المختصر في القضية الفلسطينية للشباب / مهند إبراهيم أبو لطيفة
مهند إبراهيم أبو لطيفة ( فلسطين ) – الإثنين 31/5/2021 م …
فرضت بعض النقاشات والحوارات التي أجريتها مع بعض الشباب الفلسطيني والعربي، والناطقين باللغة العربية فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، على وسائل التواصل الإجتماعي، صياغة هذا المختصر.
نتيجة لظروف إقتصادية، تاريخية ، سياسية ، ثقافية ودينية، إنتشرت في أوساط نخبوية ولاحقا شعبية في أوروبا (انجلو ساكسونية بروتستانتية) رؤية تعتمد أكثر على الرواية التوراتية لفلسطين، مما مهد لاحقا لتوفر بيئة مناسبة لتبلور الفكر الصهيوني. لم يكن كتاب هرتزل ” الدولة اليهودية ” الذي صدر عام 1897م ، هو البداية الأولى للصهيونية فكرا وعقيدة، بل كان البداية السياسية فقط.
بدأ من عام 1897م ( انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل)، تلاقت مصالح الحركة الصهيونية مع أطماع الدول الإستعمارية في العالم العربي، ومنذ ذلك التاريخ ولحد اليوم، تشكل الصهيونية ومشروعها السياسي المتمثل بالكيان الإسرائيلي، التحدي الوجودي الأكبر للشعب العربي الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والإستقلال وتقرير المصير.
– تعرضت معظم الدول العربية بعد المرحلة العثمانية، للإستعمار المباشر من قبل قوى إمبريالية في مقدمتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، مما زاد في إضعافها ونهب خيراتها وتجزئتها، ووفر الدعم المباشر لنجاح المشروع الصهيوني، وتجلى ذلك الدعم واضحا في وعد بلفور عام 1917، وهذا الوعد هو عبارة عن تعهد على شكل رسالة، ارسلها آرثر جيمس بلفور ، بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد روتشيلد، يعلن فيها إلتزام حكومة بريطانيا بدعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتحت غطاء ودعم وحماية وتسهيل الإنتداب ( الإحتلال) البريطاني لفلسطين وممارساته الاجرامية تمكنت الصهيونية من تحقيق مشروعها.
– الحركة الصهيونية، تعتبر نموذجا متأخرا ومنحطا للقوميات العنصرية والفكر العنصري الذي نشأ في اوروبا في القرن التاسع عشر، وهي وليدة ما سًمي باللاسامية أو معاداة السامية،التي برزت أولا في فرنسا وألمانيا ثم في روسيا بعد عام 1870م. وفي العاشر من نوفمبر عام 1975م، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 339 (الدورة 30) ونص على أن ” الصهيونية” شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، ولاحقا تم العمل على إلغاء هذا القرار، وبالرغم من أن هذه الحركة سوقت لنفسها على أنها حركة تحرير وطني للشعب اليهودي، إلا أنها تورطت في علاقات مع النازية خصوصا فيما يتعلق بتسهيل هجرة المستوطنين إلى فلسطين، وشهدت رفضا واسعا في البداية من قبل أوساط متدينة وتنويرية يهودية، وما زال هناك عدد كبير من اليهود يعتبرونها سببا من أسباب إزدياد الكراهية والحقد على أتباع هذه الديانة القديمة في العالم، ويعلنون رفضهم لأيدولوجيتها.
– ركزت الدعاية الصهيونية لتبرير إحتلالها لأرض فلسطين وتشريد شعبها الأعزل، لمقولة : ” أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وهي اكذوبة تاريخية كبرى، تنافيها طبيعة الحياة الثقافية والإجتماعية والإقتصادية التي سادت في فلسطين قبل الإحتلال، ووثائق محفوظة تؤكد على أن المجتمع الفلسطيني كان مجتمعا متقدما بما يتناسب مع ذلك العصر، وأن فلسطين بمدنها وقراها كانت مأهولة بالسكان الذين تم تشريدهم في عملية تطهيرعرقي بقوة السلاح على يد عصابات ارهابية صهيونية (الهاجاناه، شتيرن،الأرغون، البالماح)، وكان الفلسطينيون يملكون حتى عام 1948 م قرابة 94% من الأراضي، بينما يملك اليهود قرابة 6% فقط.
