يا فلسطينيي الشتات … هذا ليس من شأنكم / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الإثنين 16/5/2016 م …

ويستمر مسلسل تسويغ وتسويق الاستسلام ، ويتبادل المسوقون والمسوغون للاحتلال الكراسي والمنابر والميكروفونات ، فها هم يستخدمون أساليب جديدة لتمرير ما يطلب منهم وما يقتضيه الدور الذي يقومون به ، وكل همهم المحافظة على مكتسباتهم الشخصية ولو كان ذلك بالاستسلام للكيان الصهيوني والمحافظة على ديمومة وجوده دون النظر لمصالح وحقوق شعب أغلبه مشرد وفي الشتات ، ولعل ما أثارني هو ما صرح به عضو اللجنة التنفيذية ” لمنظمة التحرير الفلسطينية ” غسان الشكعة أخيراً ، فبعد أن قام المذكور بالتعزية بوفاة قائد الإدارة المدنية الصهيوني الجنرال منير عمار ، واصفاً عمله حينذاك بارتباطه بعلاقات شخصية بالمذكور وعائلته ، هاهو يخرج علينا قائلاً بأن القرار الذي اتخذه المجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعه الاخير والقاضي بقطع العلاقة مع ” اسرائيل ” ووقف التنسيق الأمني معها ، شابه نوع من العاطفة ، لأن غالبية اعضاء المجلس المركزي جاؤوا من الخارج ، وهؤلاء يطغى عليهم التفكير العاطفي بالقضية الفلسطينية اكثر من التفكير الواقعي العملي الذي نعيشه نحن الاعضاء في الداخل الفلسطيني ، مشيراً بأن  اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وبالرغم من أن وظيفتها تطبيق القرار الذي اتخذه المجلس المركزي بهذا الخصوص  وليس رفضه او قبوله او التصويت عليه ، إلا أن أعضاء اللجنة قد أبدوا تحفظاتهم وآرائهم حول القرار ، مضيفاً بأننا نضحك على انفسنا اذا قلنا اننا نستطيع مقاطعة او إلغاء علاقتنا مع “اسرائيل” لاسيما في هذين المحورين الرئيسيين الجانب الامني والجانب الاقتصادي ، مبيناً حسب رأيه،  استحالة العيش دون ذلك عندما وجه سؤاله الاستنكاري على الذين يطالبون بوقف التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني ، فيما اعترف صراحة بعدم وجود سيادة لسلطة اوسلو على الارض حين قال عندما تريد ” اسرائيل ” ان تقتحم اي قرية او مدينة او مخيم فإنها  لا تفرق بينها ان كانت ضمن مناطق أ او ب أو ج ، فالتنسيق الامني حسب قوله لصالح سلطة اوسلو، بمعنى انه لو ارادت السلطة القيام بحملة امنية لفرض النظام والقانون  فلن تستطيع القيام بذلك كما فعلت في الحملة الاخيرة على نابلس عندما جلبت 1500 عنصر أمن دون تنسيق أمني مع ” اسرائيل ” ، فهناك حوالي الف مطلوب فلسطيني ” يمكثون ” حسب تعبيره – فالإعتقال ما هو إلا مكوث – في مقرات الاجهزة الامنية بكافة محافظات الضفة الغربية ، وبكل تأكيد حسب قوله اذا اوقفنا التنسيق الامني فستقوم اسرائيل باعتقالهم على الفور وهذه خسارة لشبابنا !!!!!!! مؤكداً على أن تنفيذ قرار المجلس المركزي بقطع العلاقة مع اسرائيل ” من شأنه ان يضر بشعبنا وحياته ، فيما طرح المذكور فكرة غريبة عجيبة ، وذلك بأن يتم اللجوء إلى مفاوضات بين الشعبين الفلسطيني و” الاسرائيلي “، مفاوضات تبدأ من تحت، أي من الشعب إلى فوق ، إلى القيادة ، مبينا ان المفاوضات العكسية فشلت سابقا بين الطرفين بسبب عدم قناعة الناس فيها ، مشيراً الى انه ضد اللقاءات والمفاوضات الثنائية لانها في النهاية ستفشل .

تصريحات أقل ما يقال عنها بأنها مثيرة للاشمئزاز ، داعيةً للاستسلام ، مسوغةً للاحتلال ، ولم أكن سألتفت لها أو أهتم بها لو كانت قد صدرت عن شخص عادي، ولكن أن تصدر تلك التصريحات من شخص في قمة الهرم الفلسطيني، فهو أمر لا بد من التوقف عنده وتعريته، فمحتوى هذه التصريحات وإن لم يكن نهجاً حتى اللحظة ” وأزعم أنها كذلك ” فإن إظهارها بقوة يعني أنها ستصبح نهجاً طاغياً في القريب العاجل ، وقبل أن تصبح كذلك لا بد من طرح مجموعة من التساؤلات على صاحب التصريحات المتفجرة ومن وظفه لقول ذلك ولكل من يسير في فلكهم :

       لقد تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في بداية عام 1964 من أجل تحرير فلسطين المحتلة حينذاك وتحقيق عودة فلسطينيي الشتات من مخيماتهم ومن كافة أصقاع الأرض التي يعيشون فيها ، فالحق كل الحق في التعبير عن العودة هو للذين هُجروا من أراضيهم عام 1948 ، وليس لمن تكسبوا من منظمة التحرير تلك وقلبوها بعد ذلك لتصبح منظمة لتمرير الحلول التصفوية ، أو لمن سعوا إلى إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني.

