هل بقي مستقبل للقوى التقدمية والديموقراطية؟
د. جهاد المحيسن ( الأردن ) الإثنين 2/5/2016 م …
في اصعب اختبارين تعرضت لهما القوى (اليسارية والقومية) ، الأول في انتخابات رابطة الكتاب ، حيث فاز التيار “المتربلل” والمستقلين، على حساب التيارات التقدمية التي أسست الرابطة وبقيت لعقود طويلة تسيطر عليها ، فرابطة الكتاب تكاد تكون خالية من تواجد الإسلاميين والمقصود “الإسلام السياسي”، ممثلا بحركة الإخوان المسلمين.
فقد فرضت شروط المرحلة الحالية والتجاذابات الدائرة حول “الربيع العربي” ، شروطها بشدة على جموهر الكتاب في الانتخابات الأخيرة حيث كان جمهور الكتاب منقسمين على الحرب الدائرة في سورية وعليها ، والمواقف متابينه بين المؤيد، والرافض لها.
ويبدو أن ذات المشهد فرض شروطه القاسية أيضاً على أنتخابات الأطباء التي جرت أول من أمس ، في جزء رئيس منها ، حيث فازت قائمة المشاركة والتغيير والتي تضم إسلاميين ومستقلين ،برئاسة الدكتور علي العبوس.
لكن حسابات انتخابات النقابات تختلف عنها في انتخابات النقابات المهنية ، حيث كانت المنافسة بين الإسلاميين والقوى اليسارية ، تتم بشكل واضح ضمن قائمتين الخضراء التي تمثل التقدميين، والبيضاء التي تمثل ” الإخوان المسلمين”، ففي الانتخابات الاخيرة والتي غابت فيه القائمة البيضاء عن المشهد النقابي عند الاطباء ، وتم أستبدالها بقائمة المشاركة والتغيير، التي إنضوى تحتها الإسلاميون في تحالف واضح بين القوى اليمينية والاسلاميين ، على حساب اليسار والقوميين الذين مزقتهم الصراعات والمنافسات والتصرفات الفردية والمحسوبية الحزبية ، وشهدنا قائمتين للخضر الأولى التجمع الديمقراطي النقابي (الخضراء الموحدة) – قوميين ويساريين ومستقلين – برئاسة الدكتور أحمد فاخر، صاحب التاريخ النقابي الديمقراطي الطويل في العمل النقابي. والثانية التجمع النقابي المهني (القائمة الخضراء) – قوميين ويساريين ومستقلين – برئاسة الدكتور أمجد عبيدات.
هذا الإنقسام الواضح والذي أدى لخسارة القوى التقدمية يفتح المجال لتساؤلات عدة: الأولى المتعلق بمستقبل القوى التقدمية؟ والثاني المتعلق بمستقبل التحالفات بين اليمين المحافظ والإخوان المسلمين الذين يجدون تحالفهم الطبيعي وخزانهم الرئيسي في كل الانتخابات من هذا اليمين.
من الواضح أن مستقبل القوى اليسارية والقومية يعيش فصل خريف طويل وربما يكون دائماً، فقد هذا التيار وعلى مدى الستة والعشرين عاماً ، معاقله في توليد أجيال جديدة تستطيع أن تستمر في بث روح الفكر اليساري من خلال الطلبة الذين كانوا يدرسون في هذه الدول الايدولوجية ؛ والمقصود هنا الاتحاد السوفيتي سابقا والدول الإشتراكية، فنحن أمام ما يقارب الثلاثين عاماً من عدم القدرة على تفريخ أجيال يسارية جديدة ، وذات الحال ينطبق على القوى القومية التي كاد أن يأفل نجمها بعد احتلال العراق ونهاية الناصرية قبلها في مصر بعد وصول أنور السادات للسلطة في مصر ، والحرب الدائرة الآن على سورية ، فهي الآخرى خسرت مصادرها في ولادة أجيال جديدة في المشهد السياسي والنقابي الأردني .
في حين أن القوى اليمينية والإخوان المسلمين في حالة صعود دائم على حساب القوى الديمقراطية فالخطاب الديني واليميني لا يحتاج جواز سفر فهو يخترق كل البيوت والمدارس والجامعات واماكن العمل، بعكس الخطاب الديمقراطي.
الملاحظة الأخيرة تتعلق بالشباب الذين كانوا وما يزالون يلعبون دورا هما في نجاح الإخوان، فمعظمهم من خريجي كليات الطب في الجامعات الأردنية ،التي يسيطر عليها الإخوان .كما أن فوز نقيب من خريجيها له أكبر دلالة.
الخاسر في لانتخابات التي جرت في نقابة الاطباء ليست القوى اليسار والقوميين فقط فالمجتمع سيدفع ثمن السياسة القصيرة النظر بمحاربة تواجد القوى التقدمية والديمقراطية من الطلبة عنوان التغيير في الجامعات.
التعليقات مغلقة.