فلسطين العربية … التسمية عبر العصور كانت وستبقى تُسمى فلسطين / مهند إبراهيم أبو لطيفية




مهند إبراهيم أبو لطيفية ( فلسطين ) – الأحد 23/5/2021 م …

من المعروف أن  أقدم إسم لفلسطين هو ” أرض كنعان”، نسبة لأول شعب عربي سكن  واستقر  في فلسطين، وأقاموا  فيها قرابة 200 مدينة. ولا يعرف التاريخ شعبا آخر أقام في فلسطين قبلهم. وظلت فلسطين، تسمى ” أرض كنعان” حتى عام  1200 ق.م.  

ولم تكن القبائل الكنعانية، الأمورية في فلسطين وحدها، بل إنتشرت في كل بلاد الشام، ووصلت لحدود الأناضول، وكانت مناطقهم تمثل وحدة حضارية، لغوية، ثقافية واحدة. وكل الأسماء التي نقرأ عنها في التوراة، أو” الكتاب المقدس” (الحثيين، الحويين، الفرزيين، الجرجاشيين،الأموريين، اليبوسيين)، ما هي إلى تسميات لقبائل وفروع، لشعب عربي واحد:  الكنعانيون.  

 مع أن الإنسان العاقل، سكن فلسطين في فترات  طوبلة سابقة قبل مجيء الكنعانيين ( أريحا ، العبيدية قرب بحيرة طبريا، أبو سالم  مثلا). كما تؤكده الإكتشافات الأثرية الحديثة في أريحا ، وفي وادي الفلاح قرب حيفا.  

كذلك بالنسبة للفينيقيين ، الذين سكنوا صور (اللبنانية) ، جبيل، ارواد، قرطاج في ليبيا. هم عرب أقحاح، وأصلهم من مدينة “صور” في  سلطنة عُمان، وتسمى حاليا بولاية صور ، ولها تاريخ طويل في صناعة السفن وعبور البحار. وهناك أدلة تاريخية اضافية كثيرة، على أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم من الكنعانيين، أو فرع من الكنعانيين.  

والسائد  أيضا أن اسم “فلسطين” مشتق من ” فلس طين” من معنى احتراف الزراعة، أو نسبة  لشعب ” بلست”.  

وهناك رأي للدكتور شائم الهمزاني، الباحث في علم الاجتماع التاريخي، ان التسمية أصلها ثمودي، وتعني اصطلاحا مركبا من ثلاثة ألفاظ هي:  

1-    فَلْس : ومعناها : متقاطع ـ مصلب ـ معابر  

2-   طي : ومعناها : الترحال ـ القوافل ـ المهاجر  

3-    إيه أو إيل : ومعناها : إله ـ حاكم ـ قاهر  

 لتكون هكذا : فلس طي إيه ، أي (إله متقاطع الترحال)، أو نسبة لإله قبيلة طيء العربية القحطانية النجدية ” الفلس” ، وله علاقة بمكان أو مركز اسمه فَلْس ، وبأن ” فلسطيئيا ” هو اسم اطلق على أهل هذا المكان من القبائل الأخرى، وان  ” الفلس ” ، وهو  على شكل رجل عملاق، كان مكانة في منطقة تقاطع خطوط التجارة قديما. وهو يمثل مرحلة وحدة الآلهة الوثنية أو عقيدة التوحيد الوثني . وانه انتقل مع انتقال الثموديين إلى فلسطين.  

 لكن ما نعلمه أن قوم ثمود من العرب البائدة، وقد هلكوا بالصيحة ولم يعد لهم وجود، ومتى جاؤا إلى فلسطين؟  

 (وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) هود:67.  

 

من الأهمية إدراك أن الكنعانيين، الآراميين، البابليين، الآشوريين، الهكسوس (كنعانيون وفينيقيون).،هم جميعهم : عرب في الأصل والأساس، بدأ من بلاد الرافدين وجزيرة العرب ، وكانت لغتهم الأم ، اللغة العربية (السريانية) القديمة، مع إختلاف لهجاتهم أو شكل كتابتهم ، وتطورت من  التصويرية إلى المسمارية المقطعية، فالمسمارية الأبجدية، ثم إلى الأبجدية الحرفية.  

وتؤكد هذه الروابط، نصوص المكتبة الملكية التي اكتشفت في ” ايبلا ” في شمال سوريا، والتي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وتحتوي على أكثر من 15 ألف لوح طيني مكتوب. كذلك مكتشفات ” راس شمرا ” شمال اللاذقية عام 1928م (مدينة اوغاريت).  

