لقاء مع الأديب والإعلامي العراقي حنون مجيد … (السّرد الجميل لتأثيث عالم قبيح)

 

 

 

 

حاورته الأديبة د.سناء الشعلان ( الثلاثاء ) 3/2/2015 م …

 

حنون مجيد محطّات وإبداعات: حنون مجيد أديب عراقيّ، من مواليد عام 1939 في محافظة ميسان العراقيّة، يحمل بكالوريوس في التّربية وعلم النّفس، مارس التّعليم لأكثر من ربع قرن في مدارس ميسان وبغداد، هو تربويّ وقاص وروائي ومسرحي وكاتب للأطفال، كم شغل منصب مسؤول الصفحة الثّقافيّة في جريدة طريق الشّعب العراقيّ،وهو يشغل الآن منصب تحرير سلسلة الموسوعة الثّقافيّة. له الكثير من الإصدارات الإبداعية، منها: تعاقب الفصول، البحيرة، الطائر، لوحة الفنان، تاريخ العائلة، لحظة الشباك، المنعطف، مملكة البيت السّعيد، الخيانة العظمى، حجز غزّة، وعدد كبير من قصص الأطفال، مثل: مغامرة في ليل الغابة، ديكو يتزوّج جيجي، وغيرها.

 

* بماذا استفاد حنون مجيد الأديب من حنون مجيد التّربويّ؟

# أسمحي لي يا سيدتي أن أحييك وقراءك الكرام أولاً…حقاً تلازمت الشخصيتان تلازماً زمنياً يكاد يكون عضوياً. فلقد تخرجت في دار المعلمين الإبتدائية وعينت معلماً في أحد أرياف مدينة العمارة عام 1961 من القرن الفائت وكنت عرفت الأدب وكتابة القصة منه، منذ ذلك الزمن. كنت نشأت أولاً في ريف من أرياف هذه المدينة الجنوبية الزاخرة بالماء! ثم غادرتها الى بغداد عام 1948 تلميذاً في الرابع الابتدائي لأعود اليها طالباً في الصف المنتهي من دار المعلمين لاسباب سياسية، ثم معلما فيها كما أسلفت.

في حياتي التربوية مررت بثلاث محطات؛ العمارة مركز ميسان، الكوت مركز واسط وبغداد مركز العراق، ولربما كانت تجربتي في العمارة من أغنى تجاربي في الحياة أولاً وفي الإفادة من ذلك أدبياً، فلقد كانت عودتي الى مدينتي إستقاءّ لموضوعات قديمة، لامست عيني وقلبي مذ كنت طفلاً أقطع طريقي الى مدرستي البعيدة عبر حقول وانهار وفلاحين مبكرين وأغنام وابقار وحمير وخيول وسماء كانت في نظري البريء اجمل سماء، أثرت تجربتي القصصية لكثرة ما انطبع في عيني ثم في ذهني من أجواء وألوان وبشر وقيم وعمارة جميلة من القصب والبردي وملابس وفقر وجوع، في ذلك العالم كان التداخل بيني طفلاً سابقاً ورجلاً معلماً يمارس أبوته وتعليمه على من كان بسنهم يوماً، يغذي عالمي القصصي بموضوعات لا يعرفها إلا من عاش هناك، من ذلك قصتي للأطفال” البقرة الصفراء” عن طفل يقبض على ذيل بقرته ليعبر النهر هرباً من الفلاح الذي رعت البقرة في حقله وقد تهددها بمنجل يبتغي فيه قطع ذيلها. ومن يعد إلى قصتي “البحيرة” التي حملت عنوان مجموعتي الثانية، يتبينْ حجم الإفادة من عالم الهور وما يكتنف من أسرار وأحداث ومفاجآت.

إن عالم الطفولة الذي كان جزءاً من عالمي النفسي بفعل عملي فيه، مهاداً زاخراً لكثير من قصصي، ولعل قصص مثل ” الدرس” و “أبغض الحلال ” من مجموعتي الأولى ” تعاقب الفصول” و”العربة” من مجموعتي الثانية ” البحيرة” أبرز ما يمكن أن يعلّم قصصي بعلامات العلاقة بيني قاصاً ومربياً فضلاً عن قصص أخرى لا يتسع لها الحديث، جاءت في قصص قصيرة جداً أو للأطفال.

* هل السّرد هو طريقتك الجميلة لتأثيث هذا العالم القبيح والانتصار على لؤمه وإكراهاته وقسوته؟

