 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقديرات سيجما الأولية، مقارنة بـ57 مليار دولار أمريكي في الفترة نفسها من العام السابق.

في السنوات العشر الماضية، بلغ متوسط المطالبات المؤمّن عليها  خلال النصف الأول من العام، 36 مليار دولار أمريكي. وذلك وفقا لتقديرات مجلة سيجما للخسائر الناجمة عن الأضرار التي أصابت الممتلكات مع استبعاد المطالبات المتعلقة بكوفيد-19.

فَقَدَ أكثر من 2000 شخص حياتهم أو فٌقدوا أثناء الكوارث التي وقعت خلال النصف الأول من عام 2020. و كان الدافع الرئيسي لخسائر هذه الفترة هو المخاطر الثانوية Secondary Perils، حيث لعبت العواصف الرعدية في أمريكا الشمالية دوراً مهماً.

من أصل 75 مليار دولار من إجمالي الخسائر الاقتصادية العالمية في النصف الأول من عام 2020، شكلت الكوارث الطبيعية 72 مليار دولار أمريكي، ارتفاعاً من 52 ملياراً في الفترة نفسها من العام الماضي. و نتجت الخسائر المتبقية البالغة 3 مليارات دولار أمريكي عن كوارث من صنع الإنسان ، انخفاضاً من 5 مليارات في النصف الأول من عام 2019.  ويعزى انخفاض هذا العام جزئياً إلى جائحة كوفيد-19، و ما أدت إليه من قرارات الإغلاق في جميع أنحاء العالم . مما أدى إلى توقف النشاط الاقتصادي في معظم دول العالم تقريباً.

ارتفعت الخسائر العالمية المؤمّن عليها من الكوارث الطبيعية إلى 28 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من عام 2020 ، مقارنة بـ19 مليار دولار أمريكي في العام السابق ، بينما انخفضت الخسائر المؤمّن عليها من الكوارث التي من صنع الإنسان إلى 3 مليارات دولار أمريكي مقارنة بـ4 مليار دولار أمريكي في نفس الفترة من العام السابق.
ان تغيّر المناخ خطر نمطي، وعلى عكس جائحة كوفيد-19 فانه ليس له تاريخ انتهاء. ولذلك قد تخضع الخسائر العالمية للنصف الأول من العام لمراجعة تصاعدية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي موسم الأعاصير الجاري في شمال المحيط الأطلسي إلى خسائر أكبر في الفترة المتبقية من العام.

يمكن للكوارث الكبرى أن تعوق نمو الاقتصاد و تؤدي إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي، و إضعاف  القوة  المالية للاقتصاد، لذلك  لا ينبغي لأي اقتصاد أن يتجاهل وضع مخصصات كافية لمكافحة الخسائر المالية الناجمة عن الكوارث.

يقول الدكتور صادق الركابي، مدير المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن “تأتي قمة المناخ وسط ظروف مناخية وكوارث طبيعية تعاني منها الكرة الأرضية وتقلبات أثرّت في إقتصاد العالم” محذراً من “أن العالم سيتكبد خسائر بحلول العام 2025 قد تتجاوز 1.7 تريليون دولار أميركي، وقد يدخل إلى خط الفقر نحو 132 مليون شخص جديد، كما إن الإنتاج الزراعي للعالم تراجع بنسبة 21 في المئة بسبب التغيرات المناخية، مما سيؤثر بدوره على الأمن الغذائي وبالتالي الأمن السياسي بسبب الهجرات والصراعات”.

 

تأثيرات ايجابية… للجائحة

بعد أشهر من الاقفال العام ووقف كل أنواع النشاطات بفعل جائحة كوفيد-19، بدا المشهد الصيني مبشّراً لجهة انقشاع السماء وغياب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. صحيح أنّ العالم، في خلال عام من الجائحة، شهد انخفاضاً بنسبة 5.8 في المائة في الانبعاثات، وهو انخفاض تاريخي بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، غير أنّ تقرير المنظمة السنوي أشار في المقابل إلى أهوال طاولت المناخ في عام 2020. فقد أفاد بأنّ البشرية شهدت في العام الماضي أكثر الأعوام دفئاً للعام الثالث على التوالي. واستقرار درجات الحرارة ساهم فيه احتفاظ المحيط الهادئ ببعض البرودة وظاهرة النينيا. وبحسب تقارير مختلفة، فإنّ الأعوام الستة الماضية كانت الأكثر دفئاً في تاريخ كوكب الأرض، منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