ولو رجعنا للكتاب المقدس، سنجد أبناء نوح (سام،حام، يافث)، ولا يُعقل أن أولاد نوح كل واحد منهم تكلم لغته الخاصة هكذا، وهو ما يتعارض مع علم تطور اللغات، ومن يراجع كتابات المؤرخين العرب والمسلمين القدماء مثل: الطبري،  ابن الأثير،ابن خلدون وغيرهم، وتفاسير القران الكريم، وكتابات الجغرافيين والإخباريين العرب، مثل:  

ياقوت الحموي، البلاذري، المقدسي، ابن حوقل، الإصطخري ، وكتابات اللاهوتيين الكبار من المسيحيين الشرقيين (خصوصا السريان منهم ) ، وكتابات اسقف قيسارية الفلسطينية ” يوسيفوس “، سيكتشف كنزا من المعلومات حول صلة القرابة الواحدة بينهم واصولهم المشتركة.  

– ما يُسمى باللغات ” السامية ” هي تزوير مفضوح للتاريخ، وهي مجرد إفتراض لا أساس له في الواقع، ولد هذا التقسيم في الأصل على يد اللاهوتي اليهودي النمساوي ” شلوتز”، ثم تبعه عدد من المستشرقين، بينما كان غيره من المستشرقين اليهود أكثر إنصافا ومنهم :  

 المستشرق اليهودي الألماني” ابراهام جيجر”، والمستشرق اليهودي الألماني “ديرنبورغ”، إضافة إلى المستشرقين الروسي “دانيال شولتسون”، والسويسري “سبنجر”.  

– الكنعانية القديمة، هي اللغة العربية (الأرامية ، لغة السيد المسيح) القديمة، لغة التجارة العالمية القديمة، ونجدها بنسبة 97% في لسان العرب. أما اللغة العبرية، فهي لغة مقتطعة من الأرامية، وحتى عام 259 ق.م، لم توجد كتابة بالعبرية.  

وفي القرن الثالث الميلادي تم تطويرها، وكذلك في القرن التاسع الميلادي حدث تطوير ثاني. وفي عام 1922م، تم صناعة لغة عبرية جديدة (ضمن مشروع التحول إلى قومية)، وهي خليط من العبرية والإيدش(التي هي بدورها خليط من الألمانية والروسية والبولندية).  

ولاحقا ولأسباب سياسية وعنصرية، وبعد الحرب العالمية الأولى ، نشأت المؤسسات الإستشراقية الإستعمارية، وعملت على تشويه التاريخ العربي.  

– إنتشر الكنعانيون وابناء عمومتهم الفينيقيون، في اليونان، قبرص، كريت، سردينا، صقلية،كابري، قادس الإسبانية، شمال إفريقيا، ووصلوا إلى أمريكا، وبريطانيا. وأقاموا المدن والمستوطنات، والمراكز التجارية، أو قاموا برحلات استكشافية  وتجارية بحرية.  

ومنهم من حكم روما نفسها كامبراطور أو إمبراطورة ، منهم: الإمبراطور السوري ” فيليب العربي” ،الإمبراطورة السورية ” جوليا سوميا ” ، الامبراطور “جيتا ” ، ألامبراطورة ” جوليا ميزا “، الإمبراطور ” سمبتيمو سفيرو”، الإمبراطور ” هيليو جبال”، الإمبراطور ” كاراكالا ” وغيرهم.  

–  ويوجد كم هائل من الآثار التي تدعم هذه الحقيقة، وأغلبها تم إخفاؤه ( تضليلا، وتزويرا وتقزيما للعرب والسوريين).  

– أسس الفينيقيون في الجزائر أيضا عددا من المدن: روسكاد،روس، كولو، كرطناي،قيرطا،إيول،جيجل، وليس صحيحا أن الفلسطينيين هو غزاة للساحل الفلسطيني في مرحلة تاريخية معينة، بل هم من أهل هذه الأرض ، ومن عاد منهم إلى فلسطين ،عاد تحت ظروف تاريخية معينة من أماكن استوطنوها في حوض البحر المتوسط.  

– أول إشارة إلى هذا الإسم “بلاستو” أطلقه الملك الآشوري “أدنيراري الرابع”(Addnirari  IV)، حين أشار بذلك الأسم إلى ساحل فلستيا (Philistia )  .أي ساحل بلاد الشام الجنوبي الذي كان يسكنه الفلسطينيون.  

