هل ستوحد هذه الانتفاضة الفلسطينيين وتوقظ الشعوب العربية؟ / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الأحد 16/5/2021 م …




المواجهات العنيفة التي ما زالت مستمرة مع قوات الاحتلال في غزة والضفة الغربية ومدن وبلدات الأراضي المحتلة عام 1948، وما نتج عنها من خسائر بشرية ومادية أدت إلى استشهاد ما لا يقل عن 140 وجرح آلاف من بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، واحدثت دمارا هائلا خاصة في غزة، هي انتفاضة شعب يرفض الاحتلال والقهر والغطرسة الصهيونية، ويتمسك بأرضه ووطنه، ويسطر ملحمة بطولية نالت إعجاب وتقدير وتعاطف الشعوب العربية وشعوب العالم، ووضعت أسسا جديدة للصراع والمواجهة مع الصهاينة والرسمية الفلسطينية والعربية، حيث أنها وحدت الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والمدن والبلدات والقرى المحتلة منذ عام 1948، وأعادت له الثقة بنفسه وبقدرته على مواجهة الدولة الصهيونية وارهاقها عسكريا واقتصاديا، وفضحها كدولة عنصرية محتلة أمام المجتمع الدولي، وأثبتت وبدون أي مجال للشك ان المقاومة الشعبية هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض وإنهاء الاحتلال، وأفشلت جميع مشاريع الاستسلام، ووجهت ضربة موجعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وقيادة الرئيس محمود عباس وقادة دول التطبيع العربية ووضعتهم في مأزق أمام شعوبهم، ومن المتوقع أن تزيد من شعبية وقوة حركة حماس وجبهة المقاومة في الداخل الفلسطيني، ويكون لها استحقاقاتها الطويلة الأمد على القضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن … مشاركة فلسطينيي 1948 انتفاضة إخوانهم في غزة والضفة … وتصديهم للصهاينة في مدن وبلدات الداخل المحتلة تدل بوضوح على عظمة وعراقة شعب فلسطين، وكانت صدمة كبيرة للصهاينة الذين كانوا يتخيلون أن فلسطينيي الداخل الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية قد اندمجوا إلى حد كبير في المجتمع الإسرائيلي وإنهم لا يشكلون خطرا عليه؛ لكنهم أثبتوا ولاءهم ووفاءهم لفلسطين، وأظهرت مواجهاتهم للصهاينة في شوارع حيفا ويافا وعكا واللد وغيرها من المدن والبلدات الفلسطينية المحتلة أن الدولة الصهيونية المكونة من شعوب وثقافات مختلفة لا جذور لها في المنطقة العربية، وإنها هشة وقابلة للتفكك والاندحار.

أعادت الانتفاضة الحالية إحياء زخم القضية الفلسطينية ووضعتها في واجهة الاحداث العربية والدولية؛ فقد أظهرت الشعوب تعاطفها مع الفلسطينيين في وسائل التواصل الاجتماعي، واندلعت مظاهرات مؤيدة لهم في العديد من دول العالم وبعض الدول العربية، وخرج الأردنيون واللبنانيون إلى حدود دولهم مع فلسطين وطالبوها بفتح الحدود والسماح لهم باجتيازها والاشتباك مع الصهاينة؛ الشعوب العربية التي تعاني من الاستبداد وكتم الأنفاس والفقر جاهزة للتمرد على جلاديها … حماة حدود الصهاينة… ونأمل ان تكون انتصارات وصمود أبطال هذه الانتفاضة هي القشة التي تقصم ظهور المستسلمين والمطبعين العرب، وتعيد للشعوب العربية ثقتها واعتزازها بنفسها، وتشجعها على التمرد والعمل على تغيير الأوضاع الحالية، وعلى العودة إلى سياسة المواجهة والمقاومة والتضحيات.

ثقتنا في الشعوب العربية وبولائها لفلسطين والقدس لا حدود لها، وإيماننا بقدرتها على النهوض من جديد وتغيير واقعها المرير لا يتزعزع؛ ولهذا يحدونا الأمل بأن تساهم هذه الانتفاضة في توحيد الفلسطينيين وتغيير قياداتهم، وفي تسريع يقظة الشعوب العربية وخلاصها من أنظمتها الانهزامية وحكامها الطغاة!

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.