# مشكلتي أنني أحب العالم، برغم ما تعرضت له فيه. فتحت عيني الواسعة على اواخر الخمسينيات واوائل الستينيات، واوائل الانتماء السياسي الذي كان بالنسبة لي مثل أغنية عذبة طموح. كانت بغداد هي الاجمل في معظم محيطها الداخلي والخارجي.. في هذه المساحة الزمانية والمكانية عرفت القراءة الجديدة والمكثفة بعد ان فتحت ثورة 14تموز 1958 مكتبات العراق لكل طارف وتليد كما يقولون من كتب الشرق والغرب، فعرفنا الادب الواقعي الاشتراكي والوجودي وكتب السياسة والفلسفة والرأي، مثلما عرفنا الفن الغنائي، المقام العراقي المبهر والغناء العربي المصري العظيم والسينما العالمية والمسرح العراقي الجاد والأخاذ، وعشنا الشارع البغدادي بزهوه الوطني واحتفالات ساحاته بالمناسبات والاعياد…وكل ذلك كان يتنامى في احاسيسنا واخيلتنا برغم ما تعرض له البلد من نكسة دموية في 8 شباط 1963، كنت واحداً من ضحاياها. وأغلب الظن أن ما كان يسودنا هو أننا إن قهرنا فلا يعني ذلك أننا هزمنا، فمن أعظم اسرار الانسان تجدده ولا موته… كانت الحياة تتجدد في الدرس والتعلم الجامعي والزمالات والصداقات وفسح النفس في الرياضة والاغنية والآمال التي ظلت حية، وكأننا الحادلة التي تسحق الأرض لتسويها أو المطرقة التي تصفّح الحديد. واغلب الظن كذلك أن هذا نابع ليس من نفسي وحدها وإنما من علاقاتي الكثيرة ونوع صداقاتي الجميلة الأخاذة، كل ذل ذلك ظل يلازمني كالتثبيتات الطفولية ليقاوم بصلابة وجلد، سياط التعذيب والتحقيق والسجن وسحق العظام.هل يمكن القول؛ أن السرد لدي تأكيد على جمال العالم الذي فيه المرأة والشعر والموسيقى والطفل والفعل البطولي، وإنني ما زلت أترنم بهذا البيت الشعري الذي حفظته منذ الستينيات ” ؟ العالم طيب إني أبارك على الحياة”؟ هل كان لرامبو؟ ذاكرتي تقول ذلك وليتها صدقت.

 

* هل قادك العمل التّربويّ إلى أن تكتب في أدب الأطفال؟

# أدب الأطفال لون خاص في السرد، قد يكون الأصعب، ولا يكفي للكاتب أنه كان يوماً طفلاً ولا لأنه كان تربوياً أساساً. ليس من شك في العلاقة بالأطفال تستحث طفولتك وما فيها من رغبات وأولاع، لكن الامر لا ينتهي هنا بقدر ما ينتهي عند الصياغة الفنية لما تعرف أو تستيقظ عنه ذاكرتك. في حياتنا العراقية أن أغلب صاغة الذهب من الأخوة المندائيين، لكن ليس كل مندائي صائغاً. أعتقد أن قصة الطفل صنعة مبكرة في نفس الإنسان شأنها شأن كل قصة، لكن الحس المرهف وجمال النفس والقدرة الصياغية المتقنة وسعة العين اللاقطة واستعدادات الفطرة المدربة، ولفتات الموضوع واللغة الحاذقة الطروب، هي جميعا في انصهارها ببوتقتها الذهبية ما ينتج قصة للاطفال فضلاً عن المسؤولية النفسية والتربوية. ربما كان من حظي أنني كنت معلماً لأفيد من عالم الطفولة الذي أحاطني، ولكن لعل حظي الاعظم أنني جدّ ولي أحفاد أقص عليهم قصصاً ما ألبث أن أنهض سريعاً لأدونها.

* تكتب في أكّثر من جنس إبداعيّ.ففي أيّ منها تجد نفسك بحقّ؟

#  إذا كان السؤال الخالد ماذا تريد المرأة والعهدة على من قال ذلك، فهذا هو السؤال الخالد كذلك. ولما كان لكل سؤال جواب، فإنني أعتقد إنه الجنس الذي أبدع فيه. ولما كان من علامات شعوري بدرجة إبداعي فرحي وسعادتي في العمل الذي أكون أبدعت فيه، يكون هو الأقرب، فالمسألة لا تحسم قبلاً بقدر ما تتعلق بزمنها حينما تتجلى فيها قدرة الإبداع. ليس من شك في أن الإنسان يجد نفسه ومتعته في الفن الأكبر، الرواية مثلاً، لما يكتنف ذلك من تفجير للمواهب والقدرات وطرائق الروي وسعة المحيط والحوار والتشكيل والموسيقى والجنس وغير ذلك مما يكمل العمل الكبير، لكن النفس الإنسانية قد تجد مبتغاها أحياناً في أعمال أخرى هي ليست تكميلية بقدر ما هي أنواع إبداعية أخرى لها مستلزماتها واشتراطاتها. وقد لا يكون مجانبة للصواب أن قصة تفوق رواية أحياناً في الفن والمتعة والجمال، بل إنني وجدت بالعنوان نفسه قصة ورواية كانت القصة فيها اعظم من الرواية مثل ” البحث عن إله مجهول” للكاتب الأمريكي جون شتاينبك، التي جاءت بصيغتين أو جنسين. ثم لما كانت النفس الإنسانية ملونة بألوان محيطها ولها المقدرة على التكيف والتكييف، يتيسر العمل على اكثر من مجال، ويتحقق لها انواع عدة من السعادات.