– روجت الحركة الصهيونية ( وبعض المتصهينين العرب) لاكذوبة مفضوحة عن بيع الفلسطينيين لأراضيهم للمحتل الذي اشتراها بالمال. من يراجع تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، والصحف العربية التي صدرت في ذلك الوقت، يكتشف مقدار التزييف الغير أخلاقي لحقيقة دفاع الفلسطيني عن أرضه ورفضه لكل مشاريع الإستيطان وبيع الأراضي، ووعيه المبكر لكل المحاولات والأساليب الصهيونية للحصول على أراضي فلسطينية، ومعظم ما حص عليه المحتل من أراضي، كان نتيجة إستخدام القوة العسكرية الجبرية، وتهجير الفلاحين من قراهم وتدميرها ، ولا يعقل أن يبيع الفلسطيني أرضه لكي يسكن الخيام مع أطفاله في المنافي.قام علماءفلسطين وممثلوها لدى السلطات العثمانية في وقت باكر وعدة مرات بالتنبيه لخطورة الإستيطان، وطالبوا باجراءات صارمة لمواجهته. وأي مدقق منصف سيكتشف بطولة هذا الشعب برجالاته ومثقفيه وقواه الحية وكفاحه – رغم امكانياته المحدودة – على السياسات ا الإرهابية البريطانية والصهيونية وتحديد في الفترة ما بين 1917- 1948.
– تلقى الكيان الصهيوني ولأسباب مختلفة دعما غير محدود من قبل دول غربية،وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، على كافة المستويات المالية والعسكرية والسياسية والإعلامية، في حين كان على الشعب الفلسطيني أن يلمم جراح نكبته، وأن ينهض من وسط الخيام واللجوء والتشرد كطائر الفينيق، ليؤكد على شخصيته الوطنية والنضالية، ويصنع ثورته المعاصرة، بفضل وعي وتضحيات شبابه وطلابه، عماله وفلاحيه، وبدعم من قبل كوكبة من المناضلين القوميين العرب الشرفاء، على إختلاف إنتمائاتهم وتحديدا بعد عام 1956، وبدعم من أحزاب وقوى قومية عربية كانت في السلطة، أو خارجها.
– كان للمرأة الفلسطينية، وللمرأة العربية دورا مركزيا في نضال الشعب الفلسطيني، يعتبر وسام شرف على صدر الأمة العربية كلها، ولذلك فهي شريكة أصيلة في الكفاح الوطني، وتستحق دائما كل الإحترام والتقدير والتبجيل.
– يواجه الشعب العربي الفلسطيني، كيانا غاصبا مدعوما على جميع المستويات، ولذلك تعتبر مسألة الحفاظ على الروح المعنوية العالية، والحماس الوطني، والوحدة الوطنية والحفاظ على النسيج الإجتماعي ، مسألة وجودية لا يجوز التفريط فيها تحت أي مبرر كان.
– في ظل النظام الدولي الرأسمالي السائد في العالم والتنافس المحموم على الموارد والثروة والنفوذ، تتعرض القضية الفلسطينية لتحديات كبيرة، تفرض عدم إغفال أبعادها الوطنية، القومية، الإنسانية، العقائدية، التحررية، الأممية.
– فرضت الصهيونية ومن يدعمها، بعدا دينيا للصراع تجسد في صيغة وعد بلفور، اسم الكيان، مقولات شعب الله المختار، أرض الموعد، البحث عن هوية مؤسسة على التوراة، تعبيرات مثل يهودا والسامرة، السردية التاريخية للأصل والجذور التوراتية، نص إعلان الدولة، تعريف الدولة والتأكيد على ” يهودية الدولة” ، الشرعية المزيفة وربطها بالحق الديني والتاريخي، تسمية المدن والشوارع والعمليات العسكرية والأمنية بأسماء دينية، الربط الدائم بين السياسات المعاصرة والتاريخ التوراتي، وغيرها عشرات من الشواهد في الحياة التشريعية والمدنية ، والخطاب الإعلامي. وعليه فمن يستبعد الخطاب العقائدي (الإسلامي والمسيحي) من المواجهة مع المحتل يفرط بقوة دافعة محركة لجماهير الشعب.
– كل من يناضل من أجل حرية وطنه وشعبه، عليه أن يكون حرا، مكافحا من أجل الحق والعدل والكرامة.
– خاضت الحركة الوطنية الفلسطينية وما زالت، سلسلة طويلىة من المعارك الكفاحية، حققت فيها إنجازات كبيرة، وتعرضت أيضا أحيانا للفشل وإرتكاب الأخطاء الكبيرة ، دفعت ثمنها غاليا، ولكن البوصلة يجب أن تكون دائما متجهة نحو فلسطين: لتحرير الأرض والإنسان. وينبغي أن تبقى القضية الفلسطينية، هي القضية المركزية لكل إنسان حر وشريف فلسطينيا وعربيا.