سجّل العام الفائت، بعد تفاؤل ضئيل، حرائق غابات وموجات حرارة على اليابسة وفي البحار، ما أدّى إلى انتشار موجات جفاف وعدد قياسي من الأعاصير. ويرى في ذلك الخبير الدنماركي في المناخ، راسموس أنكر بيدرسن “تأثيراً على أجزاء كبيرة من الكوكب، وليس ذلك فحسب بل وتيرة التغيّر تحدث أسرع من أيّ وقت مضى، الأمر الذي يستوجب القلق في المجتمعات العالمية”. ويتّفق خبراء من جنسيات متعددة على أنّ درجات حرارة الكوكب ارتفعت منذ بداية العصر الصناعي حتى يومنا بمقدار 1.2 درجة، ولا يخامر هؤلاء شكّ بأنّ ظاهرة التسخين يتحمّل مسؤوليتها انبعاث غازات الاحتباس الحراري، مع ما يمكن أن يشكله ذلك من مخاطر ارتفاع مستويات سطح البحار وتأثيرها على مدن كثيرة، سواء في أوروبا أو حول العالم.

التغيّر المناخي ليس مسؤولية فردية. ودعوة الرئيس الأميركي إلى قمة تضم الدول المسؤولة عن نحو 80 في المئة من الانبعاثات، تؤشّر إلى استشعار السياسيين والمشرّعين حول العالم بمخاطر ما يجري، حتى في الدول التي كانت متشككة حول المسائل المناخية والبيئية. فانسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من اتفاق باريس للمناخ في عام 2017، بثّ حالة من المشاعر اليائسة في دول صغيرة تسعى إلى تحولات إيجابية نحو الطاقة المستدامة والبديلة. على سبيل المثال، رأى مشرّعو الدنمارك أنّ “العمل على إنقاذ الكوكب لا يقوم على النوايا والأهداف الحسنة”، فبالنسبة إلى مجلس المناخ في برلمان كوبنهاغن الاتفاقيات الدولية لم تضع المجتمعات على السكة الصحيحة لخفض الانبعاثات بنسبة 70 في المئة بحلول 2030.

الصين… الاكثر تلويثًا

بحسب دراسة أعدّها خبراء في المناخ، من بينهم الرئيس السابق لمجلس المناخ في كوبنهاغن البروفسور بيتر سورنسن، فإنّه “على الرغم من أنّ الصين هي الدولة الأكثر تصنيعاً للخلايا الشمسية واستخدام توربينات الرياح، فإنّها تظل الأولى في التلويث من خلال استخدام الفحم”. وفي تقرير حديث صادر عن الوكالة الدولية للطاقة، فإنّ استخدام الفحم في الصين مسؤول عن نصف زيادة الانبعاثات الغازية الضارة. وتوقّع التقرير أنّ “انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية سوف ترتفع بسرعة كبيرة، والنسبة العظمى المتزايدة سوف تُسجَّل في الصين”. ويرى سورنسن أنّ مشكلة كبيرة تواجه البشرية إذا لم يتمّ الابتعاد عن استخدام الفحم في الصناعات، مشدداً على أنّه “لا يمكن قبول العذر الصيني بأنّ المصانع التي تستخدمها هي التي تنتج سلعاً استهلاكية للغرب. هذا أمر محبط جداً، ومن الغريب أنّ قوة عالمية كالصين لا تستطيع أن ترى مصلحةً في القيام بمزيد من الجهد لوقف الانبعاثات”.

ويأمل المهتمون بالتغيّر المناخي، مع زيادة الوعي الشعبي واتجاه الناخبين في أكثر من مكان بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية إلى اختيار أحزاب بناءً على برامجها المناخية والبيئية، ألا يفسد الخروج من أزمة كورونا العالمية المسار الذي اتفقت عليه دول العالم في قمة باريس وأن يُصار إلى التركيز أكثر على انتعاش اقتصادي وصناعي أخضر صديق للبيئة. ومن المعروف أنّ دولاً عدّة في أوروبا وضعت خططاً جدية لاستبدال السيارات التي تستخدم الوقود بأخرى كهربائية، وقد تبدو تلك المشاريع طموحة حتى عام 2030، لكنّها بحسب ما يبدو غير كافية أمام تسارع الضرر الذي تلحقه الدول الصناعية الغربية والصين وغيرها في تدمير مستقبل الحياة على الأرض. وربما في هذا الاتجاه، الذي بات يقرأ المخاطر بطريقة أكثر جدية، تأتي قمة بايدن مع قادة عالميين لمناقشة ما يتوجّب فعله.