– من الأخطاء الشائعة أن أول مرة تم استخدام اسم فلسطين ، عندما  أُطلقه الرومان على البلاد، حين صك الإمبراطور فيبنسيان (Vepinsia ) هذا الأسم على نقوده، التي أصدرها إثر إنهاء الثورة اليهودية سنة 70م. لتتسع التسمية وتشمل الساحل الفلسطيني جنوب فينيقيا (سوريا).ولكن ما حصل هو أن  الرومان ألغوا الاسم الاداري “يهوذا” واعادوا لفلسطين إسمها التاريخي القديم.  

 وفد قسم الرومان، فلسطين تقسيما إداريا جديدا :  

1- بالستين الأولى (Palestina  Prima)  

 تشمل نابسل،القدس،الخليل، السهل الساحلي حتى رفح. وعاصمتها قيسارية.  

2- بالستين الثانية (Palestina  Secnnda )  

تشمل الجليل، أم قيس، قلعة الحصن، وعاصمتها بيسان.  

3- بالستين الثالثة (Palestina  Tertia)  

تشمل بلاد الأنباط، منطقة بئر السبع، وعاصمتها البتراء.  

4- مقاطعة فينيقيا الأولى : وتشمل حيفا، عكا، صيدا، صور، بيروت، طرابلس، وعاصمتها صور.  

 

ولكن الإسم العام لفلسطين كان : مقاطعة فلسطين السورية (Provincia Syrio  Palestina ).  

– بدأ الإغريق في إطلاق إسم فلسطين، على كل فلسطين التاريخية، ليشمل المناطق الداخلية أيضا. ومنهم أخذ الرومان والبيزنطيون هذه التسمية.  

– يوجد الإسم فلسطين في بعض النقوش الآشورية ( فلستو ، فيلستو)، ومنها العائدة إلى هدد نيراري الثالث (810-783 ق.م)،.  

– وعثر في مدينة خابور الواقعة قرب الأقصر بمصر العليا، على نقوش تفيد أن رمسيس الثاني ( 1290-1224 ق.م) حقق نصرا على ستة أقوم هي : فرست (إف-ر-ست) وقال بعض العلماء أن المقصود هنا فلست، وذكر دانونا، شكلش،سكلس، شردنو، يشن، تجكر.  

عثثر في مدينة جابو، على رسومات لقوم ( فرست/ فلست) تظهر نساؤهم وأطفالهم ومتاعهم الشخصي محمولة على عربات تجرها الثيران، وهذا تأكيد أنهم أتو إلى دلتا مصر عن طريق البر.، وعثر على نقش آخر يقول أن هؤلاء ال (فرست) محتقرون في مدنهم، ودلالة أل التعريف، تشير إلى اقليمهم.  

وفي نقوش عائدة إلى رمسيس الثالث، وجدت إشارة لإستخدام قوم  من ال (فلست) كمرتزقة في جيشه بعد هزيمتهم، وإلى إسكانه لهم في قلاع تابعة له تقع على ساحل فلسطين الجنوبي، بينما سكن قوم (تجكر) منطقة جنوبي جبل الكرمل. وعُثر على الإسم ” فلست” في نصوص عائدة إلى ملك عصر رمسيس التاسع (1134-1117 ق.م ) تشير إلى إثنين من الأقوام : شرداتا واتجكر، وإلى ثلاثة مدن ( فلستية /فلسطية) هي عسقلان واشدود وغزة.  

– أشار المؤرخ الرومان فلافيوس أوريان إلى فلسطين في كتاباته، استنادا على كتاب المؤرخ الإغريقي كزنوفون (430-354 م) والذي اعتمد بدوره على تقارير خطية لأحد قادة الإسكندر العسكريين، وهو الأميرال ” نيارخوس” الذي كتُلف بإستطلاع سواحل جزيرة العرب الجنوبية، إنطلاقا من مصب نهر الفرات أي من شط العرب، يقول حرفيا :  

” لكن الإسكندر قرر الإستمرار في التقدم نحو مصر، وهنا إنضمت إليه باقي أقسام سورية التي تُعرف بإسم فلسطين، ولم يرفض أحد الخضوع له بإستثناء حاكم غزة المسمى بطليس” (كتاب التقدم 2: 25 ، 4).  

