خسائر «داعش» تنذر ببداية.. نهايته
الأربعاء 4/5/2016 م …
الأردن العربي … في عام 2014، حقق “داعش” سلسلة من الانتصارات، واكتسح مناطق عراقية وسورية، ومع كل انتصار، كان يضم مزيداً من المجندين الجدد.
ولكن، وفق دومينيك تييرني، المحرر المساهم في مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية، والأستاذ المساعد للعلوم السياسية في كلية سوارثمور، تكبد “داعش” في الأسابيع الأخيرة هزائم عدة، فهل يؤشر تحرير القوات السورية مدينة تدمر الأثرية، وطرد الارهابيين من مناطق أخرى في شمال سوريا، إلى تراجع التنظيم الإرهابي؟ وهل يلتصق بـ”داعش” لقب “المهزوم”؟
يلفت تييرني إلى أن التقدم الذي أحرزه “داعش”، في العامين الأخيرين، قد يرجع، في جزء منه، لما يطلق عليه علماء النفس “تأثير عنصر الفوز”، حيث يرفع عدد الانتصارات احتمال تحقيق مكاسب أخرى. ومن المعروف، لدى العلماء، أن للفوز أثر محفز على الأبطال، ويؤثر على أدمغة الثدييات، ويعزز الشعور بالثقة والعدوانية، ويرفع مستوى هرمون التيستيرون، مما يمهد لتحقيق انتصارت أخرى.
إلى ذلك، يترك الفوز انطباعاً إيجابياً لدى جماهير خارجية. ويشير العلماء إلى ما يعرف باسم “أثر الهالة”، في كسب تأييد أفراد، أو فرق رياضية، يقتربون منها لكي ينعموا بأثر تلك الهالة. فالناس يحبون الاختلاط مع مجموعة ناجحة، وغالباً ما يقدم المانحون، على سبيل المثال، أموالهم إلى جامعات النخبة، أكثر من جهات أخرى.
وهكذا، يقول تييري، يعود سر نجاح “داعش” إلى عنصر الفوز نفسه. فقد مضى المتطرفون في جذب مجندين جدد، وفي تشويه سمعة خصومهم، عبر تحقيق انتصارات جديدة.
ومن ثم، يقول الباحث، بدأ التنظيم الإرهابي يتراجع في شكل مفاجئ. وبحسب بعض التقديرات، فقد “داعش” منذ كانون الثاني 2015، نحو 22% من إجمالي المناطق التي استولى عليها، بما فيها مدينتا تكريت والرمادي العراقيتين، فضلاً عن مناطق استراتيجية في شمال سوريا، ما حد من قدرة التنظيم على بيع النفط عبر الحدود التركية. وفي الأشهر الأخيرة، يمارس “داعش”، إلى حد بعيد، دوراً دفاعياً، إذ لم يشن هجوماً واسعاً منذ الصيف الماضي. وقتل أبرز قادته الرئيسيين، وارتفع عدد المنشقين عنه. ويدعي مسؤولون أمريكيون أن عدد مقاتلي “داعش” في أدنى مستوياته منذ عام 2014.
وبرأي الكاتب تثير الانسحابات التي يقوم بها “داعش” تساؤلاً عن هوية التنظيم بكامله، مما يولد أزمة ثقة. وربما تكون هذه الانسحابات مجرد عقبات قصيرة الأمد قبل أن يستعيد التنظيم مبادرته. ولكنها قد تؤشر أيضاً لتحول نهائي في توسعه. فإن محاربة العالم بأسره ليس بالشيء السهل. وحتى المقاتلين الأشداء يواجهون قوانين الجاذبية العسكرية. وقد شهد التحالف المضاد “لداعش” بعض الخلافات الداخلية، ولكن تحالفاً يجمع قوى عظمى، وقوى اقليمية، ويمتاز بامتلاكه قوة نارية، يشكل خطراً كبيرأً على “داعش”. وإذا استطاع التحالف اتباع استراتيجية تقوم على مهاجمة “داعش” في عدة مناطق دفعة واحدة، لن يكون التنظيم قادراً على المقاومة في أي مكان.
وإذا توالت انسحابات “داعش”، قد يواجه أثر “عامل الهزيمة”. ويرى تييري أن لتجربة الخسارة أثراً كارثياً ومدمراً يتناقض تماماً مع ما يحدثه الانتصار في نفس صاحبه. وعلى سبيل المثال، عندما تفشل حيوانات مراراً في استكمال مهمة، فإنها تصاب بما يعرفه العلماء بوصف” اليأس المكتسب”، وتكف عن تكرار المحاولة. وينطبق الشيء نفسه على الإنسان، فيصاب بالإحباط واليأس عندما يسعى إلى تحقيق هدف ما، ولكنه يفشل في كل مرة.
التعليقات مغلقة.