مروان المعشّر : الأردن على وشك الإفلاس ، والسعودية لن تساعدنا
الثلاثاء 3/5/2016 م …
الأردن العربي … اعرب الدكتور مروان المعشر عن رفضه عن التعديلات الدستورية الاخيرة، مشيرا الى من نصح الملك بها قد أخطأ ، مشيرا الى ان نظامنا التعليمي تلقيني اخرج جيلا غير منافسا، وان السعودية لن تفيد الاردن، نتيجة تدهور اسعار النفط، وعلى الاردن ان يعتمد على الذات لانه اوشك على الافلاس .
وقال المعشر خلال ندوة سياسية بعنوان ‘ مستقبل الاردن في ظل التحديات الاقليمية والداخلية ‘ عقدتها جمعية المرصد الديمقراطي الاردني الأحد الماضي، أن هناك مدرستين فيما يخص الاصلاح في الاردن احداهما محافظة ترى ان المضي في الاصلاح في هذه الظروف وضمن التحديات الامنية الخارجية ربما يقود البلد الى المجهول، والأخرى ترى أن كل التحديات والظروف الاقتصادية هي نتاج مباشر لفشل السياسات في الاردن والمنطقة وان الطريق الى المستقبل لا بد ان يمر بمشروع اصلاحي حداثي ديمقراطي تنويري لبناء مؤسسات حقيقية قادرة على انتاج الديمقراطية.
واضاف المعشر أن الربيع العربي والذي يمثل بالنسبة له يقظة عربية كان ثورة على فشل الأنظمة العربية في بناء دول ذات مؤسسات ديمقراطية راسخة تتمتع بالفصل بين السلطات ورقابة كل سلطة على السلطات الاخرى بطريقة متوازنة ودون تغول، وتحقيق المواطنة التي يصفها المعشر بالمتساوية الحاضنة للتنوع المحتفية به وليست القابلة لللتنوع على مضض، الامور التي لو كانت موجودة في الدول التي دخلت حالة الفوضى لما حدث فيها ما حدث والذي نتمنى أن لا يحدث في الأردن الذي يواجه تحديات المؤسسات الديمقراطية كما يواجه تحدي المواطنة الذي لا يريد الكثيرون الحديث عنه بصراحة.
وأكد المعشر أن الأردن ومنذ البداية قد تم بناؤه على اسس الاقتصاد الريعي لا الانتاجي حيث تقوم الدولة اليوم بتشغيل نسبة 42% من القوى العاملة وتشكل اعلى نسبة في العالم في ظل فساد في التوظيف وتضخم في القطاع العام وبطالة مقنعة، وان الاردن كان دائما يعتمد على المساعدات الامريكية والسعودية وتحويلات المغتربين الأمر الذي لم يعد فعالا في انتشاله من ازمته الاقتصادية حيث يتلقى الاردن 1.6 مليار دولار من امريكا وهو ما نسبته 10% من المساعدات الخارجية الأمريكية أي أن هذه المساعدات لا يمكن أن تستمر فضلا عن أن تزيد، وأن الظروف المالية في السعودية التي تحتاج إلى أن يكون سعر برميل النفط 100 دولارا حتى لا تعاني من عجز في موازنتها والتي اجبرها انخفاض الاسعار على انفاق 200 مليار دولار من رصيدها السيادي البالغ اقل من 800 مليار العام الماضي اي أنها يمكن أن تصل لحالة الافلاس بحلول عام 2020، وانه مهما قامت به السعودية من مشاريع اصلاحية اقتصادية وتقشفية سوف تكون اولويتها الانفاق الداخلي لا مساعدة الأردن، الأمر الذي اوصل الأردن إلى مرحلة لا بد فيها من الاعتماد على الذات في ظل تضخم المديونية التي بلغت 94% من الدخل القومي اي قريبا من حد الافلاس، وأنه ليس للحكومات ثمة مشروع اقتصادي ولو تدريجي للانتقال إلى الاعتماد على الذات وهذا ما تشير اليه الارقام وأن الحكومات لا تشكل بناء على البرامج بل توزع الحقائب فيها بالمحاصصة ولا تتمتع بالولاية العامة الكاملة، وأنه وان كانت للنموذج الريعي ايجابيات على الاردن لكن هذا النموذج قد افلس بينما لا يراد الانتقال للنموذج الانتاجي ولم يعد من الممكن الاستمرار في الريعي.
وأضاف المعشر أنه في ضوء انغلاق الافق الاقتصادي للاردن فان الافق السياسي مغلق ايضا وان كافة الاجراءات الاصلاحية التي تمت في السنوات الاخيرة لا تعدو كونها تجميلية ولا تشكل برنامجا اصلاحيا حقيقيا.
