المفكر الأردني المحامي محمد احمد الروسان يكتب: أمريكا تعتبر البرنامج الإيراني تهديداً استراتيجياً لها / “إسرائيل” تعتبره تهديداً وجوديّاً ولا حليف لأمريكا سوى نفسها / ينظر الكيان الصهيوني إلى اتفاق إيران كحدث سياسي يقود الى حالة إستراتيجية من العلاقات المختلفة مع واشنطن / إيران دولة العتبة النووية وسوريك الذري سيقصف لاحقاً / أيتام أمريكا ولطم الخدود والفعل الروسي

المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 29/5/2021 م …

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …




قلنا مراراً وتكراراً أنّ الولاء للولايات المتحدة الأمريكية، أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، والعقل الدمشقي الأرامي هو الوحيد الذي سبر غور نواة عقل أمريكا وكشفه، فجاءت المقولة التالية التي تدغدغ البعض وتثير أضغان البعض الآخر:هناك ثلاثة أسرار في عمق تاريخ البشرية: الله سبحانه وتعالى مجده في عليائه، ثم المرأة ان كانت زوجةً، بنتاً، أمّاً، صديقةً، عشيقةً، أيّاً كانت وقوتها في ضعفها، ثم سياسة دمشق، فلا أحد يعرف كيف تفكر دمشق؟ إنّ سياسة دمشق بالنسبة للغرب هي لغز.

 

العودة الأمريكية طوعاً و\أو كرهاً، الى مفصل الاتفاق النووي مع ايران، حاجة وضرورة، وهي تجري على قدم وساق، دون أن يكون هناك أي اتفاق جديد، ولا حتّى أي اتفاق سياسي في قلب مفاوضات العودة الطوعية لواشنطن، لذات كينونة الاتفاق وكنه، الذي هندسه وليام بيرنز عام 2015 م – مدير وكالة الاستخبارات الامريكية الحالي، عبر الخماسية أو السداسية الدولية، مع احتمالية عودة العلاقات الأمريكية مع كوبا – ثمة لقاءات استخبارية تجري على طول خطوط العلاقات الكوبية الامريكية هذأ الاوان، وتفعيل الأدوات الاقتصادية والأستخباراتية لواشنطن في دول أمريكا اللاتينية، وإيصال القتلة الاقتصاديون لمراكز اتخاذ القرار وتنفيذه في تلك الساحات والمساحات وغيرها، كل ذلك يقود إلى حالة من الدفع التاريخي الحاد السائدة في العالم هذا الأوان، لذلك قلنا ومنذ البدء ونتيجة لمعرفة وعلم وسبر غور هذه الشخصية، أنّ وليام بيرنز خطير وأخطر من جلّ مدراء الاستخبارات الأمريكان حتّى اللحظة، فهو يتقن صيرورة هابيل وقابيل ابني أدم التي تحكى وتحكى.

 

سأحاول أن أجمع وأكثف وأحلل في(حويصل)كمّاً من المعلومات لأخرج بمشهد آخر، أنّ الهدف بالأساس من الاتفاق والعودة الطوعية اليه الأن، هو تفجير إيران من الداخل، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم القادم، بعد انتصار سورية، وانتصار المقاومة في غزّة، بل انتصار جلّ حلقات محور المقاومة، بما فيه الحلقة اليمنية، وقبل ذلك بعد ضم القرم، وبعد تظهير اللقاءات الاستخبارية على طول خطوط العلاقات الكوبية الامريكية، عبر عودة العلاقات مع كوبا، فنحن أمام يالطا جديدة أنهت يالطا القديمة، والفاعل الوحيد والأوحد في التاريخ وحركته وفي صناعة المستقبل هو الله ربّ الحياة والموت، والناس والجنّ مجرد أدوات يستعملها الخالق سبحانه لتحقيق التوازن في هذا العالم وعبر التدافع الأفقي والرأسي.

 

وبين حالات الخلع الإستراتيجي ومحفزاته وتراكيبه في المنطقة ومن المنطقة، والإرباكات الأمريكية المقصودة للشرق الأوسط لغايات هيكلة وهندرة الوجود الولاياتي لهذا النفوذ، وبسبب الاتفاق النووي مع طهران فعّلت دولة الكيان الصهيوني أدواتها في دواخل أسيا الوسطى وخاصةً في دولة أذربيجان، والأخيرة كونها تعتبر النقطة الجيواستراتيجية الأكثر أهمية في منطقة أوراسيا قلب العالم القديم، وتمثل بوابة السيطرة على منطقة حوض بحر قزوين(بحر الخزر بالتسمية الإيرانية)الغني بالموارد النفطية والغاز الطبيعي، وعن طريق أذربيجان يمكن بسهولة تهديد منطقة قلب الدولة الحيوي في إيران، وذلك لقربها الشديد من العاصمة طهران، والمناطق الإيرانية الفائقة الأهمية والحساسية، إضافة إلى وجود حجم ليس بالقليل لما يعرف بـ(الأقلية الأذربيجانية)الموجودة في شمال إيران، وتتميز بمشاعر عداء قوية إزاء المجتمع الإيراني، وتنشط داخلها حالياً بعض الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال عن إيران والانضمام لأذربيجان، وذلك بدعم المحور الأمريكي الغربي الإسرائيلي البعض العربي، ولأنّ أذربيجان تشكل نقطة تموضع كقاعدة يمكن تهديد المنشآت الروسية في مناطق منابع النفط الروسي منها، ومحطات الطاقة الكهرومائية الروسية، وأيضاً منطقة جنوب غرب روسيا التي تتمركز فيها الأنشطة الصناعية الروسية، ولأنّ أذربيجان تشكل بطريقة أو بأخرى محطة لدعم الحركات المسلحة في آسيا الوسطى ومنطقة القفقاس، وبالتالي فإن دعم هذه الحركات عن طريق باكو من الممكن أن يؤدي إلى المزيد من القلاقل في هاتين المنطقتين.

