مَن وراء حملة أنقذوا حلب؟ / جمال محسن العفلق

 

جمال محسن العفلق ( الجمعة ) 6/5/2016 م …

كما باقي المدن السورية تعرّضت حلب خلال الأيام الماضية لحملة شرسة إعلامية وعسكرية، كانت البداية مع انسحاب وفد الرياض من مباحثات جنيف، مستنداً إلى تعليمات سعودية تركية، وضوء أخضر أميركي لتنفيذ عمليات القصف العشوائي على المدنيين.

ولكي نتعرّف عن قرب على المستفيدين من عمليات القتل العشوائي الذي طاول الآمنين في بيوتهم، علينا ان نتابع مَن يدير حملة أنقذوا حلب أو حلب تحترق. فما قامت به قناة «الجزيرة» القطرية بالإضافة الى فاعليات سياسية في العواصم العربية اتخذت من عنوان حلب تحترق وسيلة تعبير عنها، متهمة الجيش السوري بالقصف، ولكنها لم تذكر القصف العشوائي الذي تقوم به الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا وأردوغانها لصّ حلب وتصريحاته الشهيرة حول منطقة آمنة يصل من خلالها الى العاصمة الاقتصادية للسوريين!

ما يحدث اليوم لا يحتاج الى وقوف قناة «الجزيرة» ولا فاعليات سياسية وحزبية، مثل ما فعل وليد جنبلاط في بيروت رافعاً عبارة «حلب تحترق» أمام مقرّ الأسكوا، إنما يحتاج الى تفعيل القرارات الدولية حول الإرهاب وداعمي الإرهاب، فما يحدث اليوم إعلامياً يذكرنا بالبدايات، حيث اتخذت الجماعات الإرهابية قناة «الجزيرة» والقنوات المموّلة من السعودية وأميركا منصة إعلامية لها، فلم تبق صورة ولا حادث سير ولا مشفى في العالم الا وتمّ التلاعب بها لتصبح صورة من احدى المدن السورية، وما تقدّمه اليوم هذه المحطات الإعلامية مخجل بحق ميثاق الصحافة والصحافيين، حيث تنشر صوراً من غزة على أنها من حلب، وتنتشر هذه الصورة على مواقع التواصل وعبارات الشجب والإدانة لا تنتهي، ولكن من الذي يقوم بالقصف، لا أحد يذكر او يسمّي الجماعات الإرهابية، فالهدف اليوم حماية الجماعات الإرهابية من حملة تطهير محتمله قد يبدأ فيها الجيش في أيّ وقت، ولكن التبدّل في التصريحات الأميركية ومحاولات الإدارة الأميركية التلاعب في القضية السورية بقصد المماطلة، فما يريده أوباما الآن هو انقضاء الوقت المتبقي له في البيت الأبيض دون ايّ قرارات كبيره قد ينتج عنها فقدان اميركا لذيولها في المنطقة، وبنفس الوقت يحاول إرضاء الروس كقوة دولية من خلال الادّعاء انه مع الخطة الروسية للحلّ في سورية.

فما يحدث في حلب اليوم حدث منذ عام تقريباً في الجنوب مع الهجمات المتكرّرة لفصائل الإرهاب تحت مسمّى «عاصفة الجنوب ـ 1» حتى وصلوا الى «العاصفة ـ 5» دون ايّ تغيير على الواقع الميداني، ونتج عنه تجميد جبهة الجنوب رغم الدعوات التي يرسلها ما يسمّى ائتلاف الدوحة الخائن للفصائل العاملة هناك للقيام بأعمال تخريبية وقتل عشوائي للمدنيين الموالين للوطن على حدّ تعبيره.

ومن المضحك المبكي انّ جماعة «الإخوان المسلمين» التي تدّعي أنها سورية تنفذ أوامر الحالم العثماني بلقب «السلطان الجديد» فتنفذ عمليات القتل العمياء وهدفها فقط ترويع الآمنين وقتل الأبرياء، ويسوّق لهذا الدمار الإعلام الاسود الذي كان بالأساس سبباً وعاملاً أساسياً في الحرب على سورية.

حلب لا تحتاج نفاقكم وأهل حلب ليسوا متسوّلين لعطفكم، فقط يحتاج أهل حلب كما السوريين جميعاً الى التزام المجتمع الدولي في تنفذ القرارات الدولية ذات الصلة في تجفيف منابع الإرهاب وتمويله.

والمجتمع الدولي الذي يدّعي أنه يحارب الإرهاب لا يتحدّث عن أسلحة أميركية وصلت إلى الجماعات الإرهابية ولا يتحدّث عن رفض أميركا تسمية «أحرار الشام» و«جيش الاسلام» بالجماعات الإرهابية، كما لا يلاحق وزير خارجية السعودية الذي يهدّد دولة ذات سيادة بالتدخل البري ولا تتردّد الصحافه السعودية بكتابة عبارات الفخر بدعم الحكومة السعودية للجماعات الإرهابية!

انّ ازدوجية المعايير الدولية غيّبت القضية الفلسطينية عن المشهد الدولي، كما تفعل اليوم في اليمن حيث يقتل الأبرياء وتدمّر بيوت القرويين وتحرق المحاصيل والعنوان محاربة الإرهاب هناك! وفي العراق يمنع العراقيون من تحرير أرضهم من «داعش» تحت حجة التوازن الطائفي! أما في سورية فيسمح لـ«داعش» بأن يمرّر النفط المسروق والآثار المنهوبة عبر تركيا، وتقوم الدنيا ولا تقعد اذا ما حرّر الجيش السوري مدينة او منطقة من «داعش»، فهذه هي سياسة الغرب اللاأخلاقية مع قضايا المنطقة، فالجميع في الغرب ومعهم ذيولهم في الرقّ يبكون على أمن ما يسمّى «إسرائيل»، ولا يعنيهم هذا الكمّ الهائل من الدماء البريئة التي يطالها الإرهاب الحاقد، والذي لا يحمل ايّ هدف مستقبلي إلا خدمة من يدفع له المال أكثر.

انّ حملة أنقذوا حلب او حلب تحترق هي مسرحية عدوانية الهدف منها تكبيل إرادة الشعب السوري ومنع الجيش السوري من توجية ايّ ضربة للفصائل الإرهابية المبعثرة على الحدود الشمالية، والواضح انّ اميركا تسعى لإخراج حلب وريف اللاذقية الشمالي من المعادلة لتسليمها لجماعة «الإخوان المسلمين» تحت إدارة أردوغان سارق مصانع حلب والمستفيد الأول من تقوية شوكة الجماعات الإرهابية لتكون عوناً له في محاربة الأكراد ومنع وصول الشعب السوري الى اتفاق سلام.

وفي الختام للغرب مشاريعه الاستعمارية وحلم عودة السياسة الاستعمارية عاد الى الفرنسيين كما البريطانيين، ومصالح اميركا تلتقي مع هذه الأحلام الآن، ولكن إرادة الشعوب أقوى والمقاومة حق وتحرير الأراضي المحتلة حق شعبي لا يسقط بالتقادم ولا بالسنوات.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.