* هل الإبداع في أكثر من جنس إبداعي يغني المبدع أم يشتّت موهبته؟

# ليس من شك في أنه يشتت موهبته، وما عرفنا العظماء في التاريخ الأدبي إلا أصحاب جنس واحد حتى لو خالطوه بصنوف أخرى ولكن لا تطغى عليه، فماعرفناه عن تولستوي مثلاً أنه روائي عظيم برغم قصصه للاطفال وقصص قصيرة ومقالات في النقد الاجتماعي ليست قليلة. وهكذا آخرون ولكن ما يمكن قوله أن تعدد اشكال الإبداع قد يمنح المبدع مساحة أوسع وأضواءً اكثر. واعتقد أن لا خيار للمبدع إلا أن يكون هكذا؛ مبدعاً في جنس واحد أو في عدة أجناس، ولعل الأمر يتعلق بتعدد القراءات وما ينتج عنها من هوايات. ولو قدر لي على سبيل المثال المتواضع أن أختار لما اخترت أن أكون غير ما أنا عليه.

* ماهي القضيّة التي تلحّ على حنون مجيد في رواياته؟

# الإنسان الذي هو الوطن، الذي هو المرأة في تشكيل حياتها الأجمل والرجل في صنع نوع الحياة والمجموع في الإستقرار على ما أجمعوا عليه…العلاقات الفردية والجمعية.. كره الكذب والانتماء المتزمت وبطولات اللسان..الجانب المشرق من الكون واختلاطاته بالمعتم والشاذ والمجنون، غرائبية العقل البشري وعدم تواضعه حتى اليوم على تشريع جميل أو قانون عظيم.. التفوق على الخوف حين تكون كلمة الحق فاصلة، البخل الذي عند الناس وكراهيتي له، الفراشة والزهرة وانواع كثيرة من الحيوان والنبات. مستقبل الحياة الجاد في صنع القرار الأخير. الصحيح الذي لا أصح منه حتى لو بعد المسير. كل ذلك يأتي في تضاعيف عملي تلميحاً لا تصريحاً، وإن حصل هذا ففي مرات قليلة وحيث تتطلب الحاجة الوظيفية للادب ذلك.

* ما هي الرسّالة التي تغزو أدبك للأطفال؟

# تلوين أنفسهم بما هو صالح وجميل، بما هو واقعي وأثيري، وبما يمكن أن يرافق حياتهم ليجعل منها مستقيمة وسهلة إلى أبعد الحدود… في قصة قصيرة جداً لي بعنوان” تلوين”، لم يستجب الطفل لملاطفات الرجل الذي انعطف اليه، إلا بعد أن أظهر له مجلة للاطفال لينشر ألوانها وطيورها وازهارها في مساحة عقله وعينيه… كانت مهمة الرجل ذاك ان يلون حياة هذا الطفل منذ بواكيرها بالجمال…ضمن هذا المبدأ نشأت قصة الطفل لدي، لذا لا معركة في أدبي للأطفال ولا كلمة نابية ولا توصيف مباشر للشر والقبح والخداع ولا نجاح لهذه في النهايات. الرسالة: فتح العين على الجميل والمخ على النافع، والحب والمحبة للجميع بشراً وحيوانات ونباتاً.

* هل الكتابة للأطفال-وفق رأيك- سهلة أم صعبة؟

# ربما هي الأصعب في النهاية لأنها تتضمن مبدأين، الأول؛ الرسالة التي لا بد منها لكي يكون الأدب من هذا النوع، موجهاً إلى مجموعة بشرية لا تمتلك قدرتها

على صنع حياتها، وهي بهذا أمانة لا أحد ينفي حاجتها إلى التكفل والرعاية من الآخرين آباءً وأمهات ومعلمين وكتاب ومرشدين، وهو كذلك ما اتفقت عليه شرائع الأرض والسماء. الثاني؛ الكيفية الأدائية وهذا ما يتعلق بالقصة للطفل نوعاً من السرد، والنفاذ بحنكة ودراية إلى العلائق النفسية الكامنة في أعماق الطفل سواء تلك التي يمتنع عن البوح بها أو لا يستطيع. إن مهمة هذا الأدب المزدوجة والشائكة هي ليس في أن نكون أطفالاً أو كنا كذلك كما أسلفت من قبل ، وإنما في الطريقة التي نكتشف فيها هذا العالم الزاخر بالأماني والحاجات والرغبات، المنغلق والمنفتح في آن لنؤدي غرض رسالتنا إليه. إنه الفن الذي يكلف نفس الكاتب أصعب غاياتها.

* عند الكتابة للأطفال هل حنون مجيد الرّجل النّاضج أم الطّفل الًصّغير الذي يعيش في داخله ؟

# الكاتب في مهمته. الطفل والرجل الكبير، المعلم والأب والجد، الأديب المراقب لهو الاطفال وخصوماتهم، لذائذهم ودلالهم، جوعهم وحرمانهم وعراهم، جمالهم وبراءتهم، هذا التشكيل المختلف في الداخل والمتوالف في الشكل، الموصوف بالبراءة والرهافة، محب الرأفة كاره القسوة والعنف، كل هذا وغيره مما رسب في النفس أو تعايش مع الواقع ووظيفة الفن هو ما ينتج قصة للأطفال لدى هذا القاص ، وإنه ليعترف بان نفسه الصغيرة لا تنطوي على هذا العالم الكبير الذي أمامه، ذلك ان من إشكالاته ما لا نعرف أحياناً عنه، أو ما لا يعرف هو نفسه عن نفسه، لتكون الحدود متباينة والنهايات مفتوحة. أن التوجس الذي يلازم غاية كاتب الأطفال مشروع، ويفوق كثيراً ما يلازم كاتباً آخر، لرجرجة الكون الذي يخوض فيه.