 

وكل الأحداث الإقليمية مترابطة، وكل حدث محلي هو بالضرورة وبالتبعات إقليمي ودولي أيضاً، ويذهب الكثير من المتابعين ونحن منهم، أنّ اتفاق العودة الطوعية و\أو كرهاً بسبب الضرورة الامريكية لمفصل وقلب اتفاق 2015 م النووي مع طهران، يحمل من المؤشرات والدلالات ما يتجاوز فكرة النووي الإيراني، إلى مرحلة تؤسس لعهد جديد في المنطقة في الترتيبات الإقليمية متضمنّاُ اعترافاً صريحاً بمدى النفوذ الإيراني، لذلك نرى محاولات ذات مخاضات مزمنة غير مكتملة، لتشكل تحالف إقليمي تركي سعودي مصري قطري بامتدادات باكستانية، لبناء طوق صلب حول إيران يحيط بها من الجهات الأربع بمحيط متجانس مذهبيّاً إلى حد ما، لتحقيق نوع من التوازنات بمفهومها الشامل أو ليكون بمثابة حصان طراودة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وفي ظل استمرار التحالف الأمريكي مع الإسلام السياسي في المنطقة وعبر نيولوك جديد قادم فقط راقبوا جيداً، وخاصةً في حال تطويع وتأطير تنظيمات الأخوان المسلمين، في إطار قريب جداً من نموذج حزب العدالة والتمنية التركي، المراد تسيّده وأدلجته في المنطقة، وهذا من شأنه أن يجعل تنظيم الأخوان المسلمين بهويات وطنية كلّ في ساحته وهويته وظروفه، إن حدث هذا(السابق ذكره مع واشنطن دي سي)تصبح أي تنازلات إيرانية نووية في الاتفاق إياه، مسألة تفصيلية غير ذي صلة(المهم تأمين الحد الأدنى من حاجات إيران النووية).

  

تساؤلات عديدة على شاكلة التالي: هل تكيفت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، عبر الدولة العميقة وتحت اشراف البلدربيرغ الامريكي جنين الحكومة الاممية، مع القنبلة النووية الإيرانية، كما فعلت في الماضي القريب مع الباكستان والهند، وفي ظل معطى استراتيجي يتموضع في أنّ أمريكا تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً استراتيجيا،ً في حين أنّ”إسرائيل” تعتبره تهديداً وجوديّاً؟ هل صار البلدربيرغ الأمريكي يؤمن بحقيقة أنّ إيران دولة إقليمية حقيقية عقلانية ذات مجال حيوي تبني سلوكها على الربح والخسارة، وبالتالي لا بدّ من التعايش مع إيران نووية كخصم قوي؟ هل مشكلة وعقدة واشنطن مع إيران في مفاصل تقنية البرنامج النووي، والمعرفة النووية، أم في سلوك إيران ونفوذها الإقليمي مثلاً؟.

 

وهل الاتفاق النووي تغير في الاستراتيجيات أم في التكتيك؟ أم أنّه تغير في أهداف ومنحنيات السياسة الأمريكية في جلّ المنطقة؟ ويعني تراجع أمريكي من مستوى تغير سلوك إيران وتقليص مساحات نفوذها، إلى العمل على احتوائه، ويعني التسليم بنفوذ إيراني ومحاولة رسم إطار له، إطاراً جغرافيّاً للنفوذ العسكري الإيراني وامتداداته الميدانية عبر الأنصار والحلفاء في المنطقة، حيث إيران وضعت كل بيضها خارج السلّة الأمريكية فنجا من الكسر، بينما العرب ومع كل أسف وضعوا كل بيضهم فيها وأزيد من بيضهم، لهذا سينكسر جلّه ويزحفون على بطونهم لا بل على شفاههم، فالعراق بالنسبة لإيران جزء من أمنها القومي، وسورية بالنسبة لحزب الله عمق استراتيجي، واللغة الدبلوماسية غير اللغة الأستخباراتية المواتية، ولا حليف لأمريكا سوى نفسها، والمشهد صار سرياليّاً، وان قام بعض العرب بزيارة إيران(السعودي والبحريني والاماراتي والاردني لاحقاً زوّار)، فهي زيارة الضعيف للقوي، هكذا المعادلات تقول وتتحدث وبعلم الرياضيات السياسية التي لا تجامل أحداً، وهذا أجمل شيء في لغة الرياضيات السياسية المنطقية والرقمية أيضاً، ان أجدت في رقمنة السياسة وكواليسها ومعطياتها، والتي تتساوق مع منطق الأمور، حيث لا مكان للعواطف والمشاعر والرغبات والأمنيات والهوبرة والبروبوغندا، في ثناياها وتمفصلاتها وتحوصلاتها، في أصل جذورها التربيعية والتكعيبية، أنّها الرياضيات العقلية لغة الأرقام ولغة المنطق يا سادة.

 

في المنظور الإسرائيلي الصهيوني لاتفاق إيران النووي بأنّه عمليّاً: هو نتاج صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها وأجهزتها الأمنية ومؤسسات القطاع العام، وبالمجمل صمود النسق السياسي السوري. “إسرائيل” الصهيونية ترى في مفاعيل وتفاعلات مفاوضات فينا، واستجداء واشنطن لها حتّى اللحظة، يعني الاعتراف بإيران دولة إقليمية لها نفوذها ومجالها الحيوي في جلّ منطقة الشرق الأوسط، وبحق إيران في تخصيب اليورانيوم كعملية تقنية فنيّه نووية وبعيداً عن نسبة التخصيب والتي وصلت الان الى 60%، ويعني ضخ المزيد من الأموال المجمّدة، وهذا يقود إلى تحسين الاقتصاد الإيراني، وبالتالي تحسن وانتعاشات في الاقتصاد السوري المأزوم نتيجة أثار الحرب والمسألة السورية.

