أبطال فلسطين يعيدون صناعة تاريخ الأمة العربية / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الخميس 20/5/2021 م …




البطولات والتضحيات الفلسطينية المستمرة وما نتج وسينتج عنها من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات أظهرت للعالم أجمع طبيعة دولة الاحتلال الاجرامية، وأثبتت عظمة وصمود الشعب الفلسطيني، وعرّت الدول الإسلامية، وخاصة دول وحكام التبعية والخيانة العرب، ومن المتوقع ان تكون لها تداعيات هامة على الأوضاع السياسية الفلسطينية والعربية.

أبطال فلسطين في قطاع غزة المحاصرة إسرائيليا وعربيا، والأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، ولا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا قدموا 227 شهيدا بينهم 63 طفلا، و 36 امرأة في عشرة أيام، واستطاعوا على الرغم من الحصار وإمكانياتهم المحدودة أن يدكوا المدن الإسرائيلية ب 3750 صاروخا، ويمنعوا جيش الاحتلال من اجتياح غزة، ويبثوا الرعب في قلوب الصهاينة، ويدمونهم، ويرسلونهم إلى الملاجئ منذ اندلاع المواجهات. فأين هم قادة الدول العربية والإسلامية؟ وماذا فعلوا لنصرة النساء الفلسطينيات اللواتي يضربن الصهاينة على وجوههم بالأحذية؟ وهل سيأتي اليوم المبارك الذي تقوم به حرائر فلسطين والوطن العربي بضرب أحذيتهن على وجوه الحكام العرب؟

حكام العالم العربي، وخاصة حكام ” السلام والتطبيع ” في فلسطين ومصر والأردن والامارات والبحرين والسودان والمغرب الذين لا يأخذون موقفا عمليا من اعتداءات الصهاينة على غزة والضفة والأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة ويكتفون” بالوساطة لوقف العنف “، وببيانات الاستنكار والشجب، لا يعبرون عن إرادة شعوبهم، وهم .. خونة .. وشركاء في الاعتداءات والمخططات الصهيونية الإجرامية ضد الأمتين العربية والإسلامية، وتلتقي وتتكامل مصالحهم مع مصالح دولة الاحتلال؛ ولهذا فإنهم يستجدون الصهاينة لوقف العدوان ليس حرصا منهم على فلسطين والفلسطينيين، بل خوفا من أن تستيقظ شعوبهم المحبطة المذلة وتنقض عليهم وعلى أنظمتهم.

وعلى النقيض من موقف معظم الحكام العرب، أعرب العديد من قادة دول العالم عن استيائهم وشجبهم للعدوان الإسرائيلي، ونزل  المتظاهرون في عدد كبير من دول العالم إلى الشوارع تضامنا مع الفلسطينيين واحتجاجا على القتل والدمار المنهجي الذي تقوم به دولة الاحتلال في غزة والضفة الغربية، واتهمت دول إسلامية مثل تركيا وإيران وباكستان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ” إذا بقينا صامتين إزاء ما يحدث في القدس اليوم، فإننا نعلم أن الدور سيأتي غدا على مدن مقدسة أخرى” أي إن الدور سيأتي على .. الحرم الشريف في مكة المكرمة ومسجد الرسول في المدينة المنورة ..!

الشعوب العربية لن تتخلى عن إيمانها بعروبة فلسطين، ولن تنسى القدس والأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة. والدليل على ذلك هو نزول المواطنين العرب إلى الشوارع وإلى الحدود مطالبين انظمتهم بإلغاء اتفاقياتها مع دولة الاحتلال والسماح لهم باجتياز حدود دولهم مع فلسطين ليشاركوا شعبها في شرف النضال لدحر العدوان وإنهاء الاحتلال.

فهل ستكون بطولات وتضحيات ونجاحات الشعب الفلسطيني في غزة والضفة حافزا للشعوب العربية للتمرد على واقعها، وإلغاء الحدود التي تمزقها وخلق واقع عربي جديد؟ الجواب هو نعم لأن رجال ونساء فلسطين الأبطال في غزة العزة، وفي الضفة الغربية وأراضي 1948 المحتلة أفشلوا مشاريع الاستسلام، ووضعوا القيادات العربية الانهزامية في مأزق، وأثبتوا للعالم أنهم الرقم الصعب في حل النزاع العربي الإسرائيلي وتقرير مصير منطقة الشرق الأوسط، وانه لا سلام ولا أمن ولا استقرار في المنطقة ما دام وطنهم محتلا، وإنهم قادرون على .. إعادة صناعة التاريخ العربي .. بتضحياتهم وبدماء شهدائهم، ومساهمتهم في إعادة الثقة للشعوب العربية وتشجيعها على التمرد والتحرك لإسقاط أنظمة الخيانة والاستسلام العربية؛ ولهذا فإن الأمل كبير بأن يكون حال الوطن العربي بعد هذه الانتفاضة مختلفا عما كان عليه قبلها!

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.