* برأيك الخاصّ هل الظّروف الخاصّة التي مرّ بها العراق في العقود الثلاثة الأخيرة من تاريخها المعاصر قد أثّرت في أدبك؟

# أكيد، وتماماً. وللحقيقة فإن جميع ما حصل في الواقع السياسي العراقي حتى قبل هذه العقود ترك بصمته على أدبي مثلما تركت بصمتي عليه بهذه الدرجة أو تلك. والقولُ إن الواقع العراقي أزخر وقائع العالم جميعه بموضوعات الصراعات والإنتفاضات والثورات والإنقلابات، وما كان وما يزال يكلف الجسد العراقي من تمزيق والنفس العراقية من تعذيب وتفتيت، قولٌ حقٌ ولا خلاف عليه. لم يعرف بلد ما عرفه العراق منذ تأريخه القديم من صراعات وانقسامات وتمددات جغرافية عسكرياً على حساب الجندي والكاسب والفقير، فلقد نشأت الأمبراطوريات العراقية على بعضها بعضاً وعلى غيرها كذلك، بأدوات ووسائل كان الذي يسحق فيها ابن الشعب، وإذا كانت بغداد العظيمة لمّت جراح العراقيين قرون الزمن العباسي الذهب أو الذهبي، فلقد جاء من يعيد سواد التأريخ على يد المغول ثم العثمانيين فالإنكليز وهلم جرا. نعم عرف العراقيون فسحة زمن الحكم الفيصلي الاول والسعيدي وفي سنة او سنتين من الحكم القاسمي ، ثم جاءت الكارثة الكبرى بسقوط هذا النظام الأخير، وجميع ما لحق بالعراق وما يلحق به هو من جراء ذلك السقوط المروع حتى هذا الذي لا أروع منه. كانت روايتي المنعطف التي ظهرت بطبعتين 2001 و 2004 تشكل إحدى صور مواجهة أدب الداخل مع الواقع المر الذي كان يسود العراق قبل الإحتلال وكذلك بعض قصصي كقصة تأريخ العائلة التي نشرتها في مجلة الأقلام منتصف التسعينيات بعد مكابدة معروفة، وحملت عنوان إحدى مجموعاتي القصصية وظهرت بطبعتين- بغداد وعمان-201. كذلك الأمر مع روايتي مملكة البيت السعيد طبع دار فضاءات وقصصي القصيرة جداً ، وهي لا شك تحمل إسقاطات نفسي على هذا الذي نحن فيه منذ ذلك اليوم حتى الآن. إن ما كان يسود نفسي وما يزال هذا الحديث العظيم الذي لا تحصى دلالاته” القدوة الحسنة خير من النصح والإرشاد” وما كان عليه شديد أسفي، أننا لم نحظ بمثل هذه القدوة في تاريخنا القديم ولا الحديث ليقوّم مسيرتنا نحو المنشود حتى لو في أبسط صوره ومعاييره.

* لماذا تجنح أحياناً إلى القصّة القصيرة المعاصرة؟

# ذلك أنني أحس نفسي تتغير وتميل مع ما يملي عليها قناعاته. فاليوم ليس كالأمس ولن يكون الغد مثيلاً لليوم، إننا في تعاقب أحوال؛ الجديد فيه أفضل من القديم في لولبية إرتقائية، أو هذا ما ينبغي أن يحصل في هذا المجال أو غيره من مجالات. كما أن وسائل التعبير القديمة التي ذهبت مع قديمها، ضاقت بما يحصل أمامها من تغيرات صارت تتطلب طرائق جديدة وحديثة، لتؤدي وظيفتها على وجه افضل. ولعك تجدين هذا في كل ما يحيط بك؛ في العربة والقطار والطائرة والمأكل والملبس والعادات والتقاليد، ومناهج المدرسة وطرق التربية والتعليم، فالحاضر يشكك في معطيات الأمس كما يعبر فيصل دراج  … و”العالم الذي نعيش فيه يتغير بسرعة كبيرة والتقنيات القديمة لم تعد صالحة لاستيعاب جميع العلاقات الجديدة التي تنشأ عن هذا الوضع الجديد” كما يذهب ميشال بوتور..ثم إن كان لكل شيء نفع فالجديد أنفع لأنه أكثر موائمة وأصلح لحياة متغيرة، وماذا سيكون تفسيرنا لمقولة؛ “لا تعلموا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم” إن لم تكن درساً نقدياً على أكثر من صعيد؟