 

ويعني تخفيض نسبة البطالة في إيران بشكل ملموس، وتخفيض نسبة التضخم المالي، واستعادة العملة الإيرانية لما فقدته من قيمتها، وبالنتيجة احياءات متصاعدة لدورة الاقتصاد الإيراني، وفي ذات السياق العام ترى “إسرائيل” الصهيونية، أنّ مفاوضات فينا الحالية، وجل ما سيكون عليه مسار العودة لاتفاق 2015 م كما هو، ما زال غامضاً، ويحتاج إلى مزيد من الإيضاحات والكشف عن مفاصل المعلومات، وصحيح أنّ إيران لم تتنازل عن حقها في التخصيب ورفع نسبه وحسب الحاجة والظروف والمعطيات.

 

من جانب حذر، تنظر “إسرائيل” الصهيونية إلى اتفاق إيران كحدث سياسي، قد يقود إلى حالة إستراتيجية من العلاقات المختلفة مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، ومن جانب آخر كنتيجة مفعّلة سوف يقود إلى التقليل من الرقعة الجيواستراتيجية، التي تسيطر عليها روسيّا والصين في منطقة الخليج، وقد يقود هذا إلى إحياء عودة النفوذ الأمريكي إلى أسيا الوسطى عبر إيران، ويقود إلى تراجع تركيا وتمايز في علاقاتها مع واشنطن.

 

ولكن“إسرائيل” الصهيونية تحاول إخفاء ابتسامة هنا: أنّ جنيف إيران سوف يؤسس إلى تغير تدريجي في نواة المجتمع الإيراني عبر الطبقة الوسطى الإيرانية، واستعادة الأخيرة لديناميكياتها بسبب تحسن الاقتصاد الإيراني، كونها الطبقة التي يمكن الرهان عليها في إحداث التغيير المنشود والمأمول أمريكيّاً وغربيّاً وصهيونيّاً، كونها طبقة لها آفاق سياسية كبيرة في إيران وهي ذات مكون بشري شاب، والطبقة الوسطى في إيران هي مصنع القيادات السياسية والثقافية والفكرية والعلمية والعسكرية والأستخباراتية، وهي التي تحافظ على الصراع الطبقي في المجتمع، بينما “إسرائيل”الصهيونية تضحك بتشفي بأنّ الطبقة الوسطى في الأردن تم تذويبها وإلغائها ضمن نهج محدد في السياسات الاقتصادية وغيرها، لتأجيل و\أو إلغاء أي رهان سياسي عليها في التغيير مع كل أسف، ففي حالة اندلاع الصراع و\أو التنافس لمستويات ساخنة على المدى الطويل في الداخل الأردني، فسوف تكون النتائج عنيفة بالمعنى السياسي والأمني والمورد البشري، فلا طبقة وسطى يمكن لنواة الدولة الأردنية عندها الركون إليها، لإعادة التوازن للصراع المجتمعي أو إن شئت سميه التنافس بفعل المحفزات الداخلية الديمغرافية والإقليمية، والتي يصار لتوظيفها عبر البلدربيرغ الأمريكي ونواته الأممية، بعد تعثر لا بل فشل المشروع الأمريكي في سورية وفي جلّ ساحات ومساحات الشرق الأوسط.

 

اذاً أمريكا والغرب الأوروبي وعبر الاتفاق النووي، يسعون إلى تغير طبيعة النظام السياسي في إيران، عبر الطبقة الوسطى الفاعلة في المجتمع الإيراني، كمقدمة لإنهاء البرنامج النووي الإيراني وعبر إطلاق العنان وافساحات للمجال السياسي لطهران وإدماجها في بيئة الاقتصاد العالمي، والاعتراض الإسرائيلي الصهيوني هنا: هو أنّ هذا يحتاج إلى وقت طويل ومثابرة وهذا لا يصب في الصالح الإستراتيجي الإسرائيلي مع وجود نخب سياسية وعسكرية واستخباراتية واقتصادية إيرانية تلتف حول الدولة الإيرانية وولاية الفقيه.

 

ونظرة “إسرائيل” الصهيونية أنّ اتفاق إيران يعزّز مكانة إيران كقوّة نفوذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويقود إلى تقاربات ومزيد من العلاقات مع غالبية الشعب الأذري في شمال إيران حيث أذربيجان، والى تفاهمات خاصة وجديدة مع باكو حول مخزونات بحر قزوين في الشمال الإيراني للتوصل، إلى اتفاقيات إطار قانوني مع الدول الأربعة الأخرى المطله عليه، وهل هو بحر أم بحيرة وفقاً للقانون البحري الأممي؟ كذلك إلى تفاهمات إيرانية أذربيجانية حول الوجود العسكري والأستخباري الإسرائيلي المستتر في الداخل الأذربيجاني.

 “إسرائيل”الصهيونية تسعى إلى توظيفات للعودة لأتفاق إيران النووي وتعمل عليها، للحصول على ثمن ما غير واضح في مجمل الصراع العربي الإسرائيلي وخاصةً على المسار الفلسطيني – “الإسرائيلي”، خاصة مع صيرورة اسرائيل كأضعف طرف في المنطقة، وكيف تم اهانتها عبر المقاومة الفلسطينية في انتصار 21 أيّار لعام 2021 م،  واحتمالية تشكيل حكومة ائتلافيه عبر يائير بن يوسف بن لابيد ونفتالي، وهذا يعني: خروج بنيامين نتنياهو من المشهد السياسي الاسرائيلي، وذهابه وزوجته الشبقة ذات المتر وبضع المتر طولا،ً الى السجن هرولةً وهما مبتسمان قهراً.