ومثل تلك الإشارات السلبية إلى مقاصد قمة بايدن، من قبل جهات مختلفة تحاسب مشرّعيها والأحزاب المرشحة على أساس برامجها البيئية والمناخية، سبق أن أشار إليها تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية في تقرير صدر نهاية الشهر الماضي، إذ أفاد بأنّه على الرغم من غلق المجتمعات وبقاء الطائرات جاثمة وسط أزمة كورونا فإنّ “شيئاً لم يجرِ جدياً من أجل المناخ”. وأمل التقرير أن تكون وعود القمة الحالية جديّة وقابلة للتنفيذ بهدف وقف زيادة حرارة الكوكب بنسبة 1.5 درجة مئوية في خلال الأعوام المقبلة. وعلى الرغم من أنّ بايدن بخلاف سلفه ترامب وعد بفعل كلّ شيء من أجل التزام بلاده والمسؤولين عن الانبعاثات الضارة بالبيئة، فإنّ ثمّة من يخشى أن تكون وعود الدول “مجرّد كلام”. لكنّ خبراء أوروبيين يرون أنّ بايدن مهتم وبشكل جديّ، ربما لوجود قوى تقدمية ومهتمة بالتغيّر المناخي في أجنحة الحزب الديمقراطي، من خلال ذهابه بالفعل إلى طرح خطط لإحداث تحوّل في استهلاك الطاقة وإنتاجها في الولايات المتحدة الأميركية، وهي من الأمور التي تلقى استحسان النشطاء البيئيين ويعدّها اليسار الأخضر الأميركي تنفيذاً لخططه التي دفعتهم إلى دعم ترشح بايدن ونائبته كامالا هاريس.

خطط بايدن… للمواجهة

طرح بايدن بالفعل خططاً لإحداث تحوّل في استهلاك الطاقة وإنتاجها في البلاد، وهو الأمر الذي أشاد به علماء وناشطون، ويعترف اليسار الأخضر بخططهم الخاصة فيه. وما سعى إليه بايدن من خلال القمة التي ضمّت أكبر الدول المتسببة في الانبعاثات حول العالم، “التوصّل إلى أهداف ملزمة وجديدة لخفض الانبعاثات على صعيد كلّ دولة على حدة”. ويريد بايدن بذلك إعادة تأكيد ريادة بلاده كزعيمة عالمية لمواجهة مخاطر المناخ، بخلاف ترامب. في المقابل، يبقى التحدي المتعلق بمدى قبول قوى عظمى أخرى كالصين وروسيا المشاركتا في القمة، وإلى حدّ ما قوى متسببة بمشكلة مناخية عالمية، بتزعّم الولايات المتحدة الأميركية المشهد، أو بحذو حذوها في التحوّل الأخضر.

في المجمل، صدر عن هذه القمة كلام إيجابي كثير عن خفض الانبعاثات وعن التحوّل الأخضر حتى 2030 و2050، وعن نحو 70 في المائة من السيارات العاملة على البطاريات وغيرها ممّا يرضي الناخبين. لكنّ ذلك في الواقع لن يساهم في انحسار الرقعة الجليدية في المحيط المتجمد الشمالي الذي بات كذلك موقع تلويث بسبب منافسة روسية صينية من جهة وغربية في الأخرى على طريق تجارة آخر وعلى الثروات الطبيعية وعلى تسابق عسكري في المنطقة. كذلك لن يتوقف ارتفاع درجات الحرارة ومنسوب مياه البحار ولا حرائق غابات الأمازون، بسبب جشع شركات عملاقة للأخشاب وتدمير مساحات لتحويلها إلى مزارع لحوم في البرازيل ووصول الحرائق إلى مناطق غير مسبوقة في سيبريا وانتشار الجفاف في دول الجنوب الفقيرة التي تدفع أثمانا باهظة للتغيّر المناخي، أقلّه في أمنها الغذائي.

وبين تفاؤل وتشاؤم، يبقى الثابت الأكيد، أقله في بعض المجتمع الأميركي وفي المجتمعات الأوروبية على وجه الخصوص، أنّ الوعي البيئي والمناخي ووعود التحوّل الأخضر باتت من أولويات اختيار الأحزاب التي يصوّت لها الناخبون، ما يضعها تحت ضغوط مواجهة التحديات. أمّا في الصين التي تتذرع بأنّ المصانع الملوّثة على أرضها إنّما تنتج للمستهلك الغربي، فتتعالى الأصوات المطالبة بإغلاق مصانع الغرب هناك وإعادة توطينها في القارتَين الأوروبية والأميركية. ولا يبدو في نهاية المطاف أنّ قمة واحدة كافية لإنهاء وباء مناخي سابق بعقود لوباء كورونا المستجدّ.

كشفت مجموعة سويس ري للتأمين إنه من المقرّر أن يخسر الإقتصاد العالمي ما يصل إلى 18% من الناتج المحلي الإجمالي من الآن وحتى العام 2050، بسبب تغيّر المناخ إذا لم يتم إتخاذ أي إجراء. فهل تمكنت قمة المناخ من وضع الأسس اللازمة لاجراءات فعَّالة؟

الأعوام المقبلة كفيلة بالاجابة على هذه الأسئلة.

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.