يذكر أوريان  مره أخرى الإقليم على لسان الإسكندر المقودني، في خطاب وجهه إلى قومه عقب تمردهم ضده في صيف عام 334 ق.م، بقوله:  

 ” …. فأنتم المستفيدون من كل ما توفره نصائح مصر أو برقة ، اللتين تمكنا من أخذهما دون اللجوء إلى السيف، وكل سورية وفلسطين وما بين النهرين، هي ملككم تمام مثل بابل وبكتيريا وسوسة، وكذلك ثروات ليديا وفارس وبضائع الهند والبحر الأقصى…”.  

في كتاب أرسطو( 384-321 ق. م) معلم الإسكندر الأكبر، الفيلسوف اليوناني الشهير وتلميذ أفلاطون، والذي يُعرف بإسم:  ” الظواهر الحيوية” ، نقرأ في الترجمة عن النص الإنجليزي ما يلي:  

 ” وإذا كانت هناك أي صحة في القصص التي يرونها عن بحيرة في فلسطين، فإنها ستظهر من خلال ما أقوله…”.  

ذكر المؤرخ الإغريقي أبيان ( 100-170 م) الإقليم بإسم (فلسطين / سوريا الفلسطينية) في إطار كلامه عن مقاطعات الإمبراطورية الرومانية وأسماء الأقاليم الجغرافية من المشرق العربي، وأشار المؤرخ وعضو مجلس الشيوخ الروماني كاسيوس ديو ( 160- 235 م) إلى إقليم بإسم فلسطين، واستخدم تعبير : ” سورية الطبيعية”، وأطلق الجغرافي بطليموس (83م- 161 م)على البلاد إسم : سورية الفلسطينية.  

كتابات هيرودت:  

في عهد المؤرخ “هيرودتس” الملقب بأبي التاريخ (425م-484م) ويعتبر أعظم المؤرخين اليونانيين، كانت كلمة ” بالستين” تطلق على كل فلسطين التاريخية. واستخدمها الكاتب “بطليموس وبليني” (23م-79م) ايضا بنفس المعنى. كتب هيرودتس : ” يُعرف هذا الجزء من سورية بفلسطين”(Παλαιστινη پَلَيْسْتِينِيه) .  

يرد إسم فلسطين بحصر اللفظ في  تاريخ هيرودت الذي زار فلسطين وبلاد الرافدين وفينيقيا، في الصفحة رقم 522، في السطر السادس: ” قدم الفينيقيون والسوريون سكان فلسطين 300 سفينة “، ويرد هذا النص للإشارة إلى مشاركة الفلسطينيين في الحملة الفارسية على اليونان بقوله:  

” وكان الأسطول يتألف من ألف ومئتين وسبع من السفن الضخمة الطويلة، عدا السفن العادية وقوارب النقل، إذ قدم الفينيقيون 300 سفينة وبحارتها يرتدون خوذات شبيهة بخوذات أمثالهم من الإغريق…” وتحدث هيرودت عن ثلاث أقوام تسكن المنطقة الممتدة من البحر اليوناني حتى مصر وهم” الفينيقيون، السوريون الذين يسمون الفلسطينيين والعرب سكان النقب وسيناء وشرقي الأردن.  

ويشير هيرودت إلى  فلسطين الإقليم بقوله:  

” إن النصب التي أقامها سيسوستوريس في البلاد التي قهرها، قد زال معظمها، ولكني رأيت بأم عيني تلك النُصب ما تزال قائمة في ذلك الجزء من سوريا، المُسمى فلسطين….ويسكن البلاد الممتدة من أرض الفينيق حتى حدود مدينة كاديتس (غزة) السوريون الذين يسمون ” الفلسطينيون”، ومن هذه المدينة التي تضارع مدينة ساردس في حجمها، فإن جميع الموانيء حتى جينيسوس تتبع ملك العرب. والمدن التي تمتد من هناك حتى بحيرة سربونيس (بحيرة البدويل) والتي بالقرب منها ينحدر جبل كاسيوس ليصل إلى البحر فإنها تعود لسورية أيضا”.  

وعندما يشير إلى بلاد الشام، يشير إليها بإسم “سوريا” وإلى جنوبها ب “فلسطين” ” بليستية” ، وأحيانا ب ” فلسطين السورية”.  