 

ونعود الى الثمن ضمن المعطى السابق: كأن يكون مثلاً بقاء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، تفاهم حول القدس، والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وحول كل موضوعات الحل النهائي بما فيها اللاجئين والنازحين، وأنّه في حالة عدم منح “إسرائيل” هذا الثمن فسوف تعيقه وعبر أدواتها في الداخل الأمريكي وفي الكونغرس وغيره من مؤسسات الدولة الأمريكية وعبر أدواتها في الخارج الأمريكي وفي أوروبا، الاّ في حالة واحدة محتملة وهي رفض الحكومة الأممية(البلدربيرغ)الأمريكي التوجهات الصهيونية!.

 

ولكن قاعدة الاشتباك الجديدة، حيث الشعوب في مواجهة الكيان الصهيوني، بعد أن صارت كيانات التجزئة لسايكس وبيكو في مخدع الكيان، وبقائها مرهون ببقاء الكيان، وهذا فرز انتصار المقاومة في غزّة هاشم في 21 أيّار هذا العام، مع خلق وتخليق قاعدة اشتباك رسمها ويرسمها محور المقاومة وهي: المساس بالمقدسات الاسلامية والمسيحة في القدس، يعني حرب اقليمية متوسعة.

 

وترى “إسرائيل” الصهيونية في الاتفاق النووي مع إيران والعودة اليه من جديد، أنّه أشّر إلى حد ما على انتصار المكون الشيعي السياسي ضد المكون السنّي السياسي، واستمرار النسق السياسي السوري وإجراء الانتخابات السورية الرئاسية الاخيرة  في 26 أيّارمن هذا العام 2021 م، وبقاء الرئيس لقيادته المرحلة الانتقالية القادمة والتي يمكن أن تنتجها أي عملية سياسية تسووية قادمة، واتفاق إيران والعودة اليه من جديد أمريكيّاً،  أدخل الدول العربية المطلة على الخليج في دائرة الخطر الإستراتيجي، والتمهيد للثورات فيها لأحداث التغيرات المطلوبة أمريكيّاً، وهذا ما لا تريده “إسرائيل” الصهيونية الآن على الأقل.

 

تل أبيب الصهيونية – أو تل الربيع المحتلة، ترى أنّ إيران قدّمت تنازلات في الهوامش ونسب التخصيب وتفاصيل أخرى لا تعيق حقها في التخصيب الذي شرعنه الاتفاق في جنيفها المؤقت في وقته، وأنّ الاتفاق النووي فقط أبطأ جوهر مشروعها.

 

“إسرائيل”الصهيونية ترى في اتفاق إيران والعودة اليه، يعني استخدام الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأوراقها  السياسية، وأدواتها العملياتية في داخل الباكستان وأفغانستان ومع حركة طالبان أفغانستان وطالبان باكستان، لتسهيل عمليات انسحاب جزئية لبعض القوّات الأمريكية من أفغانستان مع عدم عرقلة ومواجهة المصالح الأمريكية هناك، وهذا من شأنه أن يقود إلى حالة من التسكين على طول خطوط العلاقات الأمريكية الإيرانية، وهذا لا يصب في الصالح الإسرائيلي الصهيوني.

 

تتحدث المعلومات، وبعد توقيع مرتقب لأتفاق فينا – اتفاق العودة الى الاتفاق النووي 2015 م، مع رفع كامل العقوبات الامريكية الأحادية غير الاممية عن طهران، التي فرضها الرئيس السابق وبالرغم من ذلك، أنّ مؤسسات القرار السياسي والأمني في واشنطن تفكر وبجدية متناهية إقامة(مظلة دفاعية)من أجل حماية حلفائها في منطقة الخليج العربي خاصةً،  والشرق الأوسط عامةً من ما يسمّى في المجتمع الدولي(الولايات المتحدة الأمريكية)وفي سائل الميديا العالمية بالخطر النووي الإيراني، حيث العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وحلفائها، يبذلون قصارى جهدهم من أجل منع إيران من الحصول على القدرات النووية، بما فيها القنبلة النووية والتي لا تسعى إليها ولا تريدها إيران، والأخيرة باعتهم قنبلة نووية لا تملكها، لقاء رفع عقوبات لا تستحقها عبر اتفاق فينا الأخير.

 

ومع كل ذلك، واشنطن قرّرت إذا استمرت طهران في برنامجها النووي دون أي أثر على عملية إبطائه عبر اتفاق فينا، وصار(ومن الزاوية الأمريكية)حصولها على القدرات الحربية النووية أمراً واقعاً لا فرار منه، فانّ واشنطن ترى أن الحل يكمن في خيار نشر القدرات النووية الأمريكية في المنطقة، لحماية حلفاء أمريكا وحماية المصالح الأمريكية الحيوية ليصار إلى ابتزاز الجميع ومن جديد.

 

لقد وجدت واشنطن في استخدام الخطر النووي الإيراني، ” الفزّاعة المناسبة التي فتحت أمامها نافذة الفرصة لنشر قدراتها العسكرية النووية وبشكل مكثف في الشرق الأوسط،  مما يتيح لها وضع منطقة الشرق الأوسط بشكل نهائي وأخير تحت السيطرة العسكرية الأمريكية، وبالتالي يجعل هذه المنطقة خطّاً أحمراً أو” تافو” محرّم على القوى الدولية الأخرى كروسيا الفدرالية والصين والاتحاد الأوروبي.