* ألفت في مسرح الكبار ولم تكتب في مسرح الأطفال.لماذا؟

# لم أكتب سوى مسرحية واحدة للكبار بعد عدد قليل من هذا النوع بتّ لا احسب له حساباً. وهذه المسرحية جاءت بعد مخاض قصصي لم أستطع مجاراته إلا بالتحول نحو كتابة المسرحية. لقد وجدت في نفسي قدرة كافية على حوار تتداعى فيه الفكر والأسئلة والاحداث فأقبلت عليها أقبالاً شديد الصلة بموضوعها وجنسها، وما كان يمنعني من كتابة المسرحية للاطفال ضعف المسرح العراقي في هذا المجال، وقلة الفرص والامكانات المتوفرة ولا سيما الحديثة منها لانتاج مسرحية للاطفال. وإلاّ فإن قصتي للأطفال” حين يكون الحمل فوق والذئب تحت” تصلح أن تكون مسرحية ناجحة، هي أو كذلك غيرها. لقد قلصت الاحداث والإجراءات غير الآمنة من عوامل توفير جمهور كبير يستقطب رغبة الكاتب في كتابة مسرحية لهذا الجيل، ولا أظن أننا نمتلك مسرحاً للأطفال يوازي مسرحنا للكبار.

* ما هي محددات ومؤثّرات الكتابة في جنس دون آخر عندك؟

# اغلب الاعتقاد أنها الحاجة النفسية أولاً وما يتحقق للكاتب من بعد ذلك. إن الدوافع النفسية إلى الخوض في هذه التجربة الإجناسية دون غيرها، تنشأ عن تداعيات قد لا تعلن عن نفسها مباشرة، سوى أنها تظهر كما لو كنت على موعد معها. ولما يصبح من ممكنات الكاتب التنقل بين هذه الأجناس بما لا يخل بشروط الإبداع، يدخل في التجربة. لا غرو إن قلت؛ إن محددات الكتابة في أي لون تخضع لطبيعة هذا اللون وحجمه وصداه وعدد قرائه واستقباله وسوقه وحدود انتشاره، والمقدرة على النفاذ منه إلى مرتبة الإبداع ، وما ينتج جراء ذلك لكاتبه من شهرة وأضواء ومال وما إلى ذلك من مغريات، لكنني لا أرى الأمر محدداً بهذا وحده لدى جميع الكتاب، ولا سيما أولئك الذين يتسامى لديهم الأدب مهما كان حجمه ونوعه، بما يوازي قناعاتهم في اللون الذي يكتبون فيه.

* ماهو الحلم الإبداعي لك؟

# ليس سوى إنجاز ما لم أنجز بعد، والإنتشار به نحو عالم أوسع، ولست بمهموم إن كان ذلك رواية أو قصة للأطفال.

* هل حقّقت أحلامك كاملة في عالم الإبداع؟

# لا أظن ذلك، مادام العمل الإبداعي مرهوناً بحرية التعبير، وهو ما تفتقر حياتنا العامة إليه. ومعظم ما جاء في أعمالنا من خروج على القيود كان يمر عبر مسارب ليست سهلة إن لم تكن مخيفة أو قاتلة، والأمر عام في بلدي وفي بلدان هذه الجغرافية التي قتلت من المبدعين بقدر ما قتلت من الخارجين على الحدود! لا أكتمك سراً إن قلت؛ إن ما توفر لبعضٍ من أعمالنا من ظهور، كان بفعل جهل الرقيب أو تساهله معنا وتحديداً إن كان أديباً، كما حصل معي عدداً من المرات، لازمني فيها حظ عظيم. عندما يكتب الأديب وعيناه تترادفان النظر نحو اليمين ونحو اليسار، تتلاشى لديه قدرة التركيز، وشيئاً فشيئاً تنسج المخاوف شبكتها على عمله فيحاط كما تحاط الضحية بشبكة عنكبوت. ما تزال التابوات الثلاثة قائمة في دواخلنا بفعل الرض الذي كان يدق حياتنا. وأحسب أن آلافاً مؤلفة من مبدعين تركوا تراثاً كبيراً من نتاجهم، لكنهم ماتوا وعيونهم على كتاب لم يكتبوه.

* هل العمل التّربوي يخنق الحسّ الإبداعيّ عند المبدع؟

# لقد التفت الآخرون إلى أن أي عمل يزحم الإبداع، يخنق الحس الإبداعي سواء كان تربوياً أو غيره فاخترعوا التفرغ العام. إنما لا ينكر أي منا ما يرتفده الإبداع من المجالات المتعددة التي تتشكل منها بيئته،  حين يكون في ذلك إغناء للتجربة يسمو بها موضوعات وصوراً وحالاتٍ ووقائع وألواناً. ولدينا أمثلة كثيرة على مبدعين أغنوا المكتبة العربية بنتاجات أصيلة ومتقدمة مع اشتغالهم في وظائف بعيدة عن اختصاصهم، أقربهم نجيب محفوظ، الذي عمل في الإرشيف والسيناريو وغيره كثر، ولا أظن أن للعمل التربوي تحديداً طائلة من هذا النوع، إن لم يكن محفزاً لموضوعات ممتازة بفعل تعامله مع مستويات شائكة ومتعددة على المستوى النفسي، غالباً ما تفرزها العلاقات الإجتماعية لمرحلة عمرية تضطرم فيها المشاعر والأحاسيس ما يصلح لأغنى الأعمال السردية، وفي تقديري أن خسارة الكاتب الذي قضى وطراً من عمره بين ذلك الكون المتلاطم من الموضوعات ولم يلتفت إليها فنياً خسارة كبيرة. والأمر في حالات كثيرة لا يبتعد عن قرار المبدع في أن يكون.

