فلسطين جسر العبور إلى الكرامة / موسى عباس
موسى عباس ( لبنان ) – الجمعة 21/5/2021 م …
لم يَعُدْ من الصعوبة بمكان تصنيف مجموعة من الذين تمّ التعارف على تسميتهم ب: رجال دين أو علماء دين أو الدُّعاة أو مرشدون ، والعديد من التسميات التي توحي للبعض أنّهم قادة الهداية والإصلاح وحُماة الحقوق والمدافعون عن المقهورين والمظلومين وأنّهم لا يخشون في مواجهة الطّغاة والطغيان لومة لائم ، وأنّهم هم القادة إلى سواء السبيل وإلى الصّراط المستقيم.
أولئك الذين تبوؤوا طيلة سنوات مقاعد للتحريض ضد أشخاص وضدّ أنظمة تحت حجّة أنّهم طُغاة يظلمون شعوبهم وأصدروا الفتاوى العديدة بقتلهم وبوجوب الثورة ضدّهم ، ولم يتوانوا عن إثارة الفِتن الطائفيّة والمذهبيّة وعن تكفير جميع من لا يوافقهم مقولاتهم ويعمل بسُنّتِهم، ولا زالت فتاواهم بجواز ذبح المخالفين لشرائعهم وبجواز سَبْيٍ نسائهم واسترقاق ابنائهم وبيعهم في أسواق النّخاسة ومصادرة ممتلكاتهم، لا زالت تلك الفتاوى يُعمَلُ بها أينما وُجِد لهم أتباع من مجموع ما تبقى من الجهلة وشذّاذ الآفاق ومن الذين غُرِّر بهم بأساليب شتّى بدءًا من الرواتب المغرية وصولاً إلى أنّ مصيرهم إلى جنان الخلد حيث ينتظرهم الرسول والحورُ العين .
هؤلاء الذين اصطُلِحً على نعتهم بعلماء جهاد النّكاح تقف خلفهم أنظمة ودول دفعت مليارات الدولارات لتمويل عمليّات تجميع المرتزقة من جميع أنحاء العالم وتدريبهم وتسليحهم بأحدث أسلحة القتل وسخّرت لهم وسائل إعلام مجهّزة بأحدث التقنيّات وإشترت ضمائر كتّاب ومحللين وإعلاميين وفنّانين ليكونوا أبواقاً تتوزّعهم القنوات الفضائيّة المحليّة والأجنبيّة للتحريض ولبثّ سُموم الحقد والبغضاء ضدّ الآخرين ممن يعارضهم أو يُسعى لدحض افتراءاتهم .
تلك الأنظمة التي تدّعي كذباً وزوراً أنّ ما تقوم به إنّما لإنقاذ الشعوب المغلوب على أمرها، وأولئك الأتباع مِمن تلبّسوا عباءة الدين والثورة تدجيلاً وكذباً ونفاقاً إنقطعت ألسنتهم عندما هاجم الصهاينة قِبلَة المسلمين الأولى المسجد الأقصى ، وصُمّت أسماعهم عن سماع أصوات إستغاثة أطفال وحرائر غزّة وعميت عيونهم عن رؤيّة مجازر الصهاينة في أحيائها .
مُرشدَهم الأعلى الشيخ المصري “يوسف القرضاوي”اللاجئ إلى “قطر” لم يُفتِ فقط بقتل العلّامة السوري “محمد سعيد البوطي” أثناء الصلاة في المسجد ومعه عشرات المصلّين وجميع العلماء الذين فضحوا ادّعاءاته وبقتل الرئيسين السوري “بشار الأسد” والليبي “معمّر القذافي وإنّما أفتى بجواز قتل جميع المعارضين لأطروحاته .
كذلك فعل الشيخ السعودي “محمد العريفي ” الذي لم تشفع له مواقفه الموالية للنظام السعودي فزجّه في السجن والذي كان يدّعي أنّه يرى الملائكة تقاتل الجيش السوري نُصرةً لداعش والنُصرة .
وأمّا الشيخ السوري “عدنان العرعور ” الذي كان يرى قبل الحرب على سوريا بعدم جواز الخروج على النظام ولكنه تحوّل عندما اندلعت ما سُمّيَ بالثورة في سوريا إلى ناطق باسمها محرّضاً ضدّ النظام وداعماً لإرتكاب المجازر .
جميعهم والعشرات من أمثالهم ابتلعوا ألسنتهم وخرِسوا عندما دنّسَ قطعان المستوطنين وجنود الصهاينة أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين واعتدوا على المصلّين والمعتكفين والمرابطين فيه بالرغم من تكرار ذلك مئات المرّات ، بكلّ وضوح هم علماء التطبيع مع الصهاينة ، دعاة الإستسلام وليس السلام لأنّ السلام لا يكون إلا بعودة الحق لأصحابه، والحقّ هو عودة كامل التراب الفلسطيني لكامل الشعب الفلسطيني.