 

وعبر هذه “الفزّاعة” الإيرانية النووية وتضخيمها(بجانب اتفاق فينا – اتفاق العودة طوعاً و\ أو كرهاً مع رفع كل العقوبات عن ايران مقابل عودة طهران الى سابق التزاماتها)، تستطيع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، من توسيع نطاق انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في المناطق ذات الأهمية والحساسية الفائقة إزاء السيطرة على النظام الدولي، بعد أن فشلت الولايات المتحدة الأمريكية ومن ارتبط بها من العربان في إسقاط النسق السياسي السوري، وبالتالي هي تسعى وعبر نشر قواعدها العسكرية والنووية، لوضع إيران تحت السيطرة الأمريكية، بما يتيح لواشنطن لاحقاً القيام بعملية احتواء النظام الإيراني، وتعزيز القدرات العسكرية للقيادة الوسطى الأمريكية، بما يتيح لها قدرة أكبر في السيطرة على المسرح الشرق الأوسطي،  لجهة الردع والحسم السريع لكافة أشكال وأنواع المهددات الماثلة والمحتملة.

 

مصادر عليمة أمنية وسياسية وعسكرية، تتحدث عن معلومات حول المجمّع العسكري الصناعي الحربي الأمريكي، وشركات سلاح أمريكية وغربية ذات صفة أممية، مارست ضغوط كبيرة على الإدارة الأمريكية الحالية، لكي يتم توقيع اتفاق العودة الى الاتفاق النووي مع إيران وتذليل كافة العقبات، واعتماد مبدأ موازنة القدرات العسكرية النووية الإيرانية، بنشر المزيد من القدرات العسكرية النووية الأمريكية، لأنّ دراسات الجدوى التي تفحّصها خبراء هذه الشركات أكدت أنّ الشركات العسكرية الأمريكية وكيانات المجمع الصناعي الحربي الأمريكي، ستحصل على إيرادات مالية لا مثيل لها إذا ما استطاعت واشنطن توظيف فزّاعة الخطر النووي الإيراني بجانب توقيع اتفاق فينا اتفاق العودة مع إيران، وجعل بلدان الخليج تذهب إلى سباق تسلح إقليمي واسع النطاق(السعودية تسعى الآن الى امتلاك قدرات نووية عبر التعاون مع روسيا مثلاً)، حيث هذا السباق في التسلّح، يتم على خلفية قيام واشنطن بنشر قدراتها العسكرية في المنطقة طالما أن ذلك يؤدي إلى إلزام دول الخليج بتمويل نفقات القواعد العسكرية الجديدة وفي العراق، مع بيع المزيد من العتاد والأسلحة الأمريكية المتطورة لدول الخليج(فخ اليمن)كذلك جعل دول الخليج وبقية حلفاء أمريكا العرب بالدخول في روابط واتفاقيات إستراتيجية مع واشنطن، لكي تكون وعلى وجه التمام مثل اتفاقيات حلف شمال الأطلسي(الناتو)والتي ظلّت على مدى أكثر من ستين عاماً وأزيد، تفرض القيود والالتزامات على بلدان غرب أوروبا.

 

 إشعال حرب باردة جديدة في الخليج العربي والشرق الأوسط عبر الحدث السوري والحدث النووي الإيراني، بشكل يتيح لأمريكا ربطها مع الحرب الباردة في الباسفيك ضد الصين والحرب الباردة في وسط وشرق أوروبا ضد روسيا الفدرالية، بما يفتح المجال أمام حرب باردة عالمية جديدة توفر الغطاء لمساعي واشنطن من أجل إعادة تشكيل الخارطة الجيو سياسية العالمية، تعبئة بلدان الخليج وحلفاء واشنطن الشرق الأوسطيين للانخراط إلى جانب واشنطن في المواجهات الدولية والإقليمية، وعلى وجه الخصوص المواجهة الأمريكية الصينية والمواجهة الأمريكية الروسية.

 

بالرغم من الاتفاق النووي مع ايران، ومفاوضات العودة والتي تتموضع على شكل اتفاق غير جديد، فقط اتفاق العودة مع إيران في فينا، فانّ نواة الدولة الأمريكية(البلدربيرغ الأمريكي) قرّرت إبقاء ما يسمّى  بالخطر النووي الإيراني، لفترة طويلة قادمة هو الخيار الأنسب والأفضل لا بل الأمثل النموذج بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، إن لجهة استخدامه كغطاء لتنفيذ أحد أهم المخططات الأمريكية الساعية للسيطرة على العالم، حيث كلما كان الخطر النووي الإيراني موجوداً، كلما وجدت المبررات لاستخدامه كغطاء في تنفيذ متطلبات عملية التظليل الإستراتيجي الواسعة النطاق ضد بلدان المنطقة، كذلك توافر القدرات العسكرية النووية الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط، هو توافر لن يؤدي إلى ردع  واحتواء الخطر النووي الإيراني، وإنما إلى ردع واحتواء القدرات العسكرية التقليدية العربية ومنعها من التحول إلى قدرات غير تقليدية حماية(لإسرائيل)الطارئة على كل شيء في المنطقة.

 

وتسعى أمريكا إلى بناء تحالف عسكري في الخليج والشرق الأوسط كما هو الحال في تجربة حلف الناتو، مع إطلاق محادثات سريّة لا مفاوضات  لما يسمّى بالسلام في الشرق الأوسط، والتي تشي كل المعلومات السياسية والإعلامية والأستخبارية في وسائل الميديا العالمية، أنّها محادثات ليست للتسوية وإنما لتصفية القضية الفلسطينية برمتها(راجع تحليل لنا سابق: تداعيات ومفاعيل استراتيجيات شيطنة غزّة)عبر ما يسمّى بالسلام الإقليمي، وجعل مطبخ القرار في الأردن يفكر من الآن بما يسمى بالحدود المعقولة لتوطين اللاجئين والنازحين لديه، ودمجهم بالمجتمع الأردني مع تغيير قواعد اللعبة السياسية الداخلية، مع غياب تام لأية ضمانات دولية في هذا السياق، والذي يجد آذاناً صاغية في إدارة جوزيف بايدن الديمقراطية بشكل معمّق إن بقيت في الانتخابات القادمة كإدارة ديمقراطية وان رحلت، كما يجد ذات الآذان لتنصت إن كانت الإدارة جمهورية لاحقاً – راقبوا جيداً.