كتابات يوسيفوس:  

– إستخدم المؤرخ اليهودي يوسيفوس، والفيلسوف اليهودي فيلو (30 ق.م-40م) إسم “بالستين”، ليدل على كل فلسطين. واستخدم المؤرخ جيروم نفس الإسم في كتاباته، وتبعه عدد من الكتاب اليهود، لكنهم اضافوا عبارة ” إريتز إسرائيل”. (بالعبرية: פלשתינה أو פלסטין .  

في كتاب الشهير “ضد أبيون” أشار يوسيفوس ( ت 100م) إلى إستخدام هيرودت لتعبير ” سوريي فلسطين”، وفي كتابه “حوليات” يذكر الإسم فلسطين حرفيا : ” وكان لمرصيوس صمانية أبناء قطنوا جميعا المنطقة الممتدة من غزة إلى مصر، لكن فلسطينوس هو الوحيد الذي حافت بلاده على إسم مؤسسها، والسبب أن الإغريق يطلقون على هذا القسم: إسم فلسطين (القسم 1: 2، 6).  

يستشهد المؤرخ يوسيفوس بما قاله هيرودت عن الختان : ” هيرودتوس إذا قال بغير جدال أن السوريين القاطنين في فلسطين كانوا يمارسون عادة الختان، غير أن اليهود كانوا هم القوم الوحيدين في فلسطين، الذين يمارسون عادة الختان”.  

وتجدر الإشارة إلى أن عادة الختان، كانت معروفة عند المصريين القدماء والأثيوبيين منذ أقدم العصور، وعند حديثه عن هذا الموضوع يقول” ” وهذا أمر يقر به الفينيقييون والسورييون سكان فلسطين، فيقولون بأنهم إنما أخذوا هذا التقليد عن المصريين”.  

 ويوسيفوس نفسه، وعند حديثه عن موقع  مدينة دمشق، يستخدم إسم فلسطين للدلالة على كامل الإقليم: ” …ولكن لأبرام أربعة أبناء قام منهم أوسوس بتأسيس اللجية ودمشق اللتين وسط المنطقة بين فلسطين وجوف سوريا ” . وليوسيفوس عدة مؤلفات منها:  

حوليات إقليم يهوذا  

حروب إقليم يهوذا  

حياة يوسيفوس  

ضد أبيون  

– عند شرحه لتعبير ” أرض كنعان” أكد الفيلسوف فيلون السكندري أنها تعني حرفيا: سوريا وفلسطين. حتى أن بعض كتب الأوبوكريفا اليهودية (المنحولة أو غيبر القانونية) تشير إلى فلسطين وبلاد الفلسطينيين ( مدراش أحارب أ5، برشيت ربا 90).  

– في كتابات آباء الكنيسة، ترد بإستمرار تسمية فلسطين مثل:  أرئانوس(185-254 م)، هيدونيموس (ت 420م)، يسابيوس أسقف مدينة قيسارية (ت 339م).  

 

– حسب الألواح الأوغارتية (الملك الكبير) كانت فلسطين تسمى (مريام) أو موريا، والكلمة “موريا” تشير إلى (آمور) أو (أموريا) أي بلاد الرافدين، ويرد في الكتابات التاريخية اسم (جب موريا) أو ( جبل المريا)، وأغلب أسماء الاماكن والآبار في فلسطين جذرها أموري، واستقرت موجات اموررية في فلسطين في القرن الخامس والرابع قبل الميلاد وموطنها الأصلي من غرب العراق، وكان الههم القومي يُسمى (مارتو) إله الطقس والصيد والحرب ، وهم أصل الأراميين.، ويعتقد كثير من الباحثين أن الهكسوس هم في الأصل من الأموريين الذين تحالفوا مع الحوريين، وحكموا مصر لفترة طويلة تقدر بمئة عام قبل طردهم منها في عهد الملك أحمس الأول. والهكسوس مصطلح يشير إلى : حكام البلاد الأجنبية.  

– ذُكر إسم  فلسطين ” ب.ل.س.ت” في وثيقة مصرية رسمية، يعود تاريخها، إلى حوالي 750 ق.م. وورد في النقوش التي دون فيها رعمسيس الثالث، فرعون مصر (حكم1167ق.م-1198م) بطولاته وانتصاراته، إسم فلست ” ب.ل.س.ت “. وتعتبر رسائل ” تل العمارنة ”  في مصر والمكتشفة عام 1887م، و” نصوص اللعنة ” التي عثر عليها سنة 1925م ،  من المصادر الهامة حول تاريخ فلسطين القديم ، فهي تشير لأرض كنعان ، ممالكها وحكامها ، وتحديدا : اورشليم القدس، مجدو، غزة، عكا، حاصور ، بيت شان (بيسان)وغيرها.  