واضاف المعشر حول تحدي اللجوء أن معدل اللجوء عالميا هو 17 عاما، وانه تم تدمير اكثر من 65% من بيوت السوريين الأمر الذي يضع الأردن أمام تحديات أمنية وسياسية كبيرة بسبب استمرار اللجوء، فلا يمكن أن يعيش هذا العدد من اللاجئين في بطالة ومن غير صوت دون ان يكون رافدا قويا للارهاب الذي ان لم يكن مقنعا ايدولوجيا فهو يقدم الرواتب والصوت لهم.
وحول تحدي التطرف وداعش قال المعشر بان السياسة المتبعة هي المواجهة الامنية العسكرية دون وجود مقاربة سياسية واقتصادية تبحث في اصول المشكلة الأمر الذي اثبت فشله عالميا حيث ثبت أن مواجهة القاعدة عسكريا في افغانستان قد ادت الى وجود أكثر من عشرة قواعد حول العالم وباشكال أشد ضراوة وارهابا من القاعدة.
وأكد المعشر أن من بين التحديات الوطنية الكبرى قضية التعليم حيث يرى أن التعليم قد اختطف مبكرا في الأردن من قبل المحافظين من الاسلاميين والعلمانيين على السواء فاصبح النظام التعليمي تلقينيا وغير محفز على التفكير الناقد وأن مفاهيم اساسية كثيرة لا تزال المناهج تقدمها بشكل مغلوط مثل المرأة والسلطة والعلم الحديث وغيرها، وان المنظومة السياسية العربية ركزت على التعليم التلقيني في محاولة لتنشئة مواطنين مسالمين ولا يعارضون السلطة السياسية الا ان ذلك قد اثبت فشله وان الاجيال تنزل الى الشارع اذا لم تستطع المنافسة في سوق العمل، وان المبالغ الطائلة التي انفقها الاردن على التعليم انتجت نظاما تعليميا يركز على الكم بدلا من النوع وان هذا النظام يفشل في رفع تنافسية الاردنيين في سوق العمل.
وذهب المعشر الى ان الاجندة الوطنية التي وضعها 450 خبيرا من الاردنيين والاردنيات عام 2005 قد رسمت معالم اردن المستقبل المنشود وشكلت مشروعا اصلاحيا وطنيا حقيقيا وقد قاومها المحافظون الذين يشعرون بان الاصلاح لا بد ان يفقدهم ميزاتهم في السلطة والحكم وفرغوها من مضمونها العملي وحوربت ووضعت على الرف تحت مبرر انها قفزة في المجهول، وأن فلسفتها لا تزال صالحة لبناء اردن قوي وخلق مواطن منتم يثق بالدولة ومؤسساتها.
وأكد المعشر ان التجارب قد اثبتت أن مقولة الاصلاح الاقتصادي الليبرالي اولا كمقدمة للسياسي ولاصلاح المنظومة التشريعية والقضائية قد اثبتت فشلها حيث ادى ذلك الى ارتفاع معدلات الفساد بشكل غير طبيعي فتراجع ترتيب الاردن عالميا بين 180 دولة على مؤشر الشفافية الدولية من 37 عام 2005 الى 66 عام 2015 بينما كان هدف الاجندة الوطنية الوصول الى ترتيب 20 في نفس الفترة.
وأضاف المعشر أن جلالة الملك قد اطلق خمس اوراق نقاشية اصلاحية حداثية حيث شملت أهم المبادئ الاصلاحية السياسية والاقتصادية التي يحتاجها الاردن لكنها لم تحظ باهتمام داخلي من مؤسسات الدولة ولم يوجد ذراع منها ليقوم بتحويل الرؤية الملكية الى خطط، ونرى أننا بحاجة لتعريف الموالاة والمعارضة السياسية من جديد حيث نرى أن الذين يتحدثون بالرؤية الملكية للاصلاح يعتبرون معارضين.
وفي موضوع السياسة الأمريكية فيرى المعشر أن الانسحاب السياسي الامريكي غير الكامل من المنطقة حقيقي وقد ترك فراغا في غياب الدور العربي لتسارع لملئه الدول الاقليمية وأن الكثيرين لا يزالون لا يدركون هذا الانسحاب وان الراي العام الامريكي يرى ان تدخل امريكا في أي منطقة لا يصنع الديمقراطية بل يورثها الخراب وعلى ذلك البرماج قاموا بانتخاب اوباما بعد فشل بوش في وعوده لهم بشن حرب تصنع الديمقراطية وتقضي على الارهاب ولا تكلف امريكا ماليا فكلفتهم حرب العراق 3 تريليون دولارا و4500 قتيل ولم تصنع امنا او ديمقراطية، فالنفط والمنطقة لم تعد اولوية لامريكا مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة فيها وداعش لا تشكل خطرا استراتيجيا عليها.