 

لقد تحدثنا ومنذ بدء عمل هذه الإدارة الأمريكية الديمقراطية، بأنّ إدارة جوزيف بايدن صحيح أنّها ديمقراطية، إلا أنها بأجندة جمهورية لأربع سنوات قادمة((أنظر إلى جغرافية ما يسمّى بالربيع العربي من تونس إلى مصر، فليبيا إلى سورية، ولبنان وفلسطين، والعراق، وما يحضّر للجزائر والمغرب،(وموريتانيا حيث نفوذ اقتصادي إيراني فيها، عبر الاستثمارات في الثروة السمكية الهائلة والأمريكان يريدون استهداف هذا النفوذ)والأردن، فكل جغرافية هذا الربيع العربي في عيون استراتيجيات الخداع الأمريكية، إن لجهة الديمقراطي، وان لجهة الجمهوري، طالما أنّ المشغّل واحد هو البلدربيرغ الأمريكي عبر فرعه الدولة العميقه هناك في بلاد اليانكي العم سام، وهي(أي إدارة بايدن)أخطر على الشرق الأوسط، وقضية الصراع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، وعلى العالم من إدارة دونالد ترامب الجمهوري.

 

نعم : إنّ إستراتيجية الاحتواء التي سبق وطبقتها واشنطن في غرب أوروبا وتركيا خلال الحرب الباردة، قد أتاحت للولايات المتحدة الأمريكية السيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية على الأوروبيين، والآن فقد آن الأوان لاستخدام معطيات إستراتيجية الاحتواء هذه ضمن صيغة جديدة معدلة لجهة تفعيل مفاعيل إسقاطها على منطقة الخليج والشرق الأوسط  وسورية وإيران معاً.

 

فمن أجل أن تثبّت الدولة العبرية وجودها، فإنها تسعى دائماً وبثبات إلى تحقيق تفوق استراتيجيين، وهذا الكيان العبري لا يجد وسيلة لبقائه الاّ بتحوله بالكامل إلى ثكنة عسكرية، وبامتلاكه السلاح النووي، حيث ذهب إلى تطوير البرامج النووية التي تستخدم للأغراض العسكرية، وصناعة القنابل الذرية، ففي العاشر من آب عام 1948 م وبعد قيام هذا الكيان العبري الطارئ على التاريخ والجغرافيا في المنطقة، أنشئت مؤسسة الطاقة الذرية الأسرائلية ” ناجال سوريك “التابعة إلى وزارة الحرب الإسرائيلية، كما وضعت الخطط لبناء مفاعلات نووية ومسرعات ذرية وإنتاج الماء الثقيل والحصول على اليورانيوم المخصّب، ولهذا التسليح العبري أبعاده الإستراتيجية، إنها ليست مشكلة حدود أو سيادة، بل مشكلة بقاء مادي بكل ما في هذه الكلمة من معنى، وهي مسألة بقاء لا للشعب اليهودي في الأراضي المحتلة عام1948 م فقط، بل للشعب  اليهودي في جميع أنحاء العالم.

 

 والحديث عن السلاح و/ أو البرنامج النووي الإسرائيلي، يتم تجاهله تماماً وكأنّ هذا البرنامج و/ أو السلاح لا يشكل خطراً أو تهديداً أو تقويضاً للسلام والأمن في المنطقة، التي تعد أكبر المناطق في العالم التهاباً وتوتراً بسبب الاحتلال العبري للأراضي العربية المحتلة / الجولان السوري، مزارع شبعا، قرية الغجر، وكذلك الأرض الفلسطينية المحتلة / عام 1948 م وعام 1967 م .

 والمفارقة المضحكة المبكية هي: وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى بنفسها منذ فترة مسألة حظر أسلحة الدمار الشامل، الاّ أنها رفضت منذ سنوات التصديق على معاهدة حظر إجراء التجارب النووية، بل أنّ واشنطن لم تتخذ موقفاً مناهضاً لامتلاك ” إسرائيل ” أسلحة الدمار الشامل، وتجاهلت المواقف العربية والدولية الحيّة، الرافضة للسلاح النووي ” الإسرائيلي “، حيث تمتلك ” إسرائيل ” أخطر وأفتك الأسلحة النووية، ويهدد المنطقة العربية وغير العربية بأسرها، وقد رفضت أمريكا باستمرار الدخول في اتفاقية حظر إنتاج وتطوير الأسلحة النووية أمام سمع العالم وبصره وصم أذنيه عن ما يجري في مفاعل ديمونا، وبما أنّ أسلحة الدمار الشامل ” الإسرائيلية ” تؤدي إلى اختلال التوازن العسكري في المنطقة، فمعنى هذا أنّ مقولات وعبارات السلام المقبل / السلام الوهم، وخارطة الطريق الأمريكية، عبر مفاوضات التقريب / خارطة تصفية القضية الفلسطينية / والدولة الفلسطينية الواقعية/ على رأي سلام فياض/ مجرد أوهام ستذهب أدراج الرياح في ظل خطط قادة هذا الكيان الطارئ على كل شيء.

