إذا فاز ترامب…أي مصائب ستحل على المنطقة؟ / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الأربعاء 4/5/2016 م …
إن الأحداث التي تمر بالمنطقة تكشف يوماً بعد يوم بأن هناك أيادي خفية تسعى لتأجيج الصراع في سورية، والكل يعلم أن أجهزة المخابرات الإستعمارية قامت بعمليات مشبوهة كثيرة لزعزعة الأمن والاستقرار هناك، وبعد تولي الرئيس الأمريكي أوباما لمنصة الحكم ظن كثيرون إن السياسة الأمريكية تجاه سورية ستتغير وتتحسن ولكن لم يختلف أوباما كثيراً عن الرؤساء الذين سبقوه فكان وراء دعم الخطة الإسرائيلية الرامية إلى تجزئة وتغذية النزاع في سورية بصورة مستمرة سواء بالمال أو السلاح فضلاً عن إستثمار النزاع سياسياً على المستوى العالمي، والمتابع لسياسة أمريكا تجاه سورية خلال الأزمة، يجد أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة اعتمدت سياسة إشغال وإستنزاف، فما أن تهدأ جبهة مواجهة حتى يفتحوا له أخرى، كي تنصرف عن الإهتمام بالتنمية والتطور وإمتلاك القوة.
اليوم تنهال الإستراتيجيات وتنتشر مخاوف دولية وإقليمية من فوز دونالد ترامب الملياردير الأمريكي المثير للجدل بمنصب الرئاسة، وقد أصبح هذا الإحتمال كبيراً بعد نجاحه في الحصول على تأييد ناخبي الحزب الجمهوري في سبعة ولايات دفعة واحدة، لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا لو نجح المرشح الجمهوري ترامب في الإنتخابات الرئاسية ودخل البيت الأبيض؟، وكيف ستكون سياسته مع سورية ومع دول المنطقة وقضاياها..؟!
ان مجرد التفكير في إمكانية ان يصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة يشكل بالنسبة للعديد من الدول مشكلة ومأساة كبيرة يصعب حصار آثارها ونتائجها، لكن واقع الحال يؤكد أن حصول ترامب على هذا التأييد الكبير، أمر ينسجم مع المزاج الراهن الذي يسيطر على أمريكا ويدفعها إلى الإنحياز إلى اقصي اليمين والإنتصار لأحزاب عنصرية لا تخفي مواقفها المعادية للهجرة والإسلام وإنحيازها الكامل إلى العنصرية.
وبهدف التأثير في التغيير وعد ترامب بإلغاء الإتفاق النووي مع إيران، وأعلن عداءه للشعب المكسيكي، وإنتقد الصين لنجاحها في إختراق السوق الأمريكية، كما دعا الى إسقاط المقاتلات الروسية التي تقترب من الطائرات الأمريكية، ومساندة إسرائيل الحليفة الوثيقة لأمريكا في أي مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأكد أن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل غير قابلة للكسر، وعلى الفلسطينيين أن يوقفوا الإرهاب الذي يرتكب بشكل يومي ضد إسرائيل ويجب أن يأتوا إلى طاولة المفاوضات وهم يعتزمون قبول أن إسرائيل دولة يهودية لأنها ستظل موجودة للأبد كدولة يهودية، كما أكد بأنه لن يسمح بدخول السوريين حتى لو كانوا أطفالاً، لأنه لا يثق بهم كونهم يحملون على هواتفهم المحمولة صور رايات داعش من قتل وإجرام.
وفي الإتجاه الآخر أكد توماس فريدمان فى مقال له أن ترامب هو الوجه الآخر لداعش، ويمكن لداعش أن تسعى إلى عمليه عاجلة بأي شكل من الاشكال لتهيئة المناخ المناسب لترامب، تأسيساً على أن سياسة ترامب قد يوفر لها المناخ الذي تتمناه، وهو مناخ الإستقطاب العدائي بين المسلمين والعرب، في هذا الإطار يتضح مدى عمق المخطط الأمريكي والإسرائيلى الذي يهدف الى إستهداف الإسلام والمسلمين وتحقيق التمدد الصهيوني على طول المنطقة العربية وإستنزاف مواردها لخدمة مصالحه، وهنا أعتقد بأن إسرائيل وأمريكا تقفان على أرضية واحدة لأن الأهداف مشتركة والإستراتيجية متناغمة للهيمنة والوصاية على المنطقة العربية .
مجملاً… لا بد من الإستعداد لمواجهة ترامب مع إزدياد فرص فوزه، وإبلاغه بأنه ليس بمقدور أي دولة في العالم أن تعمل بمنأى عن غيرها خاصة فيما يتعلق بمواجهة الأزمات والنزاعات، ولا غنى عن التعاون الدولي وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين أمريكا وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، وذلك في ضوء مكافحة التطرف والإرهاب واللاجئين ووضع نهاية لمشكلات إستراتيجية مثل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي والأزمات وتأجيجها في سورية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، وبالتالي إن تصريحات ترامب المعادية للإسلام ودعمه فكرة ” الدولة اليهودية” التي يسعى إليها حكام إسرائيل في ظل التشرذم العربي وطوائف الإسلام يفتح الأبواب على مصاريعها لتحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد التي رسمها الصهاينة بالأيدي الأمريكية بعد مئة عام من اتفاقية سايكس– بيكو، ومن المحتمل إندلاع حرب جديدة مثلما حدث فى العراق واليمن والسودان وليبيا، وبإختصار شديد يمكنني القول بأنه في الإستراتيجيات الأمريكيه يفوز من يفوز فمسلسل الحروب على الأمه العربية مستمر حى يومنا هذا وهي مزروعة في سورية وتوجهها كما تشاء ووفق مصالحها ومصالح حليفتها المدللة إسرائيل.
التعليقات مغلقة.