انتفاضة القدس المباركة.. دلالات واقعية وتداعيات محتملة / د. كاظم ناصر
د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الثلاثاء11/5/2021 م …
بعد مرور 124 عاما على وعد بلفور، و73 عاما على النكبة، أثبت شعب فلسطين العظيم وفاءه وولاءه لوطنه، وقدم عشرات آلاف الشهداء والجرحى، وتعرض لأقسى أنواع البطش الصهيوني والتفرقة العنصرية، وللعديد من المؤامرات العربية والدولية. وجاءت انتفاضة القدس الرمضانية المباركة لتؤكد للعالم أجمع .. وخاصة للأنظمة الانهزامية العربية .. أن الفلسطينيين الذين يروون ثرى بلدهم بالدم دفاعا عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية لن يستسلموا أبدا. وإنهم يشكلون خط الدفاع الأول عن الأمة العربية. فقد زحفوا بعشرات الآلاف للقدس، وقدموا عشرات الشهداء ومئات الجرحى خلال انتفاضتهم الرمضانية المباركة التي ما زالت مستمرة، ونأمل أن تستمر وتشمل كل مدينة وبلدة وقرية فلسطينية.
لكن ” المضحك المبكي ” هو أن انظمة الخيانة والاستسلام العربية ومن بينها تلك التي وقعت اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال، وحمت حدودها، ودعمت مخططاتها التوسعية، وطبعت معها أصدرت بيانات ” تدين وتستنكر” اعتداءات الصهاينة على القدس، وطالبت بتهدئة الوضع وإيقاف الانتفاضة وهو ما تطالب به إسرائيل! أي إن إعلانات الإدانة والاستنكار العربية والاسلامية الرسمية الكاذبة، واجتماعات الجامعة العربية والمنظمات الإسلامية عديمة الفائدة لا تنطلي على أحد، ولن ينتج عنها شيئا جيدا، ولا تهدف إلى دعم انتفاضة القدس، بل إنها تهدف إلى تضليل وتخدير الشعوب العربية والإسلامية وإفشال الانتفاضة خدمة لإسرائيل.
ولا بد من القول أيضا أن قيادات الشعب الفلسطيني الثائر الحالية المنشغلة بخلافاتها لا تمثله، ولا تعبر عن طموحاته وإصراره على تحرير وطنه؛ الشعب الفلسطيني المميز بعلمه وثقافته وتضحياته يحتاج إلى قيادات تدعم .. المقاومة الشعبية واستمرار الاشتباك مع الصهاينة في الداخل والخارج .. وتتخلى عن أوسلو وعن الجري وراء سراب السلام وتنهي الانقسام؛ ولهذا نقول إذا كانت هذه القيادات حريصة على مصالح الشعب الفلسطيني فلتتركه وشأنه وتنزوي جانبا، وتسلم الراية لقادة يمثلونه ويؤمنون بقدرته على المقاومة والصمود، وتحقيق نصر يخلص فلسطين والأمتين العربية والإسلامية من الرجس الصهيوني.
إن الانتفاضات الفلسطينية وآخرها وليس أخيرها انتفاضة القدس الرمضانية تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المقاومة وتوسيع دائرة الاشتباك والعصيان المدني في جميع أنحاء فلسطين هي السبيل الوحيد والأصح لتوحيد الشعب الفلسطيني وانهاء الانقسام، وكسب تعاطف ودعم الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم لإنهاء الاحتلال. أي إن إسرائيل لا تخاف من الأنظمة العربية والإسلامية التسلطية الفاسدة، لكنها تشعر بالرعب من انتفاضة فلسطينية شعبية شاملة لا تتوقف تثير غضب الشعوب العربية والإسلامية التي قد توجه عندئذ بوصلتها نحو فلسطين والقدس، وتعيد للقضية بعدها العربي والإسلامي، وترغم الدول العربية المحيطة بفلسطين على فتح حدودها للمقاومين الفلسطينيين وإخوانهم العرب والمسلمين وتمكينهم من الاشتباك مع الصهاينة وانهاء الاحتلال.
التعليقات مغلقة.