إجتماع الفصائل في القاهرة : الإنتخابات، إعادة الإعمار، منظمة التحرير الفلسطينية / مهند إبراهيم أبو لطيفة

مهند إبراهيم أبو لطيفة  ( فلسطين ) – الجمعة 11/6/2021 م …




تلبية لدعوة من  الحكومة المصرية، تستعد وفود الفصائل الفلسطينية، لإجراء جولة جديدة من الحوار في القاهرة. وحسب ما إتضح من مصادر مختلفة، أن النقاشات ستتركز حول ثلاث نقاط أساسية وهي: الإنتخابات ، إعداة الإعمار، إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينة.  

تطرح المحاور الثلاث إشكاليات تبدو للمتابع للشأن الفلسطيني وكأنها إستحقاقات مصيرية بالنسبة لمستقبل الحركة ألوطنية، لأنها تتركز أساسا حول موضوع واحد هو:  من سيمثل الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة ؟.  

لا يعتبر طرح هذا السؤال من قبيل المبالغة، أو التشكيك في الشرعية التي إكتسبتها منظمة التحرير الفلسطينية على الصعيد الفلسطيني والعربي والدولي، ولكن الوضع العام للمنظمة منذ سنوات طويلة جدا ، أفقدها الكثير من شرعيتها الشعبية، وهي بأمس الحاجة فعلا لإخراجها من غرفة الإنعاش. وربما لم يعد خاقيا على أحد أن أطراف عديدة في منظمة التحرير الفلسطينية تخشى من قوة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وطرحها لموضوع إعادة هيكلة منظمة التحرير.  

أما بالنسبة لموضوع إعادة الإعمار، فمن حق حركة حماس- ولإعتبارات عديدة – أن تبدي تحفظها من الآليات التي يتم طرحها كشرط لإعادة الإعمار، ومنها أن تمر جميع المساعدات عبر السلطة الوطنية الفلسطينية، تلبية لرغبات الدول المانحة، التي تشترط أن تمر المساعدات عبر قناة رسمية واحدة.  

بعيدا عن نتائج هذه الإجتماعات المتوقعة، فالفصائل مطالبة بالإتفاق أولا على مشروع وطني واحد موحد للشعب الفلسطيني، يلتف حوله كل الشعب، ويؤكد على حقيقة أن التناقض الرئيسي القائم هو بين الشعب الفلسطيني، والحركة الصهيونية ممثلا بكيان الإحتلال، وأن هذا الكيان العنصري الإستعماري الإحتلالي التوسعي، لا يمكن التعايش معه ، لأنه لا يعترف بأبسط حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة على أرضه، وبالتالي  يجب أن تتضافر الجهود لتطوير إستراتيجية ردع ومقاومة: عسكرية، سياسية، إقتصادية. وأن الحركة الوطنية الفلسطينية بمناضليها وتاريخها وإرثها النضالي الطويل، وشعبها الذي يلتف حولها عندما تصمد وتقاوم، لا يجوز أن تسمح لمجرد ضابط صغير من الأمن الداخلي، قد يكون إسمه بالصدفة (أبو أيمن) أن يتصل على بعض المناضلين من الشعب الفلسطيني ، ليهددهم في أسرهم وأهلهم لو هو دعموا أو ساندوا أي عمل مقاوم؟.  

على الفصائل الفلسطينية، أن تعيد الإعتبار لكفاح الشعب الفلسطيني، وتطور آليات وبرامج لإشراك قطاعات الشعب الفلسطيني في المنفى ودول الشتات في معركة التحرر الوطني، فالشعب الفلسطيني هو صاحب الإرتباط المصيري والمصلحي بقضيته، وهو ما زال يعاني من الإهمال وعدم التأطير، ويفتقد للقيادة والتنظيم والتعبئة، بالرغم من طاقاته الجبارة واستعداديته العالية للعطاء، وتجربته السياسية والحياتية الكبيرة.  