 

 وتجدر الإشارة إلى أنّه في بدايات شهر شباط  من عام 2008 م، حدثت عملية استشهادية مزدوجة في قرية ديمونا، جعلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسها ( الشاباك )، أن أصيبوا جميعاً بالصدمة، بفعل عملية استشهادية مزدوجة بطولية نوعية، خاصةً وأنها جاءت في قلب بلدة ديمونا، حيث تقع في أقصى جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 م، ويوجد بالقرب منها مفاعل ديمونا الإرهابي النووي، والتساؤل الذي طرحته(الشاباك )على نفسها وما تزال هو: اليوم نجحوا في تخطي كل الإجراءات الأمنية المشدّدة في ديمونا وحولها، وكانت العملية المزدوجة ناجحة بكل المقاييس! ماذا لو وصلوا غداً و/ أو بعد غد إلى ديمونا نفسه(المفاعل)وفجّروه ؟!! إنها كارثة حقيقية على إسرائيل والمنطقة والعالم!.

 

بالمقابل صاروخ سام السوري المطور الذي أطلق على طائرة اسرائيلية قبل العدوان الاسرائيلي الاخير على غزّة هذا العام — ثم صاروخ عياش 250 كم – جعل الكيان يبول على نفسه ويسكر ويبول على نفسه ويسكر.

 

والى جانب مفاعل ديمونا، تمتلك إسرائيل مفاعل نووي آخر في قلب فلسطين المحتلة عام 1948 م ” إسرائيل الآن ” على الساحل المتوسطي اسمه مفاعل( سوريك )النووي، الذي قدّمه الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور عام 1955 م، حيث يظهر للعيان من مفاعل سوريك هو: المنشأة المخصصة لمشروعات لا علاقة لها بالقنبلة الذرية، كتطوير منظومة الرؤية الليلية و/ أو الكاميرات النووية، كما يجري العلماء في سوريك أبحاثاً حول وسائل ضبط المقاومين الاستشهاديين من خلال أجهزة يمكنها رؤية ما تحت الملابس.

 

فهذه الدولة العبرية الطارئة على الجغرافيا والتاريخ، وان كانت تمارس سياسة الغموض النووي في برنامجها النووي العسكري الإرهابي، فإنّها بالمقابل لا تخفي مشروعاتها للأسلحة التي يستخدمها القنّاصة، بحيث تتيح قياس سرعة الريح من خلال التصويب نحو الهدف، بالإضافة إلى ليزر آخر يحدد المسافة.

 

وتبلغ قوّة هذا المفاعل خمسة ميغاوات، حيث وضع قلب المفاعل تحت تسعة أمتار من الماء المنزوع منه المعدن الأزرق الباهت البالغ الشفافية، حيث ظاهر هذا المفاعل يقوم بأبحاث تطبيقية لتطوير منتجات تكنولوجية رفيعة المستوى، وسوريك هذا يماثل ويتساوق في الهدف والغاية مع مفاعل ديمونا، على اعتبار أنّه يقوم في تطوير الأسلحة النووية، وان كان يعد المفاعل الوحيد في العالم الذي لا يضم دائرة للفيزياء النووية.

 

فمجمّع سوريك مسؤول مسؤولية كاملة، عن الأبحاث وتطوير الأسلحة النووية وتصنيعها أيضاً، وبشكل ملفت لأجهزة استخبارات عالمية تعمل في الشرق الأوسط، باعتبار الأخير ساحة صراع، ويعد مفاعل ديمونا، المفاعل الأول في إسرائيل وموجود في صحراء النقب، وقد بني بمساعدة من الفرنسيين أواخر الخمسينات وقوته مابين 40 إلى 150 ميغاوات وينتج البلوتونيوم المخصص للاستخدام العسكري، حيث أحاطت إسرائيل، نشاطاتها النووية بالغموض، حيث رفضت وما زالت، تأكيد و/ أو نفي امتلاكها السلاح الذري الإرهابي، وكذلك ترفض توقيع معاهدة الحد من الانتشار النووي وزيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مفاعل ديمونا والى أمكنة خاصة في مجمع سوريك النووي على الساحل المتوسطي في الأراضي المحتلة عام 1948 م، بفعل مساندة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه المساندة التي هي نتاج سياسات ازدواجية في التعامل مع الملفات النووية الأخرى، وخاصةً المفاعل النووي الإسرائيلي الإرهابي العسكري .

 

لاحقاً وفي أي مواجهة قادمة مع المقاومة في غزّة سيصار الى ضربه والمقاومة في غزّة تملك الصاروخ المناسب لضربه.

 

إنّ خطورة مفاعل ديمونا النووي تكمن، أنّه يقع في منطقة بحكم موقعها وتاريخها الزلزالي، فانّ تعرضها لزلزال وارد وغير مستبعد، وهذا إن حدث سوف يؤدي إلى تصدّع هائل في جدران مفاعل ديمونا النووي، وقد أشار الخبير مردخاي فعنونو والذي أعتقل في السجون الإسرائيلية لمدة 18 عاماً، بعد أن كشف للعالم امتلاك الدولة العبرية(والأخيرة هي الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة والعالم)لهذا المفاعل النووي، أكد فعنونو أنّ تعرض المنطقة لهزّة أرضية قوية من شأنه أن تؤدي إلى شروخ وتصدعات في جدران المفاعل، وسوف يؤدي ذلك إلى تعرّض المنطقة والعالم إلى كارثة نووية أكبر بكثير من الكارثة النووية التي حصلت في مدينة تشرنوبيل، حيث مباني ومنشآت المفاعل والذي أقامه الكيان العبري، قبل أكثر من خمسين عاماً وأزيد من ذلك، تعاني حالياً من شقوق بفعل الهزّات الأرضية المتتالية، وأنّ مباني المفاعل لم تعد صالحة وآمنة وفق المعايير والمقاييس العلمية العالمية، وعليه لم تعد الدول العربية وشعوبها آمنة كطفل في سريره، وبعد احتلال بغداد في 9/4/2003 م، وهو يوم سقوط الشريك الاستراتيجي الاقتصادي للأردن/ الدولة والشعب.