* عملت في الإعلام الثقافي.ماذا قدّمت لك هذه التّجربة؟

# عملت في دائرتين ثقافيتين؛ مسؤول الصفحة الثقافية لجريدة طريق الشعب، جريدة الحزب الشيوعي العراقي، الواسعة الإنتشار، بعد التغيير، ورئيس تحرير الموسوعة الثقافية التي هي الامتداد الطبيعي للموسوعة الصغيرة التي صدر منها مئات الاعداد منذ السبعينيات حتى العام 2003، كذلك بعد التغيير. ويمكن القول وبما يتوافق مع سؤالك عن خنق الإبداع، ان عملي هنا وهناك وقف حائلاً أمام استكمال بعض من مشاريعي ، وعطل قسماً منها، لكنه رفدني في الوقت عينه بتجارب ثرة في المعرفة الادبية والفكرية بما كنت أقرؤه وأطلع عليه. كما أن العمل في جريدة عريقة لها من العمر ما يتعدى السبعة عقود زخرت بتقاليد عظيمة وعمل فيها محررون كبار، وحفلت بأسماء راسخة في الثقافة العراقية، لا يعد خسارة بقدر ما يصنف على الإمتياز العظيم. لقد أتاح لي العمل في الصحافة معرفة واسعة باسماء فاعلة في الثقافة العراقية، وعرفت القارىء العراقي على بعض أسماء عربية معروفة من بينها إسمك الكريم. لا يقل عن ذلك عملى القائم حتى الآن في الموسوعة التي كانت لي المبادأة في تغيير إسمها من الصغيرة إلى الثقافية بمقولة أن لا صغير في الثقافة والأدب. أن تعملَ في عالم يسوده الإبداع تكون كمن يمارس إبداعاً شخصياً، أو هذا ما كنت أفكر به وحتى الآن، فقد يتعدى الفعل الثقافي حدود التوصيف.

* هل العمل في الإعلام يخنق الإبداع عندك؟

# العمل في الصحافة سلاح ذو حدين يعطيك ويأخذ منك، والامر مرتهن بمدأ المبدع في أن يكون. لقد أكلت الصحافة كثيرين ممن نعرف من الأدباء، انصرفوا اليها بكلياتهم ولولاها لكانوا نقاداً أو روائيين أو قصاصين كباراً، مثلما نعرف غيرهم وفقوا بين عملهم الصحفي وإبداعهم، ولما كان على المبدع في بلداننا أن يعمل ليعيش أو يبقى على قيد الحياة أولاً، كان العمل في مؤسسة ثقافية غيره في مكتب بريد أو مصرف، أو وزارة صناعة مثلاً.

* هل الشّهرة هي دليل على إبداع المبدع؟

# أبداً.. فالشهرة أحياناً صناعة من الغريب أن يتقنها فاشلون. لا ينطبق القول هذا على الجميع فنجيب محفوظ شهير أو مشهور وكذلك ماركيز وبورخس واسترياس وهمنكواي وكونديرا وماريو فارغاس يوسا وشكسبير وسعيد عقل والمتنبي وشوقي والجواهري والرصافي وآلاف من هؤلاء. ثم أن الشهرة نوعان؛ نوع خلب ينطفىء مع لحظة تصويته ، وآخر صحيح يطبق دويه الآفاق ولا ينتهي.

* من المعروف أنّك من الزاهدين بالشّهرة وتسليط الإعلام عليك.ما سبب ذلك؟

# رحم الله امرءً عرف قدر نفسه… حكمة في الحياة وفي النفس، تشع مداليلها

كالشمس الساطعة. والأمر موكول بنوع ثقافتي وتجاربي، واغلب ظني أنها نشأت مبكراً معي، أولويات التحصيل الديني ثم الإنعطاف نحو الفكر اليساري، وأشعر حتى الآن أن هذه المحددات، إن كانت هي السبب حقاً، ما تزال قائمة في سلوكي، ما ضيع علي فرصاً ممتازة في مقادير غيري.

* هل أنصفك النقد؟

#  لا أظن النقد غفل عن تجربتي فلقد كتب عنها نقاد وكتاب كثر لا يمكنني عد جميع أسمائهم من امثال الدكتور عبد الواحد محمد، باسم عبد الحميد حمودي، عبد الجبار عباس، د. حسين سرمك حسن، فاضل ثامر ، ياسين النصير، شكيب كاظم، يوسف يوسف، د. محمد ابو خضير، د.عجيل نعيم الياسري، د. عقيل مهدي، سلمان شهيب، حميد ركاطة، مقداد مسعود، صادق الصكر، حسن السلمان ، محمد قاسم الياسري ، جمال جاسم أمين ، ناطق خلوصي، جاسم عاصي، د. سمير الخليل،  د. رشيد هارون، عبد علي حسن، د. محمود خليف، د. إسراء عامر، جبار النجدي وهؤلاء جميعاً كتاب ونقاد مرموقون، وآخرون أعتذر عن ذكر اسمائهم لئلا تتحول الإجابة إلى نوع مغاير لما أريد.