– منذ قيامه، يتبع الكيان الصهيوني إستراتيجية شاملة لادارة الصراع تقوم على:
لا سلام ولا حلول سياسية ، ابتزاز التنازلات والشرعية والاعتراف، تصفية القضية الفلسطينية والتوسع في الإستيطان وإحتلال الأراضي، فرض الأمر الواقع بالقوة، والإلتفاف على مطالب وكفاح قوى التحرر الفلسطيني والعربي واضعافها ومحاصرتها، وإثارة النعرات الطائفية والإقليمية والشعبوية، وتحقيق أكبر قدر من الإختراق الثقافي والإعلامي للمجتمعات العربية عبر وسطاء وطابور خامس.
– تهدد الحركة الصهيونية الأمن القومي العربي ، والأمن القومي لجميع الدول التي تنشط فيها، بحكم كونها فلسفة عنصرية، إستعمارية، إنفصالية، معادية للإنسان والإنسانية، وهي كفكر وممارسة، ساهمت بشكل كبير في إزدياد العداء والكراهية لأتباع الديانة اليهودية حول العالم.
– لم يسعى الكيان الصهيوني بشكل طوعي للسلام، وجميع الحروب التي خاضها العرب كانت إما لتحرير الأرض، أو للدفاع عن حقوقهم أو سعيا لاستقلالهم، وكان هذا الكيان هو المعتدي دائما:
حرب 1948، العدوان الثلاثي 1956، عدوان حزيران 1967، حرب اكتوبر لاستعادة الأرض المحتلة عام 1973، العدوان على لبنان 1982،وما بعدها، وهناك عشرات من قرارات الشرعية الدولة المتعلقة بفلسطين والصراع العربي- الإسرائيلي، يرفض الكيان الإلتزام بها وفي مقدمتها القرار الأممي المشروط بالإعتراف بدولته الغير شرعية والتي ليس لها لا دستور(يوجد ما يُسمى بقوانين الأساس) ولا حدود مرسومة لحد الآن.
– حق العودة، هو حق شخصي لكل فلسطيني طرد أو خرج من وطنه لأي سبب عام 1948م، أو في أي وقت بعد ذلك، ولا يجوز لأي جهة كانت التنازل عنه أو إسقاطه.
– من حق كل شعب تعرض للإحتلال، أن يمارس كافة أشكال المقاومة للدفاع عن وجوده وأرضه، عرضه قيمه ، ماله ومستقبله ومستقبل أطفاله ، وعن كرامته الإنسانية، حقه في العيش الحر، بما في ذلك المقاومة المسلحة.
– لا يُمكن لأي شعب أن يحقق إنتصارات ملموسة دون التمسك بقيمه السامية، وإحترامه لتضحيات شعبه، والوفاء لدماء الشهداء، ونضال الأسرى والعمل على تحريرهم بأسرع وقت ممكن.
– ينبغي الوعي بأن من مصلحة الإحتلال الصهيوني ، إفراغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وإسقاط القدسية عنها بوسائل مختلفة، ومن ضمنها ما يسمى بمشاريع السلام، التطبيع، صفقة القرن، مشاريع التنمية والإعمار….الخ.، لا يمكن لإحتلال غاصب ، طبيعته احلالية استيطانية كولونيالية، يقوم على إلغاء الآخر والتوسع، أن يُلغي وجوده بشكل إختياري، ومنذ نشأة هذا الكيان ، تقوم إستراتيجيته هو على رفض كافة القرارات الدولية، وتحقيق أمنه الإستراتيجي على حساب الشعب الفلسطيني ووجوده، فلا ينبغي ملاحقة السراب والوهم.
– معركة تحرير فلسطين، هي جزء لا يتجزأ من تحرير المنطقة من الهيمنة والتبعية والإستعمار المباشر وغير المباشر، وهي أمانة في أعناق الجميع ، افرادا وجماعات، مسلمين ومسيحيين ، وممثلي الطيف العربي والإنساني، إلى أن تعود لأهلها كجزء أصيل من الأرض العربية التي قطعتها إتفاقية سايكس- بيكو عام 1916.
– من أهم الوسائل التي تدعم كفاح الشعب الفلسطيني، هي أن يحقق الشباب أعلى مستوى ممكن من التعليم، والتأهيل العلمي، وتحقيق أعلى مستوى من النجاح العملي والوظيفي التخصصي، وامتلاك تقنيات ومهارات عالية، والتمييز في جميع مجالات الحياة، وأن لا ينسى أن من لا يستطيع المشاركة في التحرير، عليه على الأقل أن لا يشارك في التفريط، قبل أن تفكر بأن تتنازل عن حقك، تذكر دمع أمك وعرق أبيك، وأن الإنسان العربي الفلسطيني كجزء من الحضارة الإنسانية: هو سليل المجد.
التعليقات مغلقة.