 

 في الوقت الذي شنّت فيه واشنطن ولندن، ومن حشدت إليه من الدول إلى جانبهما في عام 2003 م وما زالتا، لحرب ضروس على العراق الدولة والشعب والحضارة، في تحد سافر ومقلق، بزعم إنقاذ العالم من أسلحة الدمار الشامل العراقية، والتي لم يتم العثور عليها حتّى الآن، وفي ذات الوقت الذي ترتفع فيه عقيرة لهجة التهديدات الأمريكية والأوروبية بالرغم من توقيع اتفاق ايران النووي، لكل من إيران الدولة المسلمة وسوريا الدولة العربية(بالرغم من الحرب بالوكالة عليها منذ أكثر من عشر سنوات وأزيد)وغيرهما من الدول، لمجرد الارتياب والخوف في سعي تلك الدول لإعادة أو تطوير برامجهم النووية السلمية، نجد فيه إسرائيل تسعى إلى تطوير برنامجها النووي العسكري السري، وتعقد مزيد من الاتفاقيات السرية مع واشنطن وغيرها من دول السلّة والجوقة، والتي تقضي بأنّه بوسع إسرائيل أن تمضي قدماً في برنامجها النووي، كيفما شاءت ما دام الأمر قد بقي طي الكتمان!!.

 

إنّ الدولة العبرية بأسلحة دمارها الشامل، وبرنامجها النووي العسكري السري(عمره قارب الستين عاماً)وما يحويه من نظم التسليح النووي الخطيرة، يؤكد أن إسرائيل دولة إرهابية بامتياز، وجديرة بالانخراط في دول محور الشر التي يجب على العالم أجمع محاربتها عسكرياً واقتصادياً، كيف لا وهي( أي إسرائيل )تمتلك سادس ترسانة نووية في العالم، من بينها أسلحة نووية ذات تكتيكات صغيرة وألغام نووية، علاوة على صواريخ متوسطة المدى تطلق من البحر والجو وتقوم بتطوير قنبلة النيترون؟! . إنّ سياسة الغموض النووي التي تمارسها إسرائيل، منذ اغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي، والأخير مارس ضغوطاً على إسرائيل وبقي متربصاً بها إلى أن تم اغتياله، وتحديداً في عهد جلودا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية عام 1969 م، والتي وصفها يوماً ما فرانسوا ميتران لشدة قباحتها بقوله: يا الله كأنّها للتو وقد سقطت من مؤخرة يهوذا، حيث وصلت إلى تفاهم مع الأمريكان حول برنامج إسرائيل النووي السري، ومن هنا  يجب أن لا تستمر هذه السياسة النووية الغامضة الإسرائيلية، حيث تعد هذه السياسة دليل على المساعي الإسرائيلية الفاشية، ودليل على السياسات الأمريكية المتخاذلة في المنطقة والعالم أجمع، وما صرّح به كارتر وقبل ثلاثة عشرة عاماً من الآن(أذكر ذلك جيداً)، في مهرجان أدبي بريطاني في مقاطعة ويلز، أنّ إسرائيل تملك أكثر من 150 سلاحاً نووياً، فهي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط الآن والتي تمتلك أسلحة نووية هائلة، ومع ذلك نجد هذه الدولة العبرية الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة الشرق الأوسطية، لم تؤكد ولم تنفي هذه المعلومات القديمة الجديدة والتي تفوّها بها كارتر، معتمدةً على سياسة الغموض النووي في برنامجها العسكري السري والذي يهدد الأمن والسلم العالميين .

 

 إنّ الإشعاعات النووية القادمة من المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونه، لها تأثير واضح على الحوامل والأجنة تحديداً، فهي تسبب تشوهات خلقية، واجهاضات متكررة، ومشاكل في النمو، وعقم للرجال، وعقم للنساء، كذلك سوء تغذية للأطفال، كل ذلك وأزيد منه سواءً في غزّة والضفة الغربية، وكذلك يمتد أثرها على جنوب الأردن الصامد، فالأطفال يولدون بأوزان قليلة، وبقامات قصيرة، فمستوى الفقر في غزّة يصل إلى ذروته العالية المتفاقمة، مع استمرار الحصار وفي الضفة الغربية أيضاً، وان كان طبعاً أقل من غزّة، الأمر الذي يؤثر على صحة الحوامل وعدم قدرتهن على معالجة ومقاومة تأثير هذه الإشعاعات، كما أنّ 60% من النساء الحوامل يعانين من مرض فقر الدم.

والتساؤل الأخير هو: هل بدأ البلدربيرغ الأمريكي وعبر الاتفاق بين إيران والسداسية الدولية – اتفاق العودة الى الاتفاق النووي، في الشروع باستراتيجيات الاختراق النظيف للدولة الإيرانية، عبر الأدوات من المعارضة الإيرانية الخارجية ذات الارتباطات الموساديّة، والخلايا النائمة منها وغيرها في الداخل الإيراني، كما فعلت في جلّ المنطقة حتّى اللحظة، بحيث لا تلوّث أياديها بدماء غيرها؟ وهل شرّع الاستثمار في الطبقة الوسطى الإيرانية، لأحداث التغيرات السياسية المطلوبة وللتمهيد لتفجير إيران من الداخل؟

(انتهى)

 

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721

سما الروسان في 30 – 5 – 2021م .

هاتف المنزل: 5674111    خلوي : 0795615721

 

*عنوان قناتي على اليوتيوب – طالباً الأشتراك بها حيث البث المباشر اسبوعيّا عبرها لشرح اشتباكاتي السياسية، وآخر التطورات المحلية والأقليمية والدولية – ضع على محرك البحث على اليوتيوب التالي: طلقات تنويرية.

 

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

 

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.