*هل تقرأ لجيل الشباب العراقي والعربيّ من المبدعين؟ ما رأيك بإبداعهم؟

# أقرأ بانتقاء تفرضه متطلبات العمر، والحاجة الشديدة للوقت. أبرز من قرأت له من القصاصين من هذا الجيل القاص الشديد الخصوصية عبدالله طاهر العراقي البصري.

*من أكثر صوت إبداعي نسوي عربيّ يعجبك في الوقت الحاضر؟ولماذا؟

# أحلام مستغانمي، لطفية الدليمي، إلهام عبد الكريم ، د. سناء الشعلان. أحلام لطلاقة نفسها الروائي وتناول موضوعات من العسير على غيرها تناولها، ولغتها التي لا تبارى في الرهافة والإمتداد. لطفية لعذابات بطلاتها من النساء المتوحدات المحرومات من عافية الحرية، وكثافة ثقافتها الروائية وما تضمّن فنها من تواريخ ورسائل ومذكرات وفي إطلالة على الفن الروائي واسعة وملهمة. إلهام عبد الكريم صوت في الفن القصصي والروائي خاص ومقتدر، ويمتاز بحداثة الإسلوب، وطلاوته والإنتماء للمرأة بحس انثوي يدرك القارئ رقته من بعد. د. سناء الشعلان بشمولية إبداعها وجمال لغتها، وغنى ثقافتها ، وخصوصيتها في القصة القصيرة وأكثر من ذلك في قصصها القصيرة جداً.

* ماهو جديدك الإبداعي؟

# صدر لي منذ أيام “حجر غزة” وهي مجموعة ضمت 125 قصة قصيرة جداً، أضيفت إلى رصيدي في هذا اللون من القص الذي بلغ أربع مجموعات، ضمت أكثر من 400 قصة قصيرة جداّ، و”سر الحلاوة” مجموعة قصص للأطفال أضيفت الى ثلاث قبلها، وأكتب في رواية جديدة.

* الآن أنت رئيس تحرير سلسلة الموسوعة الثّقافية.ما انعكاسات هذا المنصب على إبداعك؟

# يكاد يكون هذا الموقع فخرياً فأنا لا أداوم فيه أكثر من يوم في الإسبوع، والموسوعة كتاب شهري والمجموعة التي أعمل معها على كفاءة عالية في الأداء..أقرأ الكتاب الذي يردنا ,اكتب التقرير عنه لتترتب النتائج وفقه أو بحسب ما ترتأي لجنة القبول، ثم أعود في حال قبوله أكتب العمود على غلافه الأخير. هذا العمل الأسبوعي هو اجمل ايامي. فدار الشؤون الثقافية العامة التي تضم اقسام مجلة؛ الأقلام، وآفاق أدبية، والمورد، والتراث الشعبي، والموسوعة الثقافية، والثقافة الاجنبية، وتطبع سنوياً مئات عناوين كتب القصة والرواية والشعر والتاريخ والسيرة، إنما هي ملتقى لادباء ومبدعين، وأنا أعد ذلك فسحة ثقافية لا تخلو من فائدة أجد فيها حافزاً ثقافياً جميلاً فضلا عن الأداء الوظيفي فيها.

* وفق رأيك الخاص ما هي أهم ملامح خصوصيات المبدع العراقيّ التي تراها متمثّلة فيك وفي إبداعك؟

# قد لا يختلف المبدع العراقي عن غيره إلا في نوع الطريق الذي يبدع من خلاله، وهو طريق شائك وموسوم بالمخاطر منذ زمن بعيد. ولعل امتياز الادب أو هكذا أظن، انه يؤكد ذاته بتجاوز استشهادي عظيم. فقد اعترى الجوع والفاقة والحرمان كثير من ادباء العراق لكنهم اصروا على أن يكونوا أو يبقوا أدباء. نعم لقد مات جوعاً نفر منهم، وجنّ آخرون وتصعلك غيرهم وهجر البلاد سواهم، وبقي تحت المطارق من آثر البقاء غير أنهم لم ينكفئوا، واعتقد من هنا ومن هذا ، تشكلت سمة الأدب العراقي الداخلية والخارجية على حد سواء. لقد اعتصرت الأحداث شحم القصة العراقية فجاءت ضامرة الجسد لكن مشدودة الاعصاب، ويبدو لي أن التاريخ العراقي القديم بالتماعاته الفكرية والسردية كان مهاداً للتاريخ الحديث للسردية العراقية الحديثة، فضلا عن المجاورة التي حصلت بين نشوء الاحزاب التقدمية والادب العراقي منذ العشرينيات ما أورث هذا الأدب طبيعته الطليعية. ولا أظن أن أديباً عراقياً ينطبق عليه تمثيل الأدب العراقي الزاخر بأسماء كبيرة ولامعة ولا سيما في القصة مثل عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي وجيان ومهدي عيسى الصقر ومحمود الظاهر ومحمود عبد الوهاب ومحمد خضير ومحمود جنداري وجليل القيسي ولطفية الدليمي وموسى كريدي وسواهم.