إن وجود الكيان الصهيوني يعني نفيا لوجود الشعب الفلسطيني، وطالما هذا الكيان قائم، ستستمر معاناة شعبنا الفلسطيني على مختلف الأصعدة، وأي إتفاق في القاهرة أو غيرها بين الفصائل، عليه أن يراعي تطوير برامج عملية لتخفيف معاناة جماهير الشعب خصوصا المادية، إضافة لتحقيق إنجاز ملموس وسريع على ملف إطلاق سراح الأسرى من سجون الإحتلال.  

لن تتمكن البيروقراطية والفكر القطري المحدود، تحقيق أي تقدم في عمل الحركة الوطنية الفلسطينية، ولتحقيق إنجاز وطني يستحقه شعبنا، يجب أن تتقدم قيادة وطنية سياسية ميدانية موحدة العمل الوطني في المرحلة القادمة، لا تحصر تحالفاتها مع أطراف، طالما اعتبرت مجمل النضال الفلسطيني، مجرد توريط ، ومصدر إحراج لا أكثر ولا أقل، وربما ورقة سياسية تستخدم لتأكيد الدور الوظيفي الإقليمي.  

ربما تحاول بعض الأطراف ، التعامل مع حوار الفصائل، على أساس أنه مرحلة من مراحل تأكيد ” القدرات التكتيكية ” ، متناسين أنها قضية مصيرية بالنسبة لشعبنا الفلسطيني، وأن شعبنا ينتظر دائما ومنذ النكبة، أن يرى قيادته موحدة، ومقاومته تقوم على أساس وحدة الردع في مواجهة الكيان الصهيوني.  

صارع الإحتلال طويلا لقهر شعبنا وطرده من وطنه، حاول القضاء على مقاومته في الداخل والخارج، بالإعتقال، التعذيب، العقوبات الجماعية، العدوان العسكري، شق الصف الفلسطيني، تسويق مشاريع لا يُمكن وصفها سوى بأنها : ” دينكوشوتية ” ، تزج الحركة الوطنية في صراعات لمقاتلة طواحين الهواء، وهي في جوهرها إستنزاف لطاقاتها ، وتصفية لقضيتها ، إضافة للإغراءات المالية والمشاريع الإقتصادية، بينما تستمر من جانبها في تنفيذ إستراتيجيتها في التمدد والتوسع على أرض الواقع.  

فلسطين هي خلاصة القضية العربية، هي ميدان الصراع الأساسي المتقدم،وهي قضية أرض وإنسان، قضية شعب يستحق الحياة، والفصائل مطالبة بأن تخرج ببرنامج عمل، وليس إتفاقا بروتوكوليا، يكون أساسه وجوهره وشعاره : المرحلة القادة مرحلة تطوير ” وحدة الصمود والردع ” الفلسطيني،  العسكرية والسياسية والإعلامية والمالية، تجسيد إرادة المقاومة، توحيد طاقات الداخل والخارج ، وحل مشكلة إزدواجية التمثيل الفلسطيني.  

في مواجهة هذه القلعة الإستعمارية في قلب فلسطين والوطن العربي، لا يقف شعبنا رغم إمكانياته المجودة، عاجزا، فقد أثبتت مقاومته أنها قادرة ومؤثرة، وأن دعمها والحفاظ على مكتسباتها، هو حفاظ على الهوية الوطنية، وعلى الوجود، وعلى إرادة التحرير.  

ليس شعبنا الفلسطيني بالشعب المتخلف الساذج، ولا بالضعيف، ولا بالفاقد لأهليته العقلية، ولا بالعاجز عن إيجاد البدائل والوسائل وأيضا الوسائط  الكفاحية عند الضرورة، فعلى الفصائل أن تُدرك أن شعبها  منذ سنوات طوية يراقب ويتابع أدائها، وأن قراراتهم ستحدد له البوصلة في المرحلة القادمة.  

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.