أمريكا……تراجع أم سقوط؟ / عشتار الفاعور

 

عشتار الفاعور ( الأردن ) الإثنين 16/5/2016 م …

بات أمر تراجع الولايات المتحدة الأمريكية واضحاً تماماً خلال الفترة الماضية على الساحة الدولية والقيام بدور البطل في حل القضايا الدولية ولعل أحداث ما سمي بالربيع العربي أوضح هذه الصورة وكان بمثابة الخطوة الأولى في تراجعها على الساحة الدولية ولكن الذي أكد تراجعها هو المربع السوري فمن هذا المربع و من خلال هذا النزاع غير القاعدة الأساسية التي تسيطر على النظام العالمي منذ سنوات طويلة وهي القطب الأوحد وقيادة الولايات المتحدة لهذا النظام بل أتاح هذا النزاع رسم نظام عالمي جديد لا نستطيع أن نقول ثنائي القطبية كما كان سابقاً ولكن نستطيع أن نقول من خلال التحالفات القائمة “الهندي الروسي و الصيني ” من جهة و مجموعة بركس من جهة أخرى هي إعادة التوازن للنظام المختل الذي يقوده قطب واحد …..بالمختصر نستطيع أن نقول بأن سوريا إستطاعت أن ترسم نظام عالمي جديد أكثر توازناً قائماً على المصالح بالدرجة الأولى.

وهنا يجب أن نتوقف قليلاً ونطرح أسئلة عديدة لعل أهمها ما هو السبب وراء تراجع الولايات المتحدة الأمريكية في حل النزاعات و الصراعات الدولية على الرغم من إمتلاكها قوة عسكرية كبيرة جداً ذات الإنفاق العسكري العالي جداً جداً؟؟؟؟ لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية حسم الحروب الخارجية التي تورطت بها بشكل مباشر أن غير مباشر بطريقة أدت الى تكبد تكاليف عالية وأكثر من المتوقع؟؟؟؟

ولعل من المفيد أن نلقي نظرة تاريخية سريعة على حروب الولايات المتحدة الأمريكية بدأً من الحرب العالمية الاولى و الثانية و من ثم حرب فيتنام وأفغانستان و حرب العراق .

فـ لو أردنا الحديث عن الحروب السابقة و دراسة الحالة الأمريكية للوصول الى نتيجة و فهم ما يحدث الآن من تراجع واضح تماماً للولايات المتحدة الامريكية في قيادة العالم و فرض قراراتها السياسية كما كان في السابق نستطيع أن نقسمها الى قسمين :-

الأول الحرب العالمية الاولى و الحرب العالمية الثانية و يمكن أن نطلق على هذه الحقبة “زمن الانتصار” للولايات المتحدة والحقيقة وراء ذالك من ناحية سياسية هو أن الحروب في تلك الفترة كانت حروب تقليدية ذات مساحة جغرافية محددة و مواجهة مباشرة وفي هكذا مشهد يسجل تفوق للجيش الأمريكي .

أما القسم الثاني “حرب فيتنام و أفغانستان و حربها في العراق ” فسجلت هذه الحروب هزيمة كبيرة لها مع تحمل نفقات ضخمة لم تكن بالحسبان  حتى ، حيث يمكن أن نطلق على هذه الفترة من تاريخ الولايات المتحدة “زمن الإنتكاس” و السبب وراء ذالك من ناحية سياسية  أولاً هو دخول على أراضي طبيعتها و ثقافتها مختلفة تماماً عنها إضافة إلى وجود حروب أهلية و طائفية و جماعات متطرفة داخل هذه البلاد الأمر الذي صعب الحرب عليها و إطالة أمد الحرب و تكبد تكاليف سواء بشرية أم مادية الأمر الذي أدى الى هزيمتها هزيمة شنعاء .

هذه أسباب من ناحية سياسية وراء انتصاراتها في فترة معينة و هزيمتها في فترة أخرى و لكن لو أردنا وضع السبب من ناحية فلسفية إجتماعية و الذي أكتبه عن قناعة هو “العدل ” ففي حروبها الأولى و الثانية كانت حروب عادلة فكل الدول التي خاضت هذه الحروب كانت بالنيابة عن العالم في مواجهة الدكتاتورية و العدوانية و النازية لذالك الغاية من وراء الحرب هو العدل فإنتصرت أنا في حال غياب العدل و أصبحت تفتعل الحروب من أجل مصالحها فقط تحت مسمى العدل و الديمقراطية …..إلخ من مسميات فهزمت بطريقة شنيعة و هذا خو منطق الإنسانية

ولعل المربع السوري يعتبر أوضح مثال للمواجهة بين الغطرسة الأمريكية ظالمةً معتدية و عدالة القضية التي يدافع عنها النظام السوري مدعوماً بالقوة الروسية التي إستعادة موقعها في السياسة الدولية بعد غيابٍ دام أكثر من عقد لأسباب لا مجال لذكرها الآن مما أدى الى سلسلة من سقاطات و إنهيارات في سلسلة المنظومة الأمريكية العالمية التي أثرت بدورها على وضع القوة الأمريكية على المحك ….لذالك عند إنتصار قوة و تراجع قوة السبب  الأساسي  وراء ذالك هو مدى عدالة القضية الذي يدافع عنها و من ثم تأتي التفاصيل الاخرى “القوة العسكرية …المنظومة الاجتماعية ….قوة الاقتصاد ….إلخ ”

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.