       من حق الفلسطيني أينما وجد التعبير عن همومه الوطنية ، وعن رؤيته لما هو في مصلحة قضيته ، ولا يستطيع أي كان الحجر على رأي أي فلسطيني ، فلقد كفلت هيكلية منظمة التحرير لكل الفلسطينيين المشاركة في القرار الفلسطيني .

       إن المجلس المركزي لمنظمة التحرير ليس مقصوراً على العاطفيين – فلسطينيي الشتات – بل أن اعضاءه هم من الداخل والخارج وفيهم من هو أكثر معرفة بالواقع من صاحب التصريحات ، وقرار المجلس يعبر عن المطلب الشعبي وهذا ما لمسناه من التأييد الجارف للقرار.

       يتوجب على اللجنة التنفيذية للمنظمة الإنصياع الكامل لقرارت المجلس المركزي وإلا فإنها في العرف القانوني تفقد شرعيتها ، وإن تعطيل تلك القرارات بإداء الملاحظات والآراء والتعليقات أمر غير مشروع .

       أثبت الواقع عدم وجود اي سيادة لإدارة اوسلو على الأرض ، وهنا أتفق مع صاحب التصريحات ، .. فهي لا تتجاوز كونها سلطة حكم ذاتي للسكان وليس للأرض – مختار – .

       إن ما تقوم به سلطة أوسلو من اعتقالات ما هو إلا نوع من الاعتقال لحساب الكيان الصهيوني ، فما ورد من تصريحات يؤكد بأن السلطة تعتقل ألف مطلوب لسلطات الاحتلال  وإن تم إلغاء التنسيق الأمني فستقوم ” اسرائيل ” باعتقالهم ، واقول لم نكتف بأن الاحتلال هو أرخص احتلال على الارض بل أن الإعتقال أيضاً غير مكلف حيث يتم من قبل سلطة الأصل فيها أن تمثل من هم تحت الاحتلال وليس العكس .

       لقد أثبت التاريخ وكل تجارب الشعوب بأن الاحتلال لن يخرج ولن يتم التحرير من خلال خدمة الإحتلال والتنسيق معه في كل شي اقتصادياً وأمنيا ، بل يتم بالمقاومة ولا طريق غير ذلك .

لقد فهمت كل النقاط الواردة في التصريحات المتفجرة ، ولكن ما لم أفهمه ، أنه وبعد عشرين عاماً ونيف من المفاوضات العبثية التي فرضت هيكلية جديدة على المنظمة وأوصلت من لا يستحقون الجلوس في الصف الأول منها ليتباهوا بتمثيل الشعب الفلسطيني  ، يخرج علينا من اللجنة التنفيذية للمنظمة من يعارض تلك المفاوضات علناً ليطرح بديلاً لا يدخل العقل وهو ” المفاوضات من تحت” مفاوضات بين شعبين بشكل مباشر ، وهنا لن أدخل في مدى انطباق كلمة شعب على الصهاينة فكل من لديه معرفة على يقين بأنهم قطعان من المستعمرين لا يجمعهم شيء إلا تلمودهم المعروف بعنصريته وعداءهم للفلسطينيين ، ولكني اقول لصاحب التصريحات ، هل تم فعلاً إنشاء وتأسيس منظمات مجتمع مدني من جمعيات ونقابات لدى الجانبين لتقوم بتلك المهمة التفاوضية ، فإن تم ذلك ، فمن حقنا أن نعلم ، وأن ننبه الشعب الفلسطيني لخطورتها ، فتلك هي سلاح الصهاينة السري والأكثر فتكاً ونهباً للموارد والأرض .

وختاماً ، لا بد من إحياء المشروع الوطني الفلسطيني بميثاقه الذي تم التوافق عليه ، ولا بد من إعادة مسار منظمة التحرير الفلسطينية للبرنامج التي أُنشأت من أجله حتى لو تعارض ذلك مع أصحاب النهج الاستسلامي ، واقول لفلسطينيي الشتات يا من هُجرتم  من فلسطين التاريخية أن مشاركتكم واجبة وحقكم لن يضيع طالما آمنتم به ، فكما قال العرب ” لا يضيع حق وراءه مطالب ” .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.