وختم المعشر أن الاصلاح لا يكون بغير اصلاحيين وأنه لم تتوفر في الأردن الكتلة الحرجة من الاصلاحيين حتى يحملوا مشروعها الاصلاحي وان العديد يتحدثون عن الاصلاح على استحياء أو قلما يذكرونه، وان طريق الاصلاح طويل وصعب لكنه لا بد منه لان هذه بلدنا ولا خلاص لها من دونه، وان العمل الفردي في الاصلاح لا يجدي وان العمل الحزبي يحتاج لاستقلالية وقدرات تنظيمية وتمويلية ومخصصات مالية كبيرة بناء على النتائج الانتخابية والارادة السياسية لانجاحه الأمور التي تعتبر مفقودة في الواقع الأردني، وان هنالك دور هام لمنظمات المجتمع المدني في خلق حالة وعي مجتمعي بضرورة الاصلاح وأمل كبير في جيل الشباب الذي شاهد فشل نموذج الآباء وأنه لا بد من ايجاد مشروع اصلاحي حداثي وبغير ذلك فنحن نسير للمجهول.
وجرى في نهاية الندوة حوار موسع شارك فيه عدد من الحضور منهم د. مجدي الدراس ود. ياسر بشناق ود. بسام سفور و د. محمد حياصات و د. محمد ابو هديب و د. سعدون الزبيدي و د. بسام العموش وخالد العدوان وليث ابو جليل ومالك العمايره وحسين حياصات.
وذهب المتداخلون إلى أن الاصلاح صعب جدا بوجود قوى الشد العكسي التي تسيطر على مفاصل الدولة وان الامل كبير بجلالة الملك كشخصية شابة وحداثية بحسب الدراس، وان المنطقة ترزح تحت ثلاث مظلات متنافسة ضمن المظلة الامريكية كما استشرف الأمير الحسن قبل ثماني سنوات بحسب بشناق، وأن الأردن كان من الممكن ان يستفيد اقتصاديا من الهجرات المتتالية ورحيل رأس المال ويحقق معدلات نمو كبيرة بحسب سفور، وان تونس كانت من اكثر الدول العربية علمانية لكنها من اكثر الدول باعداد المنضمين لداعش بحسب حياصات، وان المشروع الاصلاحي الاقتصادي والثورة التشريعية في عهد الملك عبدالله كانت كفيلة بايجاد اصلاح حقيقي لكن ذلك فشل لانه لم يرافقه مشروع اصلاح سياسي لحمايته وتوجيهه على السكة الصحيحة وان المنظرين لتلك الفترة اقنعوا صاحب القرار باولوية الاقتصادي على السياسي فمشينا بالخصخصة وغيرها دون جدوى ولم يعترف هؤلاء بخطأ هذا المسار حتى بعد وصولنا الى هذه الازمة وحالة الانهيار الاقتصادي بحسب ابو هديب، وان اندونيسيا من انجح الدول تنوعا ونجاحا في التعامل معه بحسب الزبيدي، واسئلة اخرى عديدة.
وفي معرض اجابته على ملاحظات واسئلة الحضور، فقد اكد المعشر انه دعا لحق الجميع بالمشاركة ومنهم الاخوان المسلمين حتى يكون منسجما مع مبادئه الديمقراطية وايمانه بضرورة القبول بالصندوق الانتخابي ونتائجه، وان مستقبل الاخوان في الاردن راجع لهم ولقدرتهم على تعديل فكرهم السياسي وان عهد الايدولوجيات في افول بعد ان وعد عبدالناصر بالتحرير وفشل ورفع الاخوان شعار الاسلام هو الحل بينما لم يقدموا ذلك الحل، وان الحاجة تكمن في مواكبة الايدولوجيا ببرنامج اقتصادي اجتماعي كما فعل اخوان تونس الذين لا زالوا الحزب الأكبر شعبية بينما لم يستطع اخوان الاردن تطوير برنامجهم السياسي، وأن حل الدولتين شعار ولن ينجح في ضوء الاستيطان والرفض الاسرائيلي له، وانه عارض التعديلات الدستورية الاخيرة لتحصين الملك من المساءلة والتي يرى انها لا تخدم الملك ولا الاردن وان من نصح الملك بها قد اخطأ.
التعليقات مغلقة.