* ما موقع الوطن والحبّ والمرأة في إبداعك؟

# في روايتي مملكة البيت السعيد، يهرب الجندي العراقي؛ المدرس الذي لم يلتحق بالوظيفة يوماً، من جنديته أثناء اضطرام المعارك في الحرب الطاحنة بين العراق وايران، ثم يلقي بالسلاح الذي يزود به في شمال العراق حيث لجأ إلى هناك، ويلجأ الى العيش في لبنان. وبرغم ما يتهيأ له هناك من بحر وخمر ونساء يعود سراً الى العراق ليقتل فيه. العراق غدة العراقيين التي لا تسكن الا بالعيش فيه. لقد انبث حب الوطن في مجمل أعمالي المتواضعة ، تجاوزت وطنية الإنسان الى وطنية الكائنات الأخرى، فالذبابة التي انغلق عليه زجاج السيارة-في واحدة من قصصي القصيرة جداً- ثم انفتح لها في بيئة أخرى رآها صاحب السيارة هي الأنظف والأجمل، تموت هناك.. لقد اختلف عليها الوطن! .. وما يوازي الوطن هي المرأة حباً وتقديساً، أماً وزوجة وحبيبة وربما كانت في نظر كثيرين اختزالاً له، فان تحب المراة تحب الوطن الذي هو وطنها، وأن تقاتل دفاعاً عنها تقاتل دفاعاً عنه، وكان سبي النساء رمزاً لامتهان كرامة الأمم المغلوبة، لما لهذا الكائن العظيم من رمزية نادرة، فكان لها بناء على ذلك الموقع المبجل في نفسي وأدبي، وقد أشار ألى ذلك الناقد البصري مقداد مسعود في حوار شفهي كان يهدف منه الى التركيز على هذا التعامل مع المرأة في أدبي.

* ترجمت بعض أعمالك إلى الإنجليزية.ما صدى هذه التّرجمة؟ وما أهميّة التّرجمة بالنسبة للمبدع؟

# ترجم بعض من قصصي إلى الكردية والإنجليزية في الصحف والمجلات في بغداد وكردستان ، وترجمت قصتي القصيرة جداً ” ورقة” إلى أكثر من عشر لغات عالمية عبر إحتفالية القيت فيها هذه الترجمات من مترجمين واساتذة في كلية اللغات ببغداد، أقامها رئيس قسم اللغات آنذاك الأستاذ الدكتور عبد الواحد محمد. وللترجمة فوائد جمة ولو كان لنا مؤسسات ترجمية تنقل أدبنا الى الخارج لعرف الآخرون هناك، أن لدينا كتاباً لا يقلون عنهم إن لم تكن لبعضهم خصوصيات تبهرهم، ولربما سيكون لهم من بعد حضور في محافلهم، يكثف التجربة ويشير الى البلد الذي وفد منه هذا الأديب والأدب  الذي أُنتج فيه، أو صدر عنه، وليس هذا بقليل، فمباريات الأمم السلمية تأتي على أكثر من صعيد.

* يقال”إنّ العمل الأجمل لم يكتب بعد”.فهل تنطبق هذه المقولة على إبداعك؟

# بحسب تجربتي نعم، ولا. نعم. لأن لدي ما أقوله غداً. ولا .لأنني لا أعرف ما سوف أقوله غداً، ومن يضمن أنه أفضل مما قلته أمس أو الآن، ثم وهذا الأهم في الجواب؛ إذاً ماذا كنت تفعل خلال عشرات السنين وركام من الكتب والأوراق ولمذا أجلت ما ينبغي أن تتقدم فيه؟ أعتقد أن الأمر لا يعدو أن يكون كالكذبة الكبرى، هي حقيقة صغيرة تلتف عليه شبكة من الاوهام تزيدها حجماً ليس غير.

* كلمات لجمهورك من القرّاء.

# ليست السعادة في ما تحقق لنفسك ، إنما في ما تحقق للآخرين معك.

أ‌- السّر الذي لم تبح به بعد:

# هو ما لن أستطيع الإبانة عنه الآن.

ب- حلمك:

# أن يعود لوطني سلامه ولشعبي تآلفه.

ج- حبّك الخالد:

# حب هذا العصر الذي هو عنوان روايتي القادمة.

د- ألمك الصامت:

# حينما أعجز عن الدفاع عن حق مهدور، أو حينما تضيع الكلمة البيضاء فى عالم أسود.

هـ- مشروعك القادم:

# روايتي أعلاه.

و- جنّتك الموعودة:

# جنة نفسي، حينما أنجح في تقديم عمل جميل، فهي موصولة وأظن أنها ستلاحقني حتى ذلك العالم المجهول.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.