محميّات الخليج “المملكة السعودية والإمارات ” دفعوا عشرات المليارات ثمن أسلحة متطوّرة أستُعملت لتدمير سوريا والعراق وليبيا ولتمويل ميليشيات داعش والنصرة وغيرها ولتمويل حلف الناتو والقوات الأمريكية ولشراء الأسلحة لقتال الأحرار في اليمن بينما لم تدفع دولاراً واحداً لدعم أطفال فلسطين أو لشراء رصاصة لقتال الصهاينة الذين يرتكبون المجازر في “غزّة” التي تقاتل وحيدةً لحماية القدس والأقصى في مواجهة أحدث الأسلحة الأمريكية التي تمّ تصنيعها بأموال دفعوها جزية ل”ترامب”، بل على العكس يهاجمون ويُحرّضون في إعلامهم ضد المقاومة في فلسطين ويتّهمونها بالتسبُب في تخريب عمليات السلام المزعومة، فضلاً عن معلومات تحدّثت عن قيام طائرات إماراتية بالمشاركة في قصف قطاع غزّة.
أما “إمارة قطر”، الذي طالب خكّامها وبارسال قوات عربية للقتال في سوريا ضد من يقاتل الإرهابيين بينما لم يطالب بقوّات لحماية الشعب الفلسطيني الذي يرتكب الصهاينة عشرات المجازر بحقّه يوميّاً .
أمّا جامعة الدول العبريّة وليس (العربيّة) التي اجتمعت وخلال نصف ساعة استدعت الغزو الأمريكي للعراق وفيما بعد غزو الناتو لليبيا وبعدها لطرد سوريا من عضويّة الجامعة بأمر من وزيرة خارجية أمريكا “هيلاري كلينتون”.
أمّا المصيبة الكبرى والتي تجاوزت جميع الحدود هي موقف رئيس السلطة الفلسطينية وأجهزته الأمنيّة ممّا يجري فبدلاً من حماية ابناء الشعب الفلسطيني الذين يواجهون بصدورهم العارية آلة الإجرام الصهيونية يبادرون لإعتقال المناضلين الذين يبادرون إلى مواجهة المستوطنين والجنود الصهاينة بما تيسّر لديهم من امكانيات بسيطة.
في مقولة للشهيد القائد “عماد مغنية” :
“تكليفنا لا يقتصر على قتال إسرائيل، تكليفنا هو الانتصار عليها”
وكانت بداية الإنتصارات:
ففي 25 أيار 2000، وفي نهاية مشهد مذلّ من الانسحاب الفوضوي لطّخ سمعة كلّ عسكري صهيوني إلى الأبد، أغلق ضابط صهيوني مهزوم ومكسور الروح اسمه “بيني غانتس “بوابة فاطمة في جنوب لبنان، ظناً منه ومن حكومته أن باباً حديدياً يمكنه أن يوقف مفاعيل تلك الهزيمة المُرَّة عند تلك النقطة، لكن ذلك اليوم وتلك الهزيمة المُرة والأولى في تاريخ الصراع العربي-الصهيوني.
في 14 آب 2006 صنعت المقاومة في لبنان الهزيمة المدويّة الثانية للكيان الصهيوني .
وفي غزّة هزم المقاومون جيش الصهاينة
في الأعوام 2009 و 2014 .
وها هي غزّة 21 أيّار 2021 انتصرت للقدس وللأقصى وللمستضعفين في “حيّ الشيخ الجرّاح ولفلسطين تصنع اليوم بدماء أطفالها ونسائها وشيبها وشبابها ومجاهديها ملاحم البطولة لتمهّد للإنتصار الأعظم وهو انتصار التحرير لكامل التراب الفلسطيني الذي لا بُدّ وأنّه سيتحقق وستكون الصلاة في المسجد الأقصى بإذن الله بفضل بطولات المقاومين وتضحيات وصمود الشرفاء لأنّ الخيار الوحيد والأوحد هو هزيمة الكيان الغاصب نهائيا.
المجد للمقاومين وللشعب الأبيّ المعطاء ولجميع الأحرار الذين يدعمون ولو بالكلمة نضال شعبٍ ينهض من بين الأنقاض دائماً فيدفن شهذاءَه ويحتفل بالنصر ويتوعّد أعداءه ويعِدهم بالهزيمة الكُبرى.
والخزيُ والمذلّة لأعراب التطبيع والخيانة أحفاد أبي رغال وأبي جهل وأبي لهب وأبي سفيان ويزيد الذين تمرّغت كرامتهم وهيبتهم إلى جانب كرامة وهيبة أسيادهم الصهاينة والأمريكيين تحت نعال أطفال غزّة الأبرار الذين رفعوا رايات النصر من تحت الرُّكام.
التعليقات مغلقة.