تفشل أم تنجح؟ … تركيا تستجدي سورية لعودة العلاقات / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 22/5/2021 م …

بعد تغير المعادلات في سورية، وسقوط الرهانات الإقليمية والدولية وخاصة التركية، بات واضحاً أن جميع الأطراف المناوئة لسورية  باتت عاجزة أمام مواجهة مجريات الوقائع وهو ما يُشير الى تعاظم دور سورية على حساب الدور التركي -الغربي في المنطقة، والصفعة الكبرى كانت في حلب التي أغلقت الباب أمام أي آمال وتمنيات بسقوط الدولة السورية والتي شكلت دفعة قوية رفعت من معنويات الجيش الذي يقاتل في الميدان. 




بذلك بدأت الأوراق تختلط في المنطقة، وبدأنا نرى مرحلة جديدة وحساسة من تبدل التحالفات وتغير الأهداف والأولويات، حيث تمخض عن هذه المرحلة مفاجأة كبيرة على صعيد الأزمة السورية، خاصة بعد تصريحات نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مصطفى شين، حول إمكانية عودة العلاقات بين تركيا وسورية.

نائب أردوغان، مصطفى شين، قال خلال أحدث ظهور إعلامي له بأن: “العلاقات مع سورية ستتحسن بالتأكيد وتعود كما كانت”، تلك التصريحات، جاءت خلال مشاركته في برنامج “ميدان الفكر” على قناة “ULUSAL” التركية، حيث أوضح نائب الرئيس التركي أن “تركيا ستفتح خطا لعودة الاتصالات مع مصر، وغداً سيتم تصحيح العلاقات مع سورية بالتأكيد”، ومن الواضح بأن هذه التصريحات تشير إلى استعداد أنقرة للتفاوض مع الدولة السورية بعدما استأنفت في الأيام الماضية المفاوضات الدبلوماسية مع مصر، عقب توتر العلاقات بينهما منذ عام 2013. 

اليوم وجدت تركيا نفسها شبه معزولة  بسبب صلف الرئيس أردوغان، فبدلاً من سياسة صفر مشاكل التي جاء بها وزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو فإن تركيا توترت علاقاتها مع معظم الجيران ودول المنطقة، وتورطت في الحرب على سورية، لذلك تجد تركيا نفسها أمام مأزق حقيقي،  خاصة بعد أن أصبحت  المنطقة العازلة فِكرة غير قابلة للتحقق في ظل معارضة حلفاء دمشق، كما أن تركيا التي أدارت  الصراع  في سورية خسرت رهانها على أن تكون هي الراعية وبيدها الورقة الكردية، لكن الرهان الأكبر سقط بعد فشل أردوغان من إعادة خلط الأوراق وإحداث فوضى في سورية لتحقيق أهدافه هناك، بذلك  كل هذه الأوهام تلاشت وإنهارت لأن الجيش السوري استطاع  القضاء على داعش وطردها من البلاد، وهنا دفعت تركيا ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامراتها الطائشة في سورية. 

إن الإستدارة التركية الجديدة نحو سورية، تقول أن أردوغان يتخبط ويغرق في المستنقع السوري، وان إقترابه من المعسكر الإيراني السوري الروسي، سيؤدي الى حل مشاكل كثيرة في بلاده، وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا إعادة النظر في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان.

مجملاً….لا  يمكن لأحد في العالم أن ينكر الدور الرئيسي الذي لعبته تركيا سياسياً وعسكرياً و إستخباراتياً بالحرب على سورية ومشاركتها الرئيسية بتدمير سورية ولكن الأن وبعد ان فشل المخطط الرئيسي لتركيا بتقسم سورية على أساس طائفي و إضعاف جيشها وبعد الانتصارات التي يحققها الجيش السوري حان وقت الحساب وهنا نتساءل: هل سيدفع أردوغان و تركيا حساب ما فعلوه؟، أو سيغير النهج ويعود الى الحضن السوري وان توافق الطرفان وقبلت انقرة ببعض شروط دمشق فمن سيكون الضامن للايفاء بالتعهدات التركية ان أعطيت ؟ وفي تقديري أن الأسابيع القادمة ستشهد تدويراً للكثير من الزوايا والقضايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك. 

وأخيراً…..من الطبيعي أن تفشل تركيا في سورية، و لعل أنقرة قد إكتشفت مؤخراً أن صعود الشجرة السورية ليس سهلاً، لذلك بدأت البحث عن مخرج من الوضع الصعب التي وجدت نفسها فيه خلال السنوات الأخيرة، في إطار ذلك لم يبقى أمام أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع في سياساته الداعمة لداعش وأدواتها، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة الإرهاب من خلال وقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات المسلحة و وقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.