الراهب أنطونيوس حنانيا يواصل الحديث عن تجنيس الفلسطينيين في لبنان -3

الأردن العربي – السبت 22/5/2021 م …

كتب الراهب الأرثوذكسي العكاوي الجليلي أنطون حنانيا




بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان سنة 1982، شعرت بحزن كبير لأن وجود الفلسطينيين في لبنان كان يشعرني بأن جيشي الحقيقي موجود إلى جانبي،وقد أفقر خروج المقاومة من لبنان البلد إلى درجة أنه لم يعد قادرا على التعافي كما ينبغي عليه أن يتعافى.

 حدثت حرب المخيمات وهذا ما زاد من حزني وخصوصا بعد مجازر صبرا وشاتيلا ،التي باركها وزير دفاع العدو أرييل شارون وطبقها على الارض أيلي حبيقة والقوات اللبنانية،وكان إستفرادهم بالعزل من النساء والأطفال والمسنين في المخيمات من أقصى درجات الجبانة والوحشية،و لم نسلم نحن كعائلة من هذه الاعتداءات حيث كنا نقطن في شقة مفروشة في رأس بيروت.

 ببركة وعون الله أنهيت شهادتي الثانوية بعدما حذفوا المواد العلمية باستثناء مادة الرياضيات، وأخيرا، نجحت بعدما أمضيت سنتين أدرس وأطالع في آن معا جبران خليل جبران والحركة الرومنطيقية، ولم أكتف بالعلوم الأدبية إنما انتسبت الى مدرسة الكاراتيه الكورية محرزا تقدما سريعا في هذه الفنون القتالية الى درجة نيل الحزام الأسود من مدرب كوري كان يدرب الجيش اللبناني.

 بسبب نشوب الحروب المستمرة في لبنان ذهب المدرب الكوري الى بلاده ولم يعد وهكذا بقيت شهادة حزامي الأسود في سيول -كوريا الجنوبية،وكانت الرياضة والسباحة متلازمتين في حياتي إلى جانب الدراسة وتعلم اللغة الانكليزية لإتقانها جيدا.

دخلت كلية بيروت الجامعية وحصلت على شهادة تعليم للمبتدئين، وكانت حياة الدراسة الجامعية جميلة جدا لأن الإختلاط الإسلامي- المسيحي كان قائما وكان الوجود الفلسطيني ما يزال قويا من المدنيين الذين لم يتركوا لبنان.

تعلقت بالعلوم وابتدأت أغوص في المواضيع الفلسفية والأدبية والتربوية والنفسية، وشعرت بحاجة ماسة لفحص العلوم الشرعية الكنسية على ضوء العلم الحديث دون المس بالتعاليم الجوهرية.

كان هذا النهج مؤثرا على حياتي وإيجابيا، وعلى ضوء العلوم، خرجت من التقوقع والتعصب الطائفي وأصبح الإنسان شغلي الشاغل، وقد أحببت المسلمين كثيرا وخصوصا أننا في فلسطين لا نعرف النعرة الطائفية،فالفلسطيني  يستهجن  كثيرا عندما يشعر بتجاذبات طائفية سلبية تكفيرية،و نحن نشأنا على المودة بين المسيحيين والمسلمين.

الإسلام العربي المحمدي الحقيقي قريب من المسيحيين وخصوصا إن كانوا مشرقيين عروبيين وفلسطينيينن، وبدأت أشعر بأنني أمشي عكس تيار هذا البلد الطائفي ولكنني تمسكت بمبدئي الجديد رافضا أية مساومة على محبة الآخر. محبة الآخر تعكس الإيمان الصحيح وتجلب الحضور الإلهي مفعما بالحب والعشق، واشتركت في مؤتمرات كنسية في قبرص وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا آنذاك، وكنت أشعر بالحزن عندما أرى الشباب المشرقي ينظر إلى الغرب وكأنه الفردوس السماوي،وبفضل الله فإن إنتمائي الفلسطيني ونشأتي في بيت فلسطيني لم يسلبا مني جذوري ولا إيماني ولا رغبتي في العودة لفلسطين. (يتبع4)

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.