– من “بالستين” إنبثقت كلمة ” فلسطين” العربية، وقد أطلق العرب هذا الإسم على الولاية الرومانية المسماة ” بالستين الأولى” التي كانت تضم (يهودا، السامرة، وقيسارية). ومنذ وقت العهدة العمرية، والعرب يعتبرون فلسطين، جزءا من سوريا، أو بلاد الشام، لذلك أطلقوا عليها إسم “سوريا الجنوبية”. وهو الإسم الذي ظل موجودا حتى الإحتلال الفرنسي لسوريا سنة 1920.  ومن ثم أخذ الإسم بالإختفاء تدريجيا بفعل إتفاقية “سايكس- بيكو”.  

– في بداية عهد الخلافة الإسلامية، وبعد أن فتُحت الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، أصبحت فلسطين تسمى: ” جند فلسطين”. وجند تعني معسكر أو محافظة عسكرية، وهي تقسيمات إدارية أيضا لبلاد الشام، مثل ” جند الأردن” ،” جند قنسرين”، “جند دمشق”،” جند حمص”.  

– كان للأتراك تقسيماتهم الإدارية أيضا لبلاد الشام، ومنها فلسطين. وكانت فلسطين عبارة عن وحدتين إداريتين: بيروت والقدس، وكانت هذه التقسيمات تتغير أحيانا.  

– إسم ” بالستين” هو الأسم المُعترف به في الأدب المسيحي بشكل عام، خصوصا أدب الرحلات، والدراسات اللاهوتية، والتراث المسيحي، وكان دائما يشير إلى فلسطين التاريخية. وأصبح جزءا من الإتفاقيات والمعاهدات والوثائق العسكرية، قبل وبعد الإحتلال الإنجليزي. وفي إتفاقية السلام مع تركيا، إتفاقية ” لوزان” في 24 يوليو 1913. واستخدم الإسم  ” فلسطين” في صك الإنتداب في كل مواده ، مثلا:  

 ” المادة الخامسة تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن ضمان عدم التنازل عن أي جزء من أراضي فلسطين إلى حكومة دولة أجنبية، وعدم تأجيره إلى تلك الحكومة أو وضعه تحت تصرفها بأي صورة أخرى.”  

– مع مرور الوقت، حل إسم “بالستين ” محل الإسم الشامل ” فلسطين السورية”.  

 أُطلق على فلسطين، أسماء أخرى مثل: البلاد المقدسة، أرض الموعد، بلاد الأجداد والآباء، أرض الرباط، بيت المقدس، ولكنها أسماء  عاطفية وغير سياسية أو تاريخية.  

لم تعرف هذه البلاد ( ارض كنعان) منذ قديم الزمان إلا بإسم سورية وفلسطين فقط .هذا هو إسمها التاريخي ، كان وسيبقى : فلسطين العربية من البحر إلى النهر.  

مراجع:  

1- تاريخ هيرودت، ترجمة عبد الإله الملاح، المجمع الثقافي / الإمارات، بيروت، 2002.  

2- زياد منى: مقدمة في تاريخ فلسطين القديم، بيسان للنشر، ط1، 2000م.  

3- د. أحمد داود: تاريخ سوريا  الحضاري القديم، ط2، دار الصفدي، دمشق، 2003م.  

4 – القران الكريم- التفاسير.  

5- الكتاب المقدس: شرح الكتاب المقدس- العهد القديم- القس أنطونيوس فكري.  

6- د. محمد بهجت القبيسي: الكنعانيون والأراميون في الإمبراطورية الرومانية. مادة صوتية.  

7- معاوية إبراهيم: الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثاني، القسم الثاني، بيروت، 1990.  

8- فيليب حتّي: تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، بيروت، 1951.  

9- الياس شوقي: الموجز في تاريخ فلسطين السياسي، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، بيروت، 1996.  

10- عبد الحكيم الدنون: تاريخ الشام القديم، دمشق، 1999.  

11- د. رمضان عبده علي: الشرق الأدنى القديم وتاريحه، دار نهضة الشرق، ط1، القاهرة، 2002.  

12- د.محمد بهجت القبيسي:الكنعانيون والآراميوت في الأمبراطورية الرومانية،دار طلاس،